قطاعات كبيرة من شبابنا لا يعرفون الكثير عن أرضهم الغالية سيناء بوابة مصر الشرقية وأرض الديانات التي نحتفل بعيد تحريرها في الخامس والعشرين من أبريل كل عام, وعودتها لأحضان الوطن الأم بعد انتصار اكتوبر73, كما لا يعرفون التكريم والمزايا التي خصها الله بها دون غيرها من بلاد أرضه الواسعة روحانيا وعسكريا وثقافيا وتاريخيا, وكيف دارت فوقها أعتي المعارك والحروب والغزوات وكانت مطمع الطامعين الذين يرون انها كنز كنوز الدنيا بما تملكه من ثروات معدنية هائلة وتراث حضاري وأثري عريق بالاضافة إلي جوها الساحر البديع وشطآنها الرملية الناعمة ومنتجعاتها السياحية وجبالها السبعين الشاهقة وصاحبة مناجم الفيروز في وادي مغارة وسرابيط الخادم وعشرات المعالم الثقافية والحضارية والسياسية وغيرها من المميزات الأخري, الأمر الذي جعل شعبة التراث الحضاري والأثري بالمجالس القومية المتخصصة برئاسة مقررها العالم وخبير التراث د. حسنين ربيع ومعه نخبة من كبار العلماء ورجال الآثار يعدون دراسة قيمة عن سيناء لكي يتعرف عليها شبابنا الذين لم تتح لهم فرصة مشاهدتها عن قرب ويتابعون ما يجري علي أرضها من فنون النهضة الجديدة التي تتولاها حكومة الانقاذ بعد ثورة يناير ونعرض بعضها في هذا المقال مع بعض مقترحاتها لتنميتها والاستفادة الكاملة من خيراتها التي ستعود علي كل الأجيال القادمة بكل الخير والرفاهية. روحانية سيناء.. في البداية أقول ان لدي المصريين عقيدة راسخة بأن سيناء لها جوانب روحانية تخاطب عواطف كل المؤمنين بالديانات في مشارق الأرض ومغاربها وان الله كرمها عن سائر بقاع الأرض, وذكرها في النصوص والكتب المقدسة وخصها بكثير من آياته في القرآن الكريم, ومن خلال الوادي المقدس الذي تلقي فيه موسي عليه السلام كلمات ربه بقوله تعالي هل أتاك حديث موسي إذ ناداه ربه بالوادي المقدس طوي. إبراهيم الخليل.. اختار سيناء كما ورد في سفر التكوين طريقا وهو قادم من بلاد كنعان ثم عاد اليها ومعه زوجته السيدة هاجر أم ابنه اسماعيل ويؤكد المؤرخون العرب انها كانت قرية شمال سيناء اسمها أم العرب وكان موقعها أمام الفرما. يوسف الصديق.. عبر سيناء مع القافلة التي جاءت به إلي مصر, ثم عبرها أبوه واخواته عندما جاءوا للاقامة في مصر, وهي معلومة لابد أن يعرفها الشباب, ويذكر انجيل متي ان المسيح عليه السلام في طفولته وأمه ويوسف النجار العائلة المقدسة جاءوا إلي مصر ودخلوا كما تقول الروايات من رفح ثم العريش ثم سلكوا طريق ساحل سيناء حتي الفرما ومنها الي شرق الدلتا. سيناء سياسيا وعسكريا.. ظهرت أهميتها بظهور أحمس طارد الهكسوس الذين جاءوا لاحتلالها في أوائل عصر الأسرة الثامنة عشرة مع ظهور الطرق الحربية المعبدة, وتصاعدت أهميتها بتأسيس تحتمس الثالث الامبراطورية المصرية في الشرق وتزايد معها بناء القلاع والحصون علي طول هذا الطريق الذي يعرف باسم طريق حور العظيم, وزادت أهميتها في عهد سيتي الأول مؤسس الأسرة التاسعة عشرة. المعالم السياحية.. تزخر سيناء بعشرات المعالم ذات الأهمية الثقافية والحضارية والسياحية وبجبالها الشهيرة مثل جبل موسي وجبل المناجاة وجبل سريال بالاضافة إلي المحميات الطبيعية السبع الشهيرة.. ولنا بعض المقترحات الآتية: معرض كتب سيناء: أن يتبني د. شاكر عبدالحميد وزير الثقافة بالاتفاق مع د. أحمد مجاهد رئيس هيئة الكتاب من الآن اعداد معرض متخصص عن سيناء تاريخيا وروحانيا وعسكريا وسياسيا وحضاريا وسياحيا والرؤي المستقبلية لها بحيث يشارك الخبراء كل في تخصصه ويتم افتتاحه في احتفالات اكتوبر المقبل. السياحة العسكرية.. ان يواكب هذا المعرض تنظيم رحلات سياحية للمصريين والأجانب لزيارة أهم مواقع المعارك التي جرت في حرب اكتوبر73 مثل مقبرة الدبابات وعيون موسي وخط بارليف ورأس العش, بالاضافة إلي المناطق التاريخية مثل الطريق الحربي الذي استخدمه مشاهير القادة الفراعنة والمصريون, منهم أحمس ثم تحتمس الثالث ثم سيتي الأول, إلي جانب المنتجعات السياحية والمحميات السبع المعروفة, ناهيك عن الندوات الثقافية والمهرجانات والبرامج التعليمية التي تزرع في الشباب الشعور بالانتماء وولاءهم تجاه الأم الكبري مصر. وأخيرا.. إذا كنا قد احتفلنا منذ ثلاثة أيام بذكري عودة سيناء فان الاحتفال الحقيقي بها يكون بتجييش جميع الوزارات والهيئات والعلماء والخبراء والشباب لتنميتها وتعميرها وإقامة نهضتها الشاملة لتصبح منارة مصر المقبلة, ومرآتها الساطعة التي يري منها العالم كله صورة مصر المستقبل بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير وانتخاب أول رئيس جمهورية لها بعد الثورة. المزيد من مقالات مصطفى الضمرانى