نقيب محامين المنيا: تنفيذ الإضراب في 4 دوائر.. ورؤساء المحاكم يؤجلون الجلسات لدور انعقاد جديد    في رابع محطات جولاته الأوروبية.. البابا تواضروس يصلي قداس «عيد مارمرقس» بالتشيك    اختيار رئيس جهاز حماية المنافسة المصري لعضوية المجلس المُسيِّر لشبكة المنافسة الدولية    مشروع تطوير عواصم المدن يستهدف إنشاء 500 ألف وحدة سكنية    سامي الشريف: السعودية تتصدر الدول العربية في تقديم الخدمات الصحية الرقمية    العرابي: مصر تبذل كل ما بوسعها لتحقيق الأمن والاستقرار في محيطها الإقليمي    الدخان الأسود يتصاعد مجددًا من الفاتيكان مع عدم إتمام عملية انتخاب البابا الجديد    تشكيل الأهلي المتوقع أمام المصري البورسعيدي في دوري نايل    ارتكبوا 3 وقائع مشابهة.. القبض على المتهمين بسرقة كابلات كهربائية بالقاهرة    شديد الحرارة ويصل ل40 درجة.. بيان الأرصاد يكشف حالة الطقس غدًا الجمعة    عاجل - تحديد موعد دفن الإعلامي صبحي عطري في دبي بعد 21 يومًا من وفاته    فيلم نجوم الساحل يفاجيء أحمد داش ومايان السيد.. تعرف على السبب؟    عاجل- رئيس الوزراء يزور المجمع الطبي النموذجي بطنطا لدعم خدمات التأمين الصحي    المستشفى الإندونيسي في غزة يطلق نداء استغاثة: ساعات قليلة وينفد الوقود    جامعة أسيوط تحصد 11 جائزة في "مهرجان إبداع 13"    الصحة: المرور على 145 منشأة طبية خاصة للتأكد من استيفاء الاشتراطات الصحية    ميدو يتحدث عن.. رحيل بيسيرو.. تعيين الرمادي.. عودة زيزو.. وتحذير لأحد المسؤولين    خالد بيبو: كولر كان يحلم بقيادة الأهلي بمونديال الأندية.. وظلم 5 لاعبين    فابينيو: لاعبو اتحاد جدة لا يختفون أثناء اللحظات الحاسمة    وزير الري: كاميرات لقياس التصرف على ترعة الإسماعيلية    قرار رسمي يحدد ضوابط التصوير داخل مينائي الإسكندرية والدخيلة    نائب محافظ الأقصر يكرم رائدات الأعمال بمبادرة "ست ب100 ست".. صور    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    الزراعة: صادرات مصر من العنب تخطت حوالى 181.1 ألف طن فى 2024    بعد جدل الساعات المعتمدة، رئيس جامعة القاهرة يكشف ل فيتو نظام الدراسة ب«الجامعة الأهلية»    نقابة المحامين تُصعِّد: متابعة دقيقة لإضراب شامل احتجاجًا على الرسوم القضائية الجديدة    القبض على طالب اعتدى على طفل بعد استدراجه بمدينة الشيخ زايد    الجريدة الرسمية تنشر قرارات رد الجنسية المصرية ل42 شخصا    جثة ال17 طعنة.. المؤبد للمتهمين في جريمة «السلاكين» بنجع حمادي    حملة مكبرة في بورسعيد تصادر زينة حفلات الزفاف من الشوارع -صور    جامعة عين شمس تضع 10 إجراءات لضمان سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني بنجاح    وزير خارجية إيران: زيارتي للهند تهدف لإنشاء لجنة اقتصادية مشتركة    تفاصيل الأزمة الكاملة بين أسرة محمود عبد العزيز وبوسي شلبي    وزير الثقافة: وضع أسس علمية ومهنية لإنتاج محتوى درامي يرتقي بالذوق العام    قادة بالفطرة.. 5 أبراج يتألقون تحت الضغط هل أنت من بينهم؟    رسالة ماجستير بجامعة الأزهر حول "معالجة الإعلام الصهيوني لقضايا العرب" الاثنين    بوتين: التبادل التجارى مع الصين بلغ أكثر من 244 مليار دولار    أمين الفتوى يكشف عن 3 حالات لا يجوز فيها الزواج: ظلم وحرام شرعًا    جامعة المنيا الأهلية تُنشئ منظومة اختبارات إلكترونية وتُجهز 4 معامل لكلية الذكاء الاصطناعي    "الصحة": تخريج الدفعة الثالثة من برنامج "مرشدى تعافى الإدمان"    الصحة العالمية تكشف أهداف حملة اليوم العالمى للامتناع عن التبغ لعام 2025    وزير الصحة يبحث مع نقيب التمريض تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    الحماية المدنية تسيطر على حريق نشب بهيش داخل أرض فضاء بالصف.. صور    قسم الأمراض العصبية والنفسية بجامعة أسيوط ينظم يوما علميا حول مرض الصرع    هجوم بطائرات درون على مستودعات نفطية في ولاية النيل الأبيض بالسودان    سعر جرام الذهب اليوم فى مصر الخميس 8 مايو 2025.. تراجع عيار 21    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الخميس 8-5-2025 صباحًا للمستهلك    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    الكرملين: محادثات بوتين وشي جين بينج في موسكو ستكون مطولة ومتعددة الصيغ    البرلمان الألماني يحيي ذكرى مرور 80 عامًا على انتهاء الحرب العالمية الثانية    بروشتة نبوية.. كيف نتخلص من العصبية؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على ملخص احداث مسلسل «آسر» الحلقة 28    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    خبر في الجول - أشرف داري يشارك في جزء من تدريبات الأهلي الجماعية    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاج السلطنة
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 05 - 2012

الرجل محب الخير والعدل‏,‏ بعد أن استفزه الظلم الذي يعم العالم‏,‏ وقف وحيدا في الصحراء‏,‏ وأمامه الرمال والكثبان والجبال الراسيات‏,‏ وقال بصوت قوي فيه تضرع وابتهال أريد أن أحقق العدل للناس.. أريد أن أصنع الخير لكل الناس.. ربت علي كتفه شيخ مسن بوجه صبوح, تبسم في وجهه وأشار بإصبعه تجاه الصحراء المترامية وهو يقول له اسع في أرض الله الواسعة.. فستجد مبتغاك وكما ظهر اختفي الشيخ فجأة, فهام صاحبنا علي وجهه مخترقا الصحراء, أيام كثيرة مرت ومسافات طويلة قطعها حتي وجد مدينة كأنها تسبح علي حقول خضراء, دخلها فوجدها في هرج ومرج, الرجال يتسابقون تجاه مكان ما, النساء يزغردن في حبور وهن سائرات خلفهم, سار في إثرهم حتي لحق بهم عند الساحة الكبيرة للمدينة, كانت تتلبسهم حالة من الوجد الصوفي وهم يشكلون دوائر كبيرة, تتراقص أجسادهم وهم في مكانهم ينظرون تجاه السماء, اندس بينهم متحيرا, سأل أقربهم إليه عما يحدث, كان الجار منشغلا تماما عنه فلم يجبه, سأل الذي بجواره من الجهة الأخري, ترفق به الرجل عندما علم أنه غريب, أخبره بصوت خفيض أن هذا يوم تنصيب السلطان الجديد الذي سيحقق العدل والخير للناس, وأن علامة تنصيبه أن يتبرز الغراب علي رأسه ثلاث مرات, أحس صاحبنا أنه دخل في مدينة للمجانين لكنه لم يتورط بالتعليق, وفجأة ارتفع صوت الناس عندما شاهدوا أسراب الغربان تحوم فوقهم, انطلقت الرجاءات والتوسلات.. من فضلك يا غراب اقترب وتبرز علي رأسي.. أنا أحب الخير للناس.... لا تخذلني أيها الغراب الجميل كالمرات السابقة ها هو رأسي تحت امرتك فتبرز عليه حتي أقيم العدل بين الناس..كاد صاحبنا يضحك من توسلاتهم المذلة لولا انه احس بشيء رطب يفترش رأسه, والناس يصفقون ويهللون, بعضهم يقبله وبعضهم يقولون له: أنت الآن ثلث سلطان...اثبت في مكانك عل الغربان تكمل عليك بركتها, ويبدو أن الغراب أعجب برأسه المستديرلانه عاد وتبرز عليه مرة ثانية فأصبح ثلثي سلطان, لكن تأخر عنه الغراب في المرة الثالثة مما جعله يناشده بجنون أن يتبرز علي رأسه ليصبح سلطانا كاملا, وقد كان ومنحه الغراب ما يتمناه, وتم تتويجه في حفل أسطوري كبير, ثم حملوه إلي قصر السلطان ليقيم العدل بينهم.
تنعم صاحبنا بالجاه والسلطان وحرص في بداية حكمه علي تحقيق العدل ودرء الظلم عن المواطنين, وعندما مر نصف العام تنبه إلي موعد التتويج التالي فربي مجموعة كبيرة من الغربان فوق سطح القصر, واهتم بها اهتماما كبيرا لدرجة أنه كان يطعمها ويسقيها بنفسه, ولما حل يوم التتويج ردت له الغربان جميله وتبرزت علي رأسه فاحتفظ بتاج السلطنة, وهنا أصبح شغله الشاغل أن يملأ قصره والحدائق الملحقة به بالغربان, وصار يطعمها أفضل الأطعمة ويسقيها من أفضل الأنهار, كما خصص لها بعض الحدائق لتكون ملاعبها الخاصة, وحذر الناس من مطاردتها أو إيذائها, ونعمت الغربان بالخير وبالغ الناس في وصفها وقالوا إن الواحد منها أصبح في حجم الديك الرومي..
وفي العام الرابع من حكمه احتفالا بتتويجه مرة أخري, أصدر فرمانا يلزم كل فرد من أفراد شعبه بتربية الغربان في أفضل غرفة من مسكنه, والاعتناء بها وتدليلها وتغذيتها تغذية جيدة, وأن تعلق صور السلطان علي جدران الغرف التي تعيش فيها الغربان, حتي تتذكره ولا تخذله في يوم التتويج, وكثرت الغربان جدا واحتلت سماء المدينة فحولتها إلي سماء سوداء معتمة, وخفتت كل الأصوات بالمدينة وساد صوت نعيقها الذي أصبح يحول بين سماع الزوج إلي حليلته, والأخ إلي أخته, والابن إلي أبيه, وكبرت الغربان أكثر حتي بعضها في حجم البقرة, غير قادر علي الطيران, ويسير متهاديا في الطرق من فرط بدانته, وتوحشت الغربان جدا فأفنت حقول القمح والذرة, وطاردت الحيوانات الأليفة والطيور الداجنة, ثم تمادت أكثر وهاجمت الناس في مساكنهم وأكلت من مطابخهم ونامت علي أسرتهم, وعندما ضج منها الشعب قدموا الشكاوي المتتالية إلي مقر السلطنة, ولما لم يسمع السلطان لشكاوي أفراد شعبه, ترك أغلبهم المدينة وهاجر إلي مدن أخري, وفي يوم التتويج الجديد, وقف السلطان وحيدا في الساحة الكبيرة للمدينة, وحامت فوق رأسه كل غربان المدينة القادرة علي الطيران ثم أمطرته ببرازها, فمات وسط غائطها.
مضمون هذه الحكاية للكاتب التركي الرائع عزيز نيسين وقد أعدت كتابتها بتصرف لضيق المساحة, والكاتب عزيز نيسين الذي توفي عام 1995, يعتبر من أفضل كتاب الكوميديا السوداء في العالم ورغم شهرته الواسعة في العالم فإن أن بلده تركيا لم يعطه من حقه سوي القليل,وكذلك لا يعرفه في العالم العربي إلا القليل, فتحية له علي ابداعه الجميل, وتحية أخري للشاعر المصري الجميل الذي ذكرني بعزيز نيسين وأعماله زين العابدين فؤاد صاحب أجمل قصائد المقاومة والنضال ومنها بيت شعره الشهير مين يقدر يحبس ساعة مصر وقصيدته الفلاحين بيغيروا الكتان بالكاكي.. ويغيروا الكاكي بتوب الدم التي أشاد بها شاعرنا الكبير مأمون الشناوي وقال انها من أجمل ما كتب عن حرب أكتوبر, وقد كتبها زين في أول أيام حرب اكتوبر 1973 وهو مجند بالقوات المسلحة, يقاتل بين صفوفها, فتحية له بسبب صموده ونبله وبمناسبة بلوغه سن السبعين في الشهر الماضي.
المزيد من مقالات مكاوى سعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.