10 مبادئ قضائية لمن له حق الحضانة للصغير بحكم القانون    10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    وكيل تعليم كفر الشيخ يتفقد مدارس إدارة شرق.. ويؤكد استمرار المتابعة    وزارة «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 4 محافظات    «الإسماعيلية الأهلية» تهنئ بطل العالم في سباحة الزعانف    سعر الريال القطري أمام الجنيه في البنك المركزي بمنتصف تعاملات اليوم الأحد    السكة الحديد: 10 آلاف كيلومتر طول الشبكة.. ومتوسط الرحلات اليومية ألف قطار    البيئة: ندوات وفعاليات توعوية بعدد من مدارس ومعاهد محافظة السويس    بإطلاق 10 قوافل.. «الإصلاح الزراعي» يضخ 5 ملايين بيضة بالمحافظات    محافظ الفيوم يوجه بسرعة التعامل مع الانهيار الجزئي بطريق كفر محفوظ طامية    توتر شديد وغضب، اجتماع درامي لحكومة الاحتلال ونتنياهو يقرر معاقبة وزرائه    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يمنع عبور شاحنات المساعدات المحملة بالخيام والبطاطين إلى غزة    حماس: المقاومة تسلمت قائمة بأسماء 1468 أسيرا من قطاع غزة    القاهرة الإخبارية: اشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع بغرب كردفان    ليفربول يزاحم مانشستر سيتي على ضم سيمينيو    أشرف صبحي يشهد النسخة الثانية من أولمبياد الصحفيين    الكونغ فو يضمن 5 ميداليات في دورة ألعاب التضامن الإسلامي بالرياض    الشروق نموذجا.. وما ترجوه العيون!    القبض على متهمين بالاعتداء على فتاتين في كرداسة    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    خالد النبوي: الانضباط أساس الممثل.. أنت واخد ملايين    النبوي: شخصية "السادات" في مسرحية كامب ديفيد "وترتني".. وكدت انسحب لهذا السبب    المتحف المصري الكبير يعتمد نظام حجز المواعيد المسبقة إلكترونيا بالكامل ابتداء من ديسمبر    جامعة قناة السويس تُطلق مؤتمر الجودة العالمي تحت شعار «اتحضّر للأخضر»    محافظ أسيوط: تكثيف حملات النظافة ورفع المخلفات بالبداري لتحسين البيئة    سماء الأقصر تشهد عودة تحليق البالون الطائر بخروج 65 رحلة على متنها 1800 سائح    حقه يكمل مشواره| شوبير يدافع عن حسام حسن قبل مباراة مصر وكاب فيردي    إعتماد المخطط العام لأرض مشروع «عربية للتنمية والتطوير العمراني» بالشيخ زايد    مصر وتشاد يبحثان خارطة طريق لتعزيز الاستثمار المشترك في الثروة الحيوانية    عظيم ومبهر.. الفنانة التشيكية كارينا كوتوفا تشيد بالمتحف المصري الكبير    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" يواصل تنظيم فعاليات المبادرة القومية "أسرتي قوتي" في الإسكندرية    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    برنامج بطب قصر العينى يجمع بين المستجدات الجراحية الحديثة والتطبيقات العملية    كفاية دهسا للمواطن، خبير غذاء يحذر الحكومة من ارتفاع الأسعار بعد انخفاض استهلاك المصريين للحوم    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية دون إصابات في الهرم    الفسطاط من تلال القمامة إلى قمم الجمال    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    حالة الطقس في السعودية اليوم الأحد.. أمطار رعدية غزيرة وتحذيرات من السيول    «البيئة» تشن حملة موسعة لحصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    تقرير: أرسنال قلق بسبب إصابتي جابريال وكالافيوري قبل مواجهة توتنام    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    الرياضية: أهلي جدة يفتح ملف تجديد عقد حارس الفريق إدوارد ميندي    مصر ترحب باتفاق الدوحة الإطاري للسلام بين