فى أواخر عام 2013، نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية وثيقة سياسية ادعت أنها جمعت معلوماتها من خبراء ومؤرخين ومختصين في شئون الشرق الأوسط، وكان من أبرز خبراء تلك الوثيقة المستشرق البريطانى الأصل (برنارد لويس)، يهودى الديانة صهيونى الانتماء، أمريكى الجنسية. وكان من الطبيعي أن تثير تلك الوثيقة اهتمام أصحاب الشأن فى الداخل والخارج، خاصة أنها تحدثت عن استخدام الوضع الحالى كمدخل لتقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات إثنية وطائفية وعشائرية، حيث بدت الفرصة لتنفيذ مخطط قديم، استغلالا لما يحدث فى الشرق الأوسط من صراعات مختلفة الاتجاهات والمقاصد تجر المنطقة بأكملها إلى سيناريوهات الغرب فى تقسيم العرب ودولهم، وإعادة رسم خريطة جديدة للعالم الإسلامى. اعتبر لويس مرجعا في تاريخ الإسلام والمسلمين، وكتب متعمدا عن كل ما يسيء للتاريخ الإسلامي، ففى مقال بعنوان (جذور الغضب الإسلامي)، قال لويس: "هذا ليس أقل من صراع بين الحضارات، ربما تكون غير منطقية، لكنها بالتأكيد رد فعل تاريخي منافس قديم لتراثنا اليهودي والمسيحي، وحاضرنا العلماني، والتوسع العالمي لكليهما"، ونشرت صحيفة (وول ستريت جورنال) مقالا قالت فيه: "إن برنارد لويس المؤرخ البارز للشرق الأوسط وفر الكثير من الذخيرة الإيدلوجية لإدارة بوش في قضايا الشرق الأوسط والحرب على الإرهاب؛ حتى إنه يعتبر بحق منظرا لسياسة التدخل والهيمنة الأمريكية في المنطقة". لم يقف دور (لويس) عند استنفار القيادة في القارتين الأمريكية والأوروبية، وإنما تعداه إلى القيام بدور العرّاب الصهيوني الذي صاغ للمحافظين الجدد في إدارة بوش الابن إستراتيجيتهم في العداء الشديد للإسلام والمسلمين، وشارك في وضع إستراتيجية الغزو الأمريكي للعراق؛ وذكرت الصحف الأمريكية أنه كان مع الرئيس بوش الابن ونائبه تشيني، خلال اختفاء الاثنين إثر حادثة المركز الاقتصادي العالمي، المعروفة عالميا ب(أحداث 11 ستمبر)، وخلال هذه الاجتماعات ابتدع (لويس) للغزو مبرراته وأهدافه التي ضمّنها في مقولات (صراع الحضارات)، و(الإرهاب الإسلامي). وفى لقاء أجرته إحدى القنوات الغربية مع (لويس) في منتصف عام 2005، قال: "إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك، إما أن نضعهم تحت سيادتنا، أو ندعهم يدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، ولذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها، قبل أن تغزو أمريكا وأوروبا لتدمر الحضارة فيها". لويس.. نموذج معلن لسياسة الغرب فى المنطقة، وتصريحاته وكتبه التى تعدت ال 20 مؤلفا عن العرب والإسلام تُدرس فى الجامعات، ويعتبرها زعماء وكبار المسئولين فى العالم مرجعا لهم، وبرغم ذلك يرتمى العرب فى أحضان الغرب لحل مشكلاتهم، تماما كما يقول المثل العربى "المُستجيرُ بعمرو عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار"، (عمرو) الذى فى بيت الشعر هو عمرو بن الحارث، كان صديقا لفارس حرب البسوس (كُليب)، لما وقع فى يد صديقه (عمرو)، ظن (كُليب) أنه نجا من الموت، فقال لصديقه: "يا عمرو..أغثني بشربة ماء"، فنزل (عمرو) عن فرسه وقطع رأس (كُليب)، فقيل بيت الشعر فى هذا الموقف، ومنه أخذ المثل العربى.."كالمستجير من الرمضاء بالنار". [email protected] لمزيد من مقالات على جاد