تعرف على أسعار الذهب مساء السبت 24 مايو 2025    تعرف على أعلى عائد لشهادات الادخار في البنوك المصرية بعد خفض الفائدة    مصر للتأمين تفتح باب التقديم لبرنامج التدريب الصيفي لعام 2025    44 شهيدا فى غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم    أردوغان خلال لقاء مع الشرع: احتلال إسرائيل وعدوانها على الأراضي السورية أمر غير مقبول    موقف تريزيجيه.. تشكيل الريان ضد الغرافة في نهائي كأس أمير قطر    إنفانتينو: رونالدو قد يشارك في مونديال الأندية    حملة تموينية لضبط مخالفات نقص وزن الخبز والدقيق المهرب بمخابز شربين وبلقاس    من سب شرطي مرور للشروع في قتل زميله.. "طفل المرور" يعود من جديد    تأجيل محاكمة متهمي اللجان النوعية    "ملكة جمال الكون" ديو يجمع تامر حسني والشامي    الثقافة بالجيزة تنظم يوما ثقافيا ترفيهيا لمرضى السرطان    ملك المونولوج.. ذكرى رحيل إسماعيل ياسين في كاريكاتير اليوم السابع    تعرف على أسعار حجز الأضاحي بمنافذ الزراعة    البابا لاون يلتقي موظفي الكرسي الرسولي    جامعة أسيوط: متابعة ميدانية لمطاعم المدينة الجامعية للطالبات للتأكد من جودة الوجبات    وزير الداخلية اللبناني: الدولة لن تستكين إلا بتحرير كل جزء من أراضيها    يديعوت: تأجيل تفعيل آلية توزيع المساعدات الأميركية في غزة لأسباب لوجستية    القوات الروسية تسيطر على 3 بلدات في شرق أوكرانيا    بيرو تفتح تحقيقاً جنائياً بحق جندي إسرائيلي بعد شكوى مؤسسة هند رجب    المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تصعد سياسة التهجير والتجويع تمهيدًا لطرد جماعي للفلسطينيين    محافظ قنا يُكرم الشقيقين «أحمد وهبة» لفوزهما بجائزة الدولة للمبدع الصغير    نواب يشيدون بتعديلات قوانين الانتخابات: خطوة نحو برلمان يعبر عن كافة فئات المجتمع    كونتي ضد كابيلو.. محكمة تحدد المدرب الأفضل في تاريخ الدوري الإيطالي    بمشاركة منتخب مصر.. فيفا يعلن ملاعب كأس العرب    هيثم فاروق: بيراميدز الوحيد الذي نجح في إحراج صن داونز بدوري الأبطال    ذا أثليتك: أموريم أبلغ جارناتشو بالبحث عن نادٍ جديد في الصيف    محمد صلاح يعادل إنجاز رونالدو وهنري ودي بروين    النائب مصطفى سالمان: تعديلات قانون انتخابات الشيوخ خطوة لضمان عدالة التمثيل    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء الخطة التدريبية لسقارة للعام المالي الحالي    المانجو "الأسواني" تظهر في الأسواق.. فما موعد محصول الزبدية والعويسي؟    تسجل 44.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس في مصر: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد ل48 ساعة    سقوط عدد من "لصوص القاهرة" بسرقات متنوعة في قبضة الأمن | صور    أزهر كفر الشيخ يختتم أعمال تصحيح الشهادة الابتدائية وجار العمل فى الإعدادية    مغادرة الفوج الأول لحجاج الجمعيات الأهلية بالبحيرة للأراضي المقدسة    أسعار الفراخ البلدي تتراجع 5 جنيهات اليوم السبت (آخر تحديث)    النزول من الطائرة بالونش!    اتحاد الصناعات: الدولة تبذل جهودا كبيرة لتعميق صناعة حديد التسليح محليًا    موقع سفر: المتحف المصرى الكبير نقلة نوعية فى السياحة الثقافية لعام 2025    ماجد المصري يُقبل "يد" هيفاء وهبي بحفلها في دبي (صور وفيديو)    داليا مصطفى: لا أحب العمل في السينما لهذا السبب    متحف الحضارة يستقبل وفداً رفيع المستوى من الحزب الشيوعي الصيني    القارئ السيد سعيد.. صوت من السماء حمل نور القرآن إلى القلوب | بروفايل    رئيس الوزراء يفتتح المقر الرئيسي الجديد لهيئة الإسعاف    استخراج موبايل من معدة مريض في عملية نادرة بالقليوبية    نائب وزير الصحة يبحث مع وفد منظمة الصحة العالمية واليونيسف تعزيز الحوكمة ووضع خارطة طريق مستقبلية    جامعة كفر الشيخ تسابق الزمن لإنهاء استكمال المنظومة الطبية والارتقاء بالمستشفيات الجديدة    مباشر.. أسرة سلطان القراء الشيخ سيد سعيد تستعد لاستقبال جثمانه بالدقهلية    التشكيل الرسمي لصن داونز أمام بيراميدز بذهاب نهائي دوري الأبطال    براتب 20 ألف جنيه.. تعرف على فرص عمل للشباب في الأردن    خلي بالك.. رادارات السرعة تلتقط 26 ألف مخالفة في يوم واحد    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    رئيس جامعة الأزهر: القرآن الكريم مجالًا رحبًا للباحثين في التفسير    المتحدث العسكري: الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن بعد انتهاء زيارته الرسمية لدولة فرنسا    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    الداخلية تضبط المسئول عن شركة لإلحاق العمالة بالخارج لقيامه بالنصب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



« الأهرام» يكشف عن اثنين منها فى الذكرى ال 23 لرحيله
مخطوطات عبقرى مصر جمال حمدان 65 صفحة بخط يده وبأسلوبه الأخاذ
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 04 - 2016

حصل "الأهرام" على صور لأوراق بخط يد عبقرى مصر المفكر جمال حمدان . وتتضمن هذه الأوارق البالغ عددها 65 ورقة بأسلوبه الأخاذ مخطوطين نادرين أصبح مرجحا بعدما عكفنا على تحقيقهما عدة أشهر أن الجغرافى الموسوعى الراحل كتبهما فى النصف الأول من السبعينيات ولم يجر نشرهما من قبل .
وقد خص شقيقه اللواء عبد العظيم حمدان "الأهرام " بهذه الأوراق قبل نحو ثلاثة أشهر وبمناسبة اقتراب حلول الذكرى السنوية الثالثة والعشرين لرحيله الصادم الفاجع الملغز ، والذى يصادف الاحد المقبل. وهذا بعدما منحت أسرة «فلتة» مصر فى الجغرافيا والعلوم الانسانية مقتنياته وأوراقه لمكتبه الأسكندرية كى تفتح بمقرها الرئيسى بالثغر جناحا يحمل اسم "جمال حمدان" قريبا. وعلما بأن اللواء "عبد العظيم" متعه الله بالصحة والعافية هو آخر من تبقى من أشقاء مفكرنا الكبير على قيد الحياة علاوة على شقيقته السيدة "فوزية "، بعدما رحل الدكتور "عبد الحميد صالح حمدان" منذ أيام بسويسرا يرحمه الله .
سطور تشير إلى نظرية جديده فى كتابه المفقود
صفحة من مخطوط مقدمة الكتاب
أول صفحة فى المخطوط الثانى
المخطوط الأول يحمل عنوانا من كلمة واحدة هو "مقدمة" ويقع فى 41 صفحة .و يتبين من صفحته الأولى انه مقدمة لكتاب اختار له صاحبه اسم " فلسطين وأكتوبر " . و كان عالم التاريخ الراحل الدكتور "عبادة كحيلة" تلميذ وصديق جمال حمدان قد أشار فى كتابه عن مفكرنا الصادر من الهيئة العامة للكتاب عام 2013 بعنوان " عبقرية فى الزمان والمكان " الى أن الراحل قبيل الحريق اللغز فى شقته بالدقى يوم 17 ابريل 1993 كان بسبيله الى نشر كتابين .احدهما عن الصهيونية والآخر تطوير لكتابه السابق عن جغرافيا العالم الإسلامى .كما كتب "كحلية" ان حمدان حدثه عن عمل ثالث عن شخصية سورية يسير فيه على نهج سفره الأشهر " شخصية مصر " الصادر فى صورته الأخيرة فى أربعة اجزاء عام 1984 . والاختفاء الملغز لهذه المخطوطات مع الحريق والرحيل أكده لنا شقيقه "اللواء عبد العظيم " .و قال انه شاهد قبيل أيام ثلاثة مخطوطات جاهزة للنشر على مكتبه فى شقته ،ومن بينها مخطوط من ألف صفحة عن الصهيونية . كما اتهم جهاز المخابرات الاسرائيلى بقتل شقيقه وسرقه المخطوطات .
