بعد إعلان القسام عن أسر جنود.. الجيش الإسرائيلي يشن قصفا مدفعيا عنيفا على مخيم جباليا وشمال غزة    تقرير إسرائيلي: نتنياهو يرفض بحث توافق عملية رفح مع قرار العدل الدولية    أصعب 48 ساعة.. الأرصاد تحذر من طقس الساعات المقبلة    عمرو أديب يعلق على تصريحات الرئيس السيسي حول أزمة الكهرباء    شاهد، كيف احتفل كولر ورضا سليم مع أولاد السولية    رامز جلال يحتفل بتتويج الأهلي بطلًا لإفريقيا (صورة)    "هرب من الكاميرات".. ماذا فعل محمود الخطيب عقب تتويج الأهلي بدروي أبطال إفريقيا (بالصور)    موعد مباراة الأهلي والزمالك في السوبر الإفريقى والقنوات الناقلة    واجب وطني.. ميدو يطالب الأهلي بترك محمد الشناوي للزمالك    أسعار الذهب اليوم الأحد 26 مايو 2024 محليًا وعالميًا    اليوم.. الحكم فى طعن زوج مذيعة شهيرة على حبسه بمصرع جاره    وزير البترول: ندعم وزارة الكهرباء ب 120 مليار جنيه سنويا لتشغيل المحطات    المقاولون العرب يهنئ الأهلي على فوزه بدوري أبطال أفريقيا    زاهي حواس: إقامة الأفراح في الأهرامات "إهانة"    القائمة الكاملة لجوائز الدورة 77 من مهرجان كان    حظك اليوم برج السرطان 26/5/2024    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري بالبنوك في أول يوم عمل بعد تثبيت الفائدة    عماد النحاس: سعيد بتتويج الأهلي بأبطال إفريقيا وكنت أتابع المباراة كمشجع    باريس سان جيرمان بطلا لكأس فرنسا على حساب ليون ويتوج بالثنائية    الرئيس التونسى يقيل وزير الداخلية ضمن تعديل وزارى محدود    مصرع 20 شخصا إثر حريق هائل اندلع فى منطقة ألعاب بالهند    أطول إجازة للموظفين.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات للقطاع العام والخاص    نيابة مركز الفيوم تصرح بدفن جثة الطفلة حبيبة قتلها أبيها انتقاماً من والدتها بالفيوم    «تشريعية النواب»: تعديل على قانون تعاطي المخدرات للموظفين بعدما فقدت أسر مصدر رزقها    طباخ ينهي حياة زوجته على سرير الزوجية لسبب صادم!    مصرع شخص وإصابة 9 آخرين في حادث سيارة ربع نقل بالمنيا    مشابهًا لكوكبنا.. كوكب Gliese 12 b قد يكون صالحا للحياة    قفزة بسعر السكر والأرز والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الأحد 26 مايو 2024    طلاب ب "إعلام أكاديمية الشروق" يطلقون حملة ترويجية لتطبيق يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتسهيل الحياة في العاصمة الإدارية    وزير البترول: نتحمل فرق تكلفة 70 مليار جنيه لإمداد وزارة الكهرباء بالغاز فقط    حزب المصريين: الرئيس السيسي يتبع الشفافية التامة منذ توليه السلطة    حظك اليوم الأحد 26 مايو لمواليد برج الجدي    وزير الرياضة ل"قصواء": اعتذرنا عما حدث فى تنظيم نهائى الكونفدرالية    سلوى عثمان تنهار بالبكاء: «لحظة بشعة إنك تشوف أبوك وهو بيموت»    زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام بعد انقطاع الطمث.. وما يجب فعله للوقاية    العلاقة المشتركة بين سرطان الرئة وتعاطي التبغ    صحة كفر الشيخ تواصل فعاليات القافلة الطبية المجانية بقرية العلامية    أول رد من نتنياهو على فيديو الجندي الإسرائيلي المُتمرد (فيديو)    تجدد الاحتجاجات ضد نتنياهو في تل أبيب وأماكن أخرى.. وأهالي الأسرى يطالبونه بصفقة مع حماس    61 ألف جنيه شهريًا.. فرص عمل ل5 آلاف عامل بإحدى الدول الأوروبية (قدم الآن)    اليوم.. افتتاح دورة تدريبية لأعضاء لجان الفتوى بالأقصر وقنا وأسوان    وزير البترول: محطات توليد الكهرباء تستهلك 60% من غاز مصر    صوّر ضحاياه عرايا.. أسرار "غرفة الموت" في شقة سفاح التجمع    "يا هنانا يا سعدنا إمام عاشور عندنا".. جماهير الأهلي فى كفر الشيخ تحتفل ببطولة أفريقيا (صور)    آلام التهاب بطانة الرحم.. هل تتداخل مع ألام الدورة الشهرية؟    