فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    عيار 21 يسجل رقمًا جديدًا.. انخفاض أسعار الذهب والسبائك اليوم السبت بالصاغة    يصل إلى 8 جنيهات، ارتفاع أسعار جميع أنواع الزيت اليوم في الأسواق    النيل.. النهر الذي خط قصة مصر على أرضها وسطر حكاية البقاء منذ فجر التاريخ    الري تعلن رقمنة 1900 مسقى بطول 2300 كم لدعم المزارعين وتحقيق حوكمة شاملة للمنظومة المائية    بعد تهديدات ترامب للصين.. انخفاض الأسهم الأوروبية    ترامب: سأتحدث في الكنيست وأزور مصر.. ويوم الاثنين سيكون عظيما    ترامب يعتزم فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على الصين    بعد فوزها بنوبل للسلام.. ماريا كورينا تهدي جائزتها لترامب    بعد اتهامه بالتعسف مع اللاعبين، أول تعليق من مدرب فرنسا على إصابة كيليان مبابي    بعد رحيله عن الأهلي.. رسميًا الزوراء العراقي يعين عماد النحاس مدربًا للفريق    التعليم: حظر التطرق داخل المدارس إلى أي قضايا خلافية ذات طابع سياسي أو ديني    حريق يثير الذعر فى المتراس بالإسكندرية والحماية المدنية تتمكن من إخماده    وفاة المغني الأسطوري لفرقة الروك "ذا مودى بلوز" بشكل مفاجئ    حرب أكتوبر| اللواء صالح الحسيني: «الاستنزاف» بداية النصر الحقيقية    بالأسماء، نقابة أطباء أسوان الفرعية تحسم نتيجة التجديد النصفي    أطباء يفضحون وهم علاج الأكسجين| «Smart Mat» مُعجزة تنقذ أقدام مرضى السكري من البتر    تصفيات كأس العالم 2026| مبابي يقود فرنسا للفوز بثلاثية على أذربيجان    استعداداً لمواجهة البحرين.. منتخب مصر الثاني يواصل تدريباته    أولياء أمور يطالبون بدرجات حافز فنى للرسم والنحت    بالأسماء.. إعلان انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء في القليوبية    «الوزراء» يوافق على إنشاء جامعتين ب«العاصمة الإدارية» ومجمع مدارس أزهرية بالقاهرة    محمد سامي ل مي عمر: «بعت ساعة عشان أكمل ثمن العربية» (صور)    مصطفى كامل يطلب الدعاء لوالدته بعد وعكة صحية ويحذر من صلاحية الأدوية    الموسيقار حسن دنيا يهاجم محمد رمضان وأغاني المهرجانات: «الفن فقد رسالته وتحول إلى ضجيج»    عمرو أديب: شيء ضخم جدا هيحصل عندنا.. قيادات ورؤساء مش بس ترامب    أسعار التفاح البلدي والموز والفاكهة في الأسواق اليوم السبت 11 أكتوبر 2025    موسم «حصاد الخير» إنتاج وفير لمحصول الأرز بالشرقية    مع برودة الطقس.. هل فيتامين سي يحميك من البرد أم الأمر مجرد خرافة؟    برد ولا كورونا؟.. كيف تفرق بين الأمراض المتشابهة؟    وصفة من قلب لندن.. طريقة تحضير «الإنجلش كيك» الكلاسيكية في المنزل    فلسطين.. 155 شهيدًا خلال 24 ساعة رغم بدء سريان وقف إطلاق النار    بمشاركة جراديشار.. سلوفينيا تتعادل ضد كوسوفو سلبيا في تصفيات كأس العالم    غادة عبد الرحيم تهنئ أسرة الشهيد محمد مبروك بزفاف كريمته    حروق من الدرجة الثانية ل "سيدة وطفلها " إثر انفجار أسطوانة غاز داخل منزلها ببلقاس في الدقهلية    العراق: سنوقع قريبا فى بغداد مسودة الإتفاق الإطارى مع تركيا لإدارة المياه    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ترامب يعتزم عقد قمة مع دول عربية وأوروبية خلال زيارته لمصر.. الخطوات التنفيذية لاتفاق شرم الشيخ لوقف حرب غزة.. وانفجار بمصنع ذخيرة بولاية تينيسى الأمريكية    ترامب: اتفاقية السلام تتجاوز حدود غزة وتشمل الشرق الأوسط بأكمله    13 ميدالية حصاد الناشئين ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالعاصمة الإدارية    من المسرح إلى اليوتيوب.. رحلة "دارك شوكليت" بين فصول السنة ومشاعر الصداقة    الهضبة عمرو دياب يحتفل بعيد ميلاده.. أيقونة لا تعرف الزمن    د. أشرف صبحي يوقع مذكرة تفاهم بين «الأنوكا» و«الأوكسا» والاتحاد الإفريقي السياسي    وزارة الشباب والرياضة| برنامج «المبادرات الشبابية» يرسخ تكافؤ الفرص بالمحافظات    وزارة الشباب والرياضة.. لقاءات حوارية حول «تعزيز الحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد»    15 أكتوبر.. محاكمة أوتاكا طليق هدير عبدالرازق بتهمة نشر فيديوهات خادشة    التصريح بدفن طالب دهسه قطار بالبدرشين    مقتل كهربائى بالمنصورة على يد شقيق طليقته بسبب خلافات    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية    هالة صدقي تهنئ الإعلامية إيناس الدغيدي بعقد قرانها: "تستاهلي كل خير"    انطلاق بطولة السفير الكوري للتايكوندو في استاد القاهرة    جنوب سيناء.. صيانة دورية تقطع الكهرباء عن رأس سدر اليوم    تفاصيل طعن مضيفة الطيران التونسية على حكم حبسها بتهمة قتل نجلتها    جلسة تصوير عائلية لنجل هانى رمزى وعروسه قبل الزفاف بصحبة الأسرة (صور)    فوز أربعة مرشحين في انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء القليوبية وسط إشراف قضائي كامل    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صانع ابتسامة الفقراء فى عيده الذهبى
السيرك القومي يبوح بأوجاعه

في طريقنا من جريدة الأهرام بشارع الجلاء حتي مقر السيرك القومي بالعجوزة دار بخلدنا ذكريات المدرسة عندما كانت تنظم رحلتها للتلاميذ لزيارة معالم القاهره, كان أهمها زيارة الأهرامات ومنطقة الحسين التاريخية والسيرك القومي, وكان ذلك في نهاية الثمانينيات.. لكن عندما وصلنا إلي السيرك وجدنا الوضع تغير ولم يعد كما كان في مخيلتنا نتيجة الشيخوجة التي اصابته, بسبب الاهمال وسوء الادارة في ال30 سنة الأخيرة مثلما أصابت معظم مؤسسات الدولة.
ولكن رغم المشاكل التي يعانيها إلا أننا وجدنا فنانين يقدمون فنا ممتعا, ففي السيرك فقرات وراء كل فقرة حكاية وراء كل حكاية فنان لدية موهبة, يؤي بشغف.. يحاول رسم الضحكات علي الوجوه.. هنا يصفق له الجمهور ليشعر بعدها لاعب السيرك بالسعادة ليرفع يديه تحية لهذا الجمهور, لكن مع نهاية فقرته تظهر معاناة هذا الفنان نتيجة الأزمات التي يعيشها كل لاعبي السيرك, من عدم اعتراف الدولة بهم كفنانين, وضعف رواتبهم, والمعدات المطلوبة لتأدية فقراتهم, وتأخر الدولة في الموافقة علي عودة مدرسة السيرك, وأخير عدم وجود سيارة اسعاف داخل السيرك, مشاكل كثيرة يعاني منها فنانو السيرك الذين يعشقون فنهم.. فصانع بهجة البسطاء السيرك يحتفل هذا الشهر باليوبيل الذهبي لانشائه, حيث افتتحه الرئيس عبد الناصر عام1966 في موكب ضخم ضم لاعبي السيرك.
البداية كانت مع إبراهيم عبدالسلام لاعب فقرة الساحر الذي صدمنا بكلامه حيث قال: أنا موجود في السيرك منذ أكثر من20 عاما, وانضممت إليه لأن كل عائلتي موجودة فيه, فالسيرك فن موروث, وفنون السيرك ربما لا تحظي بشهرة أو رفاهية معظم الفنون, إلا أنها تمتلك البساطة والإبداع والعفوية والأمل, فترسم الضحكات علي وجوه مئات المتفرجين, فهذه الفنون قادرة علي سحب هموم هؤلاء المتفرجين, ورغم ذلك فان الدولة غير معترفة بفنان السيرك علي أنه فنان, رغم أن حياته معرضة للخطر في كل لحظة يقدم فيها فقرته, وهو يقدم شيئا لا يقدمه أحد غيره, فالسيرك ملئ بالمواهب, والغريب أن هذه المواهب عندما تشارك في المهرجانات العالمية تحصد علي جوائز, وعندما تعود إلي مصر لا تجد تكريما من أحد حتي من وزارة الثقافة المسئولة عن هذا الصرح, لذلك فالسيرك يحتاج إلي تطوير وتحديث يبدأ من أول الباب العمومي حتي الباب الخلفي له, بحيث يكون ذلك تحت اشراف لجنة من بعض فناني السيرك. بالإضافة إلي ضرورة النظر في ملف اجور لاعبي السيرك فلا يوجد أحد في السيرك يكفيه دخله الشهري حتي مدير السيرك نفسه.
الساريكات الخاصة تؤثر سلبيا علينا ومازال الكلام علي لسان إبراهيم: فهذه الساريكات عندما تريد عرض فقراتها في أي في مصر يجب أن تأخذ تصريحا للعرض من السيرك القومي, لكن هذه الساريكات تأخذ موافقات من جهات أخري غير السيرك القومي, والغريب أن السيرك الخاص قائم علي فنان السيرك القومي, يعني الدولة تربي لاعبا وتهتم وترعي موهبته وتخرج فنانا وفي النهاية يأتي السيرك الخاص ويأخذه علي الجاهز.
.
في كل لحظة يشاهد الموت
أما كريم راشد,28 سنة, فكان أكثر تشاؤما من زميله إبراهيم عبدالسلام حيث قال: الفكرة المأخودة عن شباب السيرك أنهم مجموعة بهلونات وليس فنانين هدفهم الأساسي اضحاك الجمهور, وهذا ما يحزننا, خاصة وأن هناك فنونا أقل منا أخذت حقها سواء المادي أو المعنوي, فالسيرك هو بيتي الذي تربيت فيه منذ صغري, ولم يمنعن من التفوق في الدراسة, حيث حصلت علي بكالوريوس التجارة, بالإضافة إلي حصولي علي ماجستير في التدريب التخصصي للجمباز. وكل ذلك وانا اتتدرب فيه, وحاليا أقدم فقرتين في السيرك هما فقرة المكعب الفضائي, وهي عمل حركات جمباز داخل مكعب مصنوع من البلاتينيومحبل معلق أي عمل أكروبات بإستخدام الحبل المعلق علي إرتفاع20 مترا, ورغم الخطورة التي أتعرض لها كل ثانية أثناء تقديم فقرتي التي لا تتعدي5 دقائق إلا أنني أشاهد الموت في كل لحظة, ومع ذلك ليس هناك أدني اهتمام من قبل الدولة بفن السيرك. مشيرا إلي أن وزارة الثقافة تهتم بفنون, كالأوبرا والفنون الشعبية, ولا تعير أي أهتمام بالسيرك القومي. والدليل علي عدم اهتمام وزارة الثقافة بهذا الفن, أن السيرك الصيني قام بجلب فنانين تابعين له قاموا بعمل فقرة أمام الرئيس الصيني في أثناء زيارته الأخيرة لمصر بينما تم تجاهلنا فلدينا العديد من الكوادر القادرة علي فعل مثل تلك الأكروبات.