لكن يبدو أن للمخطوط الأول الذى يعرض له الأهرام اليوم لغزا آخر حيث تفيد سطوره بأن المفكر الراحل كتبه فى الفترة الفاصلة بين اتفاقية فصل القوات الثانية على الجبهة المصرية فى الأول من سبتمبر 1975 وبين الحديث عام 1976 عن العودة الى مؤتمر جنيف لسلام الشرق الأوسط. ويقينا فان النص لا يتضمن اى اشارة الى زيارة الرئيس السادات الى القدس فى نوفمبر 1977. وهو على هذا النحو أقرب نصوص الراحل زمنيا الى كتاب "6 أكتوبر فى الاستراتيجية العالمية " الصادر عام 1974 من دار عالم الكتب بالقاهرة . والأرجح ان هذا المخطوط كتبه جمال حمدان بعد نشر كتابه هذا . ويحمل (المخطوط / المقدمة) علامات تفيد بجمع وصف كلماته استعدادا للنشر . لكن يبدو ان أمرا حال دون ذلك او أن مؤلفه تراجع عن نشره . كما لانعرف أين ذهبت مخطوطات فصول الكتاب الأربعة التى تحدث عنها نص هذا المخطوط /المقدمة . لكن المتيقن منه على الأقل أن صفحات كتاب " 6 اكتوبر فى الاستراتيجية العالمية " لاتكرر نص هذه المقدمة أو تحتوى على الفصول التى وعدت القارئ بها . ولعله من المفيد هنا التذكير بما كتب الناقد الكبير الراحل " فاروق عبد القادر " بصحيفة " الحياة " فى 31 أكتوبر 1998 حين رجح فى مقال بعنوان " لماذا رفع جمال حمدان الفصل الأخير من كتابه عن حرب أكتوبر ؟" السبب ذاته الذى اعتقد بانه جعل مفكرنا عازفا عن اعادة طبع كتابه هذا بعد نفاد طبعته الأولى .وقال عبد القادر نصا :" إن فرحة جمال حمدان الغامرة بحدث حرب أكتوبر إنما كانت مشروطة باكماله وانه قال أكثر من مرة أن اكتوبر الخطوة الأولى فى مسيرة تحرير فلسطين واسترداد القدس ".وأضاف :" من حقنا ان نستنتج انه بقدر ما كان فرحه باكتوبر غامرا قدر ما كان ابتئاسه عظيما بما آل اليه .ولعل هذا أيضا ما زاد عزلته وعكوفه واعتزاله الناس وما يعبدون ".
نبوءة زوال اسرائيل
وفى الصفحات الأربع الأخيرة من المخطوط الأول يحدد جمال حمدان طبيعة هذا الكتاب وفصوله . يقول " هو يشمل عدة دراسات سياسية متكاملة فى القضية تفضى الى بعضها البعض فى تداع وتسلسل منهجى ومنطقى بالضرورة . فتبدأ من أكتوبر ومعطياته أو بالأحرى ما بعد أكتوبر ، فلا تنتهى إلا بالبحث عن مستقبل فلسطين / إسرائيل . فتحت عنوان ( ماذا بعد أكتوبر ) نرصد تطورات الأحداث والمواقف السياسية محليا وإقليميا ودوليا ، ثم نستخرج مغزاها ومدلولاتها بالنسبة للمستقبل . ثم تحت عنوان ( مؤتمر جنيف بين سباق التتابع وسباق الحواجز) نستكمل متابعة الصراع الاستراتيجى والتكتيكى بيننا وبين العدو حول امكانات الحل السياسى والتسوية السلمية كما تتمثل فى مؤتمر جنيف .و كيف يحاول العرب ان ان يتخطو المراحل اليه مرحلة بعد أخرى . وكيف يحاول العدو على النقيض ان يقيم العقبات ويضع العراقيل فى الطريق اليه الواحدة بعد الأخرى ".
ويستطرد حمدان مباشرة فى مخطوطه هذا قائلا :" وبعد ان نسبر احتمالات النجاح أو الفشل فى انعقاد المؤتمر واجتماعه ، ثم نتائجه وأعماله ، نناقش احتمالات (الحرب الخامسة) فى دراسة خاصة تحت ذلك العنوان : هل تقوم ، هل لامفر من ان تقوم ، ومتى ، وإذا قامت فما ملابساتها وأوضاعها وأهدافها التى تميزها عن الحرب الرابعة ، وما الرهان فيها وما نتائجها المحتملة ؟ الى آخره ، الى آخره". وعلما بأن كتاب مفكرنا الراحل " 6 أكتوبر فى الاستراتيجية العالمية " كان قد تضمن تحليلا تفصيليا لمجريات هذه الحرب الرابعة فى الصراع العربى الصهيونى على مستوى الاستراتيجية والتكتيك ونتائجها .واختتم بفصلين لاستشراف المستقبل .وجاء نصا فى ختامه : "إن احتمالات نجاح أو فشل مؤتمر جنيف تكاد تكون متساوية ككفتى ميزان .واحتمالات السلام والحرب تبدو مرهفة كحد الموسى . والتنبؤ السياسى بعد ذلك أصعب من أى وقت مضى فى تاريخ الصراع .ولكن الإجابة عند اسرائيل وحدها :هل تستمع للمرة الأولى والأخيرة الى صوت العقل أم تفجر المؤتمر وتنسف السلام ؟"(ص 394).
لكن من الواضح ان المخطوط / مقدمة الكتاب غير المنشور الذى حصل عليه "الأهرام" مع امتلائه بزخم التفاؤل بنتائج حرب أكتوبر يذهب أبعد فى التحليل والتنبؤ ،وهو يحمل وعدا باسهام فكرى يطلق عليه صاحبه " نظرية جديدة " . و ينتهى على هذا النحو :" وأخيرا يختتم الكتاب ببحث مطول فى مستقبل فلسطين واسرائيل على المدى البعيد جدا . والبحث يطرح نظرية جديدة تماما ، مؤداها ان اليهود طوال تاريخهم كانوا مهاجرين يتجهون أبدا نحو الغرب الأقصى ، أقصى الغرب ". ويضيف :" وفى النتيجة أن أمريكا الولايات المتحدة تعد هى ، وليست فلسطين العرب ( أرض الميعاد ) الحقيقة لهم .والحل العملى الوحيد حقا للمأزق التاريخى الجغرافى الخطير الذى وضع اليهود أنفسهم فيه فى الشرق الأوسط إنما هو تهجير الاسرائيليين اليها ليلحقوا بالجذع الأكبر من العائلة فى العالم الجديد ، الوطن الطبيعى لكل من لاوطن له فى العالم القديم .وكل المناقشات والأسانيد والبراهين العلمية التى تدعم النظرية مقدمة ومحللة باستفاضة تامة ودون هروب أو تحيز". ولاشك ان أوراق هذه النظرية المفقودة تعد بمثابة نبوءة عن المستقبل البعيد بزوال إسرائيل .كما هى بالأصل اضافة على جانب كبير من الأهمية لكتيب جمال حمدان الشهير " اليهود انثروبولوجيا" الصادر فى فبراير عام 1967 من دار الكتاب العربى للطباعة والنشر.وقد نسف فى هذا الكتيب بأسانيد علوم الجغرافيا والانثروبولوجيا والتاريخ مزاعم الصهيونية بأن اليهود جنس من الاجناس أو قومية من بين القوميات . وانتهى الى ان يهود العصر الحديث ليس بينهم وبين بنى اسرائيل فى زمن التوراة أى رابط إلا الدين . لكن هذا الكتيب على أهميته وقيمته العلمية لم يتضمن استشرافا لمستقبل اليهود أو نظرية بشأن المستقبل البعيد لجماعاتهم .
وينتهى المخطوط / المقدمة بالفقرة التالية:" ذلك هو برنامج الكتاب . وإن بدا فيه رنة من التفاؤل المفرط أو اتهمه آخر بالخيال المجنح هنا أو هناك ، فله نقول : كلا ، فكل واقع بدأ خيالا وكل أمر واقع كان مجرد فكرة . والتفاؤل الحذر ، المصمم ، المريد ، والفاعل ، شىء يختلف تماما عن التفاؤل التواكلى الساذج . إن التفاؤل ، كالواقعية ،كلمة يمكن أن تعنى النقيضين . وفى ظروفنا الراهنة ، فإن البديل للتفاؤل هو اليأس ، أى الاستسلام ، وإلا فلماذا نناضل ونكافح وفيم العناء؟. والنصر لمن يريد .".
4 كلمات : مصر وفلسطين وأكتوبر والبترول
وباستثناء عرض المخطوط لخطة وفصول الكتاب المفقود فانه يضم نحو أربعين صفحة فيما وصفه كاتبه بأنه "رؤية عريضة للموقف " و" فلسفة عامة للصراع ". وفى هذه الصفحات ثمة أربع كلمات مفتاحية تتكرر على نحو لافت، وهى : مصر وفلسطين وحرب أكتوبر و سلاح البترول . ويفسر جمال حمدان فى البداية اختيار عنوان الكتاب بلغته المبدعة فيقول :" ما من اسم قطر عربى يكهرب العصب الحساس فى الانسان العربى اليوم كاسم فلسطين، وما من يوم من أيام العرب الحديثة يملؤه بالعزة والفخار ككلمة أكتوبر.ونحسب أن الأوان قد آن لكى نضع أكتوبر فى موقعه الدقيق من المعادلة الفلسطينية الأساسية . أى فى موقعه الصحيح من منحنى الصراع كله ".
ويقول :" لأول ( ولآخر ) مرة تحولت القضية من مشكلة لاجئين الى قضية شعب ، ومن أزمة انسانية شاحبة الى قضية سياسية ملزمة مشحونة ، ومن عملية احسان واغاثة واعاشة متبرمة متأففة غير كريمة لكومة من المشردين العاجزين الى ملحمة نضال بطولى لقوة قادرة من المقاومة الوطنية والمحاربين من أجل الحرية وفرضت نفسها على الساحة الدولية ". وبعدما يشير الى فضل حرب اكتوبر على ابراز القضية الفلسطينية كجوهر ولب الصراع يصل الى القول بأن " أكتوبر إذن هو الذى ثور مسار الصراع العربى الإسرائيلى لأول مرة منذ بدأ قبل ربع قرن وأكثر بمثل ما ان قضية فلسطين نفسها هى كما سنرى التى ثورت حياة العرب ووجودهم ومسارهم فى الحقبة الأخيرة ، إنه ( يقصد أكتوبر) أول خطوة صحيحة على الطريق الصحيح الى فلسطين أيا كان قصور الخطوة ومهما طال الطريق . فقط بشرط ان نستكمل الشوط الى مداه بالوسيلة الصحيحة نفسها ". ويضيف :" كل دولة عربية هى ناقصة الحرية مبتورة الاستقلال مادامت فلسطين محتلة ".
وبعد ان يناقش مقولات تحول العرب الى قوة سادسة بعد حرب أكتوبر و علاقة التنمية والدولة العصرية بالوحدة العربية وبقضية فلسطين ينتهى الى القول :" فالواقع انه اذا جمعنا كل هذه المعادلات الجزئية فى معادلة جامعة موحدة لوجدنا ان السياسة العربية المعاصرة إنما تدور حول رءوس مثلث أعظم وأوقع وهو مثلث فلسطين مصر البترول ".وعن مصر تحديدا يقول :" هى مستودع القوة البشرية الطبيعى وخزان الطاقة الحيوية الأول فى المنطقة ،ومن ثم آلة الحرب الأساسية وقلعة العروبة الحامية وقوتها الضاربة .إنها القلعة والحصن والدرع والترس جميعا . ومن هذا الدور الاستراتيجى الفذ بالدقة استمدت ركنا هاما من أركان زعامتها التقليدية فى المنطقة وقيادتها الطليعية لها .باختصار مصر بالجغرافيا والديموغرافيا ،بالتاريخ والحضارة، بالقدر والمنطق، عاصمة العرب استراتيجيا ، وعلى كتفيها وقع عبء الدفاع عن المنطقة كلها عبر التاريخ وآلت اليها بالضرورة مسئولية استرداد فلسطين. أى ان الطريق الى فلسطين يمر حتما وأساسا بمصر . فلاحرب فى المنطقة ولاسلام إلا بها .كما ان مصير فلسطين سيتحدد من خلالها , بل ربما يتقرر مصير التراب الفلسطينى كله على التراب المصرى فى سيناء بالذات ".
وعن دور البترول بعد حرب اكتوبر يقول :" لا مراء فى ان البترول قد لعب أو بدأ يلعب دورا فى الصراع .وحرب أكتوبر خير شاهد حيث ( تسيس) البترول لأول مرة فاصبح سلاحا سياسيا حاسما بعد أن كان ذلك من المستبعد أو الميئوس منه تماما ". لكنه يستدرك :" غير ان هناك شعورا عاما ان فى استطاعة البترول العربى ان يلعب دورا أكبر ويعطى أكثر ويتقدم الى أبعد .ومازال البترول العربى فى نظر الكثيرين، والواقع أيضا ، عضوا يبحث عن وظيفة ، ومازال العمل العربى التحررى يبحث عن المعادلة العادلة التى يتم بها الزواج السعيد والموفق تماما بين القوة البشرية العسكرية المحاربة وبين القوة البترولية الاقتصادية ". ويذهب الى القول بأن " مصر العربية عدا دورها الذاتى المباشر والمركزى فى مهمة التحرير التاريخية هى الحلقة الطبيعية الحتمية بين فلسطين العربية والبترول العربى . فالعرب لن تستعيد فلسطين إلا من خلال مصر أساسا ، ومن خلال مصر فقط يستطيع البترول أن يعمل من أجل فلسطين بفاعلية وكفاءة . وعلى البترول العربى ان يقدم لمصر صندوق (ولانقول منحة) تفرغ تستطيع بواسطته أن تكرس كل طاقتها لمعركة التحرير وأن تتفرغ لادارة الصراع ".
ويعالج المخطوط / المقدمة المستقبل على ضوء احتمالات التسوية فى سياق مؤتمرجنيف قبل ان يذهب الرئيس السادات الى القدس المحتلة فيقول :" لاحل وسطا على الاطلاق . والخيار المطروح أمامنا هو : إما لا اسرائيل وأما ان نعيش عبيد اسرائيل .ومن ناحية أخرى فنحن لانعتقد أن هناك حلا سحريا أو سريا يمكن ان يحسم الصراع بضربة واحدة فى وقت قصير . الصراع بالفعل لأجيال ، ممدود وإن كان غير قابل للتأجيل .لكن بينما يذهب البعض الى المدى الطويل البعيد جدا ، قرونا ربما ، ويذهب البعض الآخر الى المدى القصير القريب جدا ، مجرد سنوات ، فنحن نعتقد فى المدى المتوسط ، بضعة او عدة عقود مثاليا .إن عامل الزمن ليس إستاتيكيا ،بل ديناميكى هو ، والأحرى ان نقول ( سهم الزمن ). وعلينا ان (نضاغطه) قبل ان يضغط علينا ، وأن نترك بعض المشكلة للأجيال القادمة فهذا ضرورة لامفر منها .ولكن أن ننسى أنها تتفاقم وتتراكم وتتضخم ككرة الثلج فإن هذا ليكون جناية ولانقول خيانة الأجيال السابقة على اللاحقة ".
ويعالج جمال حمدان مابدر حينها من خلافات بين الدول العربية حول سبل التسوية فيقول :"فى جميع الحالات لابد من حصر الخلاف فى دائرة التكتيك الاجرائى وداخل إطار الحوار الأخوى ،دون الاستراتيجية الجوهرية وبعيدا عن الشقاق المدمر .إن نصف قوة العرب فى وحدتهم بينما نصف استراتيجية العدو ان يشق هذه الوحدة .وكل لعبة السلام الإسرائيلية الدائرة حاليا تتمحور حول هذا الهدف : تمزيق وحدة العرب . واليوم ونحن على منعطف حرج بين محاولات السلام واحتمالات الحرب فإننا لم نكن أحوج الى وحدة الصف والموقف مما نحن الآن . إن العرب مدعوون هنا والآن الى كلمة سواء ، ويكاد الموقف نفسه ان يصرخ فينا:(ياعرب العالم اتحدوا ، فليس لديكم ما تفقدونه سوى إسرائيلكم !)".
العلاقة مع موسكو بؤرة المخطوط الثانى
ويقع المخطوط الثانى الذى حصل عليه " الأهرام " فى 24 صفحة . ويحمل عنوانا رئيسيا هو :" كشف حساب الأعداء والأصدقاء فى الصراع " ،وآخر جانبى هو :" فى بؤرة أزمة الشرق الأوسط ". ويتبين بقراءة المخطوط انه مقال يركز على العلاقة مع الاتحاد السوفيتى فى مواجهة حملة تستهدفها وتقارنها بمتانة العلاقة بين واشنطن وتل أبيب وبالفوائد التى تجنيها اسرائيل منها . وبهذا النص أكثر من اشارة تفيد بها كتاباته مع مطلع عقد السبعينيات حيث يرد اسم السادات بوصفه " رئيسا ". وبالعودة الى أرشيف الدوريات المصرية فى الهيئة العامة للكتاب وبمراجعة أكثر من ببلوغرافيا بمؤلفات جمال حمدان نستطيع ان نرجح ان هذا النص لم ينشر . وقرائن ذلك تشمل ان مقالات واسهامات مفكرنا غابت حيث اعتاد ان ينشر هكذا مقالات طويلة فى مجلات "الهلال" اعتبارا من مايو 1968و" الكاتب" فى يونيو من العام نفسه . وأيضا اعتبارا من الشهر التالى ( يوليو ) فى مجلتى " الفكر المعاصر " و المجلة". بل يمكن استنتاج ان المقالات السياسية الطويلة لمفكرنا الراحل انقطع نشرها من المجلات والدوريات المصرية العامة جميعها منذ صيف 1968 .وهذا باستثناء مقال يتيم نشرته فى مايو 1976 مجلة " الطليعة " التى كانت تصدر من مؤسسة "الأهرام".ويحمل عنوان :"اعادة بناء القرية المصرية ". كما سألنا الزميل الأستاذ صلاح عيسى عن معرفته بنشر جمال حمدان فى المجلات الثقافية العامة العراقية بالسبعينيات بما فى ذلك "آفاق عربية " المعنية بالدراسات والمقالات السياسية ، حيث كان يراسل بعضها ويتابعها بدقة ، فأنكر هذا الاحتمال مطلقا .
ومن الفقرة الأولى فى هذا المخطوط / المقال الذى حصلت عليه الأهرام يحدد جمال حمدان موقفه الى جانب العلاقة مع الاتحاد السوفيتى ويصفه ب " الصديق " مستنكرا الحملة التى تشكك فى تأييده للقضية العربية ويضعها فى سياق " الحرب النفسية التجويفية التى يشنها معسكر الأعداء". وفى هذا السياق يرد تشخيص إسرائيل بوصفها استعمارا استيطانيا إحلاليا وصراع العرب معها بوصفه حرب تحرير وطنى ودفاع قومى مشروع ضد الاستعمار والامبريالية . ويتمنى جمال حمدان فى هذا المخطوط أن ينجح الإعلام العربى فى ترويج وفرض مصطلح " الصهيونازية " بين الرأى العام العالمى . ويقول :" أن ما بيننا وبين أمريكا هو (صراع قوة ) ، صراع قوى تاريخى ، ومابين أمريكا واسرائيل هو ( التقاء مصالح تاريخى ) . فأمريكا كقمة الرأسمالية العالمية وكوريثة الاستعمار القديم وزعيمة الاستعمار الجديد والامبريالية العالمية منذ الحرب الثانية كان حتميا ان تتصادم مع القومية العربية فى صراعها التاريخى من أجل التحرر والخروج من التبعية ... وإذا نحن أضفنا صراعها الكونى ضد الشيوعية ومع الاتحاد السوفيتى فسنجد ان الصدام بيننا وبين أمريكا كان أمرا مقدرا : إنها اقطاب متنافرة ومن ثم اقدار متصادمة ".
ويناقش المخطوط / المقال العلاقة بين واشنطن وتل ابيب لينتهى الى : " ان اسرائيل تابع وأداة ووسيلة ومخلب قط للولايات المتحدة "و " أن الولايات سياسيا وكأمر واقع صهيونية أكثر من إسرائيل ، ولانقول اسرائيلية أكثر منها أمريكية ". ويضيف :" لقد كنا نقول أن على أمريكا ان تختار بيننا وبين إسرائيل ، لكن الصحيح ان نقول علينا نحن أن نختار بين أمريكا وبين فلسطين ". وينتقل الى العلاقة يبن حركة القومية العربية والاتحاد السوفيتى حينها فيراها " لقاء مبادئ تاريخى ".ويشير الى أن لهذا اللقاء أساسين اثنين : "وحدة النضال ضد الامبريالية ، والاشتراك فى طريق النمو غير الرأسمالى ". وهو يرى أيضا :" أن الاتحاد السوفيتى أول وأقوى ثورة ودولة اشتراكية فى التاريخ وبلاشك اعظم قوة سلامية غير عدوانية وبغير اطماع تقليدية فى عالما المعاصر وربما فى التاريخ ".كما أنه "كسر بمجرد قيامه ووجوده الاحتكار الامبراطورى المطلق القديم ومثل قوة وثقلا موازيا له ، فإنه بحق ومهما كان المعنى السلبى مهندس تضاريس السياسة العالمية الراهنة ، ومن محررى المستعمرات بطريق غير مباشر ومن ثم الصديق الطبيعى لدول التحرر النامية ".
ويبدو أن نظرة جمال حمدان الى موسكو لاتنبع فقط من العلاقات الممتازة التى أقامتها ثورة يوليو وجمال عبد الناصر مع السوفيت وحسب . ففى إسهامات مفكرنا الجغرافى الموسوعى المهمة بعلم الجغرافيا السياسية فى الأصل تطوير لنظرية الانجليزى " ماكيندر" عن " الهارت لاند" ومايسمى قلب العالم ومحوره الرئيسى ما بات يعرف بالاتحاد السوفيتى وأوروبا الشرقية . وكل هذا على نحو شرحه الدكتور كحيلة فى كتابه السابق الاشارة اليه على ضوء كتب حمدان السابقة على كاتبته لهذا المخطوط. ولذا نفهم ماجاء بالمخطوط من "أن الاتحاد السوفيتى كان فى صراع القوة والايديولوجية مع الامبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة يتعرض لحصار قارى شامل وتطويق برى مخطط بعض قواعده ونقط ارتكازه تقع فى الدول النامية .بينما يقع العالم العربى بخاصة على الضلوع والتخوم الجنوبية .وتمثل قواعد الاستعمار فيه بما فيها اسرائيل قاعدة تهديدات مباشرة له ولأمنه .ولقد كان العرب أول من كسروا هذا الطوق واحبطوا استراتيجية الاحتواء والاحاطة والتطويق حين طردوا الاستعمار وصفوا قواعده بارضهم ،ثم حين مدوا أيديهم الى السوفيت فكسروا احتكار السلاح بالمنطقة وتبنوا سياسة عدم الانحياز. والحقيقة ان تقدم العرب الى صداقة الاتحاد كان أول اختراق جذرى ( للحاجز الصحى) الذى ضربه الغرب حوله وصوره خلفه كما لوكان منبوذا معزولا تحت الحجر".
ومن هنا يشخص المخطوط / المقال ما بين الحركة القومية العربية والاتحاد السوفيتى بانه "علاقة غطاء متبادل " وان كانت علاقة " لاتضعهما فى معسكر فكرى واحد أكثر مما يضعنا الكفاح المشترك ضد الامبريالية فى كتلة قوى واحدة ". والى هنا يخلص جمال حمدان الى المقارنة قائلا :" يتضح الفارق فى علاقتنا مع الاتحاد بالقياس الى العلاقة بين العدو الاسرائيلى والولايات . فعلاقتنا علاقات مبادئ وصداقة على قدم المساواة ، حيث علاقة الأعداء علاقات مصالح وتحالف على أساس التبعية والعمالة . وإذا كان هذا يجعل من غير المقبول ان يقارن أحد بين التزامات ومساعدات الاتحاد لنا وبين التزامات ومساعدات الولايات للعدو ، فإن شيئا واحدا مؤكد .وهو أن الأول صديق والثانية عدو ". وينتهى الى القول :" وأخيرا فانه لقاء مبادئ تاريخى ، فإن العلاقة بيننا وبين الاتحاد هى علاقة دائمة طويلة الامد وليست مرحلية .هى استراتيجية بعيدة المدى لاتكتيك عابرا وانتهازيا. وهى فى صراعنا مع جبهة العدو الاسرائيلى الأمريكى صمام أمن وضمان مستقبل ، وعلينا ان نحرص عليها بكل وسيلة .فالسوفيت هم المصدر الوحيد المتاح للحصول على السلاح المكافئ تكنولوجيا لسلاح العدو فى عصر الحرب الألكترونية .وأهم من ذلك انهم المصدر الوحيد الممكن لاقامة صناعة السلاح المتطورة لانتاجه وطنيا ومحليا فى المستقبل على غرار ما يتجه العدو .كذلك لايقل أهمية أنهم المصدر الوحيد للحصول على أسس ومقومات التنمية الاقتصادية العصرية واللحاق بالعصر واعادة بناء واقامة الدولة العصرية التى هى القوة الضاربة الحقيقية فى صراع مصيرى هو فى التحليل الأخير صراع حضارى ".
ولعل ماورد فى هذا المخطوط النادر يساعد فى فهم ما ورد بعد سقوط الاتحاد السوفيتى فى أوراق كراسات جمال حمدان بين عامى 90 و1993 التى نشر شقيقه الدكتور " عبد الحميد" جانبا منها حين ذهب مفكرنا الراحل الى اعتبار ان بداية النهاية للاتحاد السوفيتى كانت هى هزيمة العرب فى يونيو 1967 .وقوله كما ورد فى كتاب الدكتور عبد الحميد " جمال حمدان : صفحات من أوراقه الخاصة تنشر لأول مرة " الصادر من دار الغد العربى بالقاهرة عام 1996 انه "من السفه تلك النظرية المجنونة القائلة بأن السوفيت هم الذين خدعوا مصر والعرب واستدرجوهم الى الحرب والهزيمة " (ص 170).وأيضا يفسر قول حمدان فى أوراق المذكرات نفسها :" جريمة تدمير الاتحاد السوفيتى هى أكبر جريمة سياسية فى التاريخ وأكبر حادثة انتحار جيوبولتيكى فى الجغرافيا السياسية " ( ص 172).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.