"محلية النواب" تتفقد مشروعات حياة كريمة ببرج العرب بالإسكندرية    تطوير منطقة العمرى بسوهاج ضمن خطة مشروعات برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    نتنياهو: سنواصل التعاون مع ترامب لهزيمة أعدائنا المشتركين    مجلس صيانة الدستور الإيرانى يقر قانون تعليق التعاون مع وكالة الطاقة الذرية    سهرة كروية مثيرة في كأس العالم للأندية.. يوفنتوس ضد مانشستر سيتي لحسم الصدارة.. مواجهة شرفية بين الوداد والعين.. الهلال يبحث عن إنجاز تاريخي أمام باتشوكا.. وريال مدريد يواجه شبح الإقصاء من المونديال ضد سالزبورج    مجلس اليد يحفز منتخب الشباب ويضاعف مكافأة الفوز علي البرتغال في المونديال    ضبط شخص أشهر مفكا فى وجه سائق بسبب الخلاف على الأجرة.. فيديو    الطقس غدا.. ارتفاع بدرجات الحرارة والرطوبة والعظمى بالقاهرة 36 درجة    وزير الثقافة يعتمد أجندة فعاليات الاحتفاء بذكرى ثورة 30 يونيو    رئيس اللجنة المنظمة لمؤتمر "التخدير والرعاية المركزة" بجامعة عين شمس: قدمنا خطوة خضراء    تطبيق ذكى لتحديد أولويات التجهيزات الطبية بالمستشفيات    محافظة المنيا تحتفل باليوم العالمى للتبرع بالدم لعام 2025 السبت القادم    الأنصاري يهنئ أبناء محافظة الفيوم بحلول العام الهجري الجديد    إيهاب وهبة: 30 يونيو إرادة شعبية صنعت التاريخ وأعادت للوطن هويته    نساء الهجرة.. بطولات في الظل دعمت مشروعًا غيّر وجه التاريخ    ألونسو ردًا على لابورتا: نشعر في ريال مدريد بالحرية    ماهر همام ل «الفجر الرياضي»: كرة القدم المصرية تدار بعشوائية.. الأهلي حقق مكاسب متعددة من المونديال.. انظروا إلى قطاعات الناشئين    هل تنضم السعودية إلى الاتفاقية الابراهيمية؟| مبعوث أمريكا بالشرق الأوسط يؤكد مواصلة بلاده في ضم دول جديدة للاتفاق.. وتصريحات إسرائيلية عن مباحثات جارية مع سوريا ولبنان.    «الرعاية الصحية» تقود التعاون الأفريقي من خلال شراكات استراتيجية وتبادل الخبرات    الكشف على 2888 حالة وتحويل مئات المرضى ضمن قوافل طبية بقرى دشنا وقوص    وزارة الاتصالات تشارك في المنتدى العالمي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي التابع لليونسكو في بانكوك    تكريم خالد لعبد الرحيم أمين.. فنان زينت أنامله كسوة الكعبة الشريفة    الجمهور المصري أنفق 78.3 مليون جنيه لمشاهدة أحدث أفلام تامر حسني    رئيس هيئة الدواء يعقد اجتماعًا مع وزير الصحة التونسي ضمن فعاليات «المعرض الطبي الإفريقي»    محافظ أسوان يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد النصر    مبدأ قضائي: مجالس التأديب بالمحاكم هي المختصة بمحاكمة الكُتاب والمحضرين وأمناء السر    وزير الري يتابع إجراءات رقمنة أعمال قطاع المياه الجوفية وتسهيل إجراءات إصدار التراخيص    كييف تعلن إسقاط 24 من أصل 41 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    أولياء الأمور فى الجيزة ينتظرون أبناءهم أمام لجان الثانوية العامة بالورود.. صور    أندية البرازيل مفاجأة مونديال 2025    جوارديولا يكشف تفاصيل إصابة لاعب مانشستر سيتي قبل مواجهة يوفنتوس في مونديال الأندية    العرافة العمياء تتوقع حدوث مجاعة وحرب نووية في أوروبا    وفاة والدة الدكتور محمد القرش المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة وتشييع الجنازة في كفر الشيخ    انتصار السيسي تهنئ الشعب المصرى والأمة الإسلامية بالعام الهجري الجديد    عصمت يبحث إنشاء مصنع لبطاريات تخزين الطاقة والأنظمة الكهربائية في مصر    جرائم الاحتلال تعود بعد توقف ضربات إيران: اعتقال 20 فلسطينيا من قرية العروج ببيت لحم    اليوم، أولى جلسات محاكمة 19 متهما بالانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي وتمويله    وفاة أحد مصابي حريق مطعم المحلة الشهير في الغربية    رئيسة حكومة إيطاليا تحتفل ب"وحدة الناتو" وتسخر من إسبانيا    مجلس الوزراء: تراجع واردات السكر الخام 54.5% خلال الربع الأول من 2025    «مستقبل وطن»: ندعم خطط الدولة ونولى ملف الاستثمار أولوية كبيرة    وزارة العمل تسلم عقود جديدة لعدد من ذوي الهمم بالقاهرة    نور عمرو دياب لوالدها بعد جدل العرض الخاص ل"فى عز الضهر": بحبك    الجوزاء يفتعل الجدل للتسلية.. 4 أبراج تُحب إثارة المشاكل    الناطق باسم الأمن الفلسطيني: جرائم الاحتلال لن تثنينا عن أداء دورنا الوطني    تهنئة السنة الهجرية 1447.. أجمل العبارات للأهل والأصدقاء والزملاء (ارسلها الآن)    رسميًا.. موعد صرف المعاشات بالزيادة الجديدة 2025 بعد قرار السيسي    سحب 897 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    ضربها في الشارع.. مها الصغير تحرر محضرا ضد السقا    بعد رحيله عن الزمالك.. حمزة المثلوثي يحسم وجهته المقبلة    بنتايج خارج القائمة الأولى للزمالك بسبب العقود الجديدة    تشديدات أمنية مكثفة بلجان الدقي لمنع الغش وتأمين سير امتحاني الفيزياء والتاريخ للثانوية العامة    مشروعات تخرج قسم الصحافة بجامعة المنوفية: إبداع طلابي يواكب تحديات الإعلام الرقمي    عشائر غزة تؤمن مساعدات وصلت لبرنامج الأغذية العالمي خشية نهبها    هل الزواج العرفي حلال.. أمين الفتوى يوضح    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    إليسا تهنئ نادر عبدالله بعد تكريمه من «ساسيم»: «مبروك من نص قلبي»    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يحارب من فى حلب ولماذا؟

فى البداية لا يمكن فهم ما يجرى فى حلب من هدنة وحرب ومواقف متناقضة لأطراف داخلية وقوى إقليمية ودولية دون استرجاع الموقف السياسى والعسكرى فى حلب قبل هدنة وقف إطلاق النار التى كانت مقدمة لعقد جنيف3 التى رعاها ممثل الأمم المتحدة دىميستورا ووضعت خلالها الخطوط العريضة لبدء المفاوضات حول بدء المرحلة الانتقالية فى سوريا.
كان الموقف السياسى فى حلب يتركز حول حوار بين الأطراف المعنية والمؤثرة فى عملية اتخاذ القرار بخصوص تحديد القوى المعارضة العسكرية التى ينبغى لها المشاركة فى المفاوضات وكاد هذا الحوار يُسفر عن نوع من الاتفاق خاصة بين روسيا والولايات المتحدة على اعتبار أن تنظيمى أحرار الشام وجيش الإسلام تنظيمان معتدلان واستثناء تنظيم النصرة من الدخول فى هذا الإطار، وكان توازن القوى على الأرض فى حلب ينقسم ما بين قوات النظام السورى المدعومة من مجموعات حزب الله وقوات إيرانية تابعة للواء 65 وقيادات من الحرس الثورى ومجموعات أفغانية وبغطاء جوى روسى من ناحية وفى المقابل تحالف القوى المعارضة العسكرية على إتساعها والتى تهيمن عليها بصورة واضحة تنظيم النصرة خاصة فى منطقة حلب ريف حلب وأحرار الشام وتنظيم التركمانستان التابع لتركيا، وسعى كل طرف لتغيير توازن القوى على الأرض لدخول المفاوضات من خلال امتلاك أوراق تأثير يمكن أن ترفع من سقف مطالبه فى هذه المفاوضات ودخل تنظيم داعش على الخط وحقق بعض الانتصارات فى قرى وبلدات على مشارف مدينة إعزاز قرب الحدود السورية التركية، وقامت قوات النظام المدعومة بغطاء جوى روسى بالتمدد فى مناطق حدودية مع تركيا بغرض إغلاق هذه الحدود ومنع دخول المقاتلين والمساعدات العسكرية خاصة لتنظيم النصرة، كما قامت القوات الكردية السورية بتحقيق انتصارات على حساب التنظيمات العسكرية المعارضة وهو ما اعتبره البعض أنه يصب فى مصلحة النظام.
