وزير السياحة يطالب بالتوسع في استخدام الطاقة النظيفة لتحويل المدن السياحيه لخضراء    لتوفير السلع ودعم الاقتصاد المحلي.. إنشاء منافذ ومعارض دائمة للأسر المنتجة بأسيوط    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقتحم مناطق بالضفة ويعتقل 22 فلسطينيا.. وينكّل بعامل مخبز    آينتراخت ضد البايرن.. دياز وكين يقودان البافاري لانتصار جديد    أرتيتا يكشف سر فوز أرسنال على وست هام    نجم دورتموند يدخل حسابات برشلونة    الداخلية تكشف حقيقة محاولة اختطاف طفلة بالقليوبية    تغيرات مفاجئة ونشاط للرياح.. تفاصيل حالة الطقس حتى يوم الجمعة المقبل    تامر حسني يغني أغنية حكاية مسرح في حفل افتتاح مهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح    «الخشت»: جذور التجديد في الإسلام منذ عهد الخلفاء الراشدين    حركة فتح لبرنامج كلمة أخيرة: خطة ترامب مهمة لإيقاف الحرب وإعادة الإعمار    التعليم العالي: تنظيم ورشة العمل الوطنية للتدريب على بيانات ومؤشرات التعليم بالتعاون مع اليونسكو    «الصحة» تطلق النسخة الخامسة من مؤتمر «قلب زايد» بمشاركة نخبة من خبراء أمراض القلب في مصر    بمشاركة مصطفى محمد.. نانت يتعادل سلبيا مع بريست    7 ساعات نقاش.. اللجنة الخاصة "للإجراءات الجنائية"توافق على تعديل المواد محل اعتراض الرئيس.. وتعد تقريرًا لعرضه على مجلس النواب    غدًا .. عرض 4 أفلام نادرة مرمَّمة توثّق لنصر أكتوبر المجيد    "أحكام التعدي اللفظي والبدني..التحرش نموذجًا" ضمن مبادرة "صحح مفاهيمك" بأوقاف الفيوم    روسيا: إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن على إيران "خطأ فادح"    شريف العماري: الزواج السري يجعل الزوجة تعيش في حالة خوف واختباء من أبنائها ومعارفها    السكة الحديد ترفع قيمة غرامات الركوب بدون تذكرة على القطارات فى هذه الحالات    نائب وزير الصحة يوفر سيارة إسعاف لنقل مريض للمستشفى ويتوعد المتغيبين عن العمل    هيئة الدواء لإكسترا نيوز: صدّرنا أدوية بأكثر من مليار دولار خلال 2024    افتتاح فرع جديد للخط الساخن لمكافحة الإدمان لأول مرة بالسويس لعلاج المرضى مجانا    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد القومسيون الطبي العام استعدادا لانتخابات مجلس الشعب    اللواء خالد مجاور محافظ شمال سيناء: «أرض الفيروز 2030» مركز لوجيستى وتجارى عالمى    مركز الزرقا يروي المسطحات الخضراء ويُنعش وجه المدينة الحضاري    المدير الرياضى للأهلى ل «الأخبار»: احتراف الشحات مرفوض وعبدالقادر يرحب بالتجديد    الشوط الأول| بايرن ميونخ يضرب فرانكفورت في الدوري الألماني    "المواجهة والتجوال" يحتفي بانتصارات أكتوبر من سيناء    بطلة مصر للسباحة بالزعانف: أحلم بحصد أكبر عدد من الميداليات ببطولة العالم    نزال: خطة ترامب تؤجل الاعتراف بدولة فلسطين رغم دعم دول كبرى لها    أمل الحناوي: ترحيب عربي ودولي واسع بموافقة حماس على خطة ترامب    مات والدها فحاولت الانتحار حزنا عليه بالشرقية    «النهر الجديد».. شريان أمل تشقه مصر في زمن المشهد المائي المربك    حزب السادات يدعو لإحياء ذكرى نصر أكتوبر أمام ضريح بطل الحرب والسلام بالمنصة    ضبط عدد من قضايا الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    أقوى عرض لشحن شدات ببجي موبايل 2025.. 22،800 UC مجانًا    "بداية أسطورية ل Kuruluş Osman 7" موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عثمان على قناة الفجر الجزائرية    أسعار البنزين والسولار السبت 4 أكتوبر 2025    مواقيت الصلاه اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    طوفان بشري.. مئات الآلاف يتظاهرون في برشلونة ضد الإبادة الجماعية في غزة والاحتلال الإسرائيلي    استقبل تردد قناة صدى البلد دراما 2025 الجديد على نايل سات    انتهاء الشوط الأول بالتعادل السلبي بين طلائع الجيش والجونة    أضرار الزيت المعاد استخدامه أكثر من مرة.. سموم خفية    أبرز إنجازات خالد العنانى المرشح لمنصب مدير اليونسكو    السيسي يتابع توفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الجديدة.. فيديو    " سي إن بي سي": توقعات باستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي حتى 14 أكتوبر وسط تعثر المفاوضات    قوافل طبية وغذائية لدعم الأسر المتضررة من ارتفاع منسوب مياه النيل بدلهمو بالمنوفية    وزير الزراعة يعلن تحقيق الصادرات الزراعية المصرية 7.5 مليون طن حتى الآن    طرح النهر يغرق ومصر تُجيد إدارة الفيضان.. خطة استباقية تُثبت كفاءة الدولة في موازنة الأمن المائي وسلامة المواطنين    الرعاية الصحية ببورسعيد بعد إجراء جراحة دقيقة: التكنولوجيا الصحية لم تعد حكرا على أحد    ننشر أسماء المرشحين للفردى والقائمة للتحالف الوطني ببنى سويف للانتخابات البرلمانية 2025 (خاص)    هالة عادل: عمل الخير وصنع المعروف أخلاق نبيلة تبني المحبة بين البشر    بينهم طفلان.. 6 شهداء في قصف الاحتلال غزة وخان يونس    مصرع سيدتين وإصابة 7 في حادث تصادم مروّع بالفيوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    موعد انخفاض أسعار الطماطم في الأسواق.. الكيلو وصل 35 جنيه    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشروع العربى هو الحل

تكشف الأزمات العربية الراهنة، وبالذات الأزمات التى تعتصر الدول الوطنية العربية (القطرية) التى باتت مهددة فى وجودهها بإعادة التقسيم أو بالتفتيت جنباً إلى جنب مع كل ما يتعرض له النظام العربى من محاولات حثيثة لتفكيكه استعداداً لفرض نظام آخر بديل عن مجموعة من الحقائق المهمة: أولى هذه الحقائق، أن الدولة الوطنية العربية، سواء كانت ليبرالية وديمقراطية، أو كانت مستبدة وتسلطية، سواء كانت جمهورية، أو كانت ملكية أثبتت أنها ليست فقط عاجزة عن تحقيق التقدم وفرض نفسها ضمن معادلات النظام العالمى كشريك فى الإنتاج ومن ثم كشريك فى القرار، بل أضحت غير قادرة على حماية وجودها والتصدى لمحاولات إعادة تقسيمها.
ثانية هذه الحقائق، أن هذه الدولة الوطنية لم تستطع بتحالفاتها الدولية، سواء كانت مع الغرب الرأسمالى بقيادته الأمريكية، أو مع الشرق السوفيتى السابق وما بعده، أو بتحالفاتها الإقليمية مع تركيا أو مع باكستان أو إيران، أن تحقق أهداف الاستقرار والتماسك السياسى أو تحقيق التقدم الاقتصادى والاجتماعى والمكانة الإقليمية والدولية. لقد كانت هذه التحالفات أدوات للتغلغل وفرض التبعية ونهب الثروات وقضم الأراضي، وفرض الاستعلاء والاستكبار سواء كان عالميا أو إقليميا.
ثالثة هذه الحقائق، أن مشروع «الإسلام السياسي»، بشتى تلاوينه سواء كان إخوانيا، أو كان جهادياً سلفيا تحول إلى التكفير (داعش والقاعدة وتفريعاتهما)، أو كان شيعيا طائفيا ممتد الولاء نحو طهران وولاية الفقيه، لم يحفظ للدولة الوطنية تماسكها الاجتماعى والسياسي، وكان أحد أهم أسباب وأدوات إعادة التفتيت والتقسيم وتهديد الوجود الوطنى لهذه الدول، فضلا عن أنه أخذ يهدد هويتها الحضارية القومية العربية، ويضرب نظامها العربى فى العمق بطرح مشروعات الخلافة الإسلامية متباينة الرؤي. رابعة هذه الحقائق، أن العروبة والمشروع القومى العربي، هما الضمان الأهم، وربما الوحيد، لبقاء وجود الدولة الوطنية العربية ذاته، لكن العروبة، كهوية، والمشروع القومى العربى كمرتكز لن يستطيعا تحقيق ذلك دون ربط شرط الوحدة، كأساس جوهرى للمشروع، بشروط التقدم الحضارى والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. كما أن امتلاك هذه الشروط لا يكفى أيضاً لتحقيق الأهداف دون مواجهة مصادر تغذية الدعوة التقسيمية لدولنا العربية.
هناك ثلاثة مصادر تغذى وتدفع بمخططات إعادة التقسيم والتفتيت للدول العربية وتفكيك النظام العربى وانفراطه. أول هذه المصادر هو المخططات الاستعمارية الغربية المندمجة مع المشروع الصهيونى الاستعمارى الاستيطانى التى تربط بين نجاح فرض السيطرة الغربية على وطننا العربى بالإمعان فى تقسيمه وتجزئته وفرض الدولة اليهودية فى فلسطين كأهم أدوات ذلك التقسيم وتلك السيطرة، وهو المشروع الذى أخذ يتجدد فى السنوات الأخيرة عبر مسميات متعددة ودعاوى لإطلاق الصراعات العرقية والطائفية فى الدول العربية، ويعبر عن نفسه الآن بدعوة الفيدراليات فى سوريا والعراق كمقدمة لتجديد مشروع إعادة التقسيم.
ثانى هذه المصادر، هو الدولة التسلطية العربية المستبدة والفاشلة والعاجزة التى أجهضت فرص التقدم وهددت التماسك الوطنى والاجتماعي، وكانت أهم وسائل الانخراط العربى فى التبعية للغرب، وهى التى أدت بسياساتها تلك، إلى اضمحلال قدرات الدول العربية وتحولها إلى دول فاشلة وعاجزة وقابلة للانفراط، وحفزت المكونات الاجتماعية العرقية والطائفية للتمرد والانخراط فى مخططات إعادة التقسيم.
ثالث هذه المصادر هى ، تيارات الإسلام الجهادى التكفيرية، التى وجدت فرصتها سانحة مع اندلاع مشروع الثورات والانتفاضات وانقضت على حلفائها التقليديين من نظم الحكم التسلطية والمستبدة، وانطلقت لفرض مشروع »الخلافة الإسلامية« بإعطاء الأولوية لإسقاط الدول وأنظمة الحكم القائمة، وتفجير المجتمعات من الداخل بتكفيرها سعياً وراء إقامة دولة «الخلافة الإسلامية».
بهذا المعنى فإن الخيار القومى لن يكون فى مقدوره أبداً مواجهة مخططات ومشروعات إعادة التقسيم والتفكيك دون إستراتيجية لمواجهة هذه المصادر الثلاثة للخطر. ولن تكتمل المشروعات العربية لمواجهة مخاطر إعادة التقسيم والتفكيك دون استراتيجيات عربية متكاملة للنهوض السياسى والاقتصادى والعسكرى والاجتماعى العربي، ودون توفير شرطين أساسيين يتوقف عليهما تجديد فرص واحتمالات النهوض العربي. الشرط الأول هو القيادة العربية القادرة على تحمل مسئوليات النهوض بالعمل العربى الوحدوى المشترك نحو تحقيق الأهداف. فلابد من خلق قيادة عربية يكون فى مقدورها تفعيل القدرات العربية واستنهاض الطاقات والعمل مجدداً فى اتجاه إعادة التوحيد بعد مواجهة موجات الانفراط. والشرط الثانى هو التوافق العربى على أجندة عمل عربية ذات أولويات محددة، أجندة عمل للإنقاذ حتما سيأتى على رأس أولوياتها الدفاع عن وحدة وتماسك الدولة الوطنية العربية والحيلولة دون انفراطها، إضافة إلى طرح مشروع لنظام عربى يؤسس ل »اتحاد عربي« يضع نصب أعينه هدف تحقيق التكامل العربى الاقتصادى والسياسي. هذان الشرطان سيبقيان مرهونين بتأسيس »حركة تحرر عربية شعبية وحدوية وديمقراطية«، تعمل جنباً إلى جنب مع القيادة الرسمية للنظام العربي، على استنهاض الوعى والقدرات العربية للدفاع عن وجود وتماسك الدولة الوطنية العربية وتجديد الطموح نحو الاتحاد الذى يقود إلى وحدة العرب.
هذه الحركة الجديدة يجب أن تكون شعبية بقدر ما تكون ديمقراطية وأن تمتد فى عضويتها لتشمل كل القوى والتيارات والأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى المؤمنة بوحدة الأمة والحريصة على دعم وجود الدولة العربية والمعادية لسياسات ودعوات ومخططات إعادة التقسيم والتفكيك للدول العربية، وهى التى تكون ما تسميه الآن «الكتلة التاريخية» التى يقع عليها مسئولية التصدى لكل هذا الخطر، الوصول إلى تكوين هذه «الكتلة التاريخية» يتم عبر حزمة من الآليات التى باتت ضرورية إن لم تكن حتمية أولى هذه الآليات الوصول إلى وفاق وطنى داخلى يجمع كل القوى صاحبة المصلحة فى الدفاع عن الوطن وأمنه وسلامته، ضمن صياغة مشروع سياسى وطنى جديد يؤمن المشاركة السياسية، دون تخوين، لكل من لم ينخرط فى أية سياسات عدائية لدولته، وكل من تصدى ورفض كل اعتداء خارجى على هذا الوطن. هذا التوافق الوطنى لن يتحقق دون مصالحة وطنية فى الدول التى شهدت صراعات داخلية على السلطة طيلة السنوات الخمس الماضية، مصالحات تقوم على المصارحات والشفافية وصدق النوايا فى الدفاع عن أمن الوطن واستقراره ووحدته. ثانية هذه الآليات ربط النضال الوحدوى بالنضال الديمقراطى مدعوما بالنضال من أجل العدل الاجتماعي، فهذه النضالات الثلاثة لم يعد من الممكن الفصل بينها: ديمقراطية عدالة اجتماعية وحدة.
ثالثتها: طرح مفهوم «الديمقراطية التشاركية» الذى يؤمن مشاركة شعبية حقيقية فى السياسة والحكم من خلال انخراط الأحزاب والمنظمات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى واتحادات النقابات المهنية والعمالية فى أدوار تتعلق بالاقتصاد والإنتاج والسياسة العامة للدولة، بحيث تكون كل هذه القوى وعاء للعمل الوطنى المشترك القادر على ضمان حقوق عادلة فى الثروة والسلطة لكل الشعب بمكوناته السياسية والاجتماعية والثقافية. فالديمقراطية الليبرالية سقطت بسقوط النظام الرأسمالى بعد أن أضحى هذا النوع من الديمقراطية مفعما بالتزوير للإرادات منذ أن تحول إلى «ديمقراطية من يملكون».
رابعتهاً: الربط بين هذه الحركات الوطنية التحررية داخل الأوطان مع مثيلاتها فى الأقطار العربية الأخرى بحيث يتحقق تحالف شعبى عربى عريض يضم كل التيارات الفاعلة فى المجتمعات العربية، والقادرة على التوحد على مشروع عربى للنهوض الحضارى وتحمل مسئولية السعى إلى تحقيقه من خلال تكوين شبكة متكاملة من أدوات التعامل الجماهيرية الشعبية والثقافية والإعلامية تكون قادرة على توظيف كل أدوات الاتصال ومعتمدة على قاعدة واسعة من المفكرين والمبدعين والشباب والطلائع العربية تحمل مسئولية الانتصار للمشروع العربى وتجديده وتطويره والترويج له.
لمزيد من مقالات د. محمد السعيد إدريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.