الأمل .. كلمة غابت عن حياة الكثيرين، فهناك من فقد إيمانه بها ، وهناك من يستهزأ عند سماع من يرددها ، وهناك من يؤكد أنها موجودة فقط في الأحلام أو في القصص الخيالية!! قد يمتلك هؤلاء أسباباً موجعة دفعتهم لعدم الإعتقاد في وجود الأمل ، إلا أنني لا أتفق معهم وأؤمن وبشدة بوجود الأمل رغم كل ما يعترضنا من عثرات أو خيبات !! نعم الأمل موجود وسيظل حتي تقوم الساعة . سيبقي الأمل حياً يرزق في قلوب أصحاب الطاقات الإيجابية الذين قد لا يتصدرون المشهد لأسباب كثيرة أهمها أنهم أصحاب أفعال لا أقوال ، فقط حاول عزيزي القارئ أن تبحث عنهم وتقترب منهم لتنهل من نبع تفاءلهم ومثابرتهم وحماستهم المفعمة بالشباب والحيوية. وابتعد عن أصحاب الطاقات السلبية بعيدا عن الإحباط واليأس من كل شيء! وفي السطور التالية أقول لفاقدي الأمل الذين ضاقت بهم الحياة واعتمدوا اليأس رفيقا لدربهم، أقول لهم هل رأيتهم نورهان ابنة المحلة، تلك الفتاة المصرية الطموحة التي أجبرت السيدة ميشيل أوباما للتحدث عنها في كلمتها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة؟ هل شاهدتم كيف تحدثت نورهان عن أحلامها وآمالها في الحياة، والتي تعدت الفوز بجائزة نوبل في الفيزياء، إلي الرغبة في حفر اسمها بحروف من ذهب في التاريخ كفتاة مصرية عاشقة للفيزياء ؟ تلك النابغة الصغيرة أشاعت ببرأتها وعبقريتها الفذة طاقة إيجابية في نفس كل من شاهد لقاءاتها التليفزيونية أو قرأ حواراتها في الصحف . وكأنها طاقة نور تشع أملا وتفائلا، نحن في أمس الحاجة إليهما، وللعلم ليست حالة فردية ، فلنورهان زميلات في مدرسة المتفوقات بزهراء المعادي ينتظرن كشف النقاب عن إبداعاتهن . وقد حالفني الحظ أن قمت بزيارة هذه المدرسة ، وللأمانة كانت سعادتي وفرحتي غامرة بما رأيت وسجلت من ملاحظات، رأيت إصراراً ونبوغاً في عيون فتيات قدمن من مختلف محافظات مصر بحثا عن العلم، رأيت حماسةً ونهماً للمعرفة فاقت في بعض الأحيان قدرة الأساتذة والمعلمين المشرفين عليهن! زيارة واحدة لهذه المدرسة، ستعيد إليك الأمل في الحياة وستتأكد أن مصر مازالت ولادة ولدي شبابها الكثير والكثير، فقط إذا حصلوا علي الفرصة المناسبة التي تمكنهم من إطلاق العنان لإبداعاتهم ولطموحاتهم. وعلينا أن نعترف بكل شجاعة أن من أهم العوامل التي ساعدت نورهان علي هذا النبوغ ، هو النظام التعليمي المتطور الذي درسته، والذي منحها الحرية الكاملة في اختبار قدراتها، وهذا بالطبع عكس مناهجنا " العقيمة" التي لا تحمل فكرا بل تقتل المواهب، و تحمل تدليساً وتزويراً للتاريخ، وفي بعض الأحيان تقدم معلومات مسيسة، والمحصلة أصبحنا في المركز قبل الأخير في مؤشر جودة التعليم ! أتمني أن يدرك أولو الأمر في هذا البلد أن أمثال نورهان كثر، وأنهم قاطرة مصر الحقيقية لأي تقدم أو تنمية، وهم البوابة التي ستفتح لنا أفاقا جديدة، وستمنح مصرنا الحبيبة المكانة التي تستحقها بعيدا عن الأقزام والمطبلاتية ومدعي الوطنية وهي منهم براء. وهذا بالطبع يتطلب أن تسعي الدولة لاحتواء هؤلاء بحق قبل أن تخطفهم دولا أخري تعي قدرهم وتنتظر الفرصة المناسبة لاجتذابهم إليها، والأمثلة كثيرة ومعلومة للجميع علي الطيور المصرية المهاجرة التي أبدعت وأثمرت في بلدان أخري ! الأمل في شبابك يا مصر وياليت قومي يعلمون. لمزيد من مقالات علا حمدى