ويواصل كريم حالة التشاؤم والاحباط التي فرضها علي الحوار قائلا: السيرك ليس له تصنيف عالمي, فتصنيفنا الآن صفر علي خريطة العالم بالرغم من المواهب المتعددة التي نمتلكها, وكان أخر وجود لنا عالميا في حقبة الستينيات, حينما أحضر لنا الرئيس جمال عبدالناصر خبراء ومدربين أجانب من الخارج, كما قام بتخصيص مقر للسيرك وتأسيسه بشكل احترافي,, ومنذ ذلك الحين والخبرة داخل السيرك متوارثة لكنها ليست علي أساس علمي, فالجيل السابق يسعي لبقاء الجيل الذي يأتي بعده من خلال تعليمه ما تعلمه, ولكن مما لا شك فيه أنه مع انتقال المعلومة من فرد لفرد تقل مصداقيتها, لذا فحال السيرك الأن هو40% خبرة من الأهل, والباقي مجهود ذاتي من خلال بحثهم علي الانترنت. فحتي مشاركة السيرك في المهرجانات الدولية تكون بشكل شخصي وليس عن طريق السيرك.
الميرانية لا تكفي دائما
اللاعبة ليلي الجوهري, التي تقدم فقرة النيشان بالكرابيج, والتي ركزت في كلامها علي الفرق بين السيرك قديما وحديثا, قائلة: قديما كانت الناس تعشق الفن بكل أشكاله أكثر من المادة, ولكن الوضع اختلف كثيرا حاليا فالمادة أصبحت أهم من أشياء كثيرة. وعن اختلاف جمهور السيرك قديما وحديثا ردت قائلة: أعتقد أن جمهور السيرك لا يتغير, فكما يعشق العاملين في السيرك العمل به, هناك جمهور محدد يتردد عليه, إلي جانب أننا نسعي لإستقطاب رواد جدد الآن عن طريق تكوين قاعدة شعبية أكبر. فنحن لدينا الرغبة في الخروج إلي المحافظات الأخري, ولكن المشكلة التي تقابلنا هي العبارة الشهيرة للمسئولين بأن الميزانية لا تكفي.
ولكن أبرز مشكلة تواجه السيرك الآن هي عدم دخول عناصر جديدة, حيث ان الدولة تمنع إلتحاق الأطفال دون سن ال18, وإذا وافقت إدارة السيرك علي التحاقه به لا يكون له أي حقوق, وإذا أصيب يتكفل هو بالعلاج في حين أن الجيل القديم في طريقه للتقاعد, لذلك يجب علي الدولة استثناء السيرك من هذا الشرط.. كما أنه لا يوجد بدل مخاطر, وبالإضافة إلي المشاكل المادية التي تؤرق الفنانين من عدم القدرة علي شراء معداتهم لتكاليفها الباهظة فكان سؤالنا ما سر الإصرار علي الاستمرار إذا بالسيرك ؟, فجاء الجواب علي لسانها للسيرك جاذبية خاصة من يعمل به لا يستطيع الإبتعاد عنه.
وأضافت الجوهري أن الساريكات الخاصة افادتني, حيث سمحت لنا بتبادل الثقافات مع الدول التي تقدم عروضها في مصر, فعلي سبيل المثال فكرة عرض الكرابيج التي أقدمها تعلمتها من خلال سيرك خاص في روسيا, ولكنها في نفس الوقت أثرت بالسلب علينا لأنهم نجحوا في التوغل في البلد, خاصة وأنهم نجحوا في تمييز أنفسهم بإبهار روادهم; بالواجهة الجذابة للعين والأضاءة, والدعاية المميزة.