خلاصة هذا الموقف أن النظام وحلفاءه كانوا على وشك إحكام السيطرة على منطقة شمال حلب ومحاصرة تنظيم النصرة التابع لتنظيم القاعدة بصورة أساسية وإغلاق الحدود مع تركيا وهو ما يمكن أن يقلص من النفوذ التركى والتمدد العسكرى التركى داخل سوريا وساندت روسيا هذا التوجه بصورة كبيرة، إلا أن الأطراف الإقليمية والدولية رفضت أن يحقق النظام السورى وحلفائه أية انتصارات أو يُزيد من حجم أوراق التأثير التى يمتلكها حتى يفرض وجهة نظره فى المفاوضات التى ترعاها الأمم المتحدة وقد كان واضحاً أن ما حققه من مكاسب أقنعت قطبى التأثير الدوليين فى سوريا روسيا والولايات المتحدة الأمريكية على الاقتراب من وجهة نظره بالنسبة للمرحلة الانتقالية التى تتضمن إعداد دستور جديد وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية دون الإشارة إلى موقف الرئيس بشار الأسد عكس ما تصر عليه كل من السعودية وقطر وتركيا، كما قامت تلك القوى الإقليمية بتقديم مساعدات عسكرية أكثر تطوراً لتنظيم النصرة وتنظيم أحرار الشام وجيش الإسلام والفصائل الأخرى المنضوية تحت ما يسمى بجيش الفتح، كما وصل نحو 250 عنصرا عسكريا أمريكيا إلى شمال سوريا لتنسيق العمليات العسكرية والواضح هنا أن تلك العمليات ليس مقصوداً بها تنظيم داعش، كما أن التنظيم قد استثمر النزاع بين طرفى الصراع فى تحقيق مكاسب ميدانية، كما فُوجىء العالم بإعلان النرويج وهى ليست طرفاً فى هذا النزاع منذ بدايته بإعلان أن 60 عنصراً عسكرياً من قواتها المسلحة قد ذهبوا إلى سوريا لتنسيق العمليات العسكرية وأصبحت بذلك طرفاً فى الصراع الجارى هناك.
إذن الإجابة عن السؤال من يحارب من فى حلب الآن نشير إلى أن كافة الأطراف المحلية فى سوريا، النظام وحلفاؤه الذين أصبحت لهم أجندات تتجاوز أجندة النظام ولا تنتظر موافقته عليها تحقيقاً لمصالحه الإقليمية فى مواجهة تنظيمات عسكرية بعضها إرهابياً ترتبط بتنظيم القاعدة، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة وصول عناصر قيادية أكثر خبرة من تنظيم القاعدة العالمى إلى سوريا للعمل فى صفوف جبهة النصرة وتقديم المشورة العسكرية اللازمة ويتزايد الحديث فى الفترة الأخيرة عن ضغوط للتنظيم الدولى لإعلان إمارة القاعدة فى شمال سوريا، ورغم أن تنظيم النصرة (فرع القاعدة فى سوريا) يمهد لذلك منذ فترة طويلة ومنذ استيلائه على محافظة إدلب، إلا أن قياداته لا تزال ترى أن المصلحة تأخير إعلان هذه الإمارة حتى لا تصطدم بالقوى الدولية المعنية وفى محاولة للسماح لها بالمشاركة تحت أى غطاء فيما يتعلق بمستقبل العملية السياسية فى سوريا، الأطراف الإقليمية يزداد تورطها فى حلب ويعتبرون أن تلك المعركة هى بمثابة عملية كسر عظم بين طرفى الصراع وأن من يحقق انتصاراً حاسماً فيها سوف يفرض وجه نظره فى المفاوضات القادمة بينما ترى روسيا أنها ليست بصدد ممارسة أيه ضغوط على النظام السورى وفى تقديرها أنه يقوم بحرب ضد تنظيمات الإرهاب ورغم الاتهامات الموجهة للنظام بقصف المستشفيات، إلا أن المتحدث الرسمى الأمريكى قد صرح مؤخراً بأنه لا توجد معلومات كافية لتحديد الطرف الذى قام بذلك ولا تزال الولايات المتحدة ترفض أن يتمكن النظام من تحقيق انتصارات حاسمة حتى لا تفشل الخطة الأمريكية ورؤية الإدارة الأمريكية للصراع الجارى فى سوريا.
