أخيرا تنبهت ثورة يونيو إلي أهمية ثقافة الأطفال, ذلك القطاع البالغ الأهمية في حياتنا الذي تم تجاهله تماما منذ خمس سنوات تقريبا, حيث شارك سيادة الرئيس السيسي بالحديث إلي برنامج القاهرة360 مع الدكتورة نهي عباس رئيس تحرير مجلة أمل وتحدث عن أهمية مجلات الأطفال, والغريب وبالمصادفة فإن هذه المكالمة تمت في اليوم نفسه الذي عادت فيه الحياة إلي نشاط نادي سينما الأطفال بعد توقف استمر بالضبط خمس سنوات, وهي الفترة التي تقلص فيها الاهتمام بالأنشطة, الثقافية للطفل علي مستوي عام دون أن يطالب أحد باستعادة تلك الأنشطة وكنت أظن مثلا أن يعود الرونق الي مهرجان سينما الطفل الذي تقلص بشكل ملحوظ أو أن يقوم السيد وزير الثقافة باعلان عودة معرض كتب الأطفال حتي لو في إطار معرض الكتاب المقام حاليا, لكن يبدو أن المبادرات كلها يجب أن تأتي من القيادة السياسية. حضرت الحفل الذي أقامه الزميل الناقد محمود قاسم لاستعادة أنشطة نادي سينما الأطفال الذي أقيم في القاعة الكبري بالمجلس يوم السبت الماضي وقد امتلأت القاعة طوال ساعتين ونصف الساعة بالبهجة والفرحة تحت شعار ياللا نقضي يوم سعيد حيث يأتي الأطفال مع أسرهم, ويقومون بمشاهدة فيلم كارتون بالغ الجاذبية, وبعد العرض دار نقاش حول الفيلم تحت إدارة الدكتور منصور الشريف الأستاذ بكلية الفنون الجميلة جامعة المنيا, وقد كانت فرصة كي يعبر الأطفال, وأيضا الكبار, عن آرائهم, في الفيلم, وتعلم الحاضرون الفرق بين الفيلم الثنائي الأبعاد, والمجسم, والثلاثي الأبعاد. ثم أعقب ذلك حفلة سمر لاكتشاف الموهوبين في مجالات متعددة منها الغناء, والرسم, والشعر, والتقليد, وكتابة القصص, واستمعنا إلي أصوات جميلة لم ينتبه إليها أحد, وكان محمود قاسم قد دعا السيدة إيمان سليمان المطربة وصاحبة فرقة كورال غنائية للأطفال للمساعدة في إعطاء الموهوبين الجدد فرصة لاكتشافهم, وانتهت الساعات وسط بهجة افتقدناها مغموسة بالثقافة المنشودة, وقد دفعني هذا إلي السؤال أين كان أطفال مصر طوال السنوات القاسية في حياتنا, ولماذا لا يتم تعميم مثل هذا النشاط في جميع المؤسسات المعنية بالثقافة, وعلي رأسها قصور وبيوت الثقافة؟. فمثل هذه الاحتفاليات لا تحتاج إلي موازنة وكل مايراد منها هو تدريب كوادر شبابية لعمل هذا النشاط, مما يسعد الأهالي بالخروج من البيوت بحثا عن البهجة الممزوجة بالثقافة, فلاشك أن هذه الأنشطة يحضرها أفراد الأسرة معا, وقد رأيت مشرف النشاط يشتري من ماله الخاص الحلويات ويحضر المجلات والكتب لتقديمها للأطفال, وطلب من الأهل إحضار كتاب واحد في المرة المقبلة لتقديمه كهدية إلي الآخر ممايعني تبادل الثقافة كهدية, وقد بقي الصغار لفترة في محيط المكان لممارسة بهجتهم. مثل هذا النشاط لا يكاد يشعر به أحد, وقد علمت أنه يقام منذ عام2000, وأنه كان يقام أيضا في القاعة الكبري بنقابة الصحفيين, وقصر الطفل بجاردن سيتي, ثم توقف عقب الفوضي إلي عمت البلاد بعد يناير2011, وهاهو يعود علي استحياء, وفي وسط صعوبات إدارية ملحوظة قد تعرقل استكمال دوره ومنها رفض موظف العرض الحضور يوم إجازته, ولذا فإننا نناشد السيدة الدكتورة الأمينة العامة المجلس الأعلي للثقافة والسيدة مقررة لجنة ثقافة الطفل تذليل العقبات أمام العروض المقبلة وسوف نشهد بالتأكيد تعويضا عما راح منا في مجال ثقافة الطفل, فالسينما هي الفن الأكثر جماهيرية التي تنضح منها الثقافة.