طلاب لقاء الصداقة بجامعة قناة السويس وذوو الهمم يشاركون في حضور مباراة مصر وتونس    ضياء رشوان: إسرائيل تحكمها حكومة هلاوس دينية.. ونتنياهو خلق وضعا ضده في المنطقة باستهداف قطر    تفاصيل عرض الاتحاد الليبي لضم حسين الشحات.. وظرف أسري يعرقل المفاوضات    وفاه وإصابة أربعة أشخاص إثر مشاجرة بالاسلحة النارية بمركز أبنوب بأسيوط    إصابة 16 بأعراض تسمم بالقطاع الريفي بالسويس    توجيهات من مدير تعليم الجيزة للإدارات بشأن العام الدراسي الجديد    وليد صلاح الدين: تجديد ل6 لاعبين أولوية الأهلي.. والنحاس يقود الفريق مؤقتًا    «فرّح طلاب المدارس الحكومية».. مبادرة لتخفيف أعباء العام الدراسي الجديد    جامعة المنيا تشارك في المعرض الدولي للتعليم العالي بالسويد لبحث سبل التعاون الدولي    بينهم أطفال..إصابة 8 أشخاص بحالات إعياء بعد تناول وجبة غداء بكوم أمبو    بوسي بإطلالة ناعمة.. لماذا اختارت هذا اللون؟    من يوميات مواطن «2»    محافظ سوهاج يعقد اجتماعًا موسعًا لبحث موقف المشروعات الصغيرة والمتوسطة    فريد زهران: لست راضيا عن حصة "المصري الديمقراطي" بالتحالف الانتخابي ل "النواب والشيوخ"    موقع "ميكوميت" العبري: الحرب مع مصر ليست احتمالًا بل مسألة وقت    نتنياهو: أدعو قطر وكل من يحمي حماس لطردهم.. ورئيس الموساد يصف الهجوم بالخطأ    فيديو| هجوم ثانٍ على أسطول مساعدات غزة قبالة تونس    القضاء الإداري يُؤجل طعني نقابة المهندسين ضد وزير التعليم العالي لجلسة 12 أكتوبر 2025    "التعليم": التربية الدينية مادة نجاح ورسوب بجميع المراحل    طريقة لعبه وأندية تولى قيادتها.. أبرز المعلومات عن السويسري أورس فيشر مدرب الأهلي المحتمل    رسميًا.. نيوم السعودي يضم مهاجم منتخب أوروجواي    "عواد وحسام عبدالمجيد".. 15 صورة لزوجات لاعبي الزمالك ينضمون للنادي عبر العمل في الإذاعة    كاف يحدد موعد مواجهتي مصر وغانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية للكرة النسائية    منتخب ناشئات السلة يهزم المغرب ويتأهل لربع نهائي الأفروباسكت بالعلامة الكاملة    وزيرا التموين والتنمية المحلية ومحافظ الجيزة يفتتحون المعرض الرئيسي «أهلا مدارس» بالعمرانية    قطع المياه 4 ساعات بعدد من المناطق بالمنصورة لربط الخطوط الجديدة    محافظ الجيزة يعقد اجتماعات مع إدارات الأجهزة التنفيذية لبحث تطوير الخدمات    السكة الحديد تُسيّر الرحلة ال 14 لقطارات العودة الطوعية للأشقاء السودانيين إلى وطنهم    الطقس غدا.. معتدل فى الصباح الباكر حار نهارا والعظمى بالقاهرة 33 درجة    "صحة الغربية" تصدر قرارًا بغلق مستشفى خاص بطنطا    تشييع جثماني صغيرين غرقا في ترعة السحايت بكفر الشيخ    أورنچ تطلق خدمة شحن كروت الكهرباء عبر تطبيقها لأول مرة في مصر    الجمعة.. حفل أوركسترا القاهرة السيمفوني بمشاركة السوبرانو الكورية العالمية سومى جو    عمته "أحلام وأنعام الجريتلي"..نشاط فني ل نادر الجريتلي ب 4 أعمال فنية    بصيحة الظهر المكشوف.. نادين نجيم بفستان أسود جريء    المتحف المصري الكبير يستضيف المؤتمر الدولي لثقافة الأزمات 2025    صلاح عبد الله يرد على سلوم حداد: لا نقبل السخرية من لهجتنا.. وبنطلع لسانا في الذال والظاء    8 جوائز لليوم السابع فى مسابقة جوائز الصحافة المصرية.. إنفوجراف    خالد الجندى: احتفلوا برسول الله بإحيائه فى قلوبكم    ما حكم تشغيل القرآن الكريم في المنزل عند الخروج منه؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم الصلاة خلف إمام عبر التليفزيون أو الإنترنت؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    استعدوا لتأخير الساعة 60 دقيقة.. موعد انتهاء التوقيت الصيفي    مستشفى الكبد بجامعة المنيا يحصل على اعتماد الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية كأول مستشفى جامعي    "مدبولي": تخصيص استثنائي للمرحلة الثانية من التأمين الصحي الشامل.. وإدخال 5 محافظات جديدة    "الرقابة الصحية": الجودة فى الرعاية منظومة متكاملة تعتمد على كوادر مؤهلة    اليمن: مقتل وإصابة 127 شخصا في الهجوم الإسرائيلي على صنعاء والجوف    زوجها طلقها على فراش الموت لحرمانها من الميراث ماذا تفعل؟.. أمين الفتوى يُجيب    «منزل الجوزاء وهوية العذراء».. كيف يغير كسوف الشمس في 21 سبتمبر مصائر الأبراج؟    مصر الحصن المنيع    غدًا.. ختام المرحلة الثانية من مسابقة دولة التلاوة بالأوقاف    ارتفاع قيمة معاملات المحافظ الإلكترونية إلى 943 مليار جنيه خلال 3 أشهر    وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للتدريب المصري - الأمريكى «النجم الساطع»    ضبط 106 آلاف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    انعقاد جولة مشاورات سياسية بين مصر وأذربيجان بالقاهرة    أعراض مبكرة للنوبة القلبية تظهر قبل أسابيع    مصر ترد علي افتتاح سد النهضة: إجراء أحادي مخالف للقانون ونخاطب مجلس الأمن    المشهداني: تحقيق الاستقرار الأمني والازدهار يتطلب شراكاتٍ في العلاقات العراقية الأمريكية    شاهد.. أهداف منتخب مصر الثانى فى ودية تونس استعدادا لكأس العرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة اليسار
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 05 - 2012

منيت الحركات اليسارية والاشتراكية وحركات الطبقة العاملة بهزائم في الغرب الرأسمالي والشرق الذي كان يسمي اشتراكيا‏.‏ والآن هناك غياب فادح لنموذج مناسب يصلح لمواصلة النضال من أجل مجتمع اشتراكي بعد سقوط واقع ونظرية المنظومة الاشتراكية, أما بقاياها التي لاتزال قائمة فقد تحول بعضها نحو حلول تعتمد علي السوق اقتصاديا, ويعاني بعضها الآخر من فشل وانعزال وليس أملا لأحد. ويسلم أصدقاء الاشتراكية مع أعدائها بأنها في قلب أزمة.
ويواجه اليسار اليوم عالما تحكمه الرأسمالية حكما طويل الأمد لم تتحقق فيه أي وعود اشتراكية. إن جنازة اليسار وحراسة قبره والسخرية من ميراثه تحولت إلي مشروع تجاري ضخم لغسيل مخ العاملين والوطنيين في جميع بلاد العالم لتكييفهم علي السيطرة الشمولية للشركات عابرة القوميات. وكان نمط حياة اليسار دائما هو الأزمة, أي أن الصراع الفكري ينشأ غالبا عن التناقض بين نظرياته العامة وأفكاره بعد أن تصبح قوة مادية حينما تعتنقها جماهير محددة في زمن محدد. وستظل الأزمة مستمرة, فهي كثيرا ما كانت أزمة نضج ونمو.
ويبدو الوضع الراهن للأمور عند كثيرين غير قابل للتغير من ناحية الجوهر وكأنه لا يوجد بديل للرأسمالية. فهي نظام يصفه مفكروه بأنه طبيعي متفق مع الطبيعة البشرية صالح إلي الأبد يستحيل تغييره, وقد كانت بوادره وأشكاله التجارية المبكرة موجودة في الماضي. فأزلية الرأسمالية وأبديتها هما الإطار العقلاني المزعوم للعالم الواقعي الذي لا يمكن تغييره ناشئ عن الطبيعة البشرية وطبيعة الاقتصاد الاجتماعي والعقلانية. فالرأسمالية صالحة لكل زمان ومكان وكأنها مسجلة في اللوح المحفوظ أو مشروع اقتصادي دعت له الأديان بعد قليل من الإصلاح بالأعمال الخيرية وأعمال البر والإحسان. والآن لا يوجد في أذهان الجماهير أي مثال منجز بديل للرأسمالية أي إشارة حية إلي مرجع قائم للاشتراكية مثلا يجعل لدعوات اليسار إلي بديل للرأسمالية مصداقية التطبيق العملي. فالاتحاد السوفييتي ومنظومته الآفلة سابقا والصين وكوريا الشمالية وفيتنام وكوبا حاليا لا يصلح أي منها نموذجا موحدا مقبولا لاشتراكية يسعي إليها اليسار وتكافح حركة الطبقة العاملة في البلاد الرأسمالية المتقدمة مثلا من أجل أن تحتذيه.
وقد انفصلت الأنظمة المسماة اشتراكية زمنأ طويلا عن الديمقراطية وتفاقمت طرقها الأوامرية البيروقراطية في الإدارة وتغريب الشعب العامل عن السلطة ونبذ المعايير السليمة داخل الحزب السلطوي والممارسة القسرية للطاعة وكبت المبادرات الشعبية وانعدام الرقابة, والفساد والرشوة والخروج علي ما يعتقد أنه جوهر اشتراكية كافح من أجلها اليساريون في الحركة العمالية والجماهيرية وتشويه هذا الجوهر في الأشكال المحدودة تاريخيا لادعاء تحقيقها. ويذهب يساريون إلي أن هذه الأنظمة لم تكن اشتراكية بل رأسمالية دولة أو ذات سلطة عمالية متدهورة بيروقراطيا تحكمها طبقة جديدة, أي نخبة نشأت ورسخت نفسها.
وفي مصر شارك عمال القطاعين الخاص والعام في الحركات الاحتجاجية قبل وبعد25 يناير وقاد النقابيون اليساريون إضرابات موظفي الضرائب العقارية التي أحدثت تغييرا في الحركة العمالية بانتزاعها أول نقابة مستقلة. وقد أعقبتها نقابة أصحاب المعاشات ثم نقابة الفنيين الصحيين قبل25 يناير. وكان عمال مصر قوة أساسية في الثورة وكذلك قام الفلاحون بما يبلغ91 اعتصاما و75 مظاهرة في عام.2010 ولكن كما يقول إلهامي الميرغني- لم يوجد تنظيم سياسي ثوري قادر علي دعم الاحتجاجات وتضفيرها في تيار اجتماعي عام ضد الاستغلال الرأسمالي في المجالات كلها, كما أن جوهر الأزمة كان في غياب النقابات العمالية والمهنية المستقلة وتبعيتها للأجهزة الأمنية وتأييدها للخصخصة وغياب الاتحادات الطلابية المستقلة والجمعيات الأهلية وتصفية الحركة التعاونية لصالح حرية السوق وصعود الاحتكارات المدعمة برءوس الأموال الخليجية وغزو الشركات الدولية للتقاوي والأسمدة والمبيدات, فالأزمة ماثلة في غياب نقابات وأحزاب ثورية توجه موازين القوي الواقعية لمصلحة الشعب وعدم اكتمال بناء التنظيمات المستقلة للعمال والفلاحين والطبقات الشعبية, وافتقاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية الجديدة للقاعدة الجماهيرية فهي حديثة عهد.
ويواصل اليسار المطالبة بألا تقل الحقوق في الدستور القادم عن نصوص الاتفاقات الدولية التي وقعت عليها مصر في الحقوق السياسية والمدنية وفي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بدءا من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وحتي اتفاقية حقوق الطفل والمرأة وحقوق المعاقين ومطالبة الإسلام السياسي بالتزام نصوص هذه الاتفاقيات وألا يقتصر الالتزام علي اتفاقية السلام مع إسرائيل. كما أن الفكرة المنتشرة عن التوافق لا تجد ترحيبا لدي قوي اليسار فهي تستبعد أيه صراعات جادة بين المصالح الشعبية والشرائح الوسطي من جهة وبين مصالح المليونيرات من جهة أخري, كما أن هذه الفكرة لا تعتبر الثورة مرحلة انتقال طويلة تحسم بالصراع السياسي بين القوي القديمة المتراجعة والجديدة التي في طريقها للانتصار دون الوقوف عند الأهداف التي تتميز بتوافق عام لأنها أقل من الحد الأدني. وبديل الرأسمالية عند اليسار نمط اشتراكي للسيطرة الاقتصادية خلال الإدارة الذاتية للمنتجين المتشاركين, منتجي اليد والذهن وسلطة شعبية سياسية.
وقد تم الإعلان عن تكوين أربعة أحزاب اشتراكية في مصر: الحزب الاشتراكي المصري والحزب الشيوعي المصري ووحزب العمال الديمقراطي وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي الذي وافقت لجنة الأحزاب علي تأسيسه. أما الثلاثة الباقية فهي في طريقها لاستكمال إجراءات التأسيس. ومشاريع البرامج الأربعة ذات أساس مشترك ضخم, أما الخلافات بينها فهي من النوع الذي يمكن أن يوجد داخل حزب واحد. فهل هذا تشرذم مأزوم أم يكفي لحله اتفاق علي العمل المشترك والتنسيق النضالي؟
إن اليسار قد عاش عبر الأزمة زمنأ طويلا وكان نمط حياته هو الأزمة التي سبق القول إنها كثيرا ما كانت أزمة نضج ونمو وصراع فكري بين أجنحته. ونشهد الآن حركة جماهيرية مطلبية متعاظمة لليسار ونضالا ضد العولمة والأمركة والتغول الاستغلالي لما لا يزيد علي قلة ضئيلة العدد من الأثرياء. ولا يبحث اليسار عن نظام اقتصادي وسياسي يقوم علي أسس فكرية يقينية قطعية جاهزة تصلح لكل زمان ومكان, بل عن أداة لاكتشاف الواقع الراهن وتفسيره من أجل تغييره بواسطة الجماهير الشعبية.
المزيد من مقالات ابراهيم فتحى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.