الزيارة التاريخية للرئيس الصينى لمصر شى جين بينج، على رأس وفد كبير من رجال الصناعة والتجارة والإعلام والعلاقات الخارجية ،كانت محط أنظار العالم، ولاقت أهتماما اعلاميا دوليا ومحليا لامثيل له ، وهم محقون بالطبع فى هذا الاهتمام والحفاوة بزيارة زعيم الصين الدولة العملاقة اقتصاديا والأكثر نموا خلال السنوات العشر الماضية، والتى قهرت أسطورة القطب الأوحد التى روجت لها واشنطن بعد انهيار الاتحاد السوفيتى . والزيارة لم تكن عادية بالطبع ، فهى الأولى لرئيس صينى إلى مصر منذ 12 عاما، و تتوافق مع الاحتفال بمرور 60 عاما من العلاقات بين البلدين ، فتاريخيا كانت مصر أول دولة عربية وأفريقية أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين الجديدة، بعد اعتراف مصر بجمهورية الصين الشعبية فى 30 مايو 1956، وكان هذا الاعتراف الباب الذى دخلت منه الصين لإقامة علاقات رسمية مع الدول العربية والأفريقية. ولكنها بداية انفتاح صينى جديد على المحاور الرئيسية فى منطقة الشرق الأوسط ، وتمثل بالتحديد تعاون اقتصادى كبير بين مصر والصين ، حيث بدأها الرئيس الصينى بالسعودية لتنسيق المواقف السياسية وتعظيم التعاون التجارى، واختار مصر التى يطلق عليها بوابة أفريقيا لتكون محطته الوسطى فى هذه الزيارة فهى الدولة العربية التى استطاعت قهر الإرهاب ، وجعل من ايران محطته الأخيرة بما تشهده من دفعة سياسية واقتصادية كبيرة بعد انتصارها فى معركة القدرات النووية ونجاحها فى استعادة ودائعها المجمدة بمليارات الدولارات. وزيارة الخير هذه للتنين الصينى لمصروغيرها و التى لاقت كل ترحيب بدعم الصين لمصر سياسيا واقتصاديا فى إطار المصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة،و التى تم خلالها توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والتعاون فى المجالات الصناعية والتجارية والمنح بمليارات الدولارات ، شملت تمويل مشروعات فى قطاعات الكهرباء والطاقة المتجددة والنقل والزراعة وبناء العاصمة الإدارية الجديدة والتصنيع والأسمدة والمشروعات اللوجيستية فى محور قناة السويس، ورفع الاستثمارات الصينية المباشرة من حوالى 450 مليون دولار حاليا إلى ستة مليارات دولار والتى جاءت بعد اثنى عشر عاما جعلت زيارة الرئيس الصينى لمصر تاريخية ومفصلية عبر سنوات التعاون الممتدة لنحو ستين عاما تأتى ضمن تريليون دولار رصدتها الصين للاستثمار الخارجى ، الحد الأدنى منها للمنطقة العربية نحو ثلاثمائة مليار دولار، والحد الأدنى منها لأفريقيا يزيد على مائة وخمسين مليار دولار ،ولكى نحقق الاستثمار الفعلى بهذا المبلغ الذى تم توقيعه نرجوا ان تستفيد مصر فعليا من هذه الزيارة التاريخية بالاسراع فى تنفيذ المشروعات الجاذبة للصين وغيرها من الدول القوية للاستثمار فى مصر حتى لانقع مرة اخرى فى مأزق مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى الذى يسير بخطى بطيئة للغاية بالمناسبة انطلاق فعاليات العام الثقافى المصرى الصينى فى حضن طيبة الاقصر كان هائلا والخوف ان يكون حدثا وينتهى ومن هنا يجب ان يستغل هذا الحدث فى احداث فعاليات اخرى مع دول اخرى ترتبط معنا ثقافيا فى الاعوام القادمة فهو فرصة عظيمة لمصرتؤكد اهمية دور الدبلوماسية الشعبية، التى يمكن من خلالها أن تقدم مصر نفسها بشكل متطور ومختلف، على مر العصور ويا حبذا لو كان العصر الحديث تاريخنا الحاضر بقى ! لمزيد من مقالات سعاد طنطاوى