لا يختلف أحد على دور الأم فى الحياة فهى القدوة والمعلمة الأولى لكل إنسان. الحاضنة للقيم والأخلاق والعادات والتقاليد والثقافة وصمام الأمان للأسرة والمجتمع وهى مصنع الرجال والنساء.. حقا الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق ونحن نحتفل بالتقليد السنوى بعيد الأم نقدم بعض النماذج للأم المصرية التى علمت وربت الأجيال المختلفة ولا يزال لها أكبر الأثر فى تكوينهم والنجاح حتى القمة. كان الكاتب الراحل الكبير أنيس منصور لايخجل من ذكر مدى حبه وارتباطه بأمه وأثرها على تكوينه أيضا، الدكتورة والمفكرة الإسلامية عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ مواليد نوفمبر 1912 محافظة دمياط والتى اقترن الأدب العربى بكتاباتها حتى أصبحت ركنا من أركان نهضتها الفكرية كانت أمها بحق رمز للأم الريفية المصرية بفطرتها الواعية المتفتحة المستشرقة للمستقبل وبأهمية التعليم، ولذلك كانت دافعا استطاعت مساندة ابنتها فى التحدى للقيود والتقاليد التى فرضتها بيئتها فى بداية القرن الماضى والتى كبلت الكثيرات من بنات جيلها فى حلم التعليم والالتحاق بالجامعة ومساندتها فى إقناع والدها باستكمال تعليمها الجامعى بجامعة الملك فؤاد حتى حصولها على الماجستير بمرتبة الشرف 1941 ثم الدكتوراه 1950 د هدى زكريا أستاذ علم الاجتماع السياسى تقول أعتبر نفسى امتدادا لأمى التى كانت تحب العلم والمعرفة والشعر رغم أنها لم تستكمل تعليمها لكنها حافظة لمسرحيات أحمد شوقى، فى حديثك معها تستحضر بعض أبيات الشعر الموافقة للموقف وحافظة شعر ابن الفارض، وكنت أحفظ معها الأشعار الصوفية، وعلمتنى ألا أغتر بالمظاهر، وأنه لا يوجد تقسيم للأديان، كانت تجمع الثقافة الكتابية وصاحبة أجمل خط، لديها تراث ثقافى، علمتنى الأمثال الشعبية التى كانت تجيد حفظها.. الحقيقة إنها كانت سببا أن استرجعت التراث الثقافى الذى ألهمنى العديد من الموضوعات والدراسات فى علم الاجتماع حتى أننى عملت عليها دراسات، ترقيت بسببها، لا يمكن أن تمر جملة أقولها إلا وفيها بصمة لأمى. كانت تتسم بالتواضع، صاحبة فكر وثقافة متعمقة، وكانت تسعد أن أصدقائى أصدقاء لها بشكل خاص كالشاعر عبد الرحمن الأبنودى ود. جابر عصفور ود. ناصر أبو زيد.. أعتبر الماجستير والدكتوراه وكل نجاح او تكريم أ وما حصلت عليه كأمرأة هو تكريم لأمى. الكاتبة سكينة فؤاد تقول أمى امرأة من نساء بورسعيد، وهى جزء من ثقافة مجتمع نساء البحر فيه نهضة ومقاومة الاحتلال، شربت من نساء ثورة 19، رمز للصلابة وقوة الإرادة والتحدى وعدم الانكسار أمام أى عاصفة علمتنى الاعتزاز وصلابة الإرادة والاعتماد على النفس والا تستندى إلا على ذاتك وكفاءتك، ومازلت أذكر منذ كنت طالبة صغيرة متفوقة مدى تشجيعها واهتمامها وإدراكها ووعيها بقيمة التعليم للبنت وحب القراءة كانت تدعمنى وتحتفى بنجاحى وتفوقى فى المدرسة، فالأم هى أول نموذج و قدوة تتعلم منها البنت. الحقيقة لم أجدها فى يوم تفرق بين البنت والولد، الأنجح هو الأفضل.. لديها اعتزاز بكرامتها وبأنها امرأة رغم أنها لم تكمل تعليمها. - لم أشعر منذ طفولتى وصباى بأى عقد او تفرقة بين الرجل والمرأة، عندما كتبت ليلة القبض على فاطمة استوحيت من البحر المرأة القوية الحاضنة للحياة تمثل أم العائلة التى يجب أن تحترم، أتمنى من الأعمال الدرامية أن تقدم المكانة والقيمة الحقيقية للأم المصرية وأن تدرك الأمهات الشابات أنهن يمثلن القدوة لبناتهن وعليهن زرع القيم والمثل والوطنية. د. اليزابيث شاكر طبيبة وعضو مجلس النواب تقول أمى غرست فى الشعور أن الله يراقبنى وأنا عمرى ما شعرت لحظة أنها تراقبنى كما تعلمت منها المثابرة، كانت رائعة الجمال، تزوجت وهى فى سن 16 عاما كانت متفوقة فى دراستها وبعد الزواج تركت المدرسة وبعد مرور 25 سنة بدأت تكمل تعليمها حققت تفوقا أهلها للالتحاق بكلية الصيدلة. وكنت أنا وشقيقى وأمى زملاء فى جامعة أسيوط أنا وشقيقى فى كلية الطب.. تعلمت من أمى أن يكون لدى هدف وتحمل المسؤلية وفى عملى سلكت نفس الطريق، كنت مدير عام طوارئ مستشفيات محافظة أسيوط، مما كان يستوجب عملى طوال أيام الأسبوع لمتابعة الحوادث ولولا أمى ما كنت كل هذا. د.هبة نصار أخصائية تحاليل طبية أم لطفلتين تقول من المؤكد أن النهج المتبع فى التربية اختلف، أنا لا أقسو على بناتى، أمى كانت لا تجعلنا نهتم بالنشاطات وترى الأفضل الاهتمام بالعلم والمذاكرة فأصبحت أنا وأختى طبيبات وأخى مهندس، أما أنا فأهتم بإشراكهم فى الأنشطة المختلفة كالسباحة، تعلمت من أمى المثابرة والإصرار على النجاح وتحقيق الحلم.