في خضم الفتن التي تمر بها مصرنا الحبيبة, نفقد بوصلة الحياة, ونضل طريق الحق, وتبقي الحقيقة الوحيدة التي لا شك فيها هو'الإخلاص في العمل' من أجل بناء مصر ورفعة شأنها. ولأن' الإخلاص في العمل' عملة نادرة فإننا نتعلق بأي عقول قادرة علي السير بنا في ظلام التيه الذي نمر به الآن فبناء مصر الجديدة يحتاج إلي سواعد الجميع, وتكاتف القوي من أجل مستقبل أفضل. بعد ثورة يناير ارتبكت كل المؤسسات الحكومية التي طالما ما كانت تدار علي هوي أمانة سياسات الحزب الوطني, ومن هذه المؤسسات كانت الجامعات, وكانت جامعة عين شمس, التي كانت رائدة في انتخاب رئيسها الذي قدم من كلية الطب بالجامعة. ولأنه فاز بأغلبية الأصوات, لعلمه وخلقه ولوطنيته ولصموده أمام الفساد, حاولت كل التيارات السياسية أن تنسبه إليها وتنسب نجاحه لتيارها, ولكنه لم ينتسب يوما لحزب أو جماعة, بل آمن بقيمة العمل وقدسية وحدة الوطن, فتفاني في العمل لإنجاح الجامعة كجزء لا يتجزأ من مصر. وقد كان أن أمرت وزارة الإسكان بسحب أرض مقر الجامعة الجديد في مدينة العبور, فهب رئيس الجامعة عاملا علي استردادها بل والبدء في إنشاء مبانيها, حماية لحق الجامعة من الضياع, وأصر أن يشكل لجنة فنية لمتابعة سير العمل هناك, علي أن يكون هو رئيسها, حتي يكون العمل كله تحت مراقبته المباشرة. وفي عيد العمال, آثر أن يكون وسط العمال والمهندسين القائمين علي هذا المشروع, كي يشعرهم بأهمية عملهم ويشاركهم فيه, فخرج من بيته مبكرا متجها إلي المقر الجديد وكله شوق إلي الإطلاع علي ما تم إنجازه من أعمال علي أرض الواقع ولكن شاء القدر أن تكون أخر خطواته في طريق حلمه الذي تشوق لتحقيقه, وتوافيه المنية علي إثر حادث تصادم غريب مع سيارة غيب عقل صاحبها, فغيب عنا حلمنا. لم يكن حرصه علي الاعتكاف بمسجد القدوس في رمضان من كل عام يغنيه عن العمل كجزء من العبادة, بل كان يزيد من إصراره علي أن يخلص في عمله وأن يكون قدوة لكل من يعرفه. هذا هو المصري المخلص الذي نبتغيه, مخلص لدينه ولوطنه ولعمله, مخلص في مهنته كطبيب يشهد له القاصي والداني, مخلص كرئيس جامعة استطاع أن يحقق في أربعة أشهر ما لم يحققه غيره في سنوات, مخلص مع طلاب جامعته ومؤمن بقضاياهم, يشاركهم همومهم ويفرح لفرحهم, أخلص النية فخلص العمل, رحم الله رئيس جامعة عين شمس المخلص الدكتور'علاء فايز'.