أعتقد ان مشروع جسر الملك سلمان للربط بين المملكة هو تجسيد لعمق العلاقات بين البلدين، والرؤية الإقليمية المشتركة التى ترى أن الجسر هو بوابة اقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجى عبر شمال المملكة الى إفريقيا ،وقد كانت فكرة إنشاء جسر بين المملكة ومصر مطروحة لأكثر من مرة أهمها عام 2004م حيث أعلن وزير النقل الأسبق عصام شرف عن رغبة البلدين لإنشاء جسر بينهما، ثم ظهرت على السطح مرة أخرى بعد حادث غرق العبارة «السلام 98» فبراير 2006. إن مشروع الربط بين المملكة، وسيناء يأتى فى إطار رؤية استراتيجية لتنمية إقليمية، تهدف الى التكامل العربى الإقليمي، وقد كان رفض مبارك مستنداً على رأى رجال الأعمال فى منطقة شرم الشيخ، برغم اتفاق مبارك المسبق مع جلالة الملك فهد حول إنشاء الجسر فى أحد لقاءات القمة العربية، وقد ارجع اللواء صلاح المحرزى الوكيل السابق للمخابرات رفض مبارك ، لوجود ضغوط أمريكية إسرائيلية والأخيرة تخشى الآثار السلبية لهذا الجسر على أوضاعها الاقتصادية والإستراتيجية . وعن تفاصيل هذا المشروع الذى اختير أفضل مكانة له بمعرفة الاستشاريين المتخصصين عربيا وعالميا وبالتحديد عند مدخل خليج العقبة. حيث يبدأ الجسر عند نقطة شمال شرق شرم الشيخ ليصل إلى الشاطئ الشرقى لمنطقة رأس حميد بالسعودية عبر جزيرة تيران، ومنه الكوبرى المعلق الذى يمر فوق الفتحة الملاحية لمضيق تيران ويمكن تنفيذ المشروع العملاق - كما يرى الخبراء - فالجزء المعلق فى المرحلة الأولى بين الشاطئ المصرى وجزيرة تيران وهو أمر فى متناول التكنولوجيا الهندسية، حيث أمكن إنشاء كوبرى معلق فى اليابان طوله 2 كلم ، وأيضا إنشاء كوبرى معلق بين صقلية وإيطاليا بطول 3300 متر، وآخر بين السويد والدنمارك- ثم يلى الكوبرى المعلق طريق برى فوق جزيرة تيران طوله نحو 5كم، ثم مرحلة أخرى من جزيرة تيران إلى الشاطئ السعودى حوالى 14 كلم فوق مياه ضحلة. وتستخدم تقنية تناسب طبيعة المنطقة مما يتطلب المزج بين تقنية الجسور المعلقة والتقليدية والركامية. وضمن فكرة المشروع أن يتم مد خط سكك حديدية لقطار ينقل المسافرين والبضائع لكلا الجانبين ،كما يمكن أن تزدهر منطقة المشروع على الجانبين بالمشروعات السياحية والخدمية ، وأكد الخبراء أن الجسر يقع خارج شرم الشيخ والمطار بأكثر من 6 كيلو مترات، وبين آخر حدود المطار والبداية البحرية للجسر فى شمال خليج نبق وهى كيلو متر و750 متراً، يمكن زيادتها إذا كان هناك تأثير ما، أى أن الجسر سيبعد خارج شرم الشيخ نحو 8 كيلو مترات، وأكد الخبراء كذلك على أن الجسر لن يؤثر فى بيئة شرم الشيخ وهناك حزمة من الأبعاد الإستراتيجية الإقليمية لجسر الملك سلمان. البعد الأول : يختصر هذا المشروع العملاق زمن الرحلة عبر خليج العقبة إلى 25/30 دقيقة فقط عابرا لخليج العقبة ، وتبلغ تكلفة هذا المشروع 3 مليارات دولار لن تدفع مصر أو السعودية منها شيئا، بعد أن تقدمت سبع شركات عالمية لتنفيذ وتمويل المشروع . وقد أكدت كل الدراسات أنه يمكن استرداد تكلفة هذا المشروع خلال مدة تتراوح بين 8 و10 سنوات، كما تتلخص تفاصيل استرداد التكلفة فى رسوم عبور الحجاج والمعتمرين والسياح والعاملين فى دول الخليج، وبحسب الخبراء الاقتصاديين فإن أهم الموارد لهذا المشروع يمكن أن تأتى من تصدير النفط السعودى إلى الأسواق الأورربية.البعد الثاني: أن الجسر داعم لبناء حلم السوق العربية المشتركة فالعلاقة بين مصر والسعودية على تمثل العلاقة الأكثر تميزا، لذا فإن الجسر، هو جسر صلة الرحم التاريخية بين البلدين، من شأنه أن يتجاوز فواصل الجغرافيا، من أجل استعادة أواصر التاريخ المشترك الذى بين البلدين. كما أن مسألة مد جسر يؤدى إلى اتصال برى مباشر بين المشرق العربى (دول الخليج والشام والعراق) من جانب والطريق الدولى على الساحل الشمالى الإفريقى . البعد الثالث : وهو البعد العربى الإقليمى الذى يحققه الجسر من تواصل إقليمى بين آسيا وشمال أفريقيا ومن هنا تأتى الرؤية الإقليمية للمثلث الذهبى ( طريق الحرى/ جبل على / سيناء.. وفى القلب تبوك ) أسوة بالمشروعات الدولية ( متعددة الجنسيات ) وهذه المصالح المشتركة من شأنها أن تهدئ بؤر الصراع الإقليمية، و تقطع السبيل على المشروعات الإقليمية الصراعية المتمثلة فى مشروع قناة إيلات الملاحية متعدد الأهداف التوسعية.ويثور جدل حول تنفيذ الجسر: من أن المشروع يحتاج لتعديل فى بنود اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية وهو ليس صحيحا، فالمشروع يخضع مبدئيا للعلاقات المباشرة بين مصر والسعودية، وبالتالى فانه من الناحية القانونية ليس من حق أحد الاعتراض عليه لأنه يخص البلدين فقط، ويدخل فى نطاق الأمن القومى المصرى. لمزيد من مقالات د. عبد الغفار عفيفى الدويك