تعد ريادة الأعمال محركا رئيسيا للنمو الاقتصادى فى أى دولة فى ظل انتشار معدلات البطالة على مستوى العالم وتفاقم أزمة الهجرة فى الوقت الذى تعصف فيه الصراعات ببعض الدول ويطارد فيه شبح الإرهاب الأخرى. ومن أبرز النماذج الناجحة على مستوى العالم فى تنمية هذا المجال ، وفقا لمؤشرالمرصد العالمى لريادة الأعمال لعام 2016، والذى يقيم 132 دولة ، فقد حافظت الولاياتالمتحدة وكندا وأستراليا على مركزها على رأس القائمة، كما احتلت سنغافورة المرتبة ال11 . وعربيا، جاءت الإمارات فى صدارة الدول العربية والتاسعة عشرة عالميا، ثم قطر 24 عالميا، والسعودية المرتبة 36 عالميا ، فى حين احتلت مصر المركز 13 عربيا و89 عالميا. وأكد معهد ريادة الأعمال والتنمية «جى إى دى آى» فى مؤشره الأخير أن جودة الشركات فى كل دولة أهم من عددها، وتحتاج هذه الجودة إلى عملية إعداد طويلة تسبق تأسيس الشركة وتشترك بها عدة جهات مثل الحكومات ومؤسسات التعليم الثانوى والجامعى والبحث العلمى. ومن أبرز نماذج الدول الناجحة عربيا وعالميا التى استطاعت سد فجوة أزمة البطالة وتشجيع الشباب على خلق وظائف بأنفسهم من خلال تنمية مهاراتهم: ريادة الأعمال هى العمود الفقرى للاقتصاد الأمريكى و ليس الشركات العملاقة، ويرجع ذلك إلى انتشار ثقافة وقيم مجتمعية ونظام تعليمى يشجع على الابتكار والمغامرة والتسامح مع الفشل باعتباره فرصة للتعلم من الأخطاء وتراكم الخبرات للاستفادة منها فى المستقبل, كما تشجع الحكومة الأمريكية والمراكز البحثية الأكاديمية رجال الأعمال على إنشاء العديد من مشروعات الأعمال وحاضنات الأعمال لرعاية الشركات الناشئة فيها، فقد قفز عدد حاضنات الأعمال من12 حاضنة أعمال فى القرن الماضى إلى ما يقرب من ألف حاضنة فى الوقت الحالي، وعادة ما تقوم حاضنات الأعمال بتوفير المكان وخدمات الإنترنت وأجهزة كمبيوتر فى مقابل مبالغ زهيدة، كما تقدم برامج تدريبية لإدارة الملكية الفكرية واستشارات قانونية وتقنية وتسويقية للشركة الناشئة، وتعد مشروعات الأعمال فى الولاياتالمتحدة أكثر تدخلا فى عمل هذه الشركة التى تكون فى مرحلة نمو متطورة نسبياً، كما يلجأ رجل الأعمال صاحب الشركة الناشئة الحصول على تمويل من البنوك، وهو ما يعرف باسم المستثمر الملاك وهو شخص يقوم باستثمار ماله الخاص فى شركة ناشئة نظرا لإيمانه بإمكانية نجاح الفكرة, وكذلك لأنه يتوقع أن يحصل على خمسة أضعاف المبلغ الذى دفعه خلال خمس سنوات فى حالة نجاح المشروع، أومن خلال ما يطلق عليه رأس المال المغامر بهدف الاستثمار تحقيق أرباح عالية وليس تطوير الشركة الناشئة . وفى سنغافورة رغم ارتفاع عدد سكانها الذى يتجاوز 5،5 مليون نسمة مع عدم وجود موارد طبيعية يعتمدون عليها، فإن إجمالى الناتج السنوى لها يبلغ 55 مليار دولار ، حتى أصبحت من أهم الدول على مستوى العالم فى مجال التعليم والتأهيل وإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ، حيث حقق برنامجا متكاملا لتنمية مهارات ريادة الأعمال وإقامة المشروعات لدى النشء ووضع رؤيتها وتنمية أعمالها بنجاح وتسهيل تأسيس الشركات وتنمية مهاراتهم مع تسهيل حركة الاستثمارات الأجنبية والتركيز على نوعية الصناعات من أجل الحصول على أعلى دخل مثل التكنولوجيا التى تهتم بها سنغافورة الآن، وقد استطاعت سنغافورة تحقيق ذلك بعد أن خلقت ثقافة ريادة الأعمال، فى أول الأمر، عن طريق البحث عن المخترعين والمبتكرين لتحويل مخترعاتهم إلى سلع تصدرها وتربح من ورائها، كما اهتمت جميع الوزارات المختلفة فى الحكومة بقطاع ريادة الأعمال حتى استطاعت المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أن تساهم بنسبة 40 % من إجمالى الناتج المحلى فى سنغافورة، وهناك 4 مراحل للحصول على جيل مخترع فى سنغافورة ، الأولى هى تربية الأبناء منذ الطفولة على الابتكار والنجاح ثم يقومون فى المرحلة الثانية على تدريب الأبناء على المهارات الناعمة وهى كيفية التواصل وخلق الإيجابية بداخلهم وكيفية تشكيل فريق عمل جماعى، ثم فى المرحلة الثالثة تعليم الأبناء كيفية دراسة السوق وعمل ميزانية، والمرحلة الرابعة تسمى « المينى ماركت» أو السوق الصغيرة وخلالها يتم تعليم الأطفال والشباب كيفية عمل منتج فعلى وعملية البيع والشراء لتأهيله للخروج للسوق. ومن هنا، رحب الرئيس عبد الفتاح السيسى بالمبادرة السنغافورية المصرية التى تم الإعلان عنها أواخر بهدف زرع وترسيخ ثقافة ريادة الأعمال إلى جانب تحقيق البعد الاجتماعى والذى يهدف الى التعليم والتدريب لاستراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030 . أماالإمارات تقدمت فى تقرير المؤشر العالمى لريادة الأعمال على دول معهود لها فى عملية دعم ريادة الأعمال والرواد مثل النرويج وكوريا الجنوبية وتركيا واليابان، لتحتل المركز ال20 العام الماضي. تمكن الشباب علميا وتشجيعهم على تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة قادرة على المنافسة فى سوق العمل ، وفقا لأفضل الممارسات العالمية فى هذا المجال، وقامت بتوفير الخدمات للمشاريع الريادية من ناحية و توفير بيئات العمل التشريعية والتنظيمية والتشغيلية الملائمة لطبيعة المشاريع الريادية والرواد مثل توفر فرص التمويل وتقديم الدعم المعنوى والقوانين والمبادرات التشجيعية وتوفير التكنولوجيا، كما قامت بإنشاء الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء. [email protected]