أعطي الرئيس السوري الراحل شكري القوتلي للرؤساء العرب درسا يوم توقيع الوحدة بين مصر وسوريا عام1958 حين قدم مصلحة الأمة علي مصلحته الشخصية وفضل أن يذكره التاريخ بأنه الزعيم العربي الوحيد الذي تنازل طواعية. عن الحكم لتحقيق الوحدة بين شعبين شقيقين وعرف في زمن الوحدة بالمواطن العربي الأول. في ذلك الوقت قال القوتلي للرئيس الراحل جمال عبدالناصر أريد أن اسلمك ثلاثة ونصف مليون سوري نصفهم من الأنبياء ونصفهم من الزعماء. والآن وبعد مرور أكثر من نصف قرن علي هذا الحدث أثبت الرؤساء العرب المتعاقبون بأنهم لم يستوعبوا الدرس, وتمسكوا بكرسي الحكم بغض النظر عن صرخات المظلومين وتوسلات المعتقلين ودماء الشهداء ودموع الثكالي والأرامل. وعلي رأس هؤلاء بشار الأسد الذي رفض أن يستجيب لرغبة شعبه بالرحيل بعد أكثر من عام علي اندلاع الثورة السورية ضاربا بذلك رقما قياسيا بين رؤساء مسلسل الربيع العربي الذين تساقطوا واحدا تلو الأخر. وللأسف بدلا من الحفاظ علي شعبه الذي تتضاعف عدده ليصل إلي اكثر من20 مليون نسمة والذي وصفه القوتلي اعتزازا وفخرا بأن نصفهم من الانبياء ونصفهم من الزعماء أعمل فيهم الأسد آلة القتل والتعذيب والاغتصاب. والثورة التي اندلعت في15 مارس2011 عرفت ب ثورة العزة والكرامة, لأن الثوار أطلقوا علي أول جمعة في الثورة يوم18 مارس جمعة الكرامة وخرجت أعداد غفيرة في درعا ودمشق وحمص وبانياس وسقط عدد من الشهداء في مواجهات مع قوات الجيش, وفي الجمعة الثانية خرج10 آلاف ثائر تحت شعار جمعة العزة وحطموا صورة كبيرة لبشار وتمثالا لوالده حافظ الاسد. ورغم حصاد الثورة الذي يقدر بعشرات الالاف من الشهداء والمصابين والمعتقلين واللاجئين المشردين علي الحدود مازال العرض الدامي مستمرا, والشعب السوري مصمما علي استرداد عزته وصيانة كرامته بينما بشار مصر رغم كل شيء علي عدم التنحي وتبقي كل السيناريوهات محتملة في الأزمة السورية حتي يتحقق المطلب الرئيسي وهو اسقاط النظام.