«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطب الرؤساء أمام البرلمان.. شهادات على تحديات كل عصر
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 02 - 2016

خطب الرؤساء تحت قبة البرلمان لاشك أنها عكست التحديات والأمال والطموحات وايضاً تحدثت عن الانكسارات والإخفاقات فتاريخ مصر شائك والخوض فيه فى غاية الصعوبة والرجال الذين تحملوا المسئولية فى فترات متباينة لاشك أنهم مختلفين وهذا الملف يرصد عبر عينة من الخطب ماذا كانت رسائل الرؤساء فى خطبهم تحت القبة ومن هم وكيف أنهم تباينوا
...................................................... فشخصية عبد الناصر ظهرت جلية فى خطبه ولاشك اننا لو أردنا أن نحلل خطب الرجل لأحتاجنا لكثير من المؤلفات ولكن فى هذا الملف نركز على الخطب المؤثرة والمحورية والمصيرية تحت قبة البرلمان ومن أهم الملاحظات أن شخصية عبد الناصر منذ الوهلة الأولى قد قبلت التحدى والوقوف فى وجه الاستعمار واعلاء قيم التحرر الوطنى وكسر احتكارات السلاح وتأميم السويس وكلها تعكس شخصية الرجل وخطبه تعكس التحدى ، وتحت قبة البرلمان اختارنا له مقتطفات تعكس هذه الخصلة فكل تعبيراته وتراكيبها اللغوية تحمل هذا المعنى .
أما السادات فهو رجل الصدمات الكهربائية فى السياسة ويشترك مع عبد الناصر فى كونه لو أردنا التحدث عن خطبه لأحتاجنا ايضا لمؤلفات لأن خطاباته كانت تحمل الكثير من المفاجآت فمنها ما كان يمثل أحلاما عريضة ومنها ما كان عاصفا ومنها ايضا ما كان صداميا فحمل عهده تحولات كبرى وجذرية ، ولذلك اختارنا ثلاث خطب هى : خطاب النصر فى 1973 أمام البرلمان وخطاب الاستعداد للذهاب للكنيست فى 1977 ، وخطاب المواجهة العاصفة مع الجميع فى 5 سبتمبر 1981 وكان بعدها بشهر حادث اغتياله
وعن مبارك الذى تولى المسئولية عقب اغتيال السادات وعاش أطول فترات الحكم فمصر قد اتسمت فى عهده بالركود وعدم التحرك وتقلص فى الدور الإقليمى وعلى الصعيد الداخلى عانت من سوء توزيع الثروة وفساد الشلة وشلة الفساد .
ولن نتعرض لكلمة محمد مرسى الذى قضى عاما فى الحكم وخرج بثورة 30 يونيو لأنه لجأ لمجلس الشورى وهو المجلس الصورى ليخطب أمامه متحديا القضاء والدستور والشعب وسقط من أجل هذا.
أما عبد الفتاح السيسى فهو أول رئيس يخطب أمام مجلس النواب بعد أن تغير اسمه من مجلس الشعب وتم إلغاء مجلس الشورى، وايضاً هو أول رئيس يلقى خطابه أمام مجلس النواب عقب ثورتين مرتا على مصر فى أقل من 5 سنوات ، وكان حريصا فى خطابه الأول على الديمقراطية فذكر فى خطابه الدولة المدنية الحديثة 9 مرات مما يعكس مدى اهتمامه لتأسيس دولة ديمقراطية ثم ذكر المرأة والشباب والحوار مع الشباب والاحتواء والدمج فى دلالة واضحة على سياسة تستهدف هذه الفئات وترعاها كما أن ذكرهم فى الخطاب كان يريد أن يعكس حجم التنوع وانه رئيس لكل المصريين دون تفرقة أو تمييز لجماعة أو طائفة أو عشيرة وان دخول شيخ الأزهر وبابا الكنيسة ليعبر عن مدى احترام الدولة للدين وتوقير أهله وفى نفس الوقت رفض التعصب الأعمى والإرهاب الأسود .
وحرص السيسى ايضا على ذكر المؤامرة ليؤكد بكونه رئيسا لمصر أن هناك مؤامرة ولولا توحد الشعب وقياداته لما نجحنا فى مواجهة هذه المؤامرة التى مازالت مستمرة ، وأعلن السيسى فى خطابه أنه جاء ليسلم السلطة التشريعية للبرلمان ، ولاشك أننا أمامنا الكثير حتى نحلل خطب السيسى أمام البرلمان لأن أمامنا خطابا واحدا وليس مقياسا نحكم به على اية حال . وفى السطور القادمة سنتاول بالتحليل أهم خطابات الرؤساء تحت القبة.
عبد الناصر رجل التحديات
جسد عبد الناصر حلما جميلا لكل المصريين والعرب فى كونه تحدى الاستعمار وحمل لواء التحرر الوطنى وحلم بالاشتراكية والمساواة والوحدة العربية وتحدى الاستعمار وكسر احتكار السلاح وأمم القناة وواجه عدوانا ثلاثيا وقفت الأمة كلها فى وجه هذا العدوان ، ولاشك أن خطبه أمام البرلمان عكست لحظات التحدى والأمل حتى فى أحلك ظروف الاخفاق والانكسار وهى 1967 وسنبدأ بخطاب الوحدة مع سوريا تجسيد الحلم العربى والوقوف فى وجه الاستعمار ، ثم كلمات من خطابه فى 1965 أمام البرلمان وحديثه عن التجربة والتحدى ، ثم الخطاب الأهم الذى ألقاه فى مجلس الأمة فى 23 /11 / 1967 اى بعد 4 شهور من العدوان الاسرائيلى فكيف كانت نفسيته وكيف تحدث فهو تحول من نفسية التنحى لنفسية التحدى وازالة آثار العدوان تحمل تبعات مسئوليته.
فعن الوحدة مع سوريا قال أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة: فى حياة الشعوب أجيال يواعدها القدر، ويختصها دون غيرها بأن تشهد نقط التحول الحاسمة فى التاريخ، إنه يتيح لها أن تشهد المراحل الفاصلة فى تطور الحياة الخالد؛ تلك المراحل التى تشبه مهرجان الشروق حين يحدث الانتقال العظيم ساعة الفجر من ظلام الليل إلى ضوء النهار.
إن هذه الأجيال الموعودة تعيش لحظات رائعة، إنها تشهد لحظات انتصار عظيم لم تصنعه وحدها، ولم تتحمل تضحياته بمفردها؛ وإنما هى تشهد النتيجة المجيدة لتفاعل عوامل أخرى كثيرة واصلت حركتها فى ظلام الليل ووحشته، وعملت وسهرت، وظلت تدفع الثوانى بعد الثوانى إلى الانتقال العظيم ساعة الفجر.
أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة:إن هذا الجيل من شعب مصر من تلك الأجيال التى واعدها القدر لتعيش لحظات الانتقال العظيمة التى تشبه مهرجان الشروق. لقد عشنا ساعة الفجر، ورأينا انتصار النور الطالع على ظلمات الليل الطويل؛ لقد عشنا فجر الاستقلال، وعشنا فجر الحرية، وعشنا فجر العزة والكرامة، وعشنا فجر القوة، وعشنا فجر الأمل فى بناء مجتمع سعيد. واليوم - أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة - نعيش فجراً جديداً رائعاً، لقد بدأ مشرق الوحدة.
أيها المواطنون.. أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة: لقد سبق كل فجر شهدنا مطلعه ليل طويل؛ لقد سبقت فجر الاستقلال وفجر الحرية، وفجر العزة والكرامة، وفجر القوة، وفجر الأمل، ليال طويلة امتدت مئات السنين فى صراع مستمر مع ظلام الاستعمار والاستبداد والظلم والضعف.. ليال طويلة عاشتها أجيال قبلنا، وقاست أهوالها وتحملت مصاعبها لكى تقرب منا اللحظات الرائعة للانتقال العظيم. وكذلك هذا الفجر الذى نشهد اللحظة مطلعه، إن الليل الذى سبق فجر الوحدة هو دون شك أطول ليالى كفاح أمتنا العربية؛ ذلك أن الأمل الذى يتحقق لنا اليوم هو أقدم آمالنا. إن تاريخ الوحدة فى عمر أمتنا هو نفس عمر تاريخ أمتنا، لقد بدأ معها منذ بدأت، نشأ على نفس الأرض، وعاش نفس الحوادث، واندفع إلى نفس الأهداف، فلما استطاعت أمتنا أن ترسى قواعد وجودها فى هذه المنطقة وتثبت دعائم هذه القواعد، كان مؤكداً أن الوحدة قادمة وأن موعدها بات قريباً.
وفى خطابه فى 1965 وعن تقييمه للتجربة سنجده يردد كلمات فى غاية الأهمية والعمق حيث قال : «إن الذين لايستفيدون من تجاربهم يستسلمون للدوران فى حلقات مفرغة ، والذين لا يتفاعلون مع الواقع يتخلون عن قدرتهم عن تغييره وينقلون أنفسهم بأيديهم من آفاق الحياة الرحبة إلى جدران متاحف التاريخ ، ومراجعة التجربة ليس تراجعا وإنما ظواهر خاصة فى نقاط التحول» .
وأشار عن التحديات قائلا: «انتقلنا من العمل فى الثورة السياسية الإجتماعية، وانتقلنا من عصر الكتلتين لتعدد المراكز ، ومن احتمالات الحرب النووية إلى استحالة الحرب النووية» وكانت مصر فى هذه المرحلة تعيش تحديات خطيرة فى اليمن وتحديات التنمية وكان عبد الناصر يريد أن يقول أن أى تجربة تحتاج لمراجعة لتصحيح مسارها بشكل دائم ومستمر .
«من التنحى للتحدى»
عبد الناصر فى خطابه أمام مجلس الأمة بعد 4 أشهر من العدوان الاسرائيلى كان خطابه أمام مجلس الأمة يحمل التحدى والعزيمة وانتقل نفسيا من التنحى واليأس إلى التحدى والأمل والاصرار على تخطى المِحنة يعّرف ماهى الهزيمة ويرفضها .. ويتحمل المسئولية ويؤكد أنه مكلف من الشعب بتحمل هذه المسئولية وبعد ازالة آثار العدوان يكون بقائى ودورى مرهون باستفتاء من الشعب.. وفتح جميع الملفات عن النكسة ورفضه للفظ الهزيمة واستطرد فى شرحه لما حدث فى إنجلترا خلال الحرب العالمية الثانية وانتصارات ألمانيا واليابان وأوضح أنها لم تكن انتصرت فى المعركة ولكنها انتصرت فى جولات خلال معركة طويلة وان الأمر انتهى بحسم المعركة للولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا ،. وأن ما حدث فى 1967 ما هى إلا جولة وان المعركة لم تنته بعد «فالحرب ليست سلاحا ضد سلاح وإنما إرادة ضد إرادة».
وقال عبد الناصر فى الخطاب « هذا الموقف كان هو بذاته نقطة التحول فى الأزمة.. إن هذا الموقف كان هو الحد الفاصل بين الظلام الذى أطبق علينا وبين الضياء الذى أمسكنا بخيوطه، ورحنا ننسج منها نهاراً جديداً أكثر إشراقاً وأكثر مدعاة إلى الأمل. إن شعبنا بهذا الموقف أثبت أن رقعة من أرضه قد تسقط تحت احتلال العدو، ولكن أى رقعة من إرادته ليست قابلة للسقوط تحت أى احتلال، وإرادة الشعب - وليست أى رقعة من الأرض - هى القول الفصل، وهى الفارق بين القبول بالهزيمة والاستسلام لها وبين التصميم على المقاومة والإصرار عليها؛ حتى يمكن استعادة رقعة الأرض المحتلة، واستعادة النصر الضائع» .
وعن لغة النقد والهجوم قال « الحقيقة بعد النكسة وبعد الأيام الستة كان فيه موجة من النقد وأنا تكلمت عليها يوم 23 يوليو فى خطابي، ولكن وضع طبيعى قوى أن تكون هناك موجة من النقد، ولكن كون هذه الموجة من النقد تنقلب مثلاً إلى التشكيك فى كل شيء، معناه ان احنا ما قابلناش النكسة مقابلة الرجال. إذا كان كل واحد؛ فى كل مصنع، وفى كل مكان، وفى كل موقع، يطالب بمحاسبة غيره، كل واحد يطالب بحساب غيره وبيذم فى غيره، معناها ان احنا ما قدرناش نستوعب النكسة استيعاب الرجال أبداً. كل واحد فى مكانه - على قد ما بيفسر النكسة - مسئول عن ظروف أدت إلى ذلك.. كل واحد.. أنا وقفت يوم 9 وقلت ان أنا باتحمل المسئولية كلها عن كل شيء، مش معنى هذا ان أنا النهارده باقول لا أنا ما تحملش المسئولية! لا أنا باتحمل المسئولية، ولكن أيضاً مش أنا اللى هاقدر أغير كل شيء فى هذه البلد لوحدي، إذا كان كل واحد يطالب غيره بالحساب وهو نفسه ما يتحاسبش، معنى دا إيه؟ معناه ان احنا بننقاد إلى خطوط أو طرق أو مسارات قد يكون أعداؤنا بيوضعوها لنا. كل واحد قبل ما ينقد غيره ينقد نفسه، كل واحد منا مسئول، كل واحد منا يجب أن يساعد على كسب معركة الإرادة بإنه يدى الثقة فى النفس للناس كلها.
باقول ان احنا يجب أن نتقبل الموقف كما يتقبله الرجال، ومش كل واحد فينا يلقى اللوم على غيره، كل واحد فينا يتوجه بالنقد لغيره.. إذا كنا فعلاً عايزين إرادتنا تقوى كل واحد فينا يتوجه بالنقد لنفسه، ويحاول أن يصلح من أخطائه.
أما المسئولية فقال وحينما أقول إن كل واحد فينا فى مكانه مسئول عن الظروف التى أدت إلى النكسة، وأنا قلت - ومازلت أقول - إننى أتحمل المسئولية كلها، وسوف أظل أتحملها كلها وأرضى فيها بأى حساب، وأقبل فيها كلمة الشعب كيفما تكون، وإذا سرنا كما يسير الرجال فى هذه المرحلة.. أنا على ثقة ان إرادتنا ستقوى وتقوى وتقوي. تذكرون حضراتكم بعد موقف الشعب يوم 9 و10 يونيو، وإصراره على رفض قرارى بالتنحي، أننى قلت فى رسالة إلى مجلسكم الموقر: إن صوت جماهير شعبنا بالنسبة لى أمر لا يرد؛ ولذلك فقد استقر رأيى على أن أبقى فى مكانى وفى الموضع الذى يريد الشعب منى أن أبقى فيه، حتى تنتهى الفترة التى نتمكن فيها جميعاً من إزالة آثار العدوان، على أن الأمر كله بعد هذه الفترة يجب أن يرجع فيه إلى الشعب فى استفتاء عام.
الأمر والتغيير كان أبعد وأعمق؛ وعلى هذا الأساس كان لابد من أن تغير العناصر اللى استغلت الوضع السياسى للقوات المسلحة، واتخذت من القوات المسلحة وسيلة لكى تجعل من نفسها مركز من مراكز القوي، وأيضاً العناصر اللى كانت تقيم من نفسها طبقة عازلة فوق الجيش.
أما عن القوات المسلحة فأكد « فإننا نستطيع أن نقول باطمئنان إن قواتنا المسلحة قد استعادت جزءاً لا يستهان به من قوتها الحربية، كما أنها الآن تقف على جبهة قوية تقدر فيها على العمل المؤثر والفعال، ولست أريد الآن أن أخوض فى أى تفسيرات عسكرية تفيد العدو ولا تفيدنا، ولكننى أكتفى بالقول بأن المقدرة الحقيقية لقواتنا المسلحة الآن تفوق مقدرتها الحقيقية قبل بدء المعارك، وذلك تغيير ضخم وهائل لم نكن نحلم بالوصول إليه فى هذا المدى القصير من الزمن، الذى أحدث هذا التغيير الضخم أو الذى أتاح له أن يحدث هو الإرادة الشعبية التى تمركزت فى جبهة صمود سياسى بطولى ورفضت رفضاً كاملاً أن تخضع أو تلين، جبهة الصمود هذه هى التى سمحت لخطوات العمل الوطنى أن تتقدم، وأن تتحرك، وأن تحدث التغييرات المادية اللازمة والضرورية.
و بالنسبة لموضوع المعتقلين، احنا اعتقلنا عدد من الإخوان المسلمين بعد عمليات الإرهاب اللى كانت موجودة من سنتين، طبعاً ماكانش مفروض ان احنا حنعتقل هؤلاء الناس إلى الأبد، ولكن كان حتى مفروض ان احنا سننظر فى هذه الاعتقالات، وكان فيه بعض تقارير موجودة بالإفراج قبل العدوان وقبل النكسة، ولكن طبعاً الظروف اللى اتحطينا فيها خلتنا نوقف أى إفراج، ماكانش ممكن بعد النكسة ان احنا نفرج، ولكن أنا أشعر النهارده ان وضعنا الداخلى يمكننا من ان احنا نفرج.. وعلى هذا تصدق على الإفراج عن عدد كبير من المعتقلين، مش حيفضل من المعتقلين إلا الناس اللى كانوا أعضاء فى الجهاز السرى والتنظيمات السرية المسلحة، وهؤلاء الناس كان عليهم أحكام وأنا فى سنة 64 اديتهم عفو وشلت عنهم هذه الأحكام؛ إما عفو صحى أو عفو كامل، وعملنا لهم قانون بأنهم يرجعوا إلى وظايفهم، نتج بعد كده بسنتين من 64 هذه العمليات الإرهابية وأنتم أخذتم فيها قرار هنا فى مجلس الأمة، دا خلانا نمسك كل الناس اللى كانوا مشتركين فى تنظيمات إرهابية مسلحة أو حكم عليهم فى السابق وأفرجنا عنهم، هؤلاء الناس بنفرج عنهم بالتدريج، ولكن عددهم مش هو العدد الكبير، عددهم أقل من 1000.
السادات رجل الصدمات والمفاجآت
انتهت مرحلة الرئيس جمال عبد الناصر بوفاته ولم يمهله القدر أن يزيل أثار العدوان ليستلم الراية رجل عاش فى ظله وشارك فى يوليو ورأس مجلس الأمة إلى أن أصبح نائبه تولى مهمة الرئاسة واتسم باتباع سياسة الصدمة والتحرك السريع والمفاجئ وغير المتوقع وكان فى كل خطاب يحمل المفاجآت والمواجهات ويناور الآخرين بدهاء وبصرف النظر عن تقييمنا لسياساته فهذا المقام ليس مقام التقييم وكذلك ايضا فى سلفه جمال عبد الناصر ولكن نحن نحلل خطابات اتسمت بتحولات مصيرية القاها رؤساء مصر من تحت قبة البرلمان أما التقييم فهو له مقام آخر وأمامنا 3 خطابات مهمة الأول خطاب النصر وعبارات القوة وحسابات المستقبل وخطاب الذهاب للكنيست وروح المغامرة والمناورة والمفاجأة الصادمة وخطاب الاغتيال الذى فتح فيه نيران الكلمات فرد اعداؤه بنيران الرصاص فى أكتوبر 1981 فهو الخطاب الذى شن فيه هجوما لاذعا على التيارات الاسلامية وسوريا وإيران وليبيا والقوى الداخلية والحزبية وعزل فيه البابا شنودة وكان فى غاية التوتر والاحتقان .
وقف السادات فى 16 أكتوبر تحت قبة مجلس الشعب - وكان قد تغير مسماه من مجلس الأمة لمجلس الشعب- وقبل حسم المعركة المجيدة معركة السادس من أكتوبر فى عام 1973 قال السادات : «إن لهذا الجيش سيفا ودرعا» ، وأكد فيه أن القوات المسلحة أثبت أنها لم تكن المسئولة عن 1967.
وقال هذه العبارات الشهيرة «لست أظنكم تتوقعون منى أن أقف أمامكم لكى نتفاخر معاً ونتباهى بما حققناه فى أحد عشر يوماً من أهم وأخطر، بل أعظم وأمجد أيام تاريخنا، وربما جاء يوم نجلس فيه معاً لا لكى نتفاخر ونتباهي، ولكن لكى نتذكر وندرس ونعلم أولادنا وأحفادنا جيلاً بعد جيل، قصة الكفاح ومشاقة، مرارة الهزيمة وآلامها، وحلاوة النصر وآماله».
نعم سوف يجئ يوم نجلس فيه لنقص ونروى ماذا فعل كل منا فى موقعه ... وكيف حمل كل منا أمانته وأدى دوره، كيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة فى فترة حالكة ساد فيها الظلام، ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى تستطيع أمتهم أن تعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء» .
وعن 1967 قال :
إن هذه القوات المسلحة، كانت من ضحايا نكسة سنة 1967 ولم تكن أبدا من أسبابها. كان فى استطاعة هذه القوات سنة 1967 أن تحارب بنفس البسالة والصلابة التى تحارب بها اليوم لو أن قيادتها العسكرية فى ذلك الوقت لم تفقد أعصابها بعد ضربة الطيران التى حذر منها عبد الناصر أو لو أن تلك القيادة لم تصدر قرارا بالانسحاب العام من سيناء بدون علم عبد الناصر. إن قواتنا لم تعط الفرصة لتقاتل عام 1967 إن هذه القوات لم تعط الفرصة لتحارب دفاعا عن الوطن وعن شرفه وعن ترابه، لم يهزمها عدوها ولكن أرهقتها الظروف التى لم تعطها الفرصة لتقاتل.
وكان خطاب النصر عبارة عن جزءين جزء عن الحرب وضريبة الدم وكان الجزء الثانى هو مفهومه عن السلام حيث الذى أكد فيه أنه لابد أن يكون سلاما قائما على العدل وأن السلام لا يفرض كما يردد بن جوريون وأن فرض السلام يعنى الحرب ، كما أن العدو كان حريصا على وصف اسرائيل بالعدو وقد تكررت الكلمة كثيرا فى الخطاب بأنه متغطرس وقال « والسلام ليس بالارهاب مهما أمعن فى الطغيان ومهما زين له غرور القوة أو حماقة القوة ذلك الغرور وتلك الحماقة اللتين تمادى فيها عدونا ليس فقط خلال السنوات الست الأخيرة بل خلال السنوات الخمس والعشرين ، أى منذ قامت الدولة الصهيونية بإغتصاب فلسطين ولقد نسأل قادة إسرائيل اليوم : أين ذهبت نظرية الأمن الإسرائيلى التى حاولوا اقامتها بالعنف تارة وبالجبروت تارة اخرى ، طوال خمس وعشرين سنة ؟ لقد انكسرت وتحطمت ، قوتنا العسكرية تتحدى اليوم قوتهم العسكرية وها هم فى حرب طويلة ممتدة وهم أمام إستنزاف نستطيع نحن أن نتحمله بأكثر وأوفر مما يستطيعون وها هم عمقهم معرض إذا تصوروا أن فى إستطاعتهم تخويفنا بتهديد العمق العربى وربما أضيف كى يسمعوا فى إسرائيل أننا لسنا دعاة إبادة كما يزعمون أن صواريخنا المصرية العربية عابرة سيناء من طراز ظافر موجودة الآن على قواعدها ، مستعدة للإنطلاق بإشارة واحدة إلى الأعماق فى اسرائيل ولقد كان فى وسعنا منذ الدقيقة الأولى للمعركة أن نعطى الإشارة ونصدر الأمر خصوصاً وأن الخيلاء والكبرياء الفارغة أوهمتهم بأكثر مما يقدرون على تحمل تبعاته لكننا ندرك مسئولية استعمال أنواع معينة من السلاح ونرد أنفسنا بأنفسنا عنها ، وإن كان عليهم أن يتذكروا ما قلته يوما ومازلت أقوله العين بالعين والسن بالسن والعمق بالعمق ثانياً ، وأختتم هذا الخطاب ولم ينس السادات الحديث عن الأمة العربية وموقفها المساند ولم ينس ايضا اثناء الخطاب الحديث عن رفيق السلاح حافظ الأسد .
مستعد أن اذهب للكنيست ذاته
وقف الرئيس السادات تحت قبة مجلس الشعب وقال جملته الشهيرة أنه مستعد للذهاب إلى الكنيست ذاته مفاجأة وتحول مصيرى خطير هو الدخول فى تفاوض مباشر مع اسرائيل والتحدث بلا وسطاء بل الذهاب إلى عقر دارهم لا شك أنه تحول دراماتيكى فى سنوات الصراع بين العرب والعدو الصهيونى وليس فقط بين مصر وإسرائيل فماذا قال تحت قبة البرلمان
« كانت البداية من خطاب السادات أمام مجلس الشعب فى افتتاح دورته فى 9 نوفمبر1977، الذى قال فيه «إننى أعُلن أمامكم وأمام العالم إننى على استعداد للذهاب حتى آخر العالم من أجل تحقيق السلام.. بل إننى أُعلن أمامكم وسوف يدهشون فى إسرائيل وهم يسمعون ذلك.. إننى على استعداد للذهاب إلى القدس ومخاطبة الإسرائيليين فى عقر دارهم فى الكنيست الذى يضم نواب شعبهم من أجل تحقيق السلام».
وكانت هذه الكلمات مفاجئة للعالم كله حتى على وزير خارجيته اسماعيل فهمى الذى لم يكن يعرف شيئا عن أن السادات سيلقى بكرة اللهب وقد تقدم باستقالته نتيجة لهذا التجاهل ولرفض مبدأ الزيارة ، الأكثر غرابة أن ياسر عرفات كان يحضر هذه الجلسة واضطر مسبقا داخل مجلس الشعب ثم شن الهجوم على السادات عقب ذلك الموقف .
الخطاب الأخير
تحت قبة مجلس الشعب وتحديدا فى 5 سبتمبر سنة 1981 قبل وفاته بشهر وكان الاحتقان الطائفى والسياسى والاجتماعى ونمو الجماعات الدينية على أشده أطلق السادات فى خطابه الزناد ولكن بالكلمات والخطاب إلا أن أعدائه بعد شهر أطلقوا عليه الرصاص، كان السادات فى هذا الخطاب فى قمة غضبه ارتجل كثيرا واستمر ساعتين فى الخطاب وشن هجوما على الجميع أعترف بخطأ سياسته تجاه الإخوان المسلمين قائلا مرتجلا «كنت غلطان كان لازم أخليهم فى مكانهم» ، وقرأ جمل من مجلة الدعوة التى كانت تصدرها جماعة الاخوان المسلمين وقال مرتجلا «كامب ديفيد ما أخرجتش مصر من ساحة الجهاد ، بترددوا كلام أسيادكم اللى بيمولكم »
ورد على الاخوان ايضا قائلا ثورة يوليو ليست أمريكية ثورة يوليو زاى الثورة الفرنسية فى فرنسا كانت ثورة شعب بتولد من جديد وولادها اللى ماكنوش بيتعلموا اتعلموا' ورد على الشيخ المحلاوى بمنتهى القوى ووصل الأمر بوصفه قائلا «مرمى زاى الكلب فى السجن».
وشن هجوما على ليبيا وسوريا وإيران وكان ايضا مرتجلا « اللى بيقتلوا شعوبهم واللى بيسحلوا شعوبهم» وخاطب ايران قائلا هل الحقد اسلام هل الكراهية اسلام منتقدا الثورة الإيرانية .
كما شن هجوما شرسا على القوى الداخلية على فؤاد سراج الدين وإبراهيم شكرى قائلا له «بسيبك تروح سوريا وترجع» ، وكذلك حزب التجمع ، وانهى خطابه بمفاجأة مدوية قراءة قرار عزل البابا شنودة مما أغضب أقباط مصر غضبا عارما .
خطابات مبارك والخروج بمصر من التاريخ
لم تكن خطابات مبارك أمام مجلس الشعب تحمل اية مفاجآت من أى نوع وذلك على خلاف كامل عن عبد الناصر و السادات ، وكانت محاور خطاباته أمام المجلس تتركز على المحاور الاقتصادية والتنموية ومعدلات النمو التى حققتها الدولة والطفرات الاقتصادية وأولى فى خطاباته أهتمام بالفئات المهمشة والفقيرة، وماذا صنعت الدولة لهم ، وماذا حققت مصر من طفرة فى تطور البنية الاساسية وزيادة خطوط التليفونات وتطوير شبكات الصرف الصحى ، وعدد بناء المدارس والاحتياطى النقدي.
وقال جملته الشهيرة «خليهم يتسلوا» أمام الاجتماع المشترك لمجلسى «الشعب والشوري» الذى ألقاه فى 19 ديسمبر 2010، تعليقًا على قيام المعارضة بتشكيل برلمان موازٍ وكانت بمثابة القشة التى قسمت ظهر البعير والكلمة الأخيرة التى أنهت على حكمه الذى استمر 3 عقود ،كما أدى مبارك اليمين الدستورية أمام البرلمان 5 مرات، أولها فى فى 14 أكتوبر 1981، والثانية فى 5 أكتوبر 1987، ولفترة رئاسية ثالثة عام 1993، والرابعة فى سبتمبر 1999، وكانت الأخيرة فى عام 2005.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.