فور أن تستقر الأوضاع في( مصر الثورة) لابد أن نعيد فتح باب المناقشة حول مشروع إنشاء قناة ملاحية جديدة موازية لقناة السويس بأقصي الشرق لتربط بين خليج العقبة والبحر المتوسط, مما يقضي علي فكرة إسرائيلية بإنشاء خط حديدي علي المسار نفسه ينافس قناة السويس, وتربط بين البحرين. القناة المقترحة تزيد من دخل مصر نتيجة لعبور عدد أكبر من السفن, وبذلك تصبح مصر مركزا للتجارة العالمية. حفر قناة ملاحية من خليج العقبة إلي البحر المتوسط علي بعد ثلاثة كيلو مترات من الحدود الدولية, والمدخل الجنوبي يقع مكان ميناء طابا البحري, والمدخل الشمالي غرب رفح المصرية, أي علي بعد3 كيلو مترات من الحدود المصرية مع غزة, وطول القناة212 كيلو مترا. يوضح الدكتور محمد نجيب أستاذ البيولوجيا البيئية ورئيس قسم التطبيقات الجيولوجية بالهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء أن المشروع لا يكلف الدولة أي تكاليف مادية, وأن مسار القناة يمر بصخور ورواسب مطلوبة اقتصاديا لصناعات كثيرة مثل مصانع الأسمنت والسيراميك والزجاج والأحجار والجرانيت, وسيتم في هذه الحالة إقامة مصانع علي نتائج الحفر أو بيعها لمصانع قائمة بالفعل في سيناء, وذلك باستخدام بيانات الأقمار الصناعية والرادار لحساب الأطوال التي ستمر بها القناة والمساحات وحجم الحفر, وكذلك الكميات بالطن لكل نوع من الصخور. ومن هذه البيانات يمكن تقسيم ناتج الحفر من كميات مختلفة لتوزيعها علي المصانع حسب نوعية الصناعة القائمة عليه. ويوضح الدكتور نجيب أن القناة سوف تخدم, بالإضافة إلي مصر, الأردن والسعودية, لقرب مدخل القناة من موانئها لتصل مباشرة إلي البحر المتوسط, ودول شرق هذا البحر, كما تقصر الطريق بالنسبة للوصول إلي أسواق ومواني البحر الأحمر والخليج العربي( مناطق النفط والتجارة). ويشير إلي أن نظام المرور بقناة السويس بوضعها الحالي تزيد من انتظار السفن لكي تعبر القناة, إذ يقدر الزمن الذي تستغرقه السفينة في العبور نحو16 ساعة, ومن هنا فإنه كلما كانت القناة مزدوجة قل وقت انتظار السفن وزاد عددها, وبالتالي يزيد دخل مصر. لكن هناك سؤال يطرح نفسه.. لماذا قناة سيناء.. أو ما الفوائد التي تعود من شق القناة؟ أول فائدة هي التغلب علي مشكلة الملاحة بقناة السويس في اتجاه واحد, وبذلك يتم تخصيص كل قناة للعبور في اتجاه, وسوف تكون قناة بديلة لقناة السويس في حالة الطوارئ, أي في حالة حدوث ما يعوق الملاحة بأحدهما أو في حالة صيانة إحداهما, وهذا يضمن عدم توقف الملاحة من البحر المتوسط إلي الأحمر والعكس, مع زيادة طول خط الساحل بمصر, وإضافة ساحل بطول212 كيلو مترا, واستغلاله اقتصاديا وسياحيا بإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة حولها بما يضمن زيادة تعمير سيناء. والأهمية الاستراتيجية أيضا باعتبار القناة مانع مائي حماية للحدود الشرقية المصرية التي كانت دائما هي مصدر التهديد الأمني تاريخيا لمصر, واستخدام نواتج حفر القناة اقتصاديا للصناعات المختلفة, وكذلك استخدام ما يتبقي من نواتج الحفر في عمل ساتر ترابي علي الضفة الشرقية مما يعد خطا دفاعيا آخر, والتخلص نهائيا من مشكلات التهريب والإنفاق وخلافه مع الجانب الشرقي للحدود. وقد تم وضع سيناريو لأن يكون اتساع القناة200 أو300 أو400 متر, أما عمق القناة فتم الحساب علي أن يكون25 مترا تحت سطح البحر لأن أعمق جزء بقناة السويس يصل إلي23.5 متر, حسب آخر التوسعات التي تمت في مجراها. ويري الدكتور محمد عز الدين الراعي أستاذ الدراسات البيئية ومدير مركز التغيرات المناخية بجامعة الإسكندرية أن المشروع من الوجهة المبدئية إيجابي في التنمية المستدامة لسيناء وجدوي العائد الاقتصادي من حفر القناة كمعادن لأنه سوف يغطي بعض التكاليف لعمليات الحفر لأنها عالية, ولكن لابد من عمل دراسات بيئية استراتيجية للمشروع باعتباره سيغير من بيئة المنطقة ككل أي النواحي الفيزيائية والاجتماعية والاقتصادية للمنطقة. ويشير إلي أن هناك بعض المحميات الطبيعية, وبالتالي سيتم اجتذاب بيئات جديدة لهذه المنطقة, وهناك نقطة أخري هي تغير الجو المصاحب لهذه المنطقة, مع الأخذ في الاعتبار أن بها بعض الهزات الأرضية, وحزاما للزلازل, لكن المشروع تجب دراسته بتعمق.