يبدو أحيانا, للمتابع للمشهد السياسي المصري, أن هناك بعض البديهيات التي يتم نسيانها, إما عن غفلة, أو عن عمد, وعلي رأس هذه البديهيات والحقائق الأساسية, أن الثورة في يناير قامت بهدف الإصلاح وإعادة بناء الدولة المصرية, بحيث يكون خير البلد لأهل البلد كلهم, وليس لفصيل واحد, أو تيار بعينه, والبديهية الثانية, أن البناء يتناقض مع الهدم, ومن ثم لا يمكنني أن أطالب بإعادة بناء الوطن ثم ألجأ للتخريب والتحطيم, والبديهية الثالثة أن الدم المصري خط أحمر, إذ كيف أخرج ثائرا طالبا الإصلاح, ثم أريق دماء هؤلاء الذين خرجوا للمطالبة بعودة حقوقهم, وأما البديهية الرابعة, فهي أن إصلاح الأحوال لا يتم باستبعاد الآخرين والسعي لتحقيق مصلحتي أنا وحدي, إن الأمر المتفق عليه في الدنيا كلها أن السياسة هي من الممكن.. أقصي الممكن.. في حدود الواقع, ونحن في مصر الآن في حالة ثورة واضطراب, ولن يضبط إيقاع الحياة إلا ممارسة السياسة بشكل صحيح وصحي, أما الهرجلة والفوضي والعشوائية فلن تأخذنا إلا إلي المزيد من الخسائر. وعلي هذا الأساس, فإن بداية السير في الطريق الصحيح, هي اللجوء إلي ممارسة السياسة حسب قواعدها التي يعرفها الناس جميعا في الدنيا كلها, ويتمثل ذلك في الانتخابات النزيهة, وصولا إلي اختيار مجموعة ترضي عنها الأغلبية, ثم تبدأ هذه المجموعة في وضع سياسات الإصلاح, وتنفيذها, فإن هي نجحت أهلا وسهلا, ولتستمر في الحكم, فإن فشلت, يذهب الناس لاختيار مجموعة غيرها.. وهكذا. وبعد أيام قليلة سيذهب أهالي المحروسة الكرام لاختيار رئيسهم الجديد, بمنتهي النزاهة والشفافية.. والرئيس القادم سيختار فريق العمل الذي سيعكف علي تنفيذ برنامجه لمدة أربع سنوات.. هذا هو الطريق الوحيد الأوحد ولا طريق سواه, أما الفوضي والتخريب والتكويش وفرض الرأي فلن يؤدي إلا إلي الخراب.. والعياذ بالله. فإن كنتم تحبون هذا الوطن توافقوا علي حلول عملية من خلال الصناديق الشفافة.