يعد الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، أحد أبرز شباب العلماء والأئمة المستنيرين الذين يجمعون بين العلوم الشرعية والدعوية وإجادة اللغات الأجنبية، والإلمام بوسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة. يجوب بلاد العالم شرقا وغربا حاملا على عاتقه الدفاع عن القضايا الإسلامية ونشر الفكر الوسطى المستنير وتصحيح صورة العرب والمسلمين فى الخارج بعد ما لحق بها شبهات بسبب ممارسات التنظيمات الإرهابية. وكان من أبرز نتائج جولاته الأوروبية اعتماد دار الإفتاء كمرجعية دينية لدى الاتحاد الأوروبي. وأكد الدكتور نجم فى حواره مع «الأهرام»، أن دار الإفتاء المصرية تقدمت بمبادرة لتأسيس مركز عالمى لفقه وفتاوى الأقليات بعدد من اللغات وبمشاركة مختلف دول العالم، ليكون همزة وصل بين المجتمعات الإسلامية والأقليات والجاليات المختلفة بدول العالم، ولمناقشة القضايا الشرعية والإجابة على تساؤلات المسلمين المقيمين فى بلاد الغرب. وقال إنه سيتم قريبا إطلاق قافلة إلى عدد من الدول الإفريقية لسد احتياجاتها الإفتائية، ولكن التطور الأبرز فى نشاط دار الإفتاء تمثل فى تفعيل نشاط الأمانة العالمية للفتوى التى تم تدشينها الشهر الماضى برئاسة الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، وإطلاق تطبيقات للفتوى على الهواتف الذكية، لمواكبة التكنولوجيا الحديثة فى وسائل الاتصال، وضمان الوصول لأكبر شريحة من المسلمين عالمياً، كما كشف عن خطة مكثفة لمواجهة «الإسلاموفوبيا» وتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام فى الغرب. والى نص الحوار: ما الذى تحقق من نتائج بشأن تأسيس الأمانة العالمية للفتوي؟ فى الخامس عشر من نوفمبر الماضي، أعلن الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية عن تأسيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم يكون مقرها القاهرة، واعتمدت اللائحة التنفيذية، وانتخب فضيلة المفتى بالإجماع رئيسًا لها بحضور أكثر من 30 مفتيًا من مختلف دول العالم، حيث يتم من خلال هذه الأمانة بناء استراتيجيات مشتركة بين دور الإفتاء الأعضاء لمواجهة التطرف فى الفتوى وصياغة المعالجات المهنية لمظاهر التشدد فى الإفتاء، والتبادل المستمر للخبرات بين دور الإفتاء الأعضاء والتفاعل الدائم بينها، ووضع معايير وضوابط لمهنة الإفتاء وكيفية إصدار الفتاوى تمهيدًا لإصدار دستور للإفتاء يلتزم به المتصدرون للفتوي. وسيكون لذلك أثر إيجابى كبير على صناعة الفتوى والقضاء على الفوضى فيها، لأن ضمن مهام الأمانة أيضًا وضع معايير لوظيفة الإفتاء وكيفية إصدار الفتاوى مما يسهم فى ضبط الإفتاء، وتعزيز التعاون المثمر بين دور وهيئات الإفتاء فى العالم بالوسائل الممكنة، وبناء الكفاءات الإفتائية وتأهيلهم من خلال تراكم للخبرات المتنوعة للدول الأعضاء. وتم تدشين الموقع الإلكترونى للأمانة بثلاث لغات فى المرحلة الأولي، كما تم اعتماد التشكيل النهائى للمجلة العلمية المحكمة التى ستصدرها الأمانة بصورة دورية، وشكل فضيلة المفتى مؤخراً اللجان العلمية للأبحاث والتدريب والدعم الشرعى للأقليات والتى تضطلع بمهامها بالفعل. كم عدد الأعضاء والدول المنضمة للأمانة؟ حتى الآن تتشكل الأمانة من 25 مفتيًا وعالمًا هم الأعضاء المؤسسون من مختلف دول العالم، وتلقينا عدة طلبات للانضمام للأمانة، فحسب اللائحة التنفيذية للأمانة يحق لكل دار أو هيئة إفتائية أو بحثية طلب الانضمام إلى عضوية الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء، ويصدر قرار الانضمام من رئيس المجلس الأعلى للأمانة بعد موافقة أغلبية أعضائه، كما يحق كذلك للأقليات المسلمة أن تطلب الانضمام بعضو أو أكثر من الحاصلين على تأهيل علمى مناسب يقبله المجلس الأعلى للأمانة، ويُقَدّم طلب العضوية باسم رئيس المجلس الأعلى للأمانة العامة، ويصدر قرار الانضمام لعضوية الأمانة منه بعد موافقة المجلس الأعلى للأمانة. وماذا عن اجتماعات المجلس التKفيذى للأمانة برئاسة د. شوقى علام؟ تم عقد الاجتماع التأسيسى فى ديسمبر الماضي، وستكون هناك اجتماعات دورية ونداوات ولقاءات فى مصر وخارجها، كما ستطلق الأمانة قافلة إلى دول أفريقيا فى القريب العاجل بهدف الوقوف إلى احتياجاتهم الإفتائية وتقديم الدعم الشرعى اللازم للجاليات المسلمة هناك. فتاوى الأقليات بادرت الدار بتأسيس مركز عالمى لفقه وفتاوى الأقليات بعدد من اللغات ما الذى تحقق من نتائج وما مدى الحاجة إلى ذلك فى ظل ما تعانيه الأقليات الإسلامية فى الخارج من تمييز عنصري؟ الوجود الإسلامى اليوم فى الغرب ليس وجودًا طارئًا أو استثنائيًّا، ولم يعد مجرد جماعات مهاجرة للعمل لا تلبث أن تعود إلى بلدانها، بل أصبح جزءًا من النسيج الاجتماعى لسكان تلك البلاد، خاصة أن أغلبية المسلمين هناك هم من جيل الشباب الذين لا بد أن تقع على عاتقهم مستقبلاً مهمات ومسئوليات كثيرة داخل هذا المجتمع، لذا جاءت مبادرة دار الإفتاء بتأسيس مركز عالمى لفقه وفتاوى الأقليات بعدد من اللغات وبمشاركة مختلف دول العالم، ليكون همزة وصل بين المجتمعات الإسلامية والأقليات والجاليات المختلفة بدول العالم، ولمناقشة القضايا الشرعية والإجابة على تساؤلات المسلمين المقيمين فى بلاد الغرب، لأن ذلك يتم بمراعاة ارتباط الحكم الشرعى بظروف جماعة ما فى مكان محدَّد، نظرا لظروفها الخاصة فى البلاد غير الإسلامية، لأن ما يصلح لها قد لا يصلح لغيرها، فالظرف المكانى الذى توجد به هذه الأقليات يجعل لهم فى كثير من الأحوال مسوغات اضطرارية تجعل من يفتى فى مسألة ما إلى الإفتاء بما يخالف معتمد مذهبه أو الراجح فى نظره من حيث الدليل أو بما يخالف فتاوى المفتين فى أماكن تكون الغلبة فيها للمسلمين. فى زيارتكم الأخيرة لبروكسل وباريس وافق الاتحاد الأوروبى على اعتماد دار الإفتاء المصرية كمرجعية دينية للمسلمين فى أوروبا، ما الذى ترتب على تلك الخطوة وهل من نتائج ملموسة على أرض الواقع؟ اعتماد دار الإفتاء المصرية كمرجعية للفتوى للمسلمين فى أوروبا يعد اعترافاً من قبل الاتحاد الأوروبي، لأن إشراك المؤسسات الدينية الرسمية المختصة بالفتوى مثل دار الإفتاء المصرية يعد جزءًا كبيرًا من حل وعلاج ظاهرة التطرف، خاصة أن دار الإفتاء قد اعتمدت عدة آليات منهجية لمكافحة التطرف ومحاربته، وبذلت الكثير من المجهودات خاصة خلال العامين الأخيرين حققت نتائج ملموسة على أرض الواقع. وتم الاتفاق على إمداد البرلمان الأوروبى بألف فتوى مترجمة إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية، أعدتها دار الإفتاء المصرية، تراعى الوضعية الخاصة لمسلمى أوروبا وقوانينها، كونها أعدت ردًا على استفسارات أوروبية المصدر بالأساس، وكذلك ترجمة التقارير الصادرة عن مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة والتى تفند دعاوى الجماعات الإرهابية وتدحضها بمنهج علمي، كما تم التباحث حول إمكانية تدريب وإعداد عدد من الأئمة الأوروبيين فى مجال التصدى للفتاوى المتشددة. ماذا عن خطط دار الإفتاء لعام 2016 والمؤتمر العالمى الذى سيعقد سنويا؟ وما هو موضوع المؤتمر القادم؟ سيشهد عام 2016 إطلاق عدة خدمات جديدة فى مقدمتها تطبيقات للفتوى على أنظمة «أندرويد»، و«آى أو إس» لأجهزة الهواتف الذكية، لمواكبة التكنولوجيا الحديثة فى وسائل الاتصال، وضمان الوصول لأكبر شريحة من المسلمين عالمياً. وكذلك تكثيف النشاط الخارجى لتصحيح صورة الإسلام ومواجهة «الإسلاموفوبيا»، عبر إطلاق قوافل للإفتاء تجوب قارات العالم، تضم نخبة كبيرة من كبار العلماء لعقد لقاءات مع المسئولين فى دول العالم، ونشر الوعى الإفتائى الصحيح، وكذلك تأسيس أول أكاديمية عالمية للتدريب على الفتوي، حيث ستبدأ عملها باستقبال أول وفد من الأئمة فى فرنسا للتدريب على الفتوي. كما ستعقد دار الإفتاء هذا العام مؤتمراً دولياً حول «التكوين العلمى والتأهيل الإفتائى لأئمة المساجد» بهدف تقديم الدعم الشرعى اللازم للأقليات الإسلامية فى الخارج، ونشر صحيح الدين.