مازلت أواصل كتابة السلسلة الخاصة بالحاكم والرعية والمعاونين مما ورد في الكتاب الثمين العقد الفريد.. واليوم أذكر نبذة من رسالة الحسن البصري الي الخليفة عمر بن عبد العزيز في وصف الامام العادل حيث يقول: اعلم يا أمير المؤمنين أن الله جعل الامام العادل قوام كل مائل وقصد كل جائر وصلاح كل فاسد وقوة كل ضعيف ونصفة كل مظلوم ومفزع كل ملهوف والامام العادل كالراعي الشفيق علي إبله الرفيق بها الذي يرتاد لها أطيب المراعي ويذودها عن مراتع الهلكة ويحميها من السباع ويكنها من أذي الحر والقر والامام العادل كالأب الحاني علي ولده يسعي لهم صغارا ويعلمهم كبارا ويكتسب لهم في حياته ويدخر لهم بعد مماته, والامام العادل كالقلب بين الجوارح تصلح الجوارح بصلاحه وتفسد بفساده وهو القائم بين الله وبين عباده فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملكك الله كعبد ائتمنه سيده واستحفظه ماله وعياله فبدد المال وشرد العيال وأفقر أهله وفرق ماله, واعلم يا أمير المؤمنين أن الله أنزل الحدود ليزجر بها عن الخبائث والفواحش فكيف اذا أتاها من يليها وأن الله أنزل القصاص حياة لعباده فكيف اذا قتلهم من يقتص لهم ولا تحكم يا أمير المؤمنين في عباد الله بحكم الجاهلين ولا تسلك بهم سبيل الظالمين ولا تسلط المستكبرين علي المستضعفين فانهم لا يرقبون في مؤمن الا ولا ذمة فتبوء بأوزارك وأوزار مع أوزارك. وقد قال الحكماء ان الناس تبع لامامهم في الخير والشر وأن الامام سوق فما نفق عنده جلب اليه, وقد أوتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتاج كسري وسواريه قال: ان الذي أدي هذا لأمين فقال له رجل: يا أمير المؤمنين أنت أمين الله يؤدون اليك ما أديت الي الله تعالي فاذا رتعت رتعوا, وقديما قالوا صنفان اذا صلحا صلح الناس: الأمراء والفقهاء, وقد اطلع مروان بن الحكم علي ضيعة له فأنكر منها شيئا فقال لوكيله ويحك اني لأظنك تخونني, قال أفتظن ذلك ولا تستيقنه ؟ قال وتفعله ؟ قال نعم والله اني لأخونك وانك لتخون أمير المؤمنين. وقال الحكماء لا ينفع الملك الا بوزرائه وأعوانه ولا ينفع الوزراء والأعوان الا بالمودة والنصيحة ولا تنفع المودة والنصيحة الا مع الرأي والعفاف ثم علي الملوك بعد ذلك أن لا يتركوا محسنا ولا مسيئا ما دون جزاء فانهم اذا تركوا ذلك تهاون المحسن واجترأ المسيء وفسد الأمر وبطل العمل. المزيد من أعمدة نهال شكري