وسط الصخب الدائر الآن والخلط المؤسف بين الفوضي والحريات، ووسط الأحداث الداخلية والخارجية المتلاحقة يستغل غياب إجابات ومصارحات في إثارة موجات من القلق وعدم الاطمئنان حول حقيقة ما يحدث، وتثار محاولات استقطاب واتهامات وادعاءات برفض وجود أصوات للمعارضة أو الخلاف والاختلاف أو التي تطرح رؤي للتصحيح... وسط هذا المشهد الذي يسعي البعض لاستغلاله أسوأ استغلال لفتني سؤال مهم تكرر من جموع تمثل قوة الرحم الشعبي الحقيقي لدولة 30/6. أين ما وعد به الرئيس عبدالفتاح السيسي من أحاديث دورية يقدم فيها للمصريين اجابات ومصارحات حول جميع ما يمكن أن يخطر لهم من تساؤلات يحتاجون أن تكون لديهم إجابات حول جميع تساؤلات القلق والحيرة والخطر. ينتظر الناس أن يسمعوا ويعرفوا ويطمئنوا حول الازمة التي تعرض لها الدولار والتي أشعلت نار الأسعار في الحياة حولهم.. من المسئول عن الأزمة وما هي ضمانات ألا تتكرر، وما يثار حول ديون مصر الخارجية والداخلية، وهل تجاوزت خطوط الأمان؟! لماذا لم يستخدم الرئيس حقه وينتصر لدستور 2014 بعفو رئاسي عن سجناء الرأي من الكتاب والشباب؟ الموقف الحاسم للدولة من عدم العبث بالدستور وهو ما سبق وأكده الرئيس في عبارة قاطعة.. أن احترام الدستور من أعمدة قوة الدولة واستقرارها. كيفية التصدي ومعالجة إحساس قطاعات من المصريين بعودة كثير من جوانب الحياة في مصر إلي ما قبل 25 يناير 2011، وكيفية إيقاف محاولات إعادة تغول وسيطرة من أفسدوا الماضي ويريدون إفساد الحاضر والمستقبل وهو ما لايمكن أن ينكره أحد. لماذا يتأخر ظهور بدايات حقيقية لطموحات جادة لتحقيق العدالة الاجتماعية للملايين الأكثر استحقاقا لها. ما هي الإجراءات والتشريعات التي اتخذت أو في طريقها للنفاذ لمد جسور الثقة والاحترام المتبادل، وتؤكد أن الشرطة تتحول إلي جزء أساسي من أمان واطمئنان الشعب. ما يجب كشفه دون المساس بمقتضات الأمن القومي عن مساحات وحجم الخطر الذي يحاول البعض أن يهون منه، خاصة في سيناء وعلي جميع الحدود والأطراف خاصة الغربية والإجراءات الجادة لتحقيق التوازن بين مواجهة الإرهاب واحترام الحريات. وسط المعلومات المتضاربة حول سد النهضة القضية ليست ملكا لوزارة يحس كثير من المصريين بعدم الثقة في إدارتها للأزمة القضية مصير وحياة شعب ونقطة مياه لاتقل أهمية عن نقطة الدم.. من حق المصريين أن يعرفوا أين وصلت المفاوضات المضطربة والحقائق وسط السيل المتناقض من المعلومات والتصريحات والتسريبات. إنه بعض ما استمعت إليه من تساؤلات.. لا يستثير غضب المصريين قدر إقصائهم عن المشاركة والفهم لأمور هي من صميم أمنهم واستقرار حاضرهم ومستقبلهم بينما لايستدعي أعلي درجات مشاركاتهم وتضحياتهم واحتمالهم وتصديهم للتحديات قدر أن يثقوا أنه يحترم حقهم في الفهم والمعرفة خاصة إذا كانوا يعتزون بقيادة صادقة لايشكون في التزامها بما أقسمت عليه من احترام لإرادة وسيادة الشعب.. لذلك فأسئلة القلق والحيرة والخطر تنتظر من الرئيس تواصلا ومكاشفات علي قنوات الشعب الرئيسية من ماسبيرو تقدم قراءات وإيضاحات وإضاءات علي جميع أمور حياتهم وسياسات واقتصاد بلدهم وتصنع إضاءات علي ما يبدو غامضا أو يستعصي علي الفهم، وتؤكد أنه لا مجال لعناد أو استكبار علي تصحيح المسارات والسياسات، وبما يعمق ويضاعف أرصدة الثقة والاطمئنان ويستدعي ما يمتلكه المصريون من طاقات إيجابية مهما بلغت التحديات ويغلق الطرق علي كثير مما يثار الآن حقا أو باطلا!! مازال كثير من طموحات وآمال بناء مصر الجديدة يصطدم بمواصلة اختيار وزراء ومسئولين يعيدين تماما عما تتطلبه وتفرضه اللحظات المصيرية والتحديات من مستويات وكفاءات وتغييرات حادة وحقيقية في السياسات، وأقرب نموذج أخطر وزارات الأمن القومي والحيوي والصحي بل واستقرار واستقلال مصر التي تحمل اسم وزارة الزراعة والتي توالي عليها من الوزراء من تكفلوا بإدارة التدهور الذي وصلت إليه الزراعة والأرض والفلاح والثروة الحيوانية وعموم إنتاجية وكفاية الغذاء في مصر، وبما يجعل بين كل ما ابتلينا به من أشكال الفساد يكون الأكبر والأسوأ عندما تتوافر بأيدينا الحلول الذاتية ويتحول الأمر إلي كوارث صحية واقتصادية وتهديدات للأمن الغذائي، ومعارك واتهامات متبادلة، بينما تظل الجريمة الكبري، ألا نكتفي ونحن نمتلك جميع مقومات الاكتفاء.. وإذا كان هذا جزءا من وقائع كارثية عاشتها مصر قبل 25 يناير 2011كجزء من التخريب والتدمير الذي كان يعصف بجميع مقومات حياة أبنائها، فلا يمكن أن يكون مقبولا بعد كل ما فعله المصريون لاستنقاذ بلدهم وعناصر قوته واستقراره وفي مقدمتها يسد الفجوة الغذائية التي تقدر بحوالي 60% في جميع ما ننتجه ونستهلكه من منتجات زراعية.. فليرحل المسئول العاجز عن تحقيق هذا الهدف والأمل الذي يمثل ضرورة حياة. وكيف نترك حلقات الفشل والعجز عن تحقيق الاكتفاء تتوالي وزيرا وراء وزير، ودون أن يكون الأساس الأول في اختيار وزير للزراعة هو أن يمتلك من العلم والخبرة والرؤية الأساسية في سد الفجوة الغذائية رغم ثروة مصر من علماء وخبراء ودراسات وتطبيقات أثبتت أننا نستطيع، وأن تحقيق الاكتفاء من المحاصيل الاستراتيجية يوفر أكثر من 160 مليار جنيه سنويا!! وبدلا من أن يكون الهدف الأهم والأول لوزارة الزراعة هو سد الفجوة الغذائية، نغرق في النتائج الكارثية المترتبة علي جرائم استيراد محاصيلنا الاستراتيجية، وفي مقدمتها القمح الذي وصلت الفجوة فيه إلي 55%، وما كشفت عنه صفقة القمح الأخيرة المصابة بفطر الإرجوت ولا أول ولا آخر الصفقات المصابة نشرت صحيفة الأرض 9 نوفمبر 2015 عن تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا حول وجود بذور سامة في القمح المستورد واعترافات لمسئولين أثناء التحقيقات عن فتح الاستيراد.من بلاد تعرف أن فيها إمبروزيا!! حلقات متوالية من التدمير تفسر سببا من أهم أسباب تفشي أخطر الأمراض والأورام بين المصريين الآن، وانهيار الاقتصاد، وكذلك مسئولون فاشلون يشتبكون في تبادل اتهامات ووجودهم أساسا يناقض، بل ويعوق التطلعات الجادة للتنمية وبناء مصر الجديدة، وكما نشر فقد طلبت جهات سيادية مراجعة مواصفات استيراد القمح وتقريرا عن الصفقة المصابة بفطر الإرجوت، وهي مهمة يجب أن تقوم بها لجان أمن حيوي من خبراء مستقلين عن جميع الأطراف المشتبكة حول الصفقة، وإن ظلت المهمة قاصرة والأخطار والمهددات كما هي مادمنا لم نسارع لنجعل الهدف الأساس والأول المطلوب من وزير الزراعة هو تحقيق الاكتفاء، وإعلانه هدفا استراتيجيا، وخطط ومراحل التنفيذ، ويقوم الوزير الذي يملك قدرات استثمار جميع القوي والخبرات العلمية والبحثية القادرة مع تحقيق هذا الأمل والحلم القومي المصري من كبار العلماء والخبراء في مركز البحوث الزراعية وجميع مراكز البحوث وكليات الزراعة بجميع الجامعات المصرية، ومهندسين زراعيين يعملون وينتجون في صمت وسط الفلاحين بعد أن فشلوا في إيصال أصواتهم وتجاربهم الميدانية الناجحة، نقاط علم مضيئة تتبعثر دون وجود رابط يجمعها وينسق جهودها ويعظم نتائج علمها وأبحاثها، وأثق أنه في تكاملها تستطيع أن تصل بالمصريين إلي حدود الاكتفاء.. لماذا لا يتشكل من هؤلاء العلماء والخبراء وأصحاب التجارب الميدانية مجلس قومي للاكتفاء من القمح، لفتني تصريح مهم للدكتور محمد فتحي سالم أستاذ التكنولوجيا الحيوية الزراعية - جامعة السادات، أن واقع الزراعة المصرية يتنافي تماما مع المكتسبات الطبيعية التي حبا الله مصر بها، وأنها لم تحظ بوزير زراعة منذ عام 2004 يتبني سياسات زراعية واضحة تصب في مصلحة المواطن المصري، وأن الإمكانات الطبيعية (الأرض - المناخ - المياه - الموارد البشرية مراكز البحوث - العلماء) كفيلة بتحويل مصر إلي سلة حقيقية نظيفة لغذاء العالم.. شرط توافر الإرادة الصادقة. أثق أن هذه الإرادة توافرت بالفعل بعبقرية ما فعل المصريون في 25/1 و 30/6، ومع قيادة أمينة ومستأمنة، وتمتلك كل هذه الآمال والطموحات لتصل مصر والمصريون إلي ما يستحقون فقط، فلتتغير السياسات، وتتحدد الأهداف، وتختار القيادات والكفاءات والخبرات القادرة علي تحقيقها. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد