استهل الرئيس عبد الفتاح السيسى زيارته إلى كازاخستان أمس بالتوجه إلى القصر الرئاسي، حيث كان فى استقباله الرئيس الكازاخى نورسلطان نزارباييف،وقد أقيمت مراسم الاستقبال الرسمى واستعراض حرص الشرف وتم عزف السلامين الوطنيين للبلدين. وصرح السفير علاء يوسف المتحدث الرسمى باِسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس عقد لقاءً ثنائياً مع الرئيس نزار باييف بحضور عدد محدود من الوزراء فى البلدين استمر لأكثر من ساعة، أعقبته جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدى البلدين. وأضاف المتحدث الرسمى أن الرئيس السيسى أكد أن كازاخستان من الدول الصديقة التى تعتز بها مصر كثيراً، وتحرص على تنمية علاقاتها معها على جميع الصٌعٌد. ووجه الرئيس التهنئة لنظيره الكازاخى بمناسبة مرور خمسة وعشرين عاماً على استقلال كازاخستان، مشيداً بما حققته من نمو اقتصادى وإنجازات على مختلف الصٌعٌد. وأعرب عن تقدير مصر لمواقف كازاخستان الداعمة للإرادة الحرة للشعب المصري، وتفهمها لحقيقة الأوضاع التى جرت فى مصر. واستعرض الرئيس مجمل تطورات الأوضاع التى شهدتها مصر على مدار السنوات القليلة الماضية، حيث أوضح أن الشعب المصرى استطاع أن يصوب مسار ثورته وأن يحافظ على هويته الوطنية المعتدلة فى مواجهة دعاوى الغُلو والتطرف، وتوافقت القوى الوطنية المصرية على خارطة المستقبل التى تم استكمال كل استحقاقاتها بتشكيل مجلس النواب الجديد. ومن جانبه، رحب الرئيس نزارباييف بالرئيس السيسى فى أول زيارة له إلى كازاخستان وكذا لمنطقة وسط آسيا، مشيرا إلى أن هذه الزيارة تتزامن مع الذكرى الخامسة والعشرين لاستقلال كازاخستان. وأعرب الرئيس الكازاخى عن تقدير بلاده واعتزازها بعلاقاتها مع مصر، التى كانت من أوائل الدول التى اعترفت بكازاخستان فور استقلالها عام 1991. وأكد الرئيس نزارباييف حرص بلاده على تنمية علاقاتها مع مصر فى جميع المجالات السياسية والاقتصادية والتعليمية والثقافية. كما أشاد الرئيس الكازاخى بالجهود التى تبذلها مصر وبحكمة ودور القيادة السياسية المصرية من أجل دعم أمن واستقرار مصر، التى تُعد بمثابة دعامة رئيسية لمنطقة الشرق الأوسط، فضلاً على دورها الريادى فى العالمين العربى الإسلامي. وأشاد الرئيس الكازاخى أيضا بخطاب الرئيس أمام مجلس النواب المصري، كما أنه تابع إطلاق مصر لاستراتيجية التنمية المستدامة "رؤية مصر 2030" والتى تعكس جهود الدولة المصرية لدفع عملية التنمية الشاملة، فضلاً عما تشهده مصر من جهود جارية للارتقاء بمستوى معيشة المواطنين وتحسين جودة الحياة فى مصر، كما أشاد الرئيس نزارباييف بالانجازات التى نجحت مصر فى تحقيقها خلال فترة وجيزة. وذكر السفير علاء يوسف أن اللقاء تناول استعراض مختلف مجالات التعاون بين البلدين، حيث أعرب الرئيس عن تقدير مصر لدعم وتأييد كازاخستان لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة بين مصر والاتحاد الاقتصادى الأوروآسيوي، وتطلعه لتعزيز التعاون الاقتصادى فى مختلف المجالات فى الفترة القادمة، تمهيداً لتفعيل تلك الاتفاقية عقب التوقيع عليها. وأعرب الرئيس عن التطلع للاستفادة من تجربة كازاخستان فى إنشاء العاصمة الجديدة أستانا، وذلك فى ضوء الجهود المصرية الجارية لإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة وفقاً لأعلى المعايير العالمية. كما بحث الرئيسان إمكانية إقامة عدد من المشاريع الزراعية المشتركة، وخاصةً فى مجال الغلال، حيث رحب الرئيس بمقترحات تعزيز التعاون بين البلدين فى مجال الأمن الغذائى على ضوء قرار مصر بالانضمام لمنظمة الأمن الغذائى التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، التى تم اقتراح إنشائها بمبادرة من الرئيس نزارباييف. وأعرب الرئيس عن تطلعه لزيادة ومضاعفة أعداد السياح الوافدين من كازاخستان، ورحب بتسيير خط طيران مباشر بين أستانا وشرم الشيخ اعتباراً من شهر مارس المقبل. وقد أكد الرئيس الكازاخى على اهتمام بلاده بمصر كمقصد سياحى كبير، نظراً لما تتمتع به من حضارة عظيمة ومناخ معتدل، فضلاً عما تزخر به من تراث أثرى عظيم، مؤكداً تشجيعه لمواطنيه على السفر إلى مصر. كما أكد الرئيسان على أهمية التعاون فى مجال تجارة الترانزيت، مؤكدين على إمكانية التكامل بين مشروع "الطريق المضيء" الذى أطلقه الرئيس الكازاخى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبين مشروع التنمية فى منطقة قناة السويس وذلك فى إطار الحزام الاقتصادى لطريق الحرير الجديد الذى يدعمه البلدان ويساهمان فيه. وذكر السفير علاء يوسف أن الرئيس الكازاخى أشاد خلال اللقاء بصناعة الدواء المصرية، مشيرا إلى أن هناك 40 دواءً مصرياً مسجلاً فى كازاخستان، ومعرباً عن تطلع بلاده لإنشاء شركات مشتركة مع مصر فى مجال تصنيع الأدوية، وهو الأمر الذى رحب به الرئيس. كما تطرقت المباحثات إلى موضوعات التعاون فى مجال الفضاء، لا سيما أن مصر أطلقت أول قمر صناعى لها من كازاخستان، بالإضافة إلى سبل التعاون بين البلدين فى مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وأكد الرئيسان على أهمية مواصلة الجهود الدولية والتعاون فيما بين البلدين من أجل إنشاء مناطق خالية من السلاح النووي. وتوافق الرئيسان كذلك على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين فى المحافل الدولية، ومواصلة الجهود من أجل مكافحة الإرهاب والتطرف، ومواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا من خلال التعريف بصحيح الدين الإسلامى وقيمه السمحة النبيلة التى تحض على التسامح والرحمة، والتعارف وقبول الآخر. وفى هذا الصدد أشار الرئيس إلى الجهود المقدرة التى يقوم بها الأزهر الشريف باعتباره منارة للفكر الوسطى المعتدل. كما رحب الرئيس بمبادرة الرئيس نزارباييف لعقد مؤتمر" الأديان ضد الإرهاب" الذى تستضيفه كازاخستان العام الجارى باِعتباره خطوة هامة لتعزيز الحوار بين الأديان والحضارات. وفى سياق متصل، نوّه الرئيسان إلى دور الجامعة المصرية الكازاخية للثقافة الإسلامية فى تخريج أئمة وعلماء ينشرون مناهج الفكر الإسلامى المستنير بوسط آسيا. وأشاد الرئيس الكازاخى بالدور الذى يقوم به الأزهر الشريف والجامعات المصرية فى تعليم أبناء كازاخستان فى مصر. وذكر السفير علاء يوسف أن المباحثات أكدت تقارب رؤى البلدين تجاه عدد من قضايا منطقة الشرق الأوسط من واقع اتساق مواقفهما الداعمة لجهود إحلال السلام والاستقرار حول العالم، ولاسيما التوصل إلى حلول سياسية للأزمات الإقليمية الراهنة، بما يحفظ وحدة الدول وسيادتها على أراضيها ويصون مقدرات شعوبها ويضع حداً لتدهور الأوضاع الإنسانية الذى تشهده بعض دول المنطقة، فضلاً عن أهمية تعزيز جهود المجتمع الدولى لوقف إمدادات المال والسلاح للتنظيمات الارهابية. وفى نهاية المباحثات وجَّه الرئيس الدعوة للرئيس نزارباييف لزيارة مصر خلال عام 2017 بمناسبة مرور 25 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وهو ما رحب به الرئيس الكازاخى ووعد بتلبية الدعوة فى ضوء المكانة التى تحظى بها مصر لدى كازاخستان وشعبها.