أرفض المساس بكرامة الصحفيين وهيبة النقابة، لكننى أيضا مع تطبيق القانون واحترام قرارات السلطة القضائية وكل مؤسسات الدولة، فيجب ألا يكون هناك تعارض بين هذا أو ذاك، وفى هذا الإطار وبعيدا عن حظر النشر فى القضية سبب الأزمة،فإن هناك أخطاء وقعت من كل الأطراف، ولا يمكن تجاهل التجاوز الرهيب والتحريض الواضح والصريح الذى وقع من محمود السقا ضد كل مؤسسات الدولة، وهى التجاوزات المنشورة والمتداولة على صفحته، والتى هى محل تحقيق الآن، ولا يمكن الخوض فيها إلتزاما بقرار حظر النشر ومعنى ذلك ان النقابة أخطأت فى إيواء محمود السقا رغم إنه ليس عضوا بها ومطلوب للعدالة وفى نفس الوقت فأنه كان من الممكن ان تكون هناك طريقة أفضل من جانب مديرية الأمن المختصة وأخطار النقابة كتابة قبل القبض على عمرو ومحمود. الآن الأزمة وقعت، والبحث عن حل واجب بما يحافظ على هيبة الدولة ومؤسساتها، وفى نفس الوقت يحفظ هيبة نقابة الصحفيين، وقد علمتنا الأحداث السابقة التى مرت على النقابة ضرورة أن تكون هناك يد تدير الأزمة، ويد أخرى تتفاوض وتبحث عن حل، لأن النقابة جزء من مؤسسات الدولة، والصدام واشتعال الصراع معركة خاسرة لكل الأطراف، فما أسهل التصعيد، وما أصعب التوصل إلى حلول. حينما كنت وكيلا أول لنقابة الصحفيين، حدث أن صدر حكم بحبس الزميل الأستاذ إبراهيم عيسى، وكان الخصم فيه رئيس الجمهورية آنذاك حسنى مبارك، ووقتها لم يهدأ المجلس والنقيب الأستاذ مكرم محمد أحمد من البحث عن حل حتى تنازل مبارك عن القضية، وتم انتهاء الموقف دون خسائر، وبعده حدث أن تعرض الزميل عادل حمودة لحكم حبس أيضا، وكان الخصم فيه شيخ الأزهر السابق المرحوم د.محمد سيد طنطاوى، وتحول المجلس وقتها إلى خلية نحل، وتم ترتيب لقاء للمجلس مع المرحوم شيخ الأزهر، وذهب المجلس بكامل هيئته إلا قليلا إلى مشيخة الأزهر، ولم نتحرك من هناك إلا بعد أن تنازل شيخ الأزهر عن القضية، وتم إنهاء الأزمة دون خسائر. أما أزمة القانون 96 الشهيرة، وهى الأزمة الأبرز فى تاريخ النقابة كله، لأنها تتعلق بقانون وأوضاع مهنة بشكل عام، فقد أدارت النقابة آنذاك الأزمة تحت هدف أساسى هو ضرورة تعديل القانون 93 المشبوه بعيدا عن الصدام مع مؤسسات الدولة، والعصبية والتشنج حتى تم تشكيل لجنة لإعداد التعديلات المطلوبة، وانتهت بإصدار القانون 96 لسنة 1996 المعمول به حتى الآن. الآن نحن أمام تحديات ضخمة لا نريد أن تتوه وسط الزحام، فهناك التشريعات الصحفية والإعلامية التى ننتظرها منذ فترة طويلة ولا تحتمل التأجيل والتسويف مرة أخرى، وهناك الأزمات الطاحنة التى تواجه المؤسسات العامة والخاصة على السواء، مما أدى إلى تسريح أعداد كبيرة من الزملاء الصحفيين وغلق أبواب التعيينات فى كل المؤسسات، بالإضافة إلى تخفيض أجور الزملاء فى معظم الصحف الخاصة والحزبية بنسب كبيرة، وبعد أن كانت معظم أزمات العمل الصحفى تتعلق بالحريات، أضيفت اليها الآن الأزمات الاقتصادية الطاحنة التى تطارد أعدادا كبيرة فى الوسط الصحفى، وللأسف فهناك نسبة لا يستهان بها من الصحفيين ليس لها دخل إلا بدل التكنولوجيا فقط. التحديات الضخمة والخطيرة التى تواجه الوطن الآن وخاصة الإرهاب ومشاريع الفوضى الخلاقة والفتن والمؤامرات من الداخل والخارج، بالإضافة إلى التحديات التى تواجه المجتمع الصحفى بوجه خاص، تفرض علينا تنحية الغضب قليلا، والبحث عن أرضية مشتركة لحل الأزمة بما يحفظ هيبة وكرامة نقابة الصحفيين، وفى ذات الوقت يحفظ هيبة وكرامة مؤسسات الدولة بعيدا عن لغة التصعيد والتخوين، أو أن يحاول بعض المتربصين بالوطن ركوب الموجة وتسخير الأزمة لمصلحتهم وأعوانهم من المتآمرين بالداخل والخارج. أتمنى تشكيل لجنة من نقابة الصحفيين ولجنة الثقافة والإعلام وبعض النواب وحكماء وشيوخ المهنة والنقابيين السابقين لاقتراح حلول قابلة للتنفيذ تحقق مصالح الصحفيين وكرامتهم وتحفظ هيبة الدولة ومؤسساتها، وعاشت حرية الصحافة وعاشت دولة القانون، فلا تعارض بينهما على الإطلاق. لمزيد من مقالات عبدالمحسن سلامة