جمهورية الكونجو الديموقراطية وحركة M23    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    إصابة العشرات بعد اندلاع اشتباكات في المكسيك وسط احتجاجات الجيل زد    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    محمد فراج يشعل تريند جوجل بعد انفجار أحداث "ورد وشيكولاتة".. وتفاعل واسع مع أدائه المربك للأعصاب    اليوم.. وزيرالثقافة ومحافظ الإسكندرية ورئيس أكاديمية الفنون يفتتحون فرع ألاكاديمية بالإسكندرية    فيلم شكوى 713317 معالجة درامية هادئة حول تعقيدات العلاقات الإنسانية    بريطانيا تجرى أكبر تغيير فى سياستها المتعلقة بطالبى اللجوء فى العصر الحديث    حامد حمدان يفضل الأهلي على الزمالك والراتب يحسم وجهته    كمال درويش يروي قصة مؤثرة عن محمد صبري قبل رحيله بساعات    محمود حسن تريزيجيه: الانضباط والاحترام أساس تكوين شخصية لاعب الأهلي    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة الحذاء
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 03 - 2016

يضغط زر إخفاء بالكمبيوتر ثم ينهض; يرتدي المعطف الثقيل لحماية جسده, ويدخل كفيه في القفاز, ثم يضع الخوذة فوق رأسه, وأخيرا يأتي دور الحذاء الطويل, تماما كما في الإعلان التجاري عن أدوات قائد الدراجة الهوائية لتحدي الشتاء. لاأحد يعرف متي قرر الإنسان أن يكف عن المشي حافيا؟
أو ان كان قد استخدم الأعشاب أولا أم قطعا مسطحة من الخشب يشدها سيور من الجلد؟ ليحمي قدميه أثناء سيره بين الصخور, ربما لم تكن هذه الصنادل كافية لحماية القدمين, بالأخص في المناطق الباردة, لذلك أضاف إليها مواد أخري تطورت تدريجيا إلي أحذية, ومبكرا استخدم المصريون لبادات من الجلود أو ورق البردي كانوا يشدونها إلي القدم بواسطة رباطين, وتقدم الرومان خطوة أخري وصنعوا نوعا من الأحذية بشكل أكياس محشوة بالعشب يربطونها حول القدمين, أما أحذيتنا الحديثة فإن بداياتها تعود إلي أيام الحروب الصليبية, حيث تطلبت رحلات الحج الطويلة صنع أحذية تدوم طويلا, مع إن الحيوات نفسها سرعان ما كانت تقصفها الحروب; مع مرور الوقت, ظهرت ورش لتصنيع الأحذية الجلدية الجميلة في فرنسا وإيطاليا وإنجلترا; وبشكل عام فالأحذية دائما عرضة لتقلبات الموضة, إذ انتشرت, مثلا, في زمن جيمس الأول ملك إنكلترا موضة الكعب العالي, وكان المشي فيها صعبا, لكن الناس تمسكوا بانتعالها; ثم دخلت صناعة الأحذية الولايات المتحدة الأمريكية مع توماس بيرد عام1629 م, ومنذ ذلك الحين صار تشييد بيوتات الموضة أمرا واقعا, وقوي التنافس بينها الشريف وغير الشريف حول الخام والموديل والسعر وفرص التسويق; وصولا إلي تحقيق ثروات يصعب حصرها من أحذية تنتعلها الأميرات والخليلات ثم نجمات السينما فيما بعد, أحذية انطبعت فوقها آثار شفاه العاشقين, وأحيانا دموعهم; هناك حذاء الجلد الطبيعي للميسورين, والصناعي: للبسطاء, الذين أكثر ما يتحسرون عليه هو الفردة السليمة بعد اهتراء الأخري, ففي حال تبلي الاثنتين معا يكون الأمر أهون, ولكن علي أية حال فقد انتبه مؤسسو صفحة أفكار منزلية فحولوا الفردة السليمة إلي بيت صغير للزهور بوضع أصص صغيرة داخلها وتعليقها علي مداخل البيوت, أو الفرندات, فردة واحدة أيضا هي التي قادت الأمير الولهان إلي سندريللا الهاربة, عملية من نوعية: قص الأثر بمعني ما; تذكرت علياء الحدوتة وهي تغرس النبته في الإصيص الصغير ثم تدخله بفردة حذائها اليسري_ بعد أن تمزقت اليمني, هناك.. في المدرسة عندما جذبها الولد الشقي بقوة من يدها فتسبب في وقوعها علي الأرض وتمزق الفردة اليمني_ ثم تركض فرحة لتثبتها علي إفريز الشباك قبل أن يصل باص المدرسة.
علياء تحب أن تسمع جدتها تبسمل وتحوقل قبل أن تحكي حكاية حذاء النبي الذي حملته طائرة الأمانات المقدسة مع أشياء النبي البسيطة الأخري كنوز الحجرة النبوية الشريفة: الصندل والعمة وعدد من المصاحف والشمعدانات و..إلخ تحت حراسة مشددة من المدينة المنورة إلي الخزانة السلطانية في قصر توب قابي في استانبول, في ذروة أحداث الحرب العالمية الأولي; وهو حذاء آخر, تخبرها جدتها بنبرة مهتزة, غير ذلك الذي سرق من النبي ومازالت الآراء مختلفة: إن كان النبي قد دعا, بالفعل, للسارق: اللهم إن كان محتاجا فبارك له فيما أخذ؟ أم لم يفعل؟ تمسح الجدة عينها ثم تتصعب وترفع يدها بالدعاء علي من سرق حذاء زوجها جد علياء..
_ سرقه من علي باب الجامع. الله يحرقه.
تكركع علياء من تقلبات جدتها; وعندما تتوالي الصور علي الشاشة بسرعة فائقة فسيذهلها الإصرار علي الوصول إلي حذاء العقيد, فالشعب الليبي الذي قام بثورة عارمة علي الديكتاتورية لم يكتف بالتنكيل بالرجل بل أصر علي الاحتفاظ بحذائه_ الذي طالما احتلت صورته شاشات القنوات الرسمية حين كان الرجل يغضب من برنامج ما_ كدليل علي طي تلك الصفحة إلي الأبد, وربما اندهشت علياء من ميل جورج بوش الابن المفاجئ الذي اتضح أنه كان محاولة لتفادي فردة حذاء منتظر الزيدي الصحفي العراقي الذي اختار هذه الطريقة للتعبير عن سخطه علي الإدارة الأمريكية ومواقفها من عراقه.
الدراجة الهوائية تشبه تلك التي قادها كلينت إيستوود في فيلمCoogansBluff, تسابق_ في مشوارها القصير_ السيارات فتسبقها, ويدخلها الهواء المنعش من كل الجهات, فيرتفع هورمون الأدرينالين لدي سائقها الشاب محققا نوعا من النشوة, لن تنسيه أن يحكم ضم أطراف لثامه التي طيرها الهواء.
عندما وصل الباص كان الباب الخلفي لسيارة الإسعاف مفتوحا لتلقي المحفة التي كانت الملاءة فوقها تغطي جسدا صغيرا, بينما راح يتأملها شخص بلباس ميري جالس علي حافة الرصيف, يتنفس بصعوبة, لم يصدق بعد أنه كان مستهدفا وأنه نجا, فقط يتذكر ابنة جيرانه الصغيرة التي طالما تبرم من صخبها ودبدبتها علي السلم, لم يسمعها وراءه هذه المرة ولم يتصور أن مريولها الصغير سيتلقي كل الطلقات التي كانت موجهة إليه عندما رأي فوهة الرشاش يصوبها نحوه الملثم: سائق الدراجة الهوائية, فبرك علي الأرض.
الدماء التي غطت الأرض عافتها الأعين الصغيرة المتطلعة من شباك الباص المدرسي, كما لم يفهم بعض الصغار دور المحفة, وبعضهم الآخر كان ينتظر نزول علياء, فيما ارتقي الولد الشقي ببصره, حتي استوقفته النبتة الصغيرة تطل من قلب فردة الحذاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.