لماذا امتنع نصف المقيدين في الجداول الانتخابية عن الذهاب الي صناديق الانتخاب في المرحلة الاولي من الانتخابات الرئاسية لتهبط نسبة حضور الداخل الي حدود 46 في المائة, ولماذا آثر هؤلاء الذين يقرب عددهم من 25 مليون مواطن البقاء في منازلهم رغم اجازة الاربعاء والخميس, خاصة ان تقارير استطلاعات الرأي العام كانت تؤكد ان نسب الحضور ربما تتجاوز 80 في المائة؟!.., أظن ان الاجابة علي هذا السؤال جد مهمة كيف نعرف إن كان سوف يكون في قدرة العملية الانتخابية استنهاض همم نسبة من هؤلاء للذهاب الي انتخابات الاعادة التي تشكل العنصر الحاسم في انتخابات الرئيس, خاصة ان كلا من المرشحين محمد مرسي واحمد شفيق يحتاج الي عشرة ملايين صوت جديدة كي يحقق الفوز في الانتخابات القادمة. وبرغم محاولة المرشحين تقديم خطاب انتخابي جديد يجذب المزيد من الاصوات ويستنهض همم الذين غابوا عن الصناديق, يركز في حالة احمد شفيق علي التزامه بالدولة المدنية القانونية وتحقيق مصالحة وطنية واسعة تشمل شباب الثورة, ويركز في حالة المرشح محمد مرسي علي لم شمل القوي الثورية والوطنية حفاظا علي ثورة25 يناير من الفلول, إلا ان التغيرات الحادة والمفاجئة في الخطابين لم تلق القبول الواسع او الصدقية الكافية التي تطمئننا إلي امكانية حدوث طفرة ترفع نسب حضور الناخبين, علي حين تقول معظم المؤشرات ان نسبة الحضور في انتخابات الاعادة ربما تهبط بعض الشئ بتأثير دعوات المقاطعة التي يروج لها كثيرون, لا يتحمسون لإعطاء اصواتهم لأي من المرشحين محمد مرسي واحمد شفيق, خوفا من تركيز كل السلطات في يد جماعة الاخوان, ولان نجاح أحمد شفيق يعني في اعتقاد البعض الاخر اعلان فشل ونهاية ثورة25 يناير! وما يزيد الصورة تعقيدا, استمرار حرمان المغتربين في الداخل من الادلاء بأصواتهم بحجة ان قانون انتخابات الرئاسة لم ينظم هذا الحق البديهي, بينما اعطي القانون للمغتربين في الخارج لأول مرة حق التصويت, فضلا عن ان بعض المرشحين الذين خرجوا من السباق وحصلوا علي عدد ضخم من الاصوات يعتبرون هذه الاصوات تركة يؤول مصيرها الي هذا المرشح يستطيع ان يورثها لاي من المرشحين في مرحلة الاعادة, رغم ان الوضع في حقيقته جد مختلف لان معظم الاصوات ذهبت الي هؤلاء المرشحين فرارا فرارا من هذا الخيار الحتمي الذي لايزال يتصدر خياراتنا السياسية, الجيش ام جماعة الاخوان, ومع ذلك فان نسبة غير قليلة من هؤلاء تراود نفسها علي قبول اي من الخيارين المطروحين في معركة الاعادة رغم صعوبة المأزق بدلا من الغياب او إفساد اصواته, في نوع من المفاضلة بين الأسوأ الذي يخشي الجميع من احتكاره للسلطة لعقود قادمة بسبب شكوك عميقة في مدي قبوله لمبدأ تداول السلطة, وبين الاقل سوءا الذي يسهل التخلص منه بعد فترة حكم واحدة, اذا ما اساء حكم البلاد ولم يحترم التزاماته بالحفاظ علي الثورة, وتحقيق المصالحة الوطنية التي وعد بها خلال فترة حكمه الاولي. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد