المستقبل والشباب والسعادة ثلاث كلمات تعبر فعليا عن التشكيل الجديد لحكومة دولة الامارات وضع عنوانه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الامارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبى كخطوة أولى على طريق الفكر الإبداعي في منظومة العمل الحكومي الاماراتى، أدواتها ليس فقط الشباب والسعادة بل أيضا التسامح وتطوير المعرفة. وكعهده مجددا للأفكار، أعلن الشيخ محمد بن راشد خلال انعقاد القمة العالمية للحكومات، التجمع الأكبر عالميا المتخصص في استشراف حكومات المستقبل، عن تغيرات هيكلية ضخمة في حكومة الامارات تضمن أن يكون للوزراء في الحكومة الجديدة دور استراتيجي وتنظيمي وخارطة طريق تعطى أغلب خدمات الحكومة للقطاع الخاص حيث تضم الحكومة عددا أقل من الوزارات وعددا أكبر من الوزراء للتعامل مع ملفات إستراتيجية متغيرة. ومن بين هؤلاء الوزراء، وزير للسعادة، وأخر للتسامح. وعن مهمة وزير السعادة الأساسية فهى مواءمة كافة خطط الدولة وبرامجها وسياساتها لتحقيق سعادة المجتمع استعداداً لمرحلة قادمة من التنمية. أما وزير الدولة للتسامح فيكون مهمته ترسيخ التسامح كقيمة أساسية في مجتمع الإمارات. وقد يبدو للبعض من الوهلة الأولى أن إنشاء وزارة للسعادة تعتبر فكرة غريبة على مجتمعاتنا العربية وفكرا خارج النمط السائد، لكنها في الواقع هى خطوة أطلقتها دائرة حكومة دبي الذكية العام الماضى حيث أدخلت خدمة مؤشر السعادة رسمياً في 14 جهة حكومية متمثلة في تزويد الجهات الحكومية بأداة ذكية لقياس «مؤشر السعادة»، من خلال المواقع الإلكترونية والأجهزة اللوحية والهواتف المحمولة. ومنذ ذلك الوقت تم رصد المناطق الجغرافية والحكومية الأكثر سعادة فى دولة الامارات بهدف متابعة وتطوير الخدمات الحكومية وتحسين سعادة المواطنين. ويقول محمد الرشيدي باحث سياسي إن الامارات تعتبر أن قياس السعادة أمرا مهما لمستقبل تنمية البلاد فى كافة القطاعات الحيوية، وأن حلم كل فرد هو السعادة. فإن لم يكن المواطن سعيدا فى حياته فسوف ينعكس ذلك سلبيا على أدائه الوظيفى ومن ثم سوف يسود جو من الاحباط العام للمجتمع فيتراجع فكر الابتكار والانتاج مما يساعد على تكوين فكر متطرف يؤدى الى العنف والارهاب. وقد أكد محمد عبد الله القرقاوي رئيس القمة العالمية للحكومات أن الإنسان سيبقى باحثا عن السعادة وساعيا إلى تحقيقها ولابد أن تكون رسالة كافة الحكومات أيضا سعادة الإنسان. والحديث عن ثقافة السعادة والتسامح لا ينفصلان، فهما نواة التعايش والتعاون وبارقة الأمل للشعوب فى مستقبل أفضل على يد شباب طموح وواعد مبدع فى الأفكار قادرا على تطبيقها ميدانيا. ومن ثم جاء تعيين أول وزيرة لشئون الشباب فى دولة الامارات تبلغ من العمر 22 عاما، وبذلك تكون أصغر وزيرة فى العالم، وهى التى سترأس مجلس علماء الإمارات، الذي سوف يخرج جيلا من العلماء إيمانا من الدولة بأن طاقة الشباب هي التى ستحرك حكومة المستقبل. ويضم المجلس نخبة من الباحثين والأكاديميين بهدف تقديم المشورة العلمية والمعرفية للحكومة. وسيقوم مجلس علماء الإمارات بمراجعة السياسة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار وإطلاق برامج تضم شبابا من العلماء. ومن هذا المنطلق قال محمد بن راشد إنه " لا يمكن أن نعبر للمستقبل بأدوات الماضي، ولا يمكن تحقيق قفزات تنموية كبيرة من دون التفكير بطريقة جديدة في شكل الحكومة، نريدها حكومة شابة قادرة على خلق بيئة للشباب لتحقيق أحلامهم، ومستعدة للعمل بشكل سريع لتحقيق طموحات شعبنا”. ويرى كثير من المحللين أن وزارة التسامح سوف تعزز من دور وزارة السعادة وهى تمثل أحد المفاهيم الحضارية والثقافية الحديثة فى المجتمعات المتقدمة حيث تدعو الى نبذ العنف والكراهية ونشر التسامح والمحبة وخلق بيئة خصبة لمستقبل أفضل للشعوب. ووزارة التسامح لم تأت مصادفة او وليدة اللحظة بل هى ثمرة فكر المبادرات الحكومية الإماراتية فى الفترة الأخيرة وعمل جاد لبناء منظومة من التشريعات والقوانين كان على رأسها إصدار قانون مكافحة التمييز والكراهية العام الماضى. ويقول المواطن داخل دولة الامارات عن إستحداث منصبى وزير دولة للسعادة وآخر للتسامح إن حاكم دبى يفكر دائماً بما يمكن للحكومة أن تقدمه لشعبها ليس على صعيد الخدمات فقط، وإنما بالطرق التي تمكن الحكومة الاماراتية من الوصول إلى مشاعر المواطن، لتبث فيها روح السعادة والتسامح الحقيقى. فتجربة إنشاء وزارة للسعادة وأخرى للتسامح هي أولى الخطوات التى تعمل على الإهتمام بالإنسان كمحور اساسى في جميع المشاريع المستقبلية الخاصة بالتنمية والتطوير. فعندما تصنع الحكومات السعادة لشعوبها فهي بذلك تضمن إستقرار الدولة وتفتح مجالات عديدة للفكر والابداع والابتكار ومن ثم الارتقاء بالعمل الحكومي الى مرحلة جديدة تواكب متغيرات العصر.