بوركينا فاسو تمدد فترة المجلس العسكري الانتقالي خمس سنوات    رئيس جامعة طنطا يشارك في اجتماع المجلس الأعلى للجامعات    الأزهر للفتوى يوضح العبادات التي يستحب الإكثار منها في الأشهر الحرم    الأزهر للفتوى يوضح حُكم الأضحية وحِكمة تشريعها    «الري»: إفريقيا تعاني من مخاطر المناخ وضعف البنية التحتية في قطاع المياه    نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 .. (الآن) على بوابة التعليم الأساسي    موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات.. ومواعيد الإجازات الرسمية المتبقية للعام 2024    المدن الجامعية بجامعة أسيوط تقدم الدعم النفسي للطلاب خلال الامتحانات    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي العلمي للمقالات العلمية    توقيع برتوكول تعاون مشترك بين جامعتي طنطا ومدينة السادات    وزير الأوقاف: تكثيف الأنشطة الدعوية والتعامل بحسم مع مخالفة تعليمات خطبة الجمعة    علاج 1854 مواطنًا بالمجان ضمن قافلة طبية بالشرقية    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لمن تدق الأجراس

وسط مشهد سياسى ونيابى وإعلامى مختلف يسير القلق علي المستقبل ويوجد مناخ مسموم يخطىء البعض في الاعتقاد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يلتفت إلي الملفات التي كانت، ومازالت، تمثل عبئا ثقيلا علي المجتمع والدولة لعقود طويلة وهي الملفات التي أوصلتنا إلي ثورة 25 يناير ثم الخروج علي من فاقم من فداحة تلك الملفات في ثورة شعبية ثانية في 30 يونيو والتي كانت مزيجا من محاولة حراسة الهوية المصرية والتصدي لشبكة فساد أكثر عمقاً علي يد جماعة تتمسح بالدين بينما في حقيقة الأمر تملك روابط ممتدة في عواصم عالمية كانت تمثل خطراً علي الأمن القومي دون مجادلة.
هناك أمران مهمان وردا فى تصريحات الرئيس خلال الأيام القليلة الماضية، الأول حول التحديات التي تواجه البلد، ومنها تحدي الإرهاب وتحدي الفساد حيث قال: «كما نواجه الإرهاب، نحن نبني وسنبني..نحارب الفساد ونحن نبني وسنبني» والثاني هو أن: «الدولة لا تصنع شعبا..الشعب هو الذي يصنع الدولة».
مشكلة المجتمع المصري أن الكثيرين لا يفطنون إلي حقيقة الخلط الكبير بين أدوار وسياسات، وبين مواقف عامة وخاصة، في السنوات الأربعين الماضية التي ألحقت ضررا بالغا بحركة المجتمع، ورسخت ممارسات سيئة استقوت بها جماعات مصالح عديدة، لم تعد مسألة مواجهتها بالأمر الهين أو السهل..فهناك خلط شديد بين المال والسياسة وبين المال والإعلام، وبين المال والتعليم..
وكل ما سبق يمثل تحديا قائما بذاته يحتاج إلي جهد كبير من أجل تفكيك شبكات المصالح وتفعيل القانون وعلاج الترهل والفساد الضارب في عمق السلوك الاجتماعي والبيروقراطي. فهناك فارق كبير بين إتاحة العمل بحرية لرءوس الأموال والاستثمار في كل قطاعات المجتمع، وبين ممارسة سطوة في السياسة أو في الشارع من جانب بعض أصحاب الأعمال.وقد كان الرئيس واضحا فيما يخص طمأنة رجال الأعمال الجادين علي أموالهم واستثماراتهم حيث تأميم الاستثمارات والأصول صار إرثا من الماضي ولم يعد مطروحا بالمرة في التفكير الاقتصادي للدولة المصرية.
