الجدل نقاش يتبادله طرفان بلا وثائق ثابتة أو أسانيد حقيقية أو واقعية دون أن يقنع أحدهما الآخر ولا يتنازل كلاهما عن وجهة نظره مما يؤدى إلى اختلال فى التوازن الفكرى بينهما ويطلق عليه «جدل بيزنطة» نسبة إلى عاصمة تلك الامبراطورية التى عرفت فيما بعد «القسطنطينية» ويرجع ذلك إلى القرن الخامس عشر الميلادى عندما حاصرها السلطان العثمانى «محمد الثاني» وأصبح مصير الاستيلاء عليها أمر مقضيا كان مجلس شيوخ تلك المدينة مشغولا بأمور فقهية لا طائل منها مثل جنس الملائكة «ذكور أم إناث » وحجم إبليس هل «كبير لايسعه مكان أم صغير يعبر من ثقب الابره».. ورغم محاولات الامبراطور صرفهم عن الجدل العقيم ومواجهة الغزاة الذين اقتحموا المدينة ويقاتلون فى شوارعها واستطاع العثمانيون احتلالها ولقب سلطانها «بالفاتح» وسميت «اسطنبول» واليوم.. هل يعيد التاريخ نفسه وذاك السيناريو البغيض من «الجدل البيزنطي» الذى يمارسه بعض من المصريين حول جزيرتى «تيران وصنافير» أهما «سعوديتان أو مصريتان» دون حكمة أو هدف سوى أنه تطبيق لسؤال شائع أيهما يسبق الآخر «البيضة أم الدجاجة».. ويتناسى المتجادلون فيما بينهم أغلبية الشعب المصرى التى يصدمها هذيان «الجدل البيزنطي» بينما يوجد بينهم ومن حولهم عربيا وأقليميا وعالميا دول وتنظيمات وجماعات تتربص بمصر وشعبها وتحاول استغلال ثغرات ذلك الاختلاف البعيد عن الحقيقة واقتناص الفرص لزعزعة الأمن والاستقرار وايقاف عمليات التنمية والبناء واستعادة دور الدولة وهيبتها تمهيدا لتقطيع أوصالها وتمزيق روابطها وتقسيم أجزائها. لقد تجاهل المغرضون فى جدالهم «البيزنطي» حقائق الواقع قبل عشرات العقود الماضية وما أقره الحكام السابقون على مدى العهود الملكية والناصرية والساداتية والمباركية ومؤسساتها العسكرية والتنفيذية والسياسية والقانونية من انتماء الجزيرتين جغرافيا وتاريخيا إلى حدود المملكة العربية السعودية.. وما تضمنته وثائق ورقية خطها بيده كل من الرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر وأنور السادات.. والقرار الجمهورى الموقع من الرئيس الأسبق حسنى مبارك. وهى ليست ولن تكون الأخيرة فى هذا المجال فقد كشف الدكتور الشافعى البشير عن أسهل الحقائق المدونة فى كتب القانون الدولى لأحد المؤثرين فى التصرفات الحكومية وكان موضع ثقة ومشورة الملك فاروق ثم قادة ثورة 23 يوليو ويصدق عليه القول بأنه شاهد على التاريخ وما تضمنه كتاب القانون الدولى العام فى طبعة عام 1961وما تلاها من طبعات ثلاث حتى عام 1969 للمرحوم الأستاذ الدكتور حامد سلطان رئيس قسم القانون الدولى بكلية الحقوق جامعة القاهرة وما رواه عن خليج العقبة ابتداء من صفحة ستمائة وتسعة وثلاثين وما بعدها نصا ويمتد خليج العقبة امتدادا طوليا فى شرق جزيرة سيناء من الجنوب الغربى إلى شمال الشمال الشرقى واصلا بين المملكة العربية السعودية شرقا والجمهورية العربية المتحدة غربا.. ويبلغ طول الخليج 99 ميلا بحريا وتشغل سواحله المملكة العربية السعودية والأردن واسرائيل والجمهورية العربية المتحدة ويوجد عند كتفى الخليج عند مدخله جنوبا أرخبيل صغير يشتمل على عدد من من الجزر الصخرية الصغيرة تبلغ حوالى نحو ثلاثين جزيرة كانت كلها تابعة للمملكة العربية السعودية وأكبر هذه الجزر جزيرتا تيران وصنافير بالقرب من الشاطئ السعودي. ويبقى التساؤل.. هل يستمر الجدل حول الجزيرتين حتى نفاجأ بوجود «بيزنطة» جديدة فى المنطقة أم نعترف بحقائق الواقع ووثائقه. لمزيد من مقالات عبد المجيد الشوادفى