يبلغ عدد المصريين العاملين بالخارج8 ملايين نسمة, طبقا لتقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء, في حين تبلغ نسبة الذين شاركوا في انتخاب رئيس لمصر 3 % فقط, فلماذا تضاءلت هذه النسبة؟ وكيف يمكن تحقيق التواصل مع المصريين بالخارج, بالرغم من أن تحويلاتهم وصلت إلي13 مليار دولار في عام الثورة (2011), والتي يتوقع لها أن تصل خلال ثلاث سنوات إلي15 مليار دولار طبقا لتقديرات معهد التخطيط القومي, تسهم في دفع عجلة الاقتصاد؟ بالإضافة إلي إمكانات الاستفادة من خبرات العلماء والخبراء المصريين بالخارج في تحسين أوضاع الاقتصاد المصري. هناك العديد من الأسباب وراء تضاؤل نسبة المشاركة, منها عوامل اقتصادية تتعلق بعقود العاملين, ومنها عوامل غير اقتصادية. وكما يري بعض المحللين والمراقبين أن البعض ليست لديه بطاقات الرقم القومي أو جوازات السفر المميكنة الحديثة, وبعضهم غير مقيد بالسفارات والقنصليات, والبعض مهاجر لسنوات طويلة في الخارج, في حين أن مدة الرئاسة أربعة أعوام, وبالتالي فإنه يؤجل مشاركته في الانتخابات لحين عودته لمصر, بالإضافة إلي مخاوف البعض من إنهاء عقودهم في حال اختيار مرشح للرئاسة لا يتنساب مع مصالح البلد التي يعملون بها, خاصة بعد إطلاق مثل هذه الشائعات في دول الخليج والولايات المتحدةالأمريكية. يضاف إلي ما سبق الموروث السلبي من عدم المشاركة, خاصة مع ما عرفه المصريون خلال ثلاثة عقود من تشكك في نزاهة الانتخابات, مما أدي إلي عزوف البعض عن المشاركة. ويعني تضاؤل نسبة المشاركة حاجة المخططين وواضعي السياسات الاقتصادية لتعميق الاتصال بكل مصري في الخارج, وبكل أسرة, لأن تعميق الاتصال سيؤدي إلي تعرف هؤلاء المصريين علي العديد من الجوانب الإيجابية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في مصر, وتعميق ثقتهم بالاقتصاد, مما يعني جذب مزيد من التحويلات والاستثمارات, كما يعني ضرورة تركيز اهتمام التعداد المقبل للسكان والإسكان والمنشآت لعام 2016 برصد التحرك الكمي والكيفي للعمالة المصرية بالخارج, والاستعداد لذلك من الآن. من هنا تأتي أهمية تبني برنامج لدعم الاتصال والتواصل مع العقول المصرية بالخارج يشمل تدعيم قواعد البيانات بالأجهزة الإحصائية مثل جهاز الإحصاء, وبمراكز المعلومات مثل مجلس الوزراء, لرصد تحركات المصريين, وملامح إقامتهم جغرافيا, والأعمال التي يقومون بها, وذلك بالتعاون مع السفارات والقنصليات, وتشكيل مجلس استشاري يضم ممثلين لهذه الجهات, ولمعهد التخطيط القومي, والوزارات والجهات المعنية بالهجرة وعقود العمل, وأهمها وزارة القوي العاملة والهجرة تكون مهمته الاستفادة بقواعد البيانات في تحقيق التواصل مع العقول المهاجرة, والتعاون معهم لنهضة الاقتصاد المصري. ويأتي دور مكاتب التمثيل التجاري ونقطة التجارة العالمية الدولية, وهي تفوق أكثر من80 مكتبا مصريا بالخارج, حيث يجب أن تساعد في التعرف علي المصريين والمشروعات الاستثمارية التي تسهم في جزب مزيد من الاستثمارات والتحويلات وحل مشكلات المصريين بالخارج. أما دور وزارة القوي العاملة والهجرة فهو تحديد أعداد المصريين بالخارج, والتواصل معهم, وتوفير عقود عمل لهم وتدريبهم قبل مغادرة البلاد لرفع مستوي مهاراتهم, وحل مشكلاتهم بالتعاون مع المجلس الاستشاري والسفارات والقنصليات وغيرها من الجهات المعنية لتوفير الحياة الكريمة للمصريين بالخارج. كما يشمل البرنامج أيضا قيام البنوك بابتكار وسائل جديدة لجذب التحويلات بعد النجاح الذي حققته السندات الدولارية أخيرا, كما يقع عبء علي هيئة البريد المصرية بتوقيع اتفاقيات مع بعض الدول لجذب مزيد من التحويلات علي غرار ما وقعته مع إحدي الدول الأوروبية أخيرا.