وسط تعثر العملية السلمية بتوقف عملية المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل التي وصلت إلي عامها التاسع عشر منذ اتفاقية أوسلو 1993. تدور عجلة الأستيطان لتلتهم المزيد من اراضي الضفة الغربية, ويتوحش التهويد في القدسالشرقية ومحيطها حتي تصل مساحة القدس إلي 72 كيلو مترا مربعا بدلا من 6 كيلومتر عام 67, وتنتشر في أحياء القدس القديمة المدارس التوراتية والحدائق التلمودية والرموز اليهودية, كما يظل التهديد بأنهيار المسجد الاقصي قائما في ظل تصاعد حملة الانفاق والحفريات تحت الأرض أسفل المسجد الاقصي والمرواني, وأسفل مسجد قبة الصخره, الذي يعتقد اليهود بوجود الهيكل المزعوم اسفله حتي وصل الحفر الي اربعة مستويات بأعماق تصل إلي 60 مترا, وتحويل الانفاق إلي مزار سياحي يشرح فيه اليهود قصة هيكل سليمان من وجهة النظر الإسرائيلية, بينما عمليات الحفر مازالت مستمره. تأتي اليوم الثلاثاء 15 أيار الذكري ال64 للنكبة, التي احتلت فيها إسرائيل أراضي فلسطينية عام 1948, وطردت السكان قسرا واستولت علي ممتلكاتهم بعد أن ارتكب العصابات الصهيونية مجازر مروعة راح ضحيتها عشرات آلاف الفلسطينيين. وأعلنت قيام دولة اسرائيل وتحتفل الدولة الصهيونية بما يسمي يوم الاستقلال, ولكن في المدن الفلسطينية تعلق اللافتات التي تحمل يوم استقلالهم يوم نكبتنا, وفي هذا اليوم يتذكر اصحاب الحق النكبة التي تجسد أول موجة تهجير وإبعاد قسري للفلسطينيين من أرضهم وما تر تب عليه من فقدان للهوية وتكريس واستمرارية للصراع, ومحاولات محو شعب بأكمله, وتدمير مستقبل مستقر للشعب الفلسطيني والشعوب العربية. ويتذكر الفلسطينيون في هذا اليوم أن إسرائيل احتلت معظم أراضي فلسطين وطردت ما يزيد علي 750 ألف فلسطيني تحولوا إلي لاجئين, بعد أن ارتكبت عصاباتها عشرات المجازر وأعمال النهب, ودمرت نحو 221 قرية تدميرا شاملا ونحو 134 قرية تدميرا جزئيا, بينما لم تتمكن من الوصول إلي 11 قرية. وحسب معطيات الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء, إن نسبة اللاجئين الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية بلغت 44.0% من مجمل السكان المقيمين في الأرض الفلسطينية, بينما بلغ عدد اللاجئين المسجلين لدي وكالة الغوث, نحو 4.8 مليون لاجئ فلسطيني, يشكلون ما نسبته 43.4% من مجمل السكان الفلسطينيين في العالم, ويتوزعون بواقع 60.4% في كل من الأردن وسوريا ولبنان, و16.3% في الضفة الغربية, و23.3% في قطاع غزة. ورغم أن حق العودة للاجئين الفلسطينيين مثبت في أحكام القانون الدولي, وجري تأكيده في العديد من القرارات الدولية, وبشكل خاص قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 (1948), وفي قرار مجلس الأمن الدولي رقم 237 (1967), إلا انه لم يتم تنفيذها بعد, ناهيك عن أنه لا يوجد سبيل أمام المهجرين واللاجئين الفلسطينيين, لمقاضاة إسرائيل لنيل حقوقهم. ومنذ ايام حذر تقرير رسمي إسرائيلي قدم إلي حكومة بنيامين نتنياهو من احتمال اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة خلال العام الجاري, سواء من خلال قرار تتخذه القيادة الفلسطينية أو في إطار احتجاجات شعبية متأثرة بموجة الثورات التي يشهدها العالم العربي. وجاء بالتقرير الذي أعده مركز الأبحاث السياسية بالخارجية وهو هيئة استخبارية أنه بهذه المرحلة لاتوجد إرادة لدي القيادة أو الرأي العام الفلسطيني لتصعيد عنيف ضد إسرائيل, ولكن مع استمرار الجمود بالعملية السياسية إلي جانب عمليات إسرائيلية شديدة علي المستوي العسكري والاقتصادي واستمرار العاصفة في الشرق الأوسط, فقد يؤدي إلي تغيير بهذا التوجه. كما يعتبر التقرير أن القيادة الفلسطينية لا تري في حكومة إسرائيل شريكة بالإمكان التقدم معها بعملية سلام, وزعم أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قرر تدويل الصراع من خلال العمل علي زيادة ضلوع المجتمع الدولي فيما يجري بالضفة الغربية وقطاع غزة, كما حذر تقرير خارجية إسرائيل من فتور العلاقات مع كل من الأردن ومصر, مشيرا إلي أن النظام الأردني يعمل علي الحفاظ علي اتفاق السلام والعلاقات الوثيقة مع المستويات الاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية, لكنه يحمل الحكومة مسئولية الجمود السياسي. إن الهدوء الحالي المسيطر علي منطقة الضفة الغربية يخفي وراءه عاصفة كبيرة, وأشار التقرير إلي ذكري الخامس عشر من أيار حيث يحيي الفلسطينيون الذكري ال64 للنكبة, مضافا إلي ذلك, الإضراب عن الطعام الذي أعلنه نحو 2000 أسير فلسطيني منذ 17 نيسان أبريل الماضي, وفي حال وفاة أحد هؤلاء الأسري المضربين عن الطعام حتي ذكري يوم النكبة فإن هذه الذكري ستكون بداية انتفاضة شعبية عارمة.