وننتقل إلى السؤال التالى وهو لماذا تفجر هذا الصراع وهذه المعارك وكُسرت الهدنة فى حلب الآن، إن الإجابة عن هذا السؤال يمكن الوقوف عليها بالنظر للاعتبارات التالية:
أن الإدارة الامريكية التى سوف ترحل قريباً تريد أن تسلم للإدارة الجديدة الموقف فى سوريا فى ظل نوع من النفوذ الأمريكى المؤثر للتأكيد على أن السياسة الأمريكية لن تكون فاشلة بصورة كبيرة، كما أن إدارة أوباما ترى أن أى تراجع للنفوذ الأمريكى سوف يكون فى مصلحة النفوذ الروسى ليس فقط فى سوريا ولكن فى منطقة المشرق العربى والمنطقة بأكملها.
أن القوى الإقليمية تُجرى معاركها الذاتية خاصة فى مواجهة إيران على الأرض السورية وترى أن تحقيق إيران خسائر سياسية وعسكرية فى سوريا سوف تنعكس سلباً على النفوذ الإيرانى فى العراق واليمن ولبنان وبالتالى من الواضح أن لديها الاستعداد للذهاب إلى مدى أبعد فى دعمها للمعارضة العسكرية رغم أن بعضها يعتبر خطراً على أمنها القومي.
أن تركيا تمارس سياسة متناقضة فهى تتبنى دعم تنظيمات المعارضة العسكرية بما فيها تنظيم النصرة وتعتبر ذلك قضية تعاون مع القوى المعنية بمواجهة النظام وحلفائه الإيرانيين إلا أنها وفى نفس الوقت تتجنب أية مواجهة حادة مع إيران لحاجتها فى التوقيت الحالى للاستفادة من القدرات الاستثمارية والمالية لإيران التى خرجت من الحصار الاقتصادى بعد الاتفاق النووى بينها وبين الولايات المتحدة والدول الأوروبية، كما أن تركيا تزايد فى موقفها فى سوريا على دول الخليج لتقدم نفسها كحليف قوى بما يزيد من نفوذها الإقليمى وربما يؤثر على السعى المصرى لاستعادة دور مصر الإقليمى ودعم التحالف العربي.
أن الأمم المتحدة ومن خلال مبعوثها ترى أن تحقيق الهدنة فى الوقت الحالى والذهاب إلى جنيف يجب أن يتضمن حلولا وسطا وتنازلات من الطرفين وهو ما ترفضه قوى المعارضة العسكرية وترى أن تفجير الموقف العسكرى ومحاصرة النظام ومنعه من تحقيق مكاسب يمكن أن تغير من التوازن العسكرى والسياسى مصلحة أساسية لها.
وبصفة عامة فمن الواضح أن الأطراف المتورطة فى الأزمة السورية على اختلافها ليست معنية بوقف نزيف الدم السوري، لكن لتثبيت المصالح الذاتية ويتحمل مسئولية ذلك كافة الأطراف، وإذا كان التفاهم الأمريكى الروسى قد توصل لنوع من الهدنة القابلة للتمديد فى حلب إلا أنه من الصعب التصور الوصول إلى حلول جذرية لهذا الصراع طالما بقى تنظيم النصرة متحالفاً مع قوى وتنظيمات مرتبطة بتركيا وبقى النفاق الأمريكى واضحاً واستمرت مواقف القوى الإقليمية لحل خلافاتها على الأراضى السورية.
وفى تقديرى أن الأطراف المتورطة فى الأزمة سواء الداخلية أو الإقليمية أو الدولية التى ترى أن حسم معركة حلب سوف يُلقى بظلاله على شكل وطبيعة المرحلة الانتقالية سوف يواجه الكثير من الصعوبات حيث لا تزال تصر روسيا على أن مستقبل الرئيس الأسد ليس مطروحاً فى هذه المرحلة وأنه لا توجد معارضة معتدلة ومعارضة غير معتدلة، وترفض الدعم الدولى والإقليمى لجبهة النصرة، كما تصر الولايات المتحدة والقوى الإقليمية المرتبطة بها على عدم السماح للنظام بتحقيق المكاسب فى حلب، الأمر الذى يرجح أن يبقى الصراع على حلب قائماً دون حسم شأنه شأن الكثير من المناطق السورية التى تتداخل فيها الأطراف المتصارعة وبما يؤكد فى النهاية أن أى أطراف لن تتمكن من فرض حل عسكرى للأزمة وأن مستقبل الأوضاع فى سوريا يرتبط بالأساس بجدول التفاهمات الروسية الأمريكية وبغض النظر عن مزايدات بعض القوى الإقليمية.
لمزيد من مقالات د. محمد مجاهد الزيات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.