هل من المنطقى ألا تخلد مصر أعظم ثوراتها المعاصرة، ثورة 25 يناير، فى عمل فنى يعبر عن عظمة هذه الثورة، ويجسد عبقرية أبنائها فى إقامة التماثيل التى أبهرت العالم كله فى حقبتها الفرعونية القديمة؟ لقد جسدت مصر المعاصرة روح ثورتها القومية الحديثة عام 1919 فى تمثال «نهضة مصر» برعاية زعيم الثورة سعد زغلول الذى شجع الفنان العبقرى المثال محمود مختار على انجاز ذلك العمل فى حينه، ثم اهتم المصريون بعد ذلك - شعبا وحكومة - بتخليد ذكرى سعد فى تمثاليه بالقاهرة والإسكندرية وكذلك فى ضريح سعد. هل من المنطقى ألا يوجد تمثال للثورة فى مصر التى تحتضن أرضها أكبر وأقدم تمثال على وجه الأرض، تمثال أبو الهول؟ إن العالم كله يخلد انجازاته وثوراته الكبرى فى التماثيل ولسنا هنا فى حاجة للتذكير بتمثال الحرية فى أمريكا، أو تمثال «الوطن الأم» الهائل فى روسيا الذى يخلد ذكرى معركة ستالينجراد....إلخ أما مصر المعاصرة فقد شهدت منذ عهد محمد على انشاء العديد من التماثيل للقادة والزعماء، ففضلا عن تماثيل سعد زغلول اكتتب الشعب المصرى احيانا وبادرت الحكومة أحيانا اخرى لانشاء التماثيل (إبراهيم باشا وسليمان باشا وعمر مكرم ومصطفى كامل ومحمد فريد ...إلخ) ولا أعرف لماذا لم تستمر هذه الروح بعد ثورة يوليو، و لم نشهد جهدا قوميا لإنشاء تماثيل لعبد الناصر أو السادات مثلا. ولكن علينا أن نتذكر ان السادات اهتم بانشاء النصب التذكارى لشهداء اكتوبر، والذى شاءت الأقدار أن يدفن فيه!على أي حال، فإننى أدعو إلى تشكيل لجنة أو جمعية أهلية تتولى مسئولية انجاز هذا الهدف، اى إقامة تمثال يرمز للثورة المصرية فى قلب ميدان التحرير، تكون مهمتها أولا تدبير التمويل الذى أرجو أن يكون شعبيا بالكامل، وثانيا تكليف لجنة من الفنانين و النحاتين المصريين لإنجاز هذا العمل. ولقد تشاورت فى ذلك الأمر مع د. محمود مبروك استاذ النحت بكلية التربية الفنية بالزمالك، والذى أشرف على ترميم أبو الهول، فشدد - وأنا معه - على أن يكون ذلك التمثال نتاجا لتفكير جماعى، للوصول إلى أفضل تصور للتمثال المنشود، يليق بقيمة ومكانة ثورة المصريين، ويعكس تراثهم العظيم فى فن النحت. لمزيد من مقالات د.أسامة الغزالى حرب