أميرة الغاز, ملهمة الثورة البرتقالية, الحسناء ذات الضفائر الذهبية, الملقبة بأجمل وجه من بين172 من زعماء العالم عام..2009 إنها يوليا تيموشينكو رئيسة وزراء أوكرانيا السابقة وزعيمة المعارضة الصادر عليها حكم بالسجن سبع سنوات, لإساءتها استخدام السلطة في قضية إبرام عقد استيراد الغاز مع روسيا وقت حكمها وترقد حاليا في مستشفي بمدينة شاركوف الاوكرانية حيث تخضع للعلاج من آلام مبرحة في العمود الفقري. يوليا تيموشينكو ملهمة الثورة البرتقالية التي جاءت بها رئيسة للوزراء في أوكرانيا عام2005 مناضلة سياسية يصفها السياسيون بأنها تتمتع بأعصاب فولاذية عنيدة وطموحة استطاعت خلال أعوام قليلة أن تصبح من أغني أغنياء أوكرانيا. ولدت تيموشينكو في نوفمبر1960 حيث درست العلوم الاقتصادية بالجامعة. وقد بدأت حياتها العملية كخبيرة اقتصاد في احد المصانع العملاقة. ثم مديرة لعدد من الشركات التي لها علاقة بقطاع الطاقة. وجاءت الانطلاقة الكبري مع توليها رئاسة شركة كبري للطاقة وقد استفادت من صداقتها بابن مدينتها بافلو لازارنكو الذي تولي رئاسة وزراء اوكرانيا عام.1996 ففي إطار خطته لحل ازمة الطاقة التي كانت تعتصر البلاد في ذلك الوقت, نتيجة عجز المصانع الاوكرانية عن تسديد فواتير الغاز الروسي, انشأ لازارنكو شبكة من شركات الغاز الوطنية لإمداد المصانع بالغاز في مقابل ما تستطيع تلك المصانع تسديده سواء نقودا او بضائع. وحصلت شركة تيموشينكو علي نصيب الاسد من تلك العقود لدرجة انها أصبحت تسيطر علي20% من اجمالي الناتج القومي الاوكراني واطلق عليها لقب أميرة الغاز. واستطاعت تيموشينكو بين عامي1995 و1997 جمع ثروة قدرت ب11 مليار دولار. ورغم أن لازارنكو اقيل بتهمة الفساد واستغلال النفوذ في1997 فإن تيموشينكو استطاعت اقصاء نفسها عن الفضيحة واستكملت مسيرتها وتوغلت في عالم السياسة وتولت منصب وزيرة الطاقة في عهد الرئيس السابق ليونيد كوتشما. لكن التغييرات الجذرية التي اتخذتها تيموشينكو لإصلاح قطاع الوقود والطاقة قلب عليها رجال الاعمال واوغر صدر كوتشما ضدها فاقالها. واعتقلت, لمدة شهر عام2001, ووجهت لها رسميا اتهامات بالفساد والتهرب الضريبي. وبعد أن اسقطت التهم خرجت تيموشينكو من محبسها أقوي من ذي قبل واستغلت حادثة اغتيال صحفي معارض لقيادة مظاهرات حاشدة في شوارع العاصمة كييف للمطالبة بالاطاحة بالرئيس كوتشما وشكلت حزب الوطن الأم. ولعبت يوليا تيموشينكو الدور الأكثر تأثيرا في أحداث الثورة البرتقالية. فشخصيتها الديناميكية وخطبها النارية اشعلت حماس الاوكرانيين فخرجوا للاحتشاد في ميدان الاستقلال احتجاجا علي تزوير الانتخابات الرئاسية في2004 التي كان يتنافس فيها يوشينكو مع مرشح الحكومة يانكوفيتش لصالح الاخير مما جعلها تفوز بلقب أميرة الثورة البرتقالية. وسرعان ما تحولت صورتها في أذهان العامة من الانتهازية التي تنتمي لطبقة الأثرياء الجدد إلي رمز للمقاومة والتصدي للديكتاتورية. ولكن ليس الطريق دائما مفروشا بالورود. فبسبب استغلال أوضاعها الوظيفية وموافقتها علي توقيع عقود شراء الغاز الروسي بأسعار مبالغ فيها عام2009 دون الرجوع إلي الحكومة, بما ألحق أضرارا بالدولة تقدر قيمتها بما يزيد علي مائتي مليون دولار, حسبما جاء في منطوق الحكم الصادر ضدها أدان القضاء الأوكراني تيموشينكو في أكتوبر الماضي بالسجن سبعة أعوام بتهمة استغلال السلطة, في قضية وصفها المجتمع الدولي بأنها سياسية. وبعد صدور هذا الحكم بنحو شهر تمت إضافة تهم جديدة لتيموشينكو وهي إخفاء دخل بقيمة تزيد عن165 مليون دولار, والاستيلاء علي الأموال العامة والتهرب الضريبي خلال حقبة التسعينيات من القرن الماضي وهي المحاكمة الثانية التي سينظرفيها25 يونيو المقبل والتي قد اجل النطق بها الاسبوع الماضي بسبب سوء حالتها الصحية. ويؤكد المراقبون أن الزعماء في اوكرانيا يواصلون حاليا معركتهم الضارية ضد رئيسة الوزراء السابقة لثقتهم من ان تبرئة تيموشينكو والافراج عنها من السجن سيعني عودتها لاكتساح الساحة السياسية لتكون منافسة شرسة مع الرئيس الحالي فيكتور يانوكوفيتش. فمع اقتراب الانتخابات البرلمانية في أكتوبر المقبل تتحول تيموشينكو إلي شبح مرعب بالنسبة للرئيس الحالي يانوكوفيتش وحزبه حزب الاقاليم. فشعبية الحزب تتقلص بينما تبقي القوي التي تسير خلف تيموشينكو المعارضة الوحيدة التي ستواجه يانوكوفيتش, إلي ذلك فان الرئيس يعاني من فوبيا خروج الجماهير إلي ساحة الميدان كما خرجت في فترة الثورة البرتقالية وعلي رأسها تيموشينكو التي ستظل مصدر خطر علي استمرار النخبة الحاكمة الحالية في السلطة. وقد أدت الملاحقة الجنائية لرئيسة الوزراء الأوكرانية يوليا تيموشينكو الي توتر العلاقات بين كييف والإتحاد الأوروربي حيث يري الغرب دوافع سياسية وراء قرار الحكم بالسجن الذي صدر بحق تيموشينكو. وردا علي ذلك, جمد الاتحاد اتفاقا للشراكة السياسية والتجارة الحرة مع أوكرانيا ويعتزم العديد من الساسة الاوروبيين عدم حضور مباريات بطولة الامم الاوروبية لكرة القدم يورو2012 التي تقام في أوكرانيا مطلع يوليو المقبل. وبذلك جمدت قضية تيموشينكو العلاقات عمليا بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي الذي يطالب بالافراج عن زعيمة المعارضة. وحتي ذلك الحين, تظل الأنظار معلقة بما سوف تسفر عنه نتائج إستئناف الحكم الصادر بحق تيموشينكو, والذي سيجري النظر فيه خلال الآيام القادمة, و ثمة من يقول إن توتر العلاقات مع الأوروبي سوف يدفع الحكومة الأوكرانية إلي مراجعة موقفها.