يشهد شهر مايو الجارى انعقاد الدورة السابعة لاجتماع وزراء خارجية دول منتدى التعاون بين الصين والدول العربية، وهو الاجتماع الدورى الذى ينعقد كل عامين، بحضور أمين عام جامعة الدول العربية، فى الصين أو بمقر الجامعة فى القاهرة أو بإحدى الدول العربية بالتناوب، باعتباره آلية دائمة للمنتدى منذ تأسيسه عام 2004 لبحث التعاون بين الطرفين فى القضايا الإقليمية والدولية. ويأتى الاجتماع الدورى السابع لوزراء خارجية الصين والدول العربية، المقرر انعقاده بالدوحة 12 مايو الجاري، فى وقت دقيق تتصاعد فيه عدة أزمات سياسية بالمنطقة، ومن المنتظر أن تلقى هذه الأزمات بظلالها على المناقشات، التى ستتناول بشكل أساسى ثلاثة ملفات، حسب شياو جيونتشنج، مستشار إدارة غرب آسيا وشمال إفريقيا فى وزارة الخارجية الصينية، الذى أكد خلال لقائه أخيرا مع وفد من الصحفيين العرب بمقر الوزارة فى العاصمة الصينيةبكين، أن هذه الملفات ستشمل متابعة ما تم تنفيذه من القرارات التى أصدرها الاجتماع السادس لوزراء خارجية دول المنتدي، الذى عقد فى بكين عام 2014، كما سيبحث الاجتماع بلورة نتائج زيارة الرئيس الصينى شى جين بينج لكل من مصر والسعودية ومقر جامعة الدول العربية فى يناير الماضي، وإصدار قرارات للاستفادة من هذه النتائج. ومن المقرر أن يتعلق الملف الثالث على مائدة الاجتماع السابع لوزراء خارجية دول منتدى التعاون الصينى العربى بإصدار وثيقتين هما إعلان الدوحة، وبرنامج عمل المنتدى للفترة من 2016 إلى 2018، وقد جرى التنسيق مع جامعة الدول العربية حول محتوى هاتين الوثيقتين. وقد أكد شياو جيونتشنج أن بكين تولى منتدى الصين والدول العربية أهمية كبيرة، حيث تعد الصين حاليا ثانى أكبر شريك تجارى للعالم العربي، وتأتى الدول العربية فى المرتبة السابعة بين أكبر الشركاء التجاريين بالنسبة للصين، فيما تعد الصين أكبر شريك تجارى ل9 دول عربية، مشيرا إلى أن هذه التبادلات الاقتصادية تفرض على الجانبين تعاونا وثيقا فى المجالات الأخرى السياسية والثقافية والتعليمية وغيرها، مؤكدا أن وزير الخارجية الصينى وانج يى سيرأس وفد الصين فى اجتماعات وزراء خارجية دول منتدى التعاون الصينى العربى بالدوحة. وفى رده على سؤال ل»الأهرام» حول أسباب ضعف الاستثمارات الصينية فى المنطقة العربية مقارنة باستثماراتها الخارجية، وبما لا يتناسب مع حجم التبادل التجارى مع الدول العربية الذى تجاوز ال 250 مليار دولار فى 2015، اعترف مستشار إدارة غرب آسيا وشمال إفريقيا فى وزارة الخارجية الصينية بأن الاستثمارات الصينية فى الوطن العربى لا تتناسب مع العلاقات بين الطرفين، ففيما تعد الصين ثانى أكبر مستثمر بالعالم، لا تتجاوز استثماراتها فى الدول العربية مجتمعة ال800 مليون دولار، وقال إن الوضع الأمنى فى المنطقة العربية أحد أهم أسباب ذلك، حيث إن تبادل الاستثمارات سلوك سوق يتأثر بالمناخ العام، مشيرا إلى أن مبادرة الرئيس الصينى لإحياء طريق الحرير التاريخى والحزام الاقتصادى تمثل فرصة لزيادة الاستثمارات الصينية فى المنطقة العربية. وفيما يتعلق بالدور الذى يجب أن تلعبه الصين للمساعدة فى حل النزاعات والمشكلات، التى تشهدها المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط حاليا، ومنها الخلافات السعودية- الإيرانية، لما للصين من علاقات متميزة مع الجانبين، والأزمة السورية والأوضاع فى ليبيا واليمن وغيرها، قال المسئول الصينى إن الدبلوماسية الصينية تقوم على العلاقات المتميزة مع الجميع، وهذه النزاعات والمشكلات بين أصدقائنا بعضهم البعض تزعجنا وتحرجنا، فهناك مثل صينى قديم يقول إن وجهى اليد يشعران بنفس القدر من الألم، فأى شىء يؤلم الدول العربية فهو يؤلمنا، وموقفنا من هذه القضايا ثابت باعتبارها قضايا داخلية، والدول العربية أكثر قدرة على حلها، وذلك من خلال الحوار السياسى المتسامح بين جميع الأطراف، والذى يجب أن تُبذل الجهود لإنجاحه، لتسهم حلول هذه المشكلات فى تحقيق السلام والأمن بالمنطقة. وأضاف شياو جيونتشنج أنه رغم تفادى الصين للحساسيات المتعلقة ببعض المشكلات التى تشهدها المنطقة إلا أن لها مواقف واضحة وثابتة من قضايا أخري، ومن بينها مكافحة الإرهاب، فالصين تدعم جهود جميع دول المنطقة فى الحرب ضد الإرهاب، وتدعو الصين دائما إلى التسويات السياسية لقضايا المنطقة، ومنها القضية الفلسطينية، التى أكد الرئيس الصينى فى كلمته بالجامعة العربية فى يناير الماضى أنها قضية محورية، كما أن الصين عضو فى مجموعة أصدقاء سوريا، وبذلت جهودا كبيرة لإحياء الحوار السياسى الخاص بالأزمة السورية. وحول تأثير الوثيقة التى أصدرتها الصين مطلع العام الجارى حول سياسة بكين تجاه الدول العربية على مستقبل العلاقات بين الجانبين، قال شياو جيونتشنج، مستشار إدارة غرب آسيا وشمال إفريقيا فى وزارة الخارجية الصينية، إن تلك الوثيقة هى الأولى من نوعها التى تصدر بشأن سياسة الصين تجاه الدول العربية، وقد تم إصدارها بمناسبة مرور 60 عاما على بدء العلاقات بين الصين والدول العربية، حيث بدأت العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين بكينوالقاهرة عام 1956، وقد استعرضت الوثيقة برنامج الحكومة الصينية للتعاون مع الدول العربية القائم على الكسب المشترك والمنفعة المتبادلة للجانبين. وأشار إلى أن جوهر الوثيقة يتمثل فى أن الثقة المتبادلة هى محور ارتكاز العلاقات بين الصين والدول العربية، وأنه بغض النظر عن طبيعة الأنظمة السياسية فهناك تأكيد على ضرورة الاحترام المتبادل، وأن نتعامل مع بعضنا البعض على قدم المساواة، ونعمل على تحقيق التنمية المشتركة فى إطار مبادرة الحزام والطريق لتعزيز التبادل الإنسانى بين الجانبين، وأن نعمل على تعميق التعاون المشترك من خلال منتدى التعاون الصينى العربى ومتابعة قرارات اجتماعاته الوزارية الدورية.