نشرت لي صحيفة الأهرام بتاريخ 2012/4/7 في الصفحة العاشرة مقالا بعنوان نهب واستنزاف الثروة المعدنية في مصر ويبدو أن المقال قد حرك بعض المياه الراكدة بل الأسنة في مصر. من ذلك مثلا ما نشرته صحيفة الأهرام بتاريخ 17/4/2012 في الصفحة الثامنة عشرة بعنوان مشروع قانون جديد للمحاجر والمناجم والملاحات.. و6 مليارات دولار إيرادات سنوية فور إصداره ورأي كاتب هذه السطور هو ان هذا مشروع قانون تأخر كثيراوطال انتظاره, ويجب أن يوفر هذا القانون إن صدر قريبا ليس فقط ستة مليارات دولار سنويا, ولكن يجب أن يوفر أكثر من ستين مليار دولار سنويا, ثم المقال الذي نشرته الأهرام بتاريخ 14/4/2012 في الصفحة العاشرة لأحد مستثمري الذهب في مصر ويسعدني أن أوضح التالي: يعرف المصريون جميعا أنه خلال العشرين سنة الأخيرة, وفي ظل حماية الإدارة الفاشلة والتي دأبت علي ترديد ونشر مصطلحات من مثل أزهي عصور الشفافية وأزهي عصور الاستثمار والرفاهية وأزهي عصور الديمقراطية والفساد في المحليات للركب... إلخ باعت هذه الإدارة الفاشلة أكثر الأصول الاستثمارية في مصر من الأراضي والعقارات والشركات والمصانع وأخيرا قصة الاستثماري في مناجم الذهب وأكبرها منجم السكري الذي بدأ المصريون يعرفون شيئا قليلا عنه في الآونة الأخيرة, وما خفي كان أعظم بالتأكيد.. لانعرف ماذا أضاف كل ذلك إلي الاقتصاد المصري ومردوده علي الغالبية العظمي من الشعب المصري, كل مانعرفه أن الديون الخارجية والداخلية زادت علي مصر بشكل مرعب, وهبوط أكثر من نصف الشعب المصري إلي ما دون خط الفقر وانعكس ذلك علي أمور كثيرة منها شيوع وانتشار الجريمة الفاجرة والقاسية إن صح التعبير وانتشار العشوائيات وتغول ظاهرة أطفال الشوارع وتداعياتها وارتفاع اعداد الأميين وتدني مستوي التعليم والصحة والانتماء... إلخ ثم تدني المكانة السياسية لمصر إقليميا وعالميا... إلخ. منجم ذهب السكري منجم عملاق, وكاتب هذه السطور يعرف ذلك جيدا من خلال عمله في ستينيات القرن الماضي كمنقب (بضم الميم وفتح النون وكسر القاف) جيوكيميائي ورئيس بعثات جيولوجية في برنامج المسح التعديني لمنطقة أسوان بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الانمائي undp, والتي شملت المنطقة الممتدة من طريق إدفو مرسي علم شمالا حتي الحدود المصرية السودانية جنوبا في الصحراء الشرقية بمصر والتي يوجد فيها عدد كبير جدا من مناجم الذهب الفرعونية منها مناجم السكري وام عود وحنجليه وحمش ودنقاشو البرامية وعتود وحوتيت والعلاقي وغيرها, بالإضافة إلي مناجم الزمرد الفرعونية في وادي الجمال (بفتح أو كسر الجيم).
الذهب في مناطق مناجم الذهب الفرعونية في الصحراء الشرقية بمصر (أكثر من 150 منجما وموقعا للذهب) معروف منذ العصر الفرعوني في الألف قبل الميلاد وتم استغلاله عبر الحضارات المتتالية, ويوجد هذا الذهب في عروق المرو (الكوارتز) وفي صخور (أحجار) هذه المناطق وقد استخرجت الحضارات المتعاقبة منذ العصر الفرعوني حتي نهاية النصف الأول من القرن العشرين الذهب من عروق المرو. أما الذهب الموجود في الصخور (الأحجار) وهو أكثر جدا من النوع الأول فلم يعرفه القدماء ولم يستخرجوا منه شيئا وهو أمل مصر في الحاضر والمستقبل.
الأسلوب المتبع حاليا في استخراج الذهب في مصر هو أسلوب خاطيء ومرفوض شكلا وموضوعا, وذلك لأن الدولة لاتعرف احتياطي أو كمية الذهب في أي منجم من المناجم الخاضعة للاستثمار حاليا, وبالتالي لاتعرف حقيقة نصيبها وما يحصل عليه المستثمر, فكل البيانات المتعلقة باحتياطي الذهب في كل منجم من المناجم المستثمرة حاليا ان وجدت فإنها تأتي من مصدر واحد هو المستثمر ومع احترامنا للمستثمرين الجادين فإن مثل هذه البيانات لا يعتد بها بديهة لا جدال فيها, في اعتقادي أن التقرير الصحيح في استغلال الذهب في مناجم الذهب الفرعونية هو أن تقوم الدولة ممثلة في المساحة الجيولوجية (هيئة الثروة المعدنية) بتقدير احتياطي الذهب من كل منجم من تلك المناجم.