لو أن قراراً صدر بأن يكون لدينا وزارة للسعادة.. فماذا يريد المواطن والمرأة المصرية من تلك الوزارة؟ وماذا سيكون هدفها؟ وهل نحن فى حاجة إلى هذه الوزارة أسوة بالإمارات، حيث تم تدشين وزارتين جديدتين هما وزارة للسعادة وأخرى للتسامح بهدف توفير بيئة صحية لبناء المهارات واستشراق المستقبل, ولسعادة المواطن خاصة الشباب، وهما يعدان أول وزارتين فى العالم.. د.آمنة نصير أستاذ الفلسفة جامعة الأزهر وعضو مجلس النواب تقول: قديما كان سر سعادة المواطن المصرى فى القناعة والرضا، ومجرد أن يحصل على مبلغ قليل من المال يتصور أنه ملك الدنيا، كانت الناس تشعر بالسعادة بمجرد أن تجتمع معا، كانت هناك حالة من النشوة والسعادة فى المجتمع تقوى المناعة وتقاوم الأمراض.. الآن أصبح الإنسان لا يشعر بالسعادة لعدم الرضا بما يملك، كما أن من أسباب هذه الظاهرة قلة المال وكثرة الطموح وعدم الرضا بما يملك، وهنا أقول للإعلام كفاكم ضغطا على أعصاب الشعب المصرى، ولكتاب الدراما أن يكفوا عن تصوير مشاهد الغدر والخيانة والاستفزاز التى أصابت المشاهدين باليأس والإحباط والاكتئاب. - أما بالنسبة لتجربة الإمارات فلا يمكن تطبيقها فى مصر، فالإمارات لديها رفاهية تفوقنا عشرات المرات, ولا يوجد حجم وكم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التى لدينا، فنحن لا نحتاج وزارة للسعادة بل نحتاج استعادة شكل وروح الإنسان المصرى.. والمطلوب الآن إعادة الطمأنينة وروح الأمل والتفاؤل والتطلع إلى الغد الأفضل. د.خالد صبح استشارى المخ والأعصاب يقول إن السبيل إلى السعادة هو الاهتمام بالتعليم والصحة والعدالة الاجتماعية وإحياء الضمير، فأغلب الشعب المصرى يعانى من الضغوط النفسية, ولابد أولا من الاهتمام بالتعليم، نحن فى حاجة لاستعادة دور وهيبة المدرسة والمعلم لإيجاد جيل جديد يصنع وينتج، فى الغرب المواطن لا يقلق لأن الدولة توفر له أسباب السعادة من خلال توافر البنية التحتية وجميع الخدمات.السعادة والفنون نورهان حاصلة على ليسانس آداب إنجيلزى تقول: لا شك أن الاهتمام بالتعليم والثقافة والفنون له تأثير على الحالة النفسية والعقلية، فالشعب المصرى يحمل جينات فنية فرعونية، يعشق الفنون بجميع أنواعها من رسم ونحت وموسيقى, وهو ما صورته الرسومات على جدران المعابد الفرعونية. نورا إبراهيم عاملة بمستشفى 6 اكتوبر تقول: أين هى السعادة فأنا لدى طفل عمره عامان ونصف العام مرتبى 800 جنيه وإيجار الشقة 600 جنيه، لا استطيع شراء كيلو لحمة واستبدله ببعض أجزاء الدجاج اسبوعيا، زوجى ت34 عاما مريض بالقلب وهو حاليا لا يعمل ومالكة البيت ستطردنا لأن الإيجار متأخر 4 أشهر. أما أم هشام عاملة بأحد البنوك الحكومية فتقول: لدى طفلان احدهما فى الإعدادية والآخر فى رابعة ابتدائى، أتمنى أن يعملا بعد الانتهاء من تعليمهم، وهذه هى السعادة بالنسبة لى, وأريد معاشا لزوجى فهو عامل باليومية ومعظم الوقت بلا عمل والحياة غالية، وأتمنى لمصر الأمن والآمان.تت د.انتصار السبكى كاتبة سياسية وعضو اللجنة التيسيرية لمناهضة العنف ضد المرأة تقول: إن صناعة الأمل والسعادة فى نفوس المصريين أصبح مطلبا وأمرا ضروريا يحتاج إلى تخطيط وجهد وإعداد ومشاركة جهات عديدة هدفها تنمية وبناء ونهضة الوطن ولمواجهة ما يتعرض له الشعب المصرى منذ ثورة 25 يناير من مخططات وزادت حدتها فى الآونة الأخيرة لبث التشاؤم والإحباطت وفقدان الأمل فى الشخصية المعروف عنها البساطة والتدين والتسامح وذلك عبر الوسائل التكنولوجية الحديثة المعروفة (السوشيل ميديا) التى كان هدفها فى الأساس الترفيه عن المواطن، أصبحت للأسف تعكر صفوه بل وحققت ما عجزت عنه أسلحة وجيوش متطورة تقودها أجهزة استخبارية عالمية فى مواجهة الشخصية المصرية, وأصبح إعلامنا يروج ما تنقله هذه الوسائل من أخبار دون التحقق منها، والمطلوب الوعى واليقظة ورفع الروح المعنوية فى استنهاض وعزيمة الشخصية المصرية من خلال الإعلام الوطنى والاهتمام بدور النساء والشباب فى المجتمع, لأنهم الأقدر على إيجاد روح السعادة ونشر الطاقات الإيجابية. تعريف للسعادة د.محمد رجائى استشارى الصحة النفسية والأسرية يقول: السعادة هى شعور يأتى من الداخل وليس من الخارج، ولا يأتى بقرارات رئاسية أو وزارية فلدينا وزارات ولكنها غير مفعلة كالبيئة والعشوائيات، فالشعور بالسعادة هبة ربانية يرجع إلى وجود مجموعة من التوازنات ومنظومة من المفرحات الكيميائية والهرمونات التى تفرز فى المخ, بالإضافة إلى مجموعة القيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية التى نشأ وتربى المصرى عليها، والرضا والقناعة تجعله يرى ما يراه الآخرون يدعو للتشاؤم والإحباط ويراه هو يدعو للتفاؤل. ويضيف د.رجائى أن الواقع أثبت أن السعادة ليست فى الاكتفاء المادى فقط فالكثير من أغنياء ومشاهير العالم هم من تأكثر البشر إصابة بالاكتئاب الشديد، والبعض منهم أنهى حياته بالانتحار. فلا نربط أو نعلق عدم شعورنا بالسعادة على شماعة قلة المال أو الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فمشكلتنا هى التطلع الزائد وعدم الموازنة بين القدرة المتواضعة والمتاح والرغبة الجامحة المرتفعة , الأمر الذى يحدث التمرد وعدم الرضا والإحباط. وأخيرا ينصح بزيادة الإنتاج وأن يخفض الإنسان من رغباته ويكثر من عطائه حينئذ سيسشعر بالرضا والسعادة, وهى الغاية.