صكوك الأضاحى 2024 محافظة مطروح.. الأسعار    الأمل كفعل مقاومة    نائبة «حماة الوطن» تثمن إعلان مصر دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل    مانشستر سيتى القوى نحو لقب آخر    رد حاسم من «فيفا» على الاتحاد المصري لكرة القدم في قضية الشيبي والشحات    ضبط 8 أطنان أسمدة قبل بيعها في السوق السوداء بالفيوم    الرئيس السيسي: خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت والصحابة    «ثقافة الشيوخ» تناقش اقتراح لإنشاء متحف شمع لعظيمات مصر.. والحكومة: تكلفته باهظة    مصر تعتزم دعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية    يوفنتوس بالقوة الضاربة في مواجهة يوفنتوس بالدوري الإيطالي    تفاصيل اعلان وزارة الداخلية قبول دفعة جديدة بمعاهد معاوني الأمن.. فيديو    "جنايات قنا" تقضي بالمؤبد على سائق بتهمة قتل زوجته    غدًا.. وزير العمل: طرح مشروع قانون العمل على "الحوار الاجتماعي"    وظائف في 50 شركة ومؤسسة.. انطلاق الملتقى التوظيفي الأول لجامعة طيبة التكنولوجية في الأقصر    "أثر الأشباح" للمخرج جوناثان ميليت يفتتح أسبوع النقاد بمهرجان كان السينمائي    بعد تصدرها التريند..تعرف على عدد زيجات لقاء سويدان    أمينة الفتوى: سيطرة الأم على ابنتها يؤثر على الثقة والمحبة بينهما    رئيس جامعة طنطا يتفقد أعمال تنفيذ مشروع مستشفى الطوارئ الجديد    اسكواش.. نتائج منافسات السيدات في الدور الثاني من بطولة العالم    فرحة في الكامب نو.. برشلونة يقترب من تجديد عقد نجمه    قائد الجيش الأوكراني: الوضع في خاركيف تدهور بشكل كبير    إعلام النواب توافق على موازنة الهيئة الوطنية للصحافة    موعد عيد الاضحى 2024 وكم يوم إجازة العيد؟    الدورى الإسبانى.. قاديش يعزز من فرص تواجده فى الليجا بالفوز على خيتافى    الصحفيين تعلن فتح باب الحجز لعدد 75 وحدة سكنية فى مدينة السادس من أكتوبر    "العيد فرحة وأجمل فرحة".. موعد عيد الاضحى المبارك حسب معهد البحوث الفلكية 2024    أحمد عز يصور «ولاد رزق.. القاضية» بحلوان.. متبقي 3 أيام للانتهاء منه    الثلاثاء.. مناقشة رواية "يوم الملاجا" لأيمن شكري بحزب التجمع    إصابة 8 أشخاص فى حادث انقلاب ميكروباص فى ترعة ببنى سويف    لجنة حماية الصحفيين: نشعر بالقلق جراء إفلات إسرائيل من العقاب    المفتي يحذر الحجاج: «لا تنشغلوا بالتصوير والبث المباشر»    «تعليم النواب»: موازنة التعليم العالي للسنة المالية الجديدة 2024/2025 شهدت طفرة كبيرة    لحماية صحتك.. احذر تناول البطاطس الخضراء وذات البراعم    الصحة: الجلطات عرض نادر للقاح أسترازينيكا    تعرف على أماكن اختبارات الطلاب المتقدمين لمعهد معاوني الأمن لعام 2024    إعلان خلو مقعد الراحل عبد الخالق عياد من الشيوخ وإخطار الوطنية للانتخابات    في العالمي للتمريض، الصحة: زيادة بدل مخاطر المهن الطبية    جامعة الأقصر تخطط لإنشاء مستشفى وكليتي هندسة وطب أسنان    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات بأفغانستان إلى 315 شخصًا    المشاهد الأولى لنزوح جماعي من مخيم جباليا شمال غزة هربا من الاجتياح الإسرائيلي    مظاهرات الجامعات توقظ ضمير العالم    مجلس الشيوخ يقف دقيقة حدادًا على النائب الراحل عبد الخالق عياد    هشام آمنة: 256 مليون جنيه لتطوير منظومة إدارة المخلفات بالمنوفية    بعد توجيهات الرئيس بتجديدها.. نقيب الأشراف: مساجد آل البيت أصبحت أكثر جذبا للزائرين    ضبط دقيق مدعم وكراتين سجائر قبل بيعها بالسوق السوداء في المنيا    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل سائق توك توك وسرقته في الفيوم لعدم حضور الشهود    البورصة تخسر 25 مليار جنيه في ختام تعاملات أول الأسبوع    مجلس الجامعات الخاصة يكشف قرب الانتهاء من إنشاء 7 مستشفيات    تطورات قضية زوج المذيعة أميرة شنب.. وقرار جديد من المحكمة    وزير الخارجية: لن نكتفى بالتحدّث وسنتخذ إجراءات عملية تضمن تنفيذ ما نطالب به    البريميرليج يقترب من النهاية.. من يحسم اللقب؟    بايرن ميونخ يستهدف التعاقد مع مدرب "مفاجأة"    «الداخلية»: ضبط 4 عاطلين بتهمة سرقة أحد المواقع في أسوان    بنك ناصر يطرح منتج "فاتحة خير" لتمويل المشروعات المتناهية الصغر    أسيوط: إزالة 8 تعديات على أراضي زراعية ومخالفات بناء بمراكز أسيوط وصدفا وحي شرق    الإفتاء: توضح حكم سرقة التيار الكهربائي    إسلام بحيري يرد على سبب تسميه مركز "تكوين الفكر العربي" ومطالب إغلاقه    الصحة: تطوير وتحديث طرق اكتشاف الربو وعلاجه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«سيما أونطة.. هاتوا فلوسنا»

وجدت أن أقرب تعبير عما أريد الحديث عنه هو لغة السينما .. فى إحدى القرى الصغيرة فى إيطاليا جنوب صقلية، كان يعيش أحد زعماء المافيا المشهورين، وقد قام هذا الرجل بقتل زوجته، ويروى الفيلم أن الرجل كان لديه ببغاء، وأن هذا الطائر شاهد وسمع واقعة القتل، وظل طول الوقت يردد صرخة الزوجة الأخيرة قبل أن تموت «أنت قاتل.. أنت قاتل»، وكان زعيم المافيا كلما دخل أو خرج من منزله يشيعه ذلك الببغاء بتلك الصرخة وبصوت يشبه صوت زوجته المذبوحة..
قرر الرجل فى النهاية أن يذبح الببغاء، وبالفعل قام بذبحه وطهيه، ووضعه ضمن أطعمة أخرى على المائدة ودعا أهل القرية للعشاء.. وحين جلسوا حول المائدة كانوا ينظرون للببغاء المشوى بفخر، لأنهم كانوا جميعاً يعرفون بالجريمة، ولكنه كان الوحيد الذى جرؤ على الكلام..
مازلت أتذكر تلك الليالى الجميلة فى دور السينما الصيفية المفتوحة، حين كان يتم عرض ثلاثة أفلام أحياناً، وفى الغالب كان يتم إعادتها مرة أخرى.. وفى بعض الأحيان كانت آلة العرض تتعطل أو يكون الشريط رديئاً فيقفز بين الأحداث أو يتوقف تماماً.. وعندها كان الحضور يدقون الأرض بأقدامهم احتجاجاً وهم يهتفون فى عزم : «سيما أونطة.. هاتوا فلوسنا»..
تذكرت كل ذلك بينما كنت أشاهد فى التليفزيون فيلماً مصرياً كلاسيكياً بالأبيض والأسود، حيث انتهى الفيلم كالعادة نهاية سعيدة.. انتصر الخير على الشر.. سرحت بخيالى طويلاً مفكراً: هل يمكن أن يكون لدينا حل سينمائى لأوجاعنا الحاضرة.. أم أن سبب أوجاعنا هو تلك الحلول السينمائية ؟ » ..
الأوجاع كثيرة.. أقربها ذلك الشاب الإيطالى الذى مات فوق أرضنا بشكل وحشى وغامض.. كان عاشقاً لمصر، مثل إيطالى تاريخى آخر مارك أنطونيو- عشق كليوباترا ومات على أرضنا ..
كيف مات؟ ولماذا تشوه جثمانه بهذا الشكل الرهيب؟ ومن له المصلحة فى قتله؟ أسئلة كثيرة.. فى البداية كانت الإجابة سهلة «حادث سير»، نفس الإجابة التى حملها جثمان الشهيد محمد الجندي.. لكن يبدو أن «الطلاينة» لم يبلعوا الحكاية، فتغير السيناريو إلى شاهد عيان جلس فى احدى الفضائيات يروى بتفصيل كيف أنه رأى الشاب الإيطالى ومعه شاب آخر «متعضل»، و.. و.. تفصيلات دقيقة وكأنه ينقل صوتا وصورة.. ومرة أخرى تتوارى الحكاية مثل فيلم سخيف، حيث تراجع الشاهد عن أقواله، واختفى تماماً، وكأنما كان الذى رواه حلم ليلة صيف..
ولا نعرف هل أجرى التحقيق معه ومع المذيع الذى استضافه كى يتم الكشف عن بعض الجوانب المظلمة لهذه القضية.. لقد كان ذلك الشاهد يتحدث بثقة كبيرة عما رآه ، وكان المذيع يمهد له ويصحح الرواية كلما بدا أنها تبتعد عن المعقول.. من أين أتى ذلك الشاهد، ومن الذى لقنه تلك الحكاية التى لا تختلف عن أى فيلم سينمائي.. والأهم أين ذهب ذلك الشاهد ؟
عندما استضافتنى إحدى الفضائيات لمناقشة الأبعاد المختلفة للحادث المذكور، وبينما كنت ومعى زميل سفير مخضرم آخر نحاول جاهدين تحليل الوضع واقتراح أفضل السبل للتعامل مع ردود الفعل الدولية، انهالت الاتصالات الهاتفية »التلقائية« على البرنامج من مواطنين شرفاء، أحدهم يحمل لقب خبير أمني، حيث قذفونا باتهامات مخيفة منها العمالة والتمويل الأجنبى والأجندات، بينما تفضل الخبير الأمنى بالإشارة بشكل تهديدى أنه يعرف معلومات عنى وعن زميلى السفير العزيز ، بينما تفضل سيادته بسرد تاريخ انتهاك حقوق الإنسان والتعذيب فى أمريكا منذ «الهنود الحمر» وحتى معتقل جوانتانامو.. ومن المثير للانتباه أن كل الاتصالات «التلقائية» لم تتضمن مواطناً شريفاً واحداً يبدى اقتناعه بما ذكرناه ..
لا يمكن لأحد دون أدلة أن يتهم أى جهاز رسمى مصرى بتعذيب وقتل الشاب الإيطالي، لكننى لم أفهم اللغة المستخدمة للدفاع عن النفس بأسلوب السيد الخبير الأمنى المذكور، والذى نسى أن يعاير ايطاليا بأنها لا تعرف حتى الآن من الذى قتل مارك أنطونيو؟
لقد فوجئ العالم ببيان يصدر فى ساعة متأخرة يتحدث عن اكتشاف المجرمين الذى قتلوا الشاب الإيطالي، وكانت التفاصيل مثيرة، فقد تم قتل المجرمين جميعاً فى سيارة ميكروباس، لكن وجدت بعض متعلقات الضحية »الطلياني« لدى شقيقة أحد المجرمين.. ولم يمر وقت طويل، حتى بدأت المصادر الرسمية فى وزارة الداخلية تتراجع عن اتهام هؤلاء القتلى.. وإن لم تقدم حتى الآن تفسيراً لوجود تلك المتعلقات ومنها حقيبة الضحية وهواتفه ونقود وقطعة من الحشيش ..
لقد وجدت نفسى فى نهاية البرنامج التليفزيونى المشار إليه أعلاه، وفى مواجهة الاتهامات التى كالها «المواطنون الشرفاء» الذين اتصلوا «بشكل تلقائي«، لم أجد سوى الاستعانة بصناعة السينما، حيث ذكرت أن ما تناوله الحديث والاتصالات يكشف عن ثلاثة احتمالات: الأول يحمل اسم فيلم «خلى بالك من زوزو»، وخاصة أغنية «الجو بديع والدنيا ربيع ، قفلى على كل المواضيع »، وهو ما يعنى «حالة إنكار كاملة».. أو الاحتمال الثانى الذى يمكن أن يحمل اسم فيلم «الزوجة الثانية»: «الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا.. وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم»، وهو ما يعنى «السعى لتستيف الأوراق بشكل أو بآخر».
أما الاحتمال الثالث فهو يحمل بعض السمات من دولة أسيوية شهيرة منغلقة عن العالم، أذاع تليفزيونها الحكومى مراسم فوز فريقها لكرة القدم بكأس العالم.. وهذا ما لم يحدث فى الواقع .. لكن إعلام هذه الدولة أحتفل بهذا الفوز .. واحتفل الشعب معه.. وأظن أن هذا الاحتمال الأخير قد يؤدى إلى حالة «سيما أونطة» أو الحقد على «الببغاء».. ولله الأمر من قبل ومن بعد .
مساعد وزير الخارجية الأسبق
لمزيد من مقالات السفير معصوم مرزوق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.