اهمال وزارة الثقافة
كنت المشارك المصري والأفريقي الوحيد في مهرجان لاتفيا, وحصلت علي جائزة خاصة.. ولم يستقبلني أو يكرمني أي مسئول في مصر.. هكذا وبنبرة حزينة أستهل اللاعب وئام راشد,18 سنة, كلامه, الذي أختار أن يلتحق بكلية التربية الرياضية, لحبه وتعلقه بالسيرك وفنونه فأراد أن يثقل أداءه وفقا للأسس العلمية, فهو ينتمي لواحدة من أشهر العائلات التي تعمل بالسيرك, التي نمت لديه حب الانتماء للمكان.
يقول وئام اخترت لعبة الجونجلير أي اللعب بالكور, وبدأت التدريب عليها منذ أن كان عمري11 عاما, بعدها سافرت إلي الصين لاحتراف هذه اللعبة, وكان ذلك علي نفقتي الخاصة بعدها عدت للسيرك القومي وبدأت اقدم فقرتي فيها.
وأشار: شاركت في مهرجان جولدن كارل, الذي أقيم في لاتفيا بمشاركة34 دولة من بينها روسيا والصين وكازاخستان,لم تكن مصر من الدول المشاركة فيها, لكنني سعيت بمفردي للمشاركة به, حيث أرسلت إلي القائمين علي المهرجان فيديو خاصا بي, وأنا العب بالكور, وجاء الرد بالموافقة علي مشاركتي, لأحصل علي جائزة خاصة, كما حصلت علي دعوة للمشاركة في مهرجان لوجانسك في أوكرانيا, والذي سيقام في سبتمبر المقبل. لكن أكثر ما أحزنني هو عدم استقبال أو تكريم المسئولين لي, حيث أنني شاهدت مدي اهتمام الدول التي شاركت في مهرجان لاتفيا بلاعبيها, حيث يتم توفير جميع احتياجتهم المادية والصحية والنفسية المطلوبة لهم, في حين أنني العب ب11 كرة, غير موجود منها محلي, وإذا توافرت تكون بجودة أقل مما يعيق أداء فقراتي بالشكل اللائق, لذا فيتم استيرادها من الخارج بنحو ألف دولار في حين أن دخلي الشهري من السيرك200 جنيه فقط شهريا, بالإضافة إلي ذلك نحن نريد عربة إسعاف تكون موجودة باستمرار داخل السيرك لأن الخطأ وارد في أي لحظة, فعندما يصاب أي لاعب في السيرك نبحث عن سيارة تنقله للمستشفي أو نبقي في انتظار عربة الإسعاف تكون حالته قد ساءت.
فقدان الأسد أصعب موقف
ليس من المعقول أن ندخل السيرك دون أن نتحدث مع أحد أهم عائلة في تاريخ السيرك القومي وهي عائلة الحلو.. ففجأة وبدون مقدمات وجدنا أمامنا فتاة يرحب بها كل ما في السيرك عرفنا بعد ذلك أنها لوبا الحلو مدربة الأسود اقتربنا منها وسألناها كيف تستطيع فتاة تدريب حيوانات مفترسة مثل الأسود والنمور؟ فاجابت لوبا الحلو: نحن عائلة الحلو نتوارث هذه المهنة فهي حاجه داخل جينات عائلة الحلو ليس لها علاقة بالحب أو الكره, فتجدنا نتحرك في اتجاه هذه المهنة دون توجيه من أحد فهو أمر ليس اختياريا, لدرجة أنني لم اتخيل نفسي في مهنة أخري غير هذه المهنة, حيث أنني بدأت وعمري3 سنوات المشاركة في عرض فقرة الأسود في السيرك, فكان والدي يأخذني أثناء العرض وكان يوجهني, حتي احترفت هذه المهنة وبدأت أعرض بمفردي.