يجب ألا ننسي أن ما حدث في 25 يناير كان نتيجة طبيعية للغضب الشعبي من سيطرة شبكات المصالح والمال علي صناعة القرار السياسي في البلاد وهي قلة احتكرت لنفسها الثروة والسلطة وظنت أن السيطرة التامة علي مستقبل مصر قد تمت، ولن يكون هناك من ينازعهم في تلك السيطرة وهو ما جاء بانتفاضات المصريين ضد حسني مبارك ثم ضد جماعة الإخوان المسلمين لتؤكد أن الشعب يملك القدرة علي التصدي لمن يريد احتكار السلطة، وهنا يجب ألا ننسى جميعا أن ذلك هو ما جاء بالرئيس السيسي إلي الحكم محملاً برغبة شعبية واسعة في إنهاء المعاناة مع الفساد والمفسدين وبناء مجتمع جديد قوامه العدالة والجدارة والتوزيع العادل للثروة.

يعلم الرئيس ويعلم من حوله، وأعتقد أن الجميع يدرك، أن المشكلات السابقة غير قابلة للحل بين عشية وضحاها.. وأن شبكات المصالح لن تتوقف عن ممارسة الضغوط على السلطة من أجل انتزاع المكاسب ومن هنا جاءت كلمات الرئيس فى لقاء أخير أن حكومته تواجه تحدى الإرهاب الذى يريد تقويض السلم الاجتماعي، وشق الصف فى مجتمع عاش آلاف السنين كتلة واحدة متراصة لا تقبل القسمة.. وتحارب ميراثا ضخما من الفساد الذى ينخر فى عظام المجتمع من خلال سبل ووسائل كثيرة ويجد من يروج له ويحميه..

ومن هنا..
المواجهة لابد منها ولا يمكن الاستعاضة عنها بأى سياسة أخرى تلتف حول ما يريده الشعب من ضرورة وضع حد لظواهر سياسية وإعلامية مفزعة باستراتيجية تقودها الدولة ويقف عموم الناس داعمين لها.. ومسألة وقوف الشعب إلى جانب حكومته فى الحرب ضد الفساد تحتاج إلى قدر من المسئولية المجتمعية والصراحة والصدق مع النفس وذلك بعدم تمكين الفاسدين من استمرار السلوكيات المشينة نفسها، فلا يحق لنا الشكوى من استشراء الفساد بينما الكل يمارس السلوك نفسه فى دفع الرشاوي، ولا يحق لنا أن يعلو صوتنا ضد الدولة بينما نحن مستسلمون للفاسدين سواء فى الجهاز الإدارى للدولة أو غيره دون أن نكشف عورات المجرمين فى وسطنا.. كما لا يحق لأحد قاطع الانتخابات البرلمانية أن ينتقد وصول فاسد أو أحد رموز الحزب الوطنى وأمانة السياسات إلى مجلس النواب، فهذا ساهم فى وصوله بعدم المشاركة.
نعود إلى الواقع الصعب المتمثل فى اللعب بأدوات المال فى السياسة والإعلام والتعليم، فانتخابات مجلس النواب بلورت استمرار دور المال السياسى وعودة ظاهرة شراء الأصوات من جانب بعض من يتقنون اللعبة دون اعتبار للمصلحة العامة، وهى ظاهرة لا يمكن للدولة وحدها الوقوف فى وجهها نتيجة قيود القوانين التى لا تحاسب المرشح أو الناخب مالم يضبط بالفعل غير القانونى فى اللحظة نفسها، ونتيجة لما سبق نسمع عن عمليات شراء الأصوات دون أن نضع أيادينا على الفاعلين، فكل الانتهاكات تحدث خارج اللجان بعيدا عن سلطة تطبيق القانون والمجتمع نفسه هو الكفيل بلفظ تلك الممارسات السلبية من خلال رفع درجة وعى الناخبين وتقوية دور المجتمع المدنى الوطنى فى الرقابة الشعبية، وقيام الأحزاب بدورها فى الترويج لبرامج وليس الجرى وراء الناخبين دون مضمون حقيقي. لقد كان الرئيس السيسى واضحا فