كشفت تحقيقات نيابة مركز «فوة» تحت إشراف المستشار محمد الزنفلي المحامي العام الأول لنيابات كفرالشيخ الكلية، أن «معدية الموت» التي غرقت، وراح ضحيتها 15 شخصًا، منهم 12 ضحية من أهالي قرية «سنديون» بكفر الشيخ، و3 ضحايا من أهالي قرية «ديروط» بمحافظة البحيرة انتهي ترخيصها في 9 مايو الماضي دون اتخاذ أي إجراءات قانونية حيال ذلك من قبل الجهات المشرفة علي النقل النهري، وشرطة المسطحات المائية، والمحليات. كما كشفت التحقيقات عن أن المعدية، قبل أن تغرق، كان يستقلها 18 شخصًا، وتعرضت للميل والاضطراب بمجرد تحركها بسبب الحمولة الزائدة، وأن الركاب اضطروا إلي ذلك بعدما أخبرهم صاحب المركب بأنها الحمولة الأخيرة بسبب الظلام، وسوء الأحوال الجوية. واستمعت النيابة العامة، برئاسة محمد غزالة، مدير نيابة مركز »فوة« إلي أقوال اثنين من الناجين حول ملابسات الواقعة ، بالإضافة إلي أقوال اثنين من أسر ضحايا الحادث. كما استمعت النيابة إلي أقوال المهندس محمد أبوغنيمة رئيس مركز ومدينة فوة، والذي أكد خلال التحقيقات أنه شكل لجنة خاصة بالإشراف علي تراخيص المعديات، منذ عام 2013، وأن من اختصاصات اللجنة المتابعة والإشراف وإخطار شرطة المسطحات المائية بالمراكب المخالفة. وعلم «الأهرام» أن المستشار سامح كمال، رئيس هيئة النيابة الإدارية، أمر بفتح تحقيق عاجل في واقعة غرق «معدية الموت» بنهر النيل أمام قريه سنديون التابعة لمحافظة كفر الشيخ، بسبب ما تثيره الواقعة من شبهة الإهمال الجسيم من قبل المختصين بالرقابة النهرية ومسئولي التراخيص والتفتيش علي المراكب النيلية، بما يستوجب معه التحقيق في الواقعة وصولا لمدي توافر ذلك الإهمال من عدمه ومحاسبة المسئولين عنه إن وجد. من جانبه،أكد اللواء السيد نصر، محافظ كفر الشيخ، الذي شارك في تشييع جنازات ضحايا الحادث، أنه انتقل فورًا إلي موقع الحادث، لمتابعة إنقاذ ركابه وانتشال الضحايا، وأشار إلي أن القارب الذي غرق طوله 6 أمتار في عرض مترين، يعمل بمجاديف، وحمولته المقررة 6 أفراد بالإضافة لفرد التشغيل. وأضاف أن سوء الأحوال الجوية، والحموله الزائدة التي وصلت إلي 18 شخصًا وراء غرق المعدية في عُرض مجري النيل الذي يتراوح بين 100 و150 متراً. وقرر محافظ كفرالشيخ، صرف تعويض مالي لأسرة كل ضحية قدره 10 آلاف جنيه إذا كان رب أسرة، و5 آلاف جنيه إذا كان شابًا أو فتاة، و2000 جنيه لكل مصاب من الناجين. كما قرر صرف مكافأة مالية لفرق الإنقاذ التي شاركت في انتشال الجثث والمصابين، قدرها راتب شهر لكل منهم، لما بذلوه من جهود غير عادية، استمرت لساعات طويلة، في ظل الظروف الجوية السيئة حتي تم الانتهاء من عملية الإنقاذ، مشيرًا إلي أن عملية الإنقاذ شارك فيها 5 ضباط من إدارة الحماية المدنية و25 غطاسًا تابعين لقسم الإنقاذ النهري بدسوق التابع للحماية المدنية. وأكد أن الأهالي ضربوا أروع المثل في تعاونهم مع قوات الإنقاذ أثناء انتشال جثث الضحايا. وأضاف محافظ كفر الشيخ أنه يدرس إمكانية توفير وسائل نقل لأهالي قرية »سنديون« لربطها بقرية »ديروط« علي الجانب الآخر من النيل، لمنع تكرار مثل هذا الحادث الأليم. كما أنه ستتم دراسة إنشاء كوبري علي نهر النيل، ليخدم أهالي القريتين، بالتعاون مع وزارة النقل والمسطحات المائية. علي الجانب الآخر، لا تزال قرية »سنديون« بمركز »فوة« يكسوها السواد، ويعيش أهلها الحزن علي فراق 12 شخصًا، من أبنائها، حيث تحولت القرية إلي سرادق أحزان كبير، بسبب الحادث المأساوي، الذي أودي بحياة أسرة كاملة، وهي عائلة »جميعي« التي فقدت 6 من أبنائها، حيث يؤكد سيد أحمد جميعي «والد آية وإيمان ضحيتيْ الحادث الأليم» أن المعدية الغارقة لم تكن تصلح لنقل الركاب بين سنديون وديروط، ولكن ما حيلتنا، ولا توجد وسيلة أخري، كما أنه لا يوجد أي إشراف علي المعديات المخالفة، وطالب بضرورة القصاص العادل من كل مسئول تسبب بإهماله في وقوع هذا الحادث المفجع . بينما يعيش سامي مصطفي جميعي، الذي مات جميع أفراده أسرته والده ووالدته وشقيقاه حزناً شديداَ، ولم يستطع الحديث، حيث كان في حالة ذهول من أهوال الحادث خاصة أنه كان نائمًا واستيقظ علي صراخ أقاربه الذين أخبروه بأنه فقد أسرته بالكامل. كما يؤكد أشرف عطا الله (تاجر) أن القرية تعيش حالة غضب شديد من تجاهل الحكومة لهم، خاصة أنهم يعانون كثيرًا بسبب كثرة المشكلات التي تواجههم، حيث قرية »سنديون« لا يوجد بها أدني الخدمات والمرافق، فعلي الرغم من أن نهر النيل يمر من أمامنا، فإننا لا نزال نشرب من مياه الطلمبات الحبشية، فهل يعقل أن نحرم من مياه النيل، ونشرب من المياه الملوثة؟!! ويضيف: القرية معدومة الخدمات، فلا مياه نظيفة، ولا صرف صحيا، ولا وحدة صحية، ولا وسيلة مواصلات آمنة تنقلنا للبر الآخر حتي نباشر عملنا واتهم المسئولين بعدم النظر إلي مشاكل القرية، والعمل علي حلها.