فى عالمنا اليوم الذى اتسم بالسرعة والازدحام الشديد أصبح بإمكاننا استخدام بعض الوسائل للتقليل من المسافات منها مترو الأنفاق، ورغم ما تجده بعض النساء من معاناة فى الزحام داخل عربات المترو، إلا أنه عند الكثيرات أصبح مصدرا للتخلص من الضغوط النفسية، وذلك من خلال الأحاديث اليومية داخل عربة السيدات. ورغم وجود عدد كبير من محطات المترو فإن هناك أكثر من محطة تعبر عما يشهده المجتمع من تغيرات فكرية وانعكاس للمعاناة وثقافة المرأة المصرية بشكل ينبض بالحياة. وأجملهم محطة جامعة القاهرة، حيث تجد فيها من اعتادت استخدام المترو للانتقال روح التفاؤل ..فلم تعد الأحاديث عن التدريس والزواج والمواقف الكوميدية المثيرة للجدل هى القصص التى تشغل معظم الفتيات، ولكنهن أصبحن يتحدثن عن كيفية اكتساب خبرات إضافية قبل التخرج مثل الدورات التدريبية (كورسات) فى التنمية البشرية واللغات الأجنبية - للحصول على فرص عمل مناسبة لهن بمجرد التخرج فى الجامعة، وكل هذه الأحاديث تجعلك تعيشين معهن فى عالمهن. وعندما يتوقف المترو فى محطة «البحوث» فجأة تقف بعض الفتيات لتجلسن سيدة تحمل طفلها ذا الإعاقة المتعددة (عدم القدرة على الحركة والكلام وضعف القدرات الذهنية).. وغيرها كثيرات، إنهن سيدات يذهبن الى «المركز القومى للبحوث» لإجراء الفحوصات والعلاج لأطفالهن وهذا المركز الذى يقدم خدمات متعددة وبأسعار رمزية، ولكنه لا يحصل على حقه الكامل فى الدعاية والتطوير هذا ما قالته إحدى الأمهات لفتاة تجلس بجوارها، وهنا تسيطر الرغبة للاعتذار للسيدة عن عدم تقديم المساعدة المنتظرة لها التى تستحقها غير إفساح مكان للجلوس. ويعود المترو الى البهجة مرة ثانية فى (محطة الأوبرا) التى يركب منها الطالبات اللاتى يرغبن فى تعلم الموسيقى، وأيضا طالبات رياض الأطفال والتربية النوعية اللاتى يحملن رسومات جميلة، ويدور النقاش حول المجهود المبذول فيها وأحلامهن أن يتم عمل معرض لهن مثل معرض الأسر المنتجة لعرض هذه اللوحات والمشغولات اليدوية للبيع بعد انتهاء تقديم مشروعهن للتخرج. ويأتى دور النصيحة فى محطة «الدمرداش» بركوب سيدة تبدو ذات خبرة ! تتطوع بالنصيحة على الملأ لأم تمسك طفلها وتحاول السيطرة عليه، فتنصحها بتعنيفه لأنه يبدو عليه أنه مدلل.. فترد عليها بحزن أن طفلها يعانى فرط الحركة ولكنه يتلقى علاجه فى (مركز تجدي الإعاقة بجامعة عين شمس) وهنا نتذكر أنه يجب ألا نحكم على أحد فى الوهلة الأولى. وينقلب المترو الى زغاريد ورقص وضحك فى محطة «العتبة» بمجرد أن تركب فتاة تحمل أشياء كثيرة إنها عروس تشترى كل مستلزمات البيت من منطقتى «حمام الثلاثاء ووسط البلد» وتنهال عليها نصائح السيدات المتزوجات.. وينتقل المترو من محطة الى أخرى بحكايات كثيرة كلها تدل على أن المرأة المصرية أصبحت قوية وطموحة وتسعى للنجاح والتميز وسلكت طريق العلم فى جميع التخصصات فهى أم وزوجة وموظفة تحاول تسخير جميع الطاقات والإمكانات لصالح أسرتها ومجتمعها.