تراجع مفاجئ في سعر الذهب اليوم الاثنين 30 يونيو2025..انخفاض جديد يربك الأسواق    اتحاد الكرة: ننتظر موقف الشركة الراعية من مكان السوبر ولا نمانع إقامته في مصر    ما فضل صيام يوم عاشوراء؟.. أجرٌ عظيم وتكفيرٌ للسنة الماضية    ترامب: على الجمهوريين الذي يؤيدون خفض الإنفاق أن يتذكروا "العمل على إعادة انتخابهم"    اعتداء على كنيسة البشارة الأرثوذكسية في الناصرة بفلسطين.. التفاصيل    بايرن ميونخ يضرب موعدًا مع باريس سان جيرمان في ربع نهائي مونديال الأندية بعد تخطيه فلامنجو    «التلت ساعة اللي بيلعبها ميعملهاش لاعب في العشرينات».. عمرو جمال يطالب بعدم اعتزال شيكابالا    محافظ قنا يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 68%.. وإعلانها بالمدارس الثلاثاء    محافظ الغربية: الجهاز التنفيذي للمحافظة مسئول أمام الدولة عن تقديم خدمات تليق بكرامة الإنسان المصري    قد ينتهي بفقدان السمع.. العلامات المبكرة لالتهاب الأذن الوسطى    مصرع شخص وإصابة آخر في حادث تصادم بالإسماعيلية    وزيري: لدينا 124 هرما.. وهذه أهداف مشروع «تكسية منكاورع» | فيديو    محافظ الإسماعيلية خلال جولة مفاجئة بسوق السمك المطور: دعم كامل لتحويله لواجهة سياحية    مرصد الأزهر يحذر الطلاب من الاستسلام للأفكار السلبية خلال الامتحانات: حياتكم غالية    إعلام عبري: نتنياهو لن ينهي الحرب في غزة بسهولة    وزير خارجية الأردن يؤكد دعم الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار في غزة    الاحتلال ينسف مربعات سكنية شرقى خان يونس ويقصف مدرسة تؤوى نازحين بالزيتون    استشهاد 8 فلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف مدرستين ونقطة توزيع مساعدات بغزة    عاجل- إعلام عبري: سلاح الجو يشن غارات كثيفة وواسعة في قطاع غزة    ماكرون يؤكد لنظيره الإيرانى على أهمية استئناف المفاوضات لحل قضايا الأنشطة الباليستية والنووية    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. تنصت أمريكى على إيران تضمن أحاديث تقلل من حجم ضرر غارات واشنطن.. ترامب يستبعد تمديد مهلة التعريفات الجمركية المقررة.. أكثر من 580 شهيدا فى صفوف منتظرى المساعدات فى رفح    عيد مرسال: ثورة 30 يونيو وضعت مصر على طريق المستقبل    في ذكرى إصدارها الأول.. "البوابة " 11 عامًا من المواجهة وكشف الحقيقة    محافظ القاهرة: ثورة 30 يونيو كانت نقطة انطلاق نحو بناء دولة قوية    قناة الأهلي تكشف حقيقة العروض الأوروبية لزيزو    الطقس شيكا بيكا.. هل يمكن تنظيم مونديال المنتخبات 2026 في أمريكا؟    المغرب يهيمن على البطولة الأفريقية للكرة الطائرة الشاطئية    أحمد حسام: الزمالك لن يقف على زيزو.. وعبد الله السعيد صعب يتعوض    الأهلى يدرس التراجع عن ضم أحمد عيد والتمسك ببقاء عمر كمال    النائب عبدالمنعم إمام ينتقد كثرة مشروعات القوانين المحالة من الحكومة في توقيت ضيق: كأنها كانت نائمة    أكثر من 2000 كتاب.. وزارة الاتصالات تتيح تطبيق «كتاب» بالمجان على أندرويد وiOS    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره طريق الإسكندرية الصحراوى    الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم على القاهرة والمحافظات    مصرع سائق ونجله فى حادث سير ب"صحراوى البحيرة"    ضبط المتهم بسرقة مشغولات ذهبية من سيدة بمدينة 6 أكتوبر    إغلاق ميناء نويبع البحرى بجنوب سيناء وإيقاف حركة الملاحة البحرية لسوء الأحوال الجوية    معرض حسن حشمت في برلين: نحات الشعب بين الإرث الثقافي والتجديد الفني    اللواء سمير فرج: ثورة 30 يونيو فرصة لانطلاق السياحة العسكرية    بيت السناري يستضيف افتتاح الدورة الرابعة من مهرجان الأراجوز المصري    تحولات كبيرة على الصعيد المهني.. توقعات برج الحمل اليوم 30 يونيو    هناك أعين تراقبك في العمل.. حظ برج الجدي اليوم 30 يونيو    فترة ذهبية على الصعيد المالي.. حظ برج القوس اليوم 30 يونيو    والدة آسر ياسين تروى قصة حبها.. وموقف صعب حدث معها "فيديو"    73.9 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات بداية الأسبوع    هل النمل في البيت من علامات الحسد؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف أصلي الصلوات الفائتة في نهاية اليوم؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم الاغتسال بمياه الصرف الصحي بعد معالجتها؟ أمينة الفتوى تجيب    أسعار الفراخ البيضاء والبيض بعد آخر تراجع اليوم الاثنين 30 يونيو 2025    مستشفى الضبعة المركزي يفتح أبوابه للمتبرعين بالدم    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى العلمين ويشيد بانتظام الفرق الطبية وجودة الخدمات    النيابة العامة تأمر بحبس مالك السيارة المتسببة في حادث الطريق الإقليمي    ما هو حق الطريق؟.. أسامة الجندي يجيب    الرئيس السيسي يشهد أداء اليمين القانونية لرؤساء الهيئات القضائية الجدد    استبدال نظام الدبلومات ليحل محله «التعليم الثانوي الفني والتقني التكنولوجي» في مشروع القانون الجديد    محافظ الجيزة يعتمد تنسيق الثانوية العامة بحد أدنى 225 درجة    حياة وأمل جديد لثلاثة أطفال .. مستشفى النصر ببورسعيد تُنقذ ثلاثة اطفال رُضع من أمراض قلبية نادرة    صحتك بالدنيا.. الصراصير مسئولة عن إصابتك بالربو.. واعرف متى تكون الإصابة ب"الهبوط" أثناء الحر مؤشرا خطيرا.. ودراسة تربط بين فحص السكر والتنبؤ بمضاعفات الزهايمر.. ونظام جديد يتفوق على الصيام المتقطع لو عايز تخس    حادث جديد على الطريق الإقليمي بالمنوفية: إصابة مجندين في انقلاب سيارة أمن مركزي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية فتاة الحلوى.. البطل هو الضحية
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 06 - 2016

من الممكن إدراج رواية فتاة الحلوى للروائى والدبلوماسى محمد توفيق فى نوع أدب الجاسوسية وهو شكل أدبى نشأ فى نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين وبلغ أوجه أثناء الحرب الباردة. وقد تميز فى هذا النوع أدباء بارزون من كونراد إلى لوكاريه مرورًا بجراهام جرين كتبوا أعمالاً تنتمى إلى هذا النوع كما تعد فى مصاف الأعمال الأدبية الرفيعة. وفى مصرعرف أدب الجاسوسية بأنه تسجيل لوقائع حدثت بالفعل وكتبت فى شكل روائى كما هى الحال فى روايات صالح مرسي، أو فى أعمال قائمة على الخيال موجهة للناشئين. وبعد سقوط حائط برلين ظن بعض المتابعين والكتاب أن هذا النوع قد انتهى ولكن بعد 11 سبتمبر 2001 ومع تعاظم الجاسوسية وظهور أشكال جديدة من الصراعات السياسية والمسلحة أصبحت هناك شبكات تجسس هائلة تعمل على نطاق العالم كله وعاود أدب الجاسوسية الظهور بعد تغير مسرح الأحداث من الصراع بين الغرب والاتحاد السوفييتى إلى مناطق كالشرق الأوسط وأفريقيا أو إلى الفضاء الالكتروني. وبدلا من الموت المعلن ازدهرت روايات الجاسوسية وظهر كتاب جدد، بل إن هذ النوع الأدبى اجتذب كتابًا معروفين بكتابة أعمال أدبية رفيعة خارج هذا النوع. ومن الشائع أن يكون بطل هذا النوع رجل مخابرات أو عميل لها، ولكن قد يكون البطل هو الضحية أو الشخص الذى تطارده تلك الأجهزة كما هى الحال فى رواية فتاة الحلوى.
بطل الرواية ليس فتاة الحلوى بل عالم مصرى عمل فى المفاعل النووى العراقى أيام صدام حسين، وبعد سقوط بغداد لجأ إلى مصر. تصير حياته مهددة لأن مخابرات دول غربية تطارده للقضاء عليه، فهى تصفى بالاغتيال العلماء العرب وكذلك تفعل اسرائيل حتى تظل الدول العربية فقيرة علميًا وتبقى مجتمعة أضعف عسكريًا من اسرائيل. وهو لذلك يختفى محاولاً الذوبان فى زحام القاهرة السفلى وجموع بشرية رثة. وذكريات هذا العالم تدور حول انتصاراته العلمية والأكاديمية التى ألصقت به لقب “المخيخ” الذى صار يختزل شخصيته. وقد أدرك منذ سنوات منذ أن قبل أن يربط مصيره بصدام حسين أن حياته أمست على كف عفريت. فكيف يسمح للأمل أن يتسرب إلى نفسه، فلا أحد يعطى أمثاله الحق فى الحب والارتباط بفتاته كتلك الشخصية التى يقابلها فى العالم الافتراضى فى لعبة يتقمص فيها اللاعبون أدوارًا يصنعونها، فيختار هو “مفتول العضلات” وهو ما ينقصه فى الواقع. وقد أعطاه المطاردون الاسم الكودى “ميكى ماوس” لضآلة حجمه، وكبر أذنيه النافرتين وعينيه الصغيرتين اللتين تشعان خلف نظارة كبيرة. فهو مرشح نموذجى للذوبان فى زحام القاهرة الذى يربك أبرع عمليات التخابر تخطيطًا. ولكن «المخيخ» قد حفظ كل مدخراته فى شكل ودائع فى أحد فروع البنك العربى وهو ما يقود المطاردين إلى تتبعه. ويقوم سرد المطاردة على التوازى بين عالمين، عالم القاهرة الذى يموج بالعشوائية وعالم الجاسوسين اللذين يديران المطاردة بأحدث أجهزة الاتصال فى مبنى بنيويورك يطلق عليه “مبنى الأشباح” وتنتهى المطاردة المثيرة مؤقتًا بفشل محاولة القتل وعودته إلى الحى العشوائى الذى لجأ إليه حيث نقابل نماذج إنسانية متنوعة فى صراعها من أجل البقاء بكل الطرق. وتقوده المطاردة إلى الوقوع فى قبضة مختطفين لفتاة تدخل للدفاع عنها، فيعتقد الجاسوسان الأمريكيان أنه استعان بفريق من المحترفين لإخفاء آثاره. والمختطفون المصريون الذين يجيد سائقهم المناورات للفرار من المطاردة يرون أنهم شركة “محترمة” لتحصيل أموال مستحقة تقوم “بمهمة قومية” متبنين لهجة رجال الأعمال كأن اختطاف الناس قد تحول إلى نشاط محترم جدا. ويخطر ببال المخيخ أن البلد لم يبق فيها سوى القوة الغاشمة حيث الأقوياء يفرضون ما تسوغه لهم أهواؤهم، أما الأغلبية الصامتة فأقصى ما يحلمون به أن يسمح لهم بالتأوه. ومصر كلها تنهب منذ أيام الفراعنة لا بالسطو المسلح، بل بالسلت أى الاستيلاء التدريجى المستمر برفق ونعومة.
تحتفظ الرواية بإيقاع مثير حتى النهاية الحتمية. ويجيد الكاتب رسم تفاصيل الشخصيات الرئيسية والثانوية وتصوير العوالم المختلفة التى تدور فيها الأحداث. فبموازاة عالم القاهرة السفلى هناك مركز التجسس الذى تدور فيه عملية الاغتيال عن بعد بواسطة عميلين يمر أحدهما بأزمة تطرح للتساؤل القيم الزائفة عن التفوق الأخلاقى التى يدعيها السياسيون فى الولايات المتحدة ويمر بلحظة إنسانية يتعاطف فيها مع الضحية ولكنه يمضى فى مهمة الاغتيال للنهاية. وهناك العالم الافتراضى الذى يسقط البطل عليه أحلام حياته غير المتحققة.
وقد سبق أن جاءت شخصية ذلك العالم فى إحدى روايات محمد توفيق السابقة وكانت كما هى فى رواية “فتاة الحلوى” شخصية حية ولم تقف عند كونها معنى رمزيًا كما لا تقف عند أن تكون فردًا بيولوجيًا فحسب، ففيها كثيرمن التلاوين والظلال لأنها تملك حياة اجتماعية عقلية وعاطفية وليست مجرد بصمة سلبية من بصمات المجتمع. وبطل الرواية شخصية فعالة تربطها بالمجتمع علاقات معرفية وأخلاقية وجمالية، وتربطها كذلك فاعلية فى القضايا الوطنية والقومية، وإن كانت الرواية لا تتصف بالتلقين الخطابى ولا تستهدف الدفاع عن رسالة سياسية مباشرة، وإنما تتصف بتفاعل البعد الجمالى فى تصوير الملامح والأفعال وإحكام الحبكة ومعالجة الواقع معالجة صادقة فى بناء معمارى فنى وبالصياغة اللغوية الموحية تنفذ من خلال أحداث المطاردة إلى أعماق المجتمع المصرى الذى يموج بالتناقضات والمفارقات.
لمزيد من مقالات ابراهيم فتحى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.