وعن طريقة تعاملها مع الأسود قالت لوبا: أتعامل مع الأسود بطريقة مختلفة حيث أبدأ معهم وهم رضع, واتعامل معهم مثل الأطفال من حيث الاهتمام بنظافتهم وطعامهم وأحيانا أخذهم معي في غرفتي وألعب معهم, من هنا يحفظون صوتي ومعرفتي, فأنا اعتبرها مثل أطفالي, لدرجة أنني عندما اعاقب أسد يكون بمثل ما أعاقب أحد ابنائي فلا أضربه بعنف, وعندما يصل عمر الأسد5 شهور ابدأ معه التدريبات, بحيث تكون في البداية ساعة أو ساعتين حسب إستجابة الأسد للتدريب, لذا فإن أصعب موقف اقابله في هذه المهنة هو فقدان أسد أو نمر لأنني ببساطة اجلس معه أكثر من أولادي.

جلال عثمان: لابد من عودة مدرسة السيرك.. والقانون يحرم الفنون الشعبية من استمراريتها
فنانو السيرك يعشقون فنهم يخاطرون بأرواحهم من أجل بقاء هذا الفن, فالموهبة عندما تتحول لمهنة من أجل كسب الرزق يصبح من الصعب التخلي عنها حتي وان واجهت صاحبها مشاكل كثيرة لكنه لن يسطيع التخلي عنها.. هكذا بدأ جلال عثمان مدير السيرك القومي كلامه حيث قال: رغم أن السيرك القومي هو السيرك الوحيد في الشرق الاوسط وله تاريخ كبير إلا أنه يعاني من الشيخوخة نتيجة سياسات عدم الاهتمام التي اتبعت معه في ال40 سنة الاخيرة, فنحن لدينا مشاكل كثيرة نعاني منها أهمها مشكلة توفير الأجهزة والمعدات والملابس المستخدمة في عروض السيرك, لأن هذه الأجهزة مستوردة من الخارج والمحلي منها اعطاله كثيرة ويسبب كوارث, لذلك نجد معاناة شديدة عند طلب هذا المعدات, بالإضافة إلي ذلك يجب علي الدولة أن تعيد مدرسة السيرك مرة أخري, لانه قائم علي الأطفال في الأساس, خاصة وأن الدولة منعت التعامل مع المراحل السنية الصغيرة, لذلك يجب استثناء السيرك من هذا الشرط, لأن الطفل في المرحلة العمرية يستجيب جسمه لتدريبات فنون السيرك, بحيث يتم تخريج فنان لديه موهبة, فلاعب السيرك لابد أن نبدأ معه قبل أن يصل عمره8 سنوات, لذلك تقدمنا بمشروع إلي وزارة الثقافة بعودة مدرسة السيرك بميرانية2 مليون جنيه, ولو تم حل هذه المشكلة سنضمن استمرارية فن السيرك, لانه لو استمر الحال كما هو عليه الأن فلن تدخل مواهب جديدة إلي السيرك وبالتالي بعد10 أو15 سنه لن يكون للسيرك وجود, فالقانون بذلك يحرم الفنون الشعبية من استمراريتها. إلي جانب ذلك يجب علي الدولة أن تعيد النظر في الحقوق المادية الخاصة بفناني السيرك في ضوء المخاطر التي يتعرضون لها باستمرار.
وأضاف عثمان: رغم كل هذه المشاكل إلا أن السيرك في الموسم الحالي والذي بدأ في17-7-2015 حقق3 ملايين جنيه ايرادات حتي يناير الماضي فقط, ومتوقع خلال5 الأشهر المتبقية من الموسم أن نحقق أكثر من مليون جنيه, خاصة وأن هذه الفترة تتأثر بامتحانات الطلبة في المدارس والجامعات. بالإضافة ألي ذلك سوف نقوم بافتتاح فرع آخر للسيرك للقومي في مدينة15 مايو الشهر القادم, رغم أن هذا الفرع موجود من أكثر من24 سنة ومجهز إلا انه لم يعمل إلا3 مرات خلال هذه المدة نتيجة سوء الادارة. كما أننا حاليا نتفاوض مع المسئولين في مدينة شرم الشيخ من أجل تخصيص قطعة أرض لافتتاح فرع فيها من الممكن أن يساهم في تنشيط السياحة.
ورفض عثمان ما يتردد بأن السيركات الخاصة أصبحت افضل من السيرك القومي, فنحن نقدم منتجا فنيا أفضل, لكن السيرك الخاص يتفوق علينا في الشكل الخارجي من الإضاءة المبهجة ووجهة جاذبة, لأن هناك مستثمرا يقوم بدفع أموال ويريد أن يحصل علي ربح من ورائها, لذلك قمنا باعادة صياغة كاملة للبنية الأساسية الخاصة بالسيرك, فتم تطوير منظومة الكهرباء والجيم والوحدة العلاجية من أجل الارتقاء بالسيرك.

عند افتتاحه: عبدالناصر يقرر إخلاء شوارع القاهره.. والسادات يغلق مدرسة السيرك
يعود انشاء السيرك في مصر الي عهد القدماء المصريين وكان أحد اهم الفنون الموجودة في مصر الفرعونية.. وفي عام1869 قرر الخديو اسماعيل انشاء سيرك في منطقة الأزبكية, وكان يقدم بين فقراته عروضا للتمثيل والموسيقي, وظل الحال كذلك حتي ظهر أول سيرك خاص عائلي عربي هو سيرك محمد الحلو عام1889, ليظهر بعده سيرك عاكف عام.1912
ولأن السيرك من أرقي ألوان الفنون.. كان السيرك الروسي المزار الأول لضيوف روسيا من الملوك والرؤساء, لذلك عندما عاد الرئيس جمال عبد الناصر من زيارة له للاتحاد السوفيتي قرر الإستفادة من التجربة الروسية في انشاء السيرك الروسي الحديث وكانت أهم أوامره هي انشاء سيرك قومي لمصر في عصرها الذهبي للفنون; فقام ثروت عكاشة بجمع الفرق الخاصة الموجودة وقتها وأحضر الخبراء الأجانب والمدربين والمخرجين من روسيا إلي مصر وكانت التدريبات تتم في الحديقة الخلفية لقصر عابدين,
وافتتح الزعيم عبد الناصر وثروت عكاشة السيرك القومي في عام1966 في موكب ضخم ضم لاعبي السيرك في العقلة والبسكليت والخيول والافيال وتم اخلاء بعض شوارع القاهرة له, وخلال عام واحد وصل السيرك القومي إلي القمة وأصبح ترتيبه الثالث علي مستوي العالم من حيث قوته وتأثيره وكانت فقراته لاتقل عن مستوي سيرك موسكو وظل كذلك حتي أوائل الثمانينيات و اصبح فنانوه سفراء لمصر في الداخل والخارج والأوائل, بل الوحيدين في الشرق الأوسط, وبعد وفاة الرئيس جمال قرر وزير الثقافة يوسف السباعي اغلاق مدرسة السيرك عام1975 وذلك في عهد الرئيس الراحل أنور السادات....
مائة وخمسون عاما مرت منذ دخول فنون السيرك إلي مصر علي يد رواده الأوائل أمثال عائلة الحلو وعاكف, ازدهر فيها السيرك وانفقوا خلالها أموالهم وأرواحهم من أجل بقائه. تدهور حال السيرك منذ ان اصبح قوميا في ظل إشراف وزارة الثقافة فأصبح فنانو السيرك يجنون الملايين ونصيبهم منها الملاليم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.