هو حادث سيصبح تاريخيا ولا شك، وأعنى به تحليق الطائرة الروسية (سو 27) بالقرب من المدمرة الأمريكية (دونالد كوك) مما أدى إلى تعليق مناورة كانت مروحية بولندية تشارك بها فى بحر البلطيق. المناورة فى حقيقتها كانت عملية تحرش بروسيا الاتحادية، وبالذات بمدينة كالينجراد التى تقع فى جيب شبه منفصل عن روسيا بين بولندا وليتوانيا، وهو ما لم تعد موسكو تقبل به فى عصر بوتين. دول البلطيق وبالذات تلك التى كانت جزءا من الاتحاد السوفيتى السابق أو الكتلة الشرقية مثل بولندا، ولاتفيا، وإستونيا، وليتوانيا هى مناطق حساسة جدا بالنسبة لروسيا الاتحادية التى تراقب بدقة تحركات حلف الناتو فيها وعمليات نصب صواريخ أو تحريك قطع بحرية أو طائرات. القصة فى أحد جوانبها محاولة لإشعار روسيا بالخطر على كالينجراد، يعنى إعادة إنتاج لنفس المخطط الغربى الذى حاولت دول الناتو تنفيذه فى أوكرانيا، لولا أن تحركت روسيا سريعا واستعادت القرم، وأيدت الحكم الذاتى فى إقليمى «دونتسك» و«لوجانسك» صاحبى النفوذ الروسى التاريخى فى شرق أوكرانيا، وذلك بعد التآمر الغربى على ذلك البلد بالجمعيات الأهلية، والمظاهرات فى الميدان الكبير، ثم بدفع عميل المخابرات الأمريكية بوروشينكو ليصبح رئيسا للجمهورية. المشهد يعد استرجاعا لسيناريو الثورات الملونة، ولكن روسيا الآن غيرها فى مطلع التسعينيات، وروسيا تواجه الآن بأعلى درجة من الحزم اقتراب الناتو من البلطيق وبالذات من كالينجراد الروسية. حلف الناتو يأخد أى تحرك لبوتين بجدية شديدة لأنه ببساطة رجل جاد، ومن ثم هرع الحلف إلى استئناف جلسات مجلس روسيا وحلف الناتو، التى كان الأخير علقها من جانب واحد بعد تطورات أوكرانيا، ومن جانب آخر قدم برايان ماكوين نائب وزير الدفاع الأمريكى إفادة خطية إلى لجنة التسلح بالكونجرس عما سماه (انتهاكات روسية لمعاهدة الصواريخ القصيرة والمتوسطة والقيود على تطوير الصواريخ المجنحة).. يعنى الغرب يستخدم لهجة التهدئة فى استئناف الحوار مع روسيا فى المجلس الذى يجمعها والحلف، وكذلك يستعمل لهجة التصعيد فى الكونجرس.. بينما موسكو تستعيد مركزها الدولى وتتطلع إلى البلطيق نقطة النزاع القادم. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع