تعليم القاهرة تعلن مواعيد العام الدراسي الجديد 2025-2026 من رياض الأطفال حتى الثانوي    20 نوفمبر أولى جلسات محاكمته.. تطورات جديدة في قضية اللاعب أحمد عبدالقادر ميدو    عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025 بعد الارتفاع القياسي    المتهم باغتيال تشارلي كيرك يمثل أمام المحكمة لأول مرة (فيديو)    جوتيريش: ما يحدث في غزة مدمّر ومروع ولا يمكن التساهل معه    وسط إشادة بالجهود الأمريكية.. السعودية ترحب بخارطة الطريق لحل أزمة السويداء    3 شهداء في قصف إسرائيلي على منزل وسط قطاع غزة    وزير الدفاع السعودي ولاريجاني يبحثان تحقيق الأمن والاستقرار    السعودية تجدد دعوتها للمجتمع الدولي إنفاذ القرارات الدولية وتنفيذ حل الدولتين    إيران: أمريكا لا تملك أي أهلية للتعليق على المفاهيم السامية لحقوق الإنسان    أكلة فاسدة، شوبير يكشف تفاصيل إصابة إمام عاشور بفيروس A (فيديو)    «الجو هيقلب» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس : انخفاض درجات الحرارة وسقوط أمطار    دون إصابات.. انقلاب سيارة نقل "تريلا" بالطريق الزراعي في القليوبية    منال الصيفي تحيي الذكرى الثانية لوفاة زوجها أشرف مصيلحي بكلمات مؤثرة (صور)    مصرع شاب وإصابة اثنين آخرين في حادث تصادم موتوسيكل وسيارة نقل بمركز بدر بالبحيرة    الصورة الأولى للشاب ضحية صديقه حرقا بالشرقية    السيطرة على حريق هائل نشب بمطعم الشيف حسن بمدينة أبوحمص بالبحيرة    محافظ جنوب سيناء يشيد بإطلاق مبادرة «صحح مفاهيمك»    أسعار الخضار في أسوان اليوم الأربعاء 17 سبتمبر    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الاربعاء 17-9-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    خبير أمن معلومات: تركيب الصور بالذكاء الاصطناعي يهدد ملايين المستخدمين    رئيس جامعة المنيا يشارك في اجتماع «الجامعات الأهلية» لبحث استعدادات الدراسة    د.حماد عبدالله يكتب: البيض الممشش يتلم على بعضه !!    أسعار طبق البيض اليوم الاربعاء 17-9-2025 في قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 17-9-2025 في محافظة قنا    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    أمين عمر حكما لمواجهة الإسماعيلي والزمالك    حرق من الدرجة الثانية.. إصابة شاب بصعق كهربائي في أبو صوير بالإسماعيلية    التعليم تكشف حقيقة إجبار الطلاب على «البكالوريا» بديل الثانوية العامة 2025    زيلينسكي: مستعد للقاء ترامب وبوتين بشكل ثلاثي أو ثنائي دون أي شروط    بالصور- مشاجرة وكلام جارح بين شباب وفتيات برنامج قسمة ونصيب    "يانجو بلاي" تكشف موعد عرض فيلم "السيستم".. صورة    سارة سلامة بفستان قصير وهيدي كرم جريئة .. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    «دروس نبوية في عصر التحديات».. ندوة لمجلة الأزهر بدار الكتب    مبابي: مباراة مارسيليا تعقدت بعد الطرد.. ولا أفكر في أن أكون قائدا لريال مدريد    بسبب زيزو وإمام عاشور.. ميدو يفتح النار على طبيب الأهلي.. وينتقد تصريحات النحاس    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    انخفاض بدرجات الحرارة، الأرصاد تعلن طقس اليوم    بعد تضخم ثروته بالبنوك، قرار جديد ضد "مستريح البيض والمزارع"    مروان خوري وآدم ومحمد فضل شاكر في حفل واحد بجدة، غدا    تدريبات فنية خاصة بمران الزمالك في إطار الاستعداد لمباراة الإسماعيلي    اليوم، الفيدرالي الأمريكي يحسم مصير أسعار الفائدة في سادس اجتماعات 2025    أعراض مسمار الكعب وأسباب الإصابة به    كاراباك يصعق بنفيكا بثلاثية تاريخية في عقر داره بدوري الأبطال    4 أيام عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    سعر السمك البلطي والسردين والجمبري في الأسواق اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    مي عز الدين تهنئ محمد إمام بعيد ميلاده: «خفة دم الكون»    قبول الآخر.. معركة الإنسان التي لم ينتصر فيها بعد!    يوفنتوس ينتزع تعادلًا دراماتيكيًا من دورتموند في ليلة الأهداف الثمانية بدوري الأبطال    داليا عبد الرحيم تكتب: ثلاث ساعات في حضرة رئيس الوزراء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    على باب الوزير    قافلة طبية مجانية بقرية الروضة بالفيوم تكشف على 300 طفل وتُجري37 عملية    حتى لا تعتمد على الأدوية.. أطعمة فعالة لعلاج التهاب المرارة    يؤثر على النمو والسر في النظام الغذائي.. أسباب ارتفاع ضغط الدم عن الأطفال    ليست كلها سيئة.. تفاعلات تحدث للجسم عند شرب الشاي بعد تناول الطعام    فيديو - أمين الفتوى يوضح حالات سجود السهو ومتى تجب إعادة الصلاة    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاج السلطنة
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 05 - 2012

الرجل محب الخير والعدل‏,‏ بعد أن استفزه الظلم الذي يعم العالم‏,‏ وقف وحيدا في الصحراء‏,‏ وأمامه الرمال والكثبان والجبال الراسيات‏,‏ وقال بصوت قوي فيه تضرع وابتهال أريد أن أحقق العدل للناس.. أريد أن أصنع الخير لكل الناس.. ربت علي كتفه شيخ مسن بوجه صبوح, تبسم في وجهه وأشار بإصبعه تجاه الصحراء المترامية وهو يقول له اسع في أرض الله الواسعة.. فستجد مبتغاك وكما ظهر اختفي الشيخ فجأة, فهام صاحبنا علي وجهه مخترقا الصحراء, أيام كثيرة مرت ومسافات طويلة قطعها حتي وجد مدينة كأنها تسبح علي حقول خضراء, دخلها فوجدها في هرج ومرج, الرجال يتسابقون تجاه مكان ما, النساء يزغردن في حبور وهن سائرات خلفهم, سار في إثرهم حتي لحق بهم عند الساحة الكبيرة للمدينة, كانت تتلبسهم حالة من الوجد الصوفي وهم يشكلون دوائر كبيرة, تتراقص أجسادهم وهم في مكانهم ينظرون تجاه السماء, اندس بينهم متحيرا, سأل أقربهم إليه عما يحدث, كان الجار منشغلا تماما عنه فلم يجبه, سأل الذي بجواره من الجهة الأخري, ترفق به الرجل عندما علم أنه غريب, أخبره بصوت خفيض أن هذا يوم تنصيب السلطان الجديد الذي سيحقق العدل والخير للناس, وأن علامة تنصيبه أن يتبرز الغراب علي رأسه ثلاث مرات, أحس صاحبنا أنه دخل في مدينة للمجانين لكنه لم يتورط بالتعليق, وفجأة ارتفع صوت الناس عندما شاهدوا أسراب الغربان تحوم فوقهم, انطلقت الرجاءات والتوسلات.. من فضلك يا غراب اقترب وتبرز علي رأسي.. أنا أحب الخير للناس.... لا تخذلني أيها الغراب الجميل كالمرات السابقة ها هو رأسي تحت امرتك فتبرز عليه حتي أقيم العدل بين الناس..كاد صاحبنا يضحك من توسلاتهم المذلة لولا انه احس بشيء رطب يفترش رأسه, والناس يصفقون ويهللون, بعضهم يقبله وبعضهم يقولون له: أنت الآن ثلث سلطان...اثبت في مكانك عل الغربان تكمل عليك بركتها, ويبدو أن الغراب أعجب برأسه المستديرلانه عاد وتبرز عليه مرة ثانية فأصبح ثلثي سلطان, لكن تأخر عنه الغراب في المرة الثالثة مما جعله يناشده بجنون أن يتبرز علي رأسه ليصبح سلطانا كاملا, وقد كان ومنحه الغراب ما يتمناه, وتم تتويجه في حفل أسطوري كبير, ثم حملوه إلي قصر السلطان ليقيم العدل بينهم.
تنعم صاحبنا بالجاه والسلطان وحرص في بداية حكمه علي تحقيق العدل ودرء الظلم عن المواطنين, وعندما مر نصف العام تنبه إلي موعد التتويج التالي فربي مجموعة كبيرة من الغربان فوق سطح القصر, واهتم بها اهتماما كبيرا لدرجة أنه كان يطعمها ويسقيها بنفسه, ولما حل يوم التتويج ردت له الغربان جميله وتبرزت علي رأسه فاحتفظ بتاج السلطنة, وهنا أصبح شغله الشاغل أن يملأ قصره والحدائق الملحقة به بالغربان, وصار يطعمها أفضل الأطعمة ويسقيها من أفضل الأنهار, كما خصص لها بعض الحدائق لتكون ملاعبها الخاصة, وحذر الناس من مطاردتها أو إيذائها, ونعمت الغربان بالخير وبالغ الناس في وصفها وقالوا إن الواحد منها أصبح في حجم الديك الرومي..
وفي العام الرابع من حكمه احتفالا بتتويجه مرة أخري, أصدر فرمانا يلزم كل فرد من أفراد شعبه بتربية الغربان في أفضل غرفة من مسكنه, والاعتناء بها وتدليلها وتغذيتها تغذية جيدة, وأن تعلق صور السلطان علي جدران الغرف التي تعيش فيها الغربان, حتي تتذكره ولا تخذله في يوم التتويج, وكثرت الغربان جدا واحتلت سماء المدينة فحولتها إلي سماء سوداء معتمة, وخفتت كل الأصوات بالمدينة وساد صوت نعيقها الذي أصبح يحول بين سماع الزوج إلي حليلته, والأخ إلي أخته, والابن إلي أبيه, وكبرت الغربان أكثر حتي بعضها في حجم البقرة, غير قادر علي الطيران, ويسير متهاديا في الطرق من فرط بدانته, وتوحشت الغربان جدا فأفنت حقول القمح والذرة, وطاردت الحيوانات الأليفة والطيور الداجنة, ثم تمادت أكثر وهاجمت الناس في مساكنهم وأكلت من مطابخهم ونامت علي أسرتهم, وعندما ضج منها الشعب قدموا الشكاوي المتتالية إلي مقر السلطنة, ولما لم يسمع السلطان لشكاوي أفراد شعبه, ترك أغلبهم المدينة وهاجر إلي مدن أخري, وفي يوم التتويج الجديد, وقف السلطان وحيدا في الساحة الكبيرة للمدينة, وحامت فوق رأسه كل غربان المدينة القادرة علي الطيران ثم أمطرته ببرازها, فمات وسط غائطها.
مضمون هذه الحكاية للكاتب التركي الرائع عزيز نيسين وقد أعدت كتابتها بتصرف لضيق المساحة, والكاتب عزيز نيسين الذي توفي عام 1995, يعتبر من أفضل كتاب الكوميديا السوداء في العالم ورغم شهرته الواسعة في العالم فإن أن بلده تركيا لم يعطه من حقه سوي القليل,وكذلك لا يعرفه في العالم العربي إلا القليل, فتحية له علي ابداعه الجميل, وتحية أخري للشاعر المصري الجميل الذي ذكرني بعزيز نيسين وأعماله زين العابدين فؤاد صاحب أجمل قصائد المقاومة والنضال ومنها بيت شعره الشهير مين يقدر يحبس ساعة مصر وقصيدته الفلاحين بيغيروا الكتان بالكاكي.. ويغيروا الكاكي بتوب الدم التي أشاد بها شاعرنا الكبير مأمون الشناوي وقال انها من أجمل ما كتب عن حرب أكتوبر, وقد كتبها زين في أول أيام حرب اكتوبر 1973 وهو مجند بالقوات المسلحة, يقاتل بين صفوفها, فتحية له بسبب صموده ونبله وبمناسبة بلوغه سن السبعين في الشهر الماضي.
المزيد من مقالات مكاوى سعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.