كعادتها دائما ما تلاحق الجائزة العالمية للرواية العربيةالبوكر حالة من الجدل بكل دورة للجائزة، وقد احتدم الجدل هذه الدورة بسبب استبعاد الجائزة لرواية الكاتب الكويتى طالب الرفاعى فى الهُنا، وذلك بعد أسبوع من إعلان الجائزة للقائمة الطويلة للروايات «المرشحة» لنيل البوكر العربية, حيث أتت «فى الهُنا» ضمن تلك القائمة ثم قررت إدارة الجائزة سحب ترشح الرواية فى بيان عبر موقعها الرسمى قالت فيه: إنه تقرر عدم السماح للرواية بالانتقال إلى المرحلة اللاحقة من الجائزة، التى تفرز اللائحة القصيرة، بعد أن تبين أنها صدرت فى طبعتها الأولى خارج الفترة المسموح بها للترشح، ما بين يوليو 2014 ويونيو 2015. فمن بين شروط التقدم للجائزة أن لكل ناشر الحق فى أن يرشّح ثلاث روايات من إصداره فى الفترة الواقعة بين أول يوليو 2014 وآخر يونيو 2015، وقد أثارت هذه القضية الزميلة ليلاس سويدان فى جريدة القبس الكويتية عندما طرحت تساؤلات حول مشروعية ترشح الرواية وتوافقها مع شروط الجائزة فى ظل طبعها من قبل دارى نشر بتاريخين مختلفين، وماذا لو كانت الرواية قد طُبعت فى تاريخ أقدم من التاريخ الذى يسمح بتقديمها للجائزة- بحسب الشروط المحددة- من قبل دار نشر ما، ثم أعيد طبعها مرة أخرى لدى دار نشر مختلفة وبتاريخ يتوافق مع شروط الترشح؟ وما هو تاريخ النشر الذى يؤخذ به فى شروط الجائزة، هل هو تاريخ نشرها للمرة الأولى أم تاريخ إعادة نشرها مع الدار التى رشحتها للجائزة؟ حيث تبين أن رواية «فى الهُنا» قد صدرت عن دار الشروق المصرية فى 2014 ، ونُشر عنها العديد من الأخبار وقتها قبل شهر يوليو 2014، ومنها خبر أرسله طالب الرفاعى بنفسه ل «القبس» ونُشر فى الصحيفة بتاريخ 20 مايو 2014 كما نُشر فى صحف عربية ومحلية فى تواريخ مقاربة، ثم أعيدت طباعة الرواية مرة أخرى بغلاف مختلف لدى دار «بلاتينيوم» الكويتية التى رشحتها لجائزة عام 2016، فى دورتها التاسعة، ووصلت بالفعل إلى القائمة الطويلة. الأمر الذى دفع البوكر لاستبعاد الرواية من المنافسة على القائمة القصيرة؛ حفاظًا على نزاهة الجائزة ومصداقيتها حسب تعبير القائمين عليها، إلا أن ذلك لم يُنهِ الأزمة حيث أصدر الرفاعى بيانا تدوالته وسائل الإعلام فى الأيام الأخيرة قال فيه: إن البيان الصحفى الذى نشرته البوكر الإثنين الماضى بدا مختبئا خلف صفحة موقعها، وخلا من أى توقيع، وكأن إدارة الجائزة تتبرأ منه أو تنأى بنفسها من أن تتورط تاريخيا فيه. ووجه الرفاعى الشكر للناشر إبراهيم المعلم، رئيس مجلس إدارة دار الشروق، مشيراً إلى علاقته الطيبة به منذ سنوات. مضيفاً: لن تُفسد علاقتى به قائمة طويلة وقصيرة. أن الرفاعى أكد فى بيانه سلامة موقفه وموقف روايته ، مشيرا إلى أنه إذا كان هناك ثمة خطأ ما فإنه يعود إلى دار الشروق المصرية التى يرى أن طبعتها التى صدرت لا تمثله ولا يعول عليها، وأنه لم يوقع عقدًا معها، وبالتالى فلا يجوز الاستناد إلى هذه الطبعة فى محاسبة روايته وترشحها للبوكر من الأساس، وللتدليل على ما يقول أورد مراسلاته مع ممثلى الدار خلال الفترة من أبريل 2014 وحتى مارس 2015، متسائلا كيف يتم استبعاد رواية بحجة أنها صدرت قبل 1 يوليو 2014، معتبرا التفاصيل التى وثقها فى بيانه تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن (فى الهُنا) لم تصدر بأى طبعة قبل يوليو 2014، بل إنه وحتى شهر تاريخ 18 فبراير 2015، لم تكن دار الشروق قد وقعت عقداً معه، بحسب قوله. وأضاف الرفاعي: الأستاذة فلور منسقة الجائزة، سبق وأرسلت بتاريخ 10/7/2015 رسالة للناشر الكويتى الذى رشح الرواية للجائزة (دار بلاتينيوم بوك) تخبره أنها بصدد عمل التحريات التى تثبت عدم صدور الرواية قبل شهر يوليو 2014، بعد مرور 11 يوما استغرقتها مدة التحري، أرسلت له بتاريخ 21 يوليو رسالة هذا نصها دون زيادة أو نقصان «إنه ليسرنى بعد البحث فى موضوع إصدار الرواية المبكر أن أعلن عن قبولها كونها لم تظهر إلى النور قبل أول يوليو 2014، إنما ما حدث هو طبع عشرين نسخة لم توزع ولم تعرض فى أى معرض كتاب ولم تنزل إلى السوق، وأنه تم إصدار بيان صحفى عن صدورها بدون وجود إصدار فى الواقع. وتم نشر أول تقرير نقدى حول الرواية فى أغسطس، أى بعد أول يوليو 2014. لهذه الأسباب نعتبر أن الرواية صدرت بعد أول يوليو 2014، وتتأهل للمشاركة طالما أن الكاتب لم يدفع مالًا لكى تنشر الرواية». وتابع:أستاذة فلور, ما الذى حصل وجعلك تغيرين قناعتك الموثقة وتأخذين الجائزة إلى بيانك؟! علمًا بأنه قد وصلك بريد إلكترونى من إبراهيم المعلم بتاريخ 17 يناير 2016، وقبل صدور بيانك بيوم واحد يقول فيه صراحة بأننى سحبت الرواية من الدار بالتوافق معه، وذهبت لناشر كويتي، وبما يؤكد عدم صدور روايتى أساسًا عن دار الشروق؟. ولكن الزميلة ليلاس سويدان أشارت إلى أنه برغم تبرؤ الرفاعى من صدور روايته عن دار «الشروق» فإنه سبق وأعلن بنفسه أنها صدرت عنها، واحتفظ بكل ما يؤكد ذلك على حسابه فى موقعى تويتر وانستجرام. ولفتت إلى حواره مع الأهرام العربى الذى نشر بتاريخ 15 يناير، جاء فيه على لسانه, ردًا على سؤال وجه له حول ترشيح روايته «فى الهُنا» من قبل الناشر الكويتى دار «بلاتينيوم»، بينما لها ناشر آخر هو دار الشروق المصرية؟ فجاءت إجابة طالب الرفاعى نصًا: كنتُ تقدمت بالرواية للناشر المصرى دار الشروق، وهو الناشر العربى الذى أتعامل معه، وسبق وصدر لى ثلاثة كتب عنه، وفعلاً قام الناشر بصفِّ مادة الرواية وإخراجها، وبعثتُ له لوحة الغلاف للفنان الصديق عادل السيوي، وأرسل لى بروفة أولى للرواية ووافقت عليها، وقمت بالإعلان عنها على صفحتى فى الانستجرام والفيسبوك، بل وأرسلت نسخة الرواية (بى دى إف) لبعض الأصدقاء أبشرهم بقرب صدور الرواية. وجاءت فترة انتظار لتوقيع العقد وصدور الرواية، لكن هذه الفترة طالت وطالت، وكان رد الدار بأن انعكاسات الظرف السياسى على الساحة المصرية شملت كل نواحى الحياة بما فى ذلك سوق النشر، ولأن فترة الانتظار تعدت الاحتمال، تركت دار الشروق وانتقلت لناشر كويتى هو «بلاتينيوم» بوك، ووقَّعت عقدًا معه لطباعة ونشر الرواية وهذا ما حصل، ونزلت الرواية بطبعتها الأولي، وكذلك الثانية عن دار بلاتينيوم، ولمزيد من توضيح الأمر، فإن إدارة الجائزة, حرصًا منها على توخى الدقة والحقيقة وتطبيق لوائح الجائزة, قامت بمراسلة دار بلاتينيوم ودار الشروق للوقوف على طبيعة الوضع، وتأكد لديها بالمراسلات الموثقة عدم توقيعى لأى عقد حتى اللحظة مع دار الشروق، وأن الناشر الوحيد والمعتمد للرواية هو دار بلاتينيوم، مما مهد لاعتماد الترشيح، وأن تأخذ الرواية طريقها داخل الجائزة كباقى الروايات العربية. وهذا يؤكد أنه أعلن بالفعل عن صدورها على حسابه على انستجرام وفيسبوك، ولكن تأخر دار الشروق فى توقيع العقد وإصدار الرواية جعله ينتقل لإصدارها عبر دار بلاتينيوم، الأمر الذى اعتبرته يوجه تساؤلات لدار الشروق المصرية التى شاركت بالرواية فى معرض الكتاب فى فبراير 2015. فى حين ان الرفاعى صرح للأهرام العربى بأن طبعة بلاتينيوم التى اشترك فيها بجائزة البوكر هى الأولى والوحيدة!. وتلتزم دار الشروق الصمت حتى كتابة هذه السطور, حيث لم تصدر أى بيان يوضح موقفها من الأزمة فى ظل ما وجهه البعض لها من انتقادات واتهامات بمخالفة حقوق الملكية الفكرية للكاتب- إذا كان ما ذكره الرفاعى صحيحا وقد حاولت الأهرام التواصل مع دار الشروق لأخذ تصريح حول موقف الدار من الأزمة ولم تتلق ردا من أى مسئول حتى الآن.. وتسلط رواية «فى الهُنا» الضوء على المأساة التى تكابدها فتاة كويتية شيعية عزباء تقع فى حب رجل سنى رب عائلة فى عمر مقارب لوالدها، وبحسب صحيفة «الحياة» فإن الرواية تعرّى العوالم الخفية لعلاقة المرأة بالرجل فى المجتمعات الخليجية. ويكون طالب الرفاعي، باسمه الصريح، مشاركاً فى معايشة منعطفات هذه العلاقة، فكيف يمكن أن يزدهر الحب والشوق والأمل فى زمن الانتفاضات العربية والعنف والدم والموت؟ والرفاعى فى روايته الجديدة، يصرّ على السير فى درب المغامرة الحياتية الملغمة.. فى مجتمعات لا تطيق سماع الحقيقة! وطالب الرفاعى هو روائى وقاص كويتي، حصل على بكالوريوس الهندسة المدنية من جامعة الكويت. بدأ الكتابة الأدبية فى أثناء الدراسة الجامعية فى منتصف السبعينيات، وأصدر سبع مجموعات قصصية منها: أبوعجاج طال عمرك، أغمض روحى عليك، مرآة الغبش، حكايا رملية، سرقات صغيرة.وأصدر عدة روايات منها: ظل الشمس، رائحة البحر، الثوب، فى الهُنا. وترجمت بعض أعماله إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية. ورأس لجنة التحكيم لجائزة البوكر العربية فى دورتها الثالثة 2010 التى فاز فيها الروائى السعودى عبده خال بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية)، عن روايته «ترمى بشرر». ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية وأعضاء لجنة التحكيم يوم 9 فبراير فى العاصمة العمانية مسقط، فيما سيتم الإعلان عن الفائز فى 29 أبريل المقبل بحفل كبير بالعاصمة الإماراتية أبوظبي. وقد تقاسمت مصر وفلسطين صدارة القائمة الطويلة من حيث العدد برصيد ثلاثة ترشيحات لكلٍّ منهما. تليهما المغرب برصيد ترشيحين، متساويا مع العراق وسوريا ولبنان. فيما نال السودان والكويت ترشيحا واحدا لكل منهما، وتم سحب ترشيح الكويت على إثر استبعاد رواية «فى الهُنا».