الفنان حسام عزت يتقدم ببلاغ ضد مصطفى كامل بسبب انتخابات الموسيقيين    مفتي الجمهورية يشارك في اجتماع اللجنة الاستشارية لجامعة سنغافورة للدراسات الإسلامية    «القومي للمرأة» يهنئ إيمان أنيس لتنصيبها نائباً للأمين العام للاتحاد الأفروآسيوي    أستاذ اقتصاد: ملف الطاقة يشكل قضية محورية وحماية للأمن القومي المصري    مرشحة بانتخابات البورصة: سأعمل على تعزيز التوعية المالية    «رحمي»: القيادة السياسية حريصة على النهوض بقطاع «المشروعات» وتطويره    قاصد محمود: مشروع إيران النووى قائم.. ونتنياهو فشل في فرض السيطرة الكاملة    وزير الداخلية ونظيره الصربي يشهدان توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في مكافحة الجريمة    «مارك روته»: البيان الختامي للناتو يؤكد التزام الحلف بدعم أوكرانيا ماليا    الزمالك يجدد محاولاته لضم حارس الأهلي    تقارير- موقف مدافع الهلال من مواجهة باتشوكا    نجم الزمالك السابق: زيزو أفضل لاعب أهلاوي في مونديال الأندية    سقطت من شرفة منزلها.. مصرع طفلة بالعمرانية    القبض على عاطل يقوم بالاتجار في المواد المخدرة بنجع الخطباء في الأقصر    لماذا نشعر بدرجات حرارة أعلى من المعلنة؟.. هيئة الأرصاد توضح    حكومة الانقلاب فشلت في مواجهتها..الكلاب الضالة تهدد حياة المواطنين فى الشوارع    إيرادات الإثنين.. "المشروع X" يواصل تصدره و"في عز الضهر" يتجاوز 2 مليون جنيه    بالعلم الفلسطيني وصوت العروبة.. صابر الرباعي يبعث برسالة فنية من تونس    تفاصيل ظهور شيرين رضا في فيلم «الشاطر» بطولة أمير كرارة    الأزهر يعرب عن تضامنه مع قطر الشقيقة ويطالب بضرورة احترام استقلال الدول    لجنة تفتيش مكبرة لمراجعة أعمال مستشفى أحمد ماهر والجمهورية    وكيل صحة القليوبية: يجب تكثيف الجهود لتحسين الخدمات المقدمة للمرضى    محافظ المنوفية يشهد عدد من الافتتاحات بمستشفى أشمون العام    الهروب إلى النوافير.. درجات الحرارة تقارب ال 100 درجة بواشنطن الأمريكية    شركة طيران العال الإسرائيلية تنظم جسرا جويا لإعادة آلاف الإسرائيليين بعد وقف إطلاق النار مع إيران    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ المشروعات والفرص الاستثمارية بمحافظة دمياط    تأجيل جلسة محاكمة «توربيني كفر الدوار» لجلسة الغد    «بزعم إجراء عملية جراحية لنجلتها».. ضبط «مستريحة المحلة الكبرى» بعد الاستيلاء على 3 ملايين جنيه    «ثورة 30 يونيو وبناء الجمهورية الجديدة» في احتفالية ب أسيوط    هالة السعيد: 5.5% نموًا في شركات التكنولوجيا المالية منذ 2018 بدعم من الشمول المالي    رسميًا.. أحمد سامي مديرًا فنيًا لنادي الاتحاد السكندري    يجمع محمد فراج وزينة لأول مرة.. التفاصيل الكاملة لمسلسل «في رواية أحدهم: ورد وشيكولاتة»    «بحبكم برشا».. أول تعليق من مي عمر على تكريمها من مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس    قاصد محمود: مشروع إيران النووى قائم.. ونتنياهو فشل فى فرض السيطرة الكاملة    هيمنة بلا فاعلية.. الأهلي يدفع ثمن إهدار الفرص أمام بورتو (فيديو وصور)    ضعف لياقة مبابي يؤخر عودته لتشكيلة ريال مدريد    تغيير موعد المؤتمر الصحفي للإعلان عن مدرب منتخب اليد الإسباني باسكوال    «السياحة» تشارك في اجتماعات الهيئات الفرعية لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ    جامعة القاهرة تطلق خريطة أنشطتها الصيفية لدعم إبداعات الطلاب واكتشاف مواهبهم    "مصر.. متحف مفتوح".. فعالية جديدة لصالون نفرتيتي الثقافي في قصر الأمير طاز    دمشق تودّع شهداء كنيسة مار إلياس.. صلاة رحيلهم وزيارات للمصابين    استئصال ورم ليفي ضخم يزن أكثر من 3 كجم من رحم سيدة بمستشفى قنا العام    الأمن الاقتصادي: ضبط 1257 قضية ظواهر سلبية.. و1474 سرقة تيار كهربائي    هل القرض حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    المفوضية الأوروبية ترحب بالإعلان عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل    مركز البحوث الطبية والطب التجديدي يوقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنصورة الأهلية    انتهاء اختبار مادة اللغة الأجنبية الثانية لطلاب الثانوية العامة النظام القديم    قبل الإعلان الرسمي.. كيركيز يجتاز الكشف الطبي في ليفربول    تنسيق القبول بالصف الأول الثانوي محافظة الغربية للعام الدراسي الجديد    إزالة 10 تعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة ضمن الموجة 26 بالشرقية    رئيس "المستشفيات التعليمية" يقود حملة تفتيش ب"أحمد ماهر" و"الجمهورية" لرفع كفاءة الخدمة    «هانتونج» الصينية توقع عقد بناء سفينتين جديدتين للصب الجاف في مصر    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    البحرين وبريطانيا تؤكدان ضرورة تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لوقف التصعيد العسكري    سلمى أبو ضيف: «مش مقتنعة بالخطوبة واتجوزت على طول عشان مضيعش وقت»    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    سى إن إن عن مسئول إيرانى: إسرائيل تواصل الهجمات ولم نتلق مقترحات لوقف إطلاق النار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصريون بلا وطن‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 05 - 2012

مرت منذ أسابيع قليلة ذكري أعياد سيناء السنوية‏,‏ أعاد التليفزيون المصري الأفلام المعتادة الطريق إلي إيلات‏,‏ إعدام ميت وغيرها‏,‏ وصدح صوت شادية سيناء رجعت كاملة لينا ومصر اليوم في عيد‏. وربما ذهب البعض لقضاء الإجازات في العين السخنة وشرم الشيخ, ليتأمل في جبال سيناء الشامخة ويوقن أن دون سيناء, كان الوطن منقوصا, وعندما عادت عاد الوطن كاملا.
ربما ينطبق ذلك علي مواطني مصر جميعا, أما أبناء قبيلة العزازمة السيناوية, فلم تعد لهم سيناء بعد, لا تشمهم أغنية شادية, الوطن لهم لا يزال حلما بعيدا, بعد أن حرمتهم الحكومات المصرية المتعاقبة في عهد الرئيس السابق من الحصول علي الجنسية المصرية!
كانت المعلومة صادمة عندما علمت بها حقا في مصر مواطنون مصريون بلا جنسية مصرية ؟ سألت محدثي, الباحث الشاب اسماعيل الاسكندراني فأكد لي الأمر, وعندما أعربت عن رغبتي في الذهاب إلي سيناء للتحدث إليهم, وافق علي اصطحابي في رحلة طريق استغرقت قرابة الثماني ساعات, ما بين القاهرة والعريش, ثم من العريش إلي جنوب منطقة القسيمة, حيث تعيش قبيلة العزازمة تماما علي الحدود الشرقية لمصر.
بعد طريق صحراوي طويل, قطعته سيارة الأهرام التي قادها الزميل السائق مصطفي.., بدا في الأفق جبل الحلال الذي يفصل سيناء المصرية عن الحدود الاسرائيلية- ويقال إنه معقل الارهاب في سيناء- ظهرت مجموعة من البيوت المتناثرة تصطف أمامها سيارتان نقل وقادنا مسمح سلامة الرجل السيناوي الذي يسكن عين القديرات- أحد مناطق أقسي شرق وسط سيناء.
محررة الاهرام مع ابناء قبيلة العزازمة
وقفت السيارة أمام منزل من الطوب الأحمر غير مكتمل, وعندما دخلنا المنزل, تم قيادنا لقاعة مربعة, سقفها من الخوص وفي منتصفها حفرة صغيرة بها حطب مشتعل يتحلق حولها مجموعة من الرجال والشباب, المنزل ليس به كهرباء, وبالطبع لا تصل إليه المياه ليبدأ سالم سويلم عودة(36 سنة) شيخ قبيلة العزازمة أخبرنا بالقصة كاملة في صوته مرارة ضاربة بجدورها عقود طويلة إلي الوراء:
منذ أن رحلت أسرائيل ونحن لا نملك أوراقا تثبت هويتنا المصرية, سواء بطاقات أو جوازات سفر, كنا في الستينيات نحمل البطاقات المصرية العادية ومنذ رحيل الاحتلال ونحن نطالب الحكومة المصرية بحقنا في الحصول علي الجنسية المصرية من خلال الأوراق الرسمية ولكن دون جدوي, وبعد جدال طويل, ومحاولات مضنية للحصول علي حقنا, في عام4002 أعطتنا الحكومة المصرية أورقا تبدو كجوازات السفر, ولكنها فقط تذكرة مرور لاتسمح لنا بالسفر خارج مصر, بل الأفدح أننا نجد صعوبات كبيرة في الانتقال إلي مدن أخري داخل مصر, فنحن نسكن علي الحدود ونجد عدة نقاط حدودية في الطريق إلي العريش أو الاسماعيلية, خاصة الشباب الذي يتعرض لتوقيف مستمر في نقاط المرور.
قبيلة العزازمة منتشرة في منطقة الحسنة وبحسب شيخها يزيد عددها عن الخمسة آلاف فرد, يعاني ما يزيد علي ألف وخمسمائة فرد منهم من عدم السماح لهم بالحصول علي الجنسية المصرية, بحسب الشيخ سالم, أما ما أفاد به سلامة رجيعي, عضو مجلس الشعب فهو أن قبيلة العزازمة من القبائل العربيه ببئرسبع وصحراء النقب, ولهم حدود مشتركه مع قبائل التياها والترابين والأحيوات وكانت القبيلة تنتشر قبل ترسيم الحدود الدولية بين سيناء وفلسطين, فهي من قبائل الحدود التي اضطرب وضعها ولم يعد لها مستقر نتيجه لرسم تلك الحدود في وقت كانت فيه مصر ومنها سيناء تحت الاحتلال البريطاني وكانت فلسطين ضمن ولايات الشام التابعه للأتراك العثمانيين, واستمر انقسام تلك القبيلة وغيرها من القبائل التي تتجاور معها حتي حرب8491, وقام أحد أفراد القبيلة في فلسطين بعملية فدائية في عام3591 وقام الاحتلال بالانتقام منهم فلجأوا إلي أقاربهم في سيناء وكانوا لايمثلون عددا كبيرا وسمحت لهم الحكومه المصرية بالاستقرار دون أن تستخرج لهم بطاقات هويه ولكن بطاقات تعريف تثبت الأقامه في تلك المنطقة.
خاطبنا الحكومة المصرية أكثر من مرة ولجأنا للقضاء ولكن دون جدوي يقول الشيخ سالم سويلم عودة, أما أحمد رشدي المحامي بالنقض الذي يتولي التعامل مع الجهات الرسمية نيابة عن أفراد قبيلة العزازمة, فقال في اتصال هاتفي معه, أن أخر ما طلبته إدارة الجوازات هو أوراق تثبت أن أفراد القبيلة تواجدوا في هذه المنطقة بين أعوام4191 و9291, وعندما تم توفير صورة لعقد أرض تم أبرامها في عام1291 طلبت إدارة الجوازات مزيدا من الأوراق التي تثبت تواجدهم في هذه الأرض منذ بداية القرن.
بعيدا عن حدود التاريخ والجغرافيا, وحروب الماضي, وقوانين الجوازات, يقف عيد عودة سالم أمام منزله تحمل عينيه ألم وصبر سنوات طويلة تتجاوز سنوات شبابه ويقول منذ عام9991 استخرجت لنا بطاقات( غير معين الجنسية), وتم بناء وحدة صحية لنا, لكنها ليس بها طبيب أو أي خدمات, بها سيارة اسعاف لا تعمل يصمت عيد ثم يكمل وهو يمد بصره في الصحراء مافيش مدارس, ولا كهرباء, ولا مياه, أحنا مقطوعين من أي حاجة!
ما يزيد الأمر ألما أن أبناء قبيلة العزازمة لا يستطيعون حتي الانتقال للعيش في مدينة مصرية أخري, لو أرادوا, فنقاط الحدود تضيق عليهم الانتقال, و تذكرة المرور وسيلة لتوقيفهم أكثر من تمريرهم, هي تصريح رسمي غير معلن لحصارهم, بين الصحراء والسماء, بلا أي موارد انسانية أو طبيعية, محرومون من استكمال تعليمهم في أي مدينة قريبة سواء الشيخ زويد أو العريش أو الاسماعيلية, لأن الالتحاق بالتعليم يحتاج شهادات ميلاد وبطاقات وهو ما يكافحون للحصول عليه!
هناك أكثر من8 آلاف نسمة من رفح الفلسطينية حصلوا علي الجنسية مصرية, بينما لا نحصل نحن علي جنسية مصرية, علشان ايه ؟ يقول الشيخ سالم بألم, ويكمل أسئلته التي تبدو كسياط ملهبة لضمير الوطن الذين ارتضاهم علي أرضه منذ سنوات طويلة ورضوا به وطنا!
هل تصدقي أنه في بعض الأحيان أبناء العمومة من قبيلة العزازمة بعضهم يحمل البطاقة المصرية والبعض الآخر لا يحملها ؟ لأن بعضهم استطاع الحفاظ علي البطاقات المصرية القديمة منذ الستينيات والبعض الآخر ونتيجة ظروف الحرب والاحتلال لم يستطع ذلك, وأبناء العمومة يعودون إلي نفس الجد ؟
سالمان سالم العرجاني, رجل سيناوي في منتصف الستينيات له حكاية أخري, بفقد استخرج بطاقته الأولي في يوم مشهود هو6 يونيو6691 من مدينة الشيخ زويد, ولكن لأن اسم عائلته هو العرجاني, وهي عائلة جانب منها يعيش في مصر وجانب منها يعيش في فلسطين, إلا أنه بعد رحيل الاحتلال الاسرائيلي لم يستطع الحصول علي بطاقة الرقم القومي إلا في عام7002, لأن السلطات المصرية لم تعترف به كمصري طوال هذه السنوات.
يشير رجيعي إلي بعض المعلومات الهامة عن تطور الوضعية القانونية لقبيلة العزازمة قائلا في رسالة مكتوبة للأهرام احتلت اسرائيل سيناء في عام6591 ثم في عام7691 ومنحت الجنسية لمن هم داخل الأرض التي أحتلت قبل7691 والذين تم تسميتهم بعرب اسرائيل ومنهم من انخرط في الجيش الأسرائيلي ومنهم قلة من العزازمة وغيرهم, حيث كانوا أدلاء وقصاصي أثر وضباط وجنود وهناك الكثير ممن استقر في سيناء, لم يتم منحه الجنسية وكانت تمنح لهم هويات للتنقل تحدد فيها هويتهم العربية وشمل هذا الإجراء قبيله العزازمه ممن هم في سيناء منذعام3591.
أما عن دور المجتمع المدني السيناوي في إثارة القضية, فيقول مصطفي الأطرش-32 سنة- وهو شاب سيناوي ناشط في المجتمع المدني, في الفترة التي سبقت قيام ثورة52 يناير, ويسعي حاليا لإقامة مؤسسة مدنية يكون لها أهداف متعددة, ويشير الأطرش إلي أن نشاط المجتمع المدني الحقوقي مازال محدودا, وأنه لا يوجد مجتمع سيناوي نشط في هذا الشأن. وربما يخالف هذا الرأي ما يقوم مجموعة من النشطاء السيناويين كالكاتب والشاعر أشرف العناني والصحفي مصطفي سنجر و بالطبع مسعد أبو فجر وأيمن محسن, فكثير من الأسماء السابقة بالإضافة لعمل بعضها في المجال الإعلامي والصحفي بصورة محترفة, لكنها لها نشاط من خلال المدونات علي الانترنت من أجل إلقاء الضوء علي القضايا السيناوية.
الموقف القانوني
يتولي المحامي أحمد رشدي التعامل مع الجهات الرسمية من أجل الحصول للشيخ سالم علي الجنسية هو وأولاده نسعي لحل الأمر بصورة فردية أولا للشيخ سالم وأولاده, ثم بعد ذلك ننظر في بقية الحالات بالتوالي, ولكن هناك أيضا08 شخصا أخرون لدي أوراق لهم, لديهم نفس المشكلة, ولكن ماذا عن بقية أفراد قبيلة العزازمة, الذين ليس بالضرورة يملكون الأموال الكافية لتوكيل محام يسعي عوضا عنهم للتواصل مع الجهات الحكومية ؟ سؤال لم أجد من أووجهه إليه في هذا التحقيق.
يضيف شيخ قبيلة العزازمة قدمت طلبا لوزير الداخلية ولم يأت لي رد, قمت بتوكيل محام, وأنفقت أموالا كثيرة باهظة علي ذلك يقول ذلك وهو يخرج من جيبه خطابا وجهه وزير الداخلية الأسبق منصور العيسوي لمحافظ شمال سيناء اللواء عبد الوهاب مبروك يقول فيه:
وتبقي القضية مبهمة في هذه النقطة, هل يحتاج أفراد قبيلة العزازمة الذين يعانون من المشكلة والذين يزيد عددهم علي0051 فرد أن يرفعوا0051 قضية أمام القضاء المصري من أجل الحصول علي حقوقهم ؟ وأين دور نواب مجلس الشعب, والجمعيات المدنية المصرية والقانون الدولي ؟ وربما تكون إجابة وزير الداخلية السابق بها كثير من الإيضاح أن المشكلة معقدة وتحتاج تدخلا سياسيا, فكيف لهؤلاء المحاصرين علي الحدود وتبعدهم9 ساعات عن العاصمة, الوصول إلي الخدمات القانونية المكلفة- إذا استطاعوا المرور من كل الحواجز المرورية ونقاط التفتيش دون منعهم بسبب تذكرة المرور, ومن يتبني قضيتهم ؟ خاصة بعد طرق الإعلام القضية أكثر من مرة بصورة متكررة خلال العالم الماضي!
للأسف تعثر الوصول للسيد مساعد وزير الداخلية اللواء محمد وهبة, مساعد الوزير لقطاع الجوازات والهجرة للإجابة علي هذه الأسئلة, التي غالبا ستبقي معلقة بين سطور هذا التقرير.
والمثير للدهشة والتعجب أنه بمناسبة أعياد سيناء أعلنت وزارة الداخلية عن منح الجنسية المصرية ل418 شخصا من أبناء الأم المصرية, وشمل القرار086 فلسطينيا و73 سودانيا و13 أردنيا و52 ليبيا و01 يمنيين و5 من ألمانيا و5 من أمريكا, وشخصين من كل من سوريا وموريتانيا وأريتريا وهولندا وفرنسا والنمسا وأستراليا وكندا, وواحد من كل من بريطانيا وإيطاليا وباكستان ومالطا وإيران.
في حين ترفض الحكومة المصرية منح أبناء قبيلة العزازمة الجنسية المصرية, وعن ذلك يقول رجيعي لعل من يتم منحهم الجنسية من أبناء الأم المصرية والأب غير المصري يمكن أن يكون مقياسا لعلاج مثل حالتهم لأن حالتهم تحتاج إلي دراسة من كافة الجهات المعنيه لاتخاذ قرار بشأنها
القوانين الدولية وأخطار غير مدركة
, يكون السؤال كيف يمكن لنا أن نطالب أبناء قبيلة العزازمة بالالتزام بالقوانين المصرية إذا كانت مصر تمنعهم من الحصول علي الجنسية ؟ وهل تدرك الجهات الرسمية خطورة أن يكون علي حدود مصر الشرقية مع اسرائيل مصريون- عاشوا علي أرض مصر أكثر من نصف قرن من الزمان- يتم التعامل بكل هذا التجاهل لحقوقهم التي أقرتها القوانين الدولية ؟ وسط ظروف معيشية بالغة الصعوبة والقسوة لا نبالغ إذا قلنا انها غير آدمية ؟
السطور السابقة لا تشير بأي اتهامات خفية, لكنها الحقيقة المؤلمة أن كثيرا من أبناء هذه المنطقة يعيشون الآن خلف السجون الاسرائيلية ويقضون فترات حبس ليست قليلة يصل بعضها إلي51 سنة والحكايات كثيرة, ابراهيم سالم حسين من سكان عين القديرات, هو قريب أحد المصريين المسجونين في السجون الاسرائيلية حاليا, وهو السجين عبد الرازق سليم مسلم, الذي يقضي فترة عقوبته الآن في سجن بئر السبع الاسرائيلي, وحسب رواية ابراهيم سالم حسين فقد تعدي عبد الرازق الحدود لبيع سجائر أو معسل إلا أن القوات الإسرائيلية ألقت القبض عليه وطلبت منه أن يتعامل مع الجانب الاسرائيلي وعندما رفض تم اتهامه وتوقيع العقوبة عليه.
لم نعرف أنه مسجون سوي بعد القبض عليه ومحاكمته وسجنه, فهناك لم يكن محام معه, وفوجئنا به يبلغنا من السجن, حيث يسمح له باجراء الاتصالات الهاتفية, وهو ليس وحده فمعه فردان آخران من نفس العائلة محكوم عليهم بنفس الحكم51 سنة سجنا.
الصفقة المرتقبة
يقول عواد انه في صفقة تبادل المجند الاسرائيلي جرابيل, كان معظم السجناء المصريين الذين الذين وردت أسماؤهم في الصفقة09% منهم أوشكت أحكامهم الانتهاء, أكثر مدة كانت باقية للعائدين في الصفقة كانت مدته3 شهور, وتم عدم ادراج أسماء السجناء المصريين الذين مازال أمامهم سنوات طويلة, وكانوا الأولي بوضع أسمائهم في القائمة.
ويقول مصلح عودة سالم سليم-76 سنة- من أبناء العزازمة ويحمل أيضا تذكرة مرور: في عام4691 كان كل العزازمة شغالين في حرس الحدود والمخابرات وهناك ربما أكثر من عشرين فرد من قبيلة العزازمة ماتوا وهم في مهام تابعة للمخابرات المصرية, وهم شهداء, ولكن لا أحد لم يعترف لهؤلاء بأنهم شهداء والآن تعيش أسرهم ليس فقط دون تكريم ولكن حتي دون الاعتراف بانتماءهم لمصر.
الراجل بتاع الغطرة, أنا علشان أقف في الكامين أقف ثلاث أو أربع ساعات, وممكن أتحبس يومين أو ثلاثة, التهمة أني لم استخرج خط سير, أنا أريد أن يعترف بي كمصري, التعليم, الصحة, يبقي كل المقومات أستطيع أن أزرع وأنتج واشتغل عندي تعليم وصحة و ابني يستطيع أن يكتب ويقرأ, يمكن بعد الثورة ربنا يسهل
قضية انسانية.. المستقبل!
قبل أن أنهي حديثي لرجال وشباب قبيلة العزازمة, تركت غرفتهم وتسللت قدماي لغرفة مجاورة, حيث تجلس نساء قبيلة العزازمة, غرفة أخري ذات اضاءة ضعيفة لمصباح كهربائي واحد يعمل علي المولد الكهربائي, وأمامها كان ثلاثة من الأطفال يلعبون, أصرت السيدة السيناوية علي دخولي وتقديم الشاي لي, كان جمع من النساء والأطفال منهم السيدة المسنة والسيدة متوسطة العمر والنبي يا أبلة تشدي حيلك معانا علشان الجنسية, عاوزين العيال يروحوا مدارس, وأمي نفسها تحج, لم يستغرق اعداد الشاي الكثير, وعدت أن أقوم بما أستطيع, وغادرت مكان النساء لأجد سائق الأهرام والباحث اسماعيل الإسكندراني في انتظاري للعودة للعريش, علي بعد ما يقرب من ساعة ونصف, تركت أفراد قبيلة العزازمة الذين قابلتهم وفي منتصف الطريق فوجئنا أن هناك سيارة جيب صغيرة تلاحق سيارة الأهرام علي الطريق الصحراوي الخالي, وإذا بها تتجاوزنا وتوقفنا, كان بها الشيخ سالم سويلم عودة شيخ العزازمة يحمل لي النوتة الصغيرة التي بها ملاحظاتي, لنكمل طي الطريق ونصل للعريش وبعده القاهرة في اليوم التالي, عندما ذهب للخريطة لأدقق المعلومات اللازمة حول المكان المحدد لإقامة قبائل العزازمة وجدت أن الخرائط الحالية لا تدل علي شيء, فقط مساحات خالية وهوامش
ولكن في الحقيقة, الهوامش لا تعني الفراغ, الهوامش هي بشر, هي هذه السيدة الشابة التي ليس لها أمنية من الحياة سوي أن يلتحق ابنها بالتعليم, وليس لأمها سوي أمل أن تزور بيت الله الحرام, وليس لزوجها الذي يعمل سائقا للميكروباص سوي ورقة تثبت هويته وتمكنه أن يعمل ويمر من نقاط التفتيش دون أن يتم توقيفه لمدة يومين أو ثلاثة لأنه لا يحمل خط سير.
ليس خافيا أن للقضية أبعادا أخري كما يقول سلامة رجيعي عضو مجلس الشعب القضيه هي أن العناصر والروابط التي تجمع أفراد القبيله علي الجانبين كانت أحد الأسباب التي أدت إلي عدم منحهم الجنسيه لمظنه أن الولاء قد يكون لرابطه الدم دون رابطه الوطن فيتوقع منهم التعامل بازدواجيه مع مصر في حال تجنسهم وهذا أمر ينبغي النظر إليه من كافه الجوانب. الجانب الأول مدي تحقيق الفائدة من تهيئة وضع مستقر لهم علي الجانب المصري وتوفير سبل المعيشة المناسبة والخدمات التي تغنيهم عن النظر الي الجانب الآخر. ومدي الاستفاد منهم في مقتضيات الأمن القومي فيتم من خلالهم التعاون في تأمين وضبط الحدود بدلا من أن يكونوا مصدر قلق وحالة اضطراب تحتاج إلي جهد في المعالجه قد تطول, ولعل من يتم منحهم الجنسيه من أبناء الأم المصرية والأب غير المصري يمكن أن يكون مقياسا لعلاج مثل حالتهم لأن حالتهم تحتاج إلي دراسة من كافه الجهات المعنيه لإتخاذ قرار بشأنها
ولكن أيضا ليس خافيا علي أحد أن تجاهل المشكلات لا يجعلها تختفي, بل فقط يجعلها تتفاقم, هناك مشكلة علي الحدود المصرية الاسرائيلية, مشكلة انسانية قبل أن تكون سياسية, وسياسية قبل أن تكون جغرافية, ويجب ألا يبقي أفراد العزازمة أسري التاريخ والحدود والظروف المعيشية شديدة الصعوبة, فمن حقهم تعليم وعمل وأمل فهم بحكم الواقع مواطنون مصريون حتي لو لم تعترف بهم أوراق المصالح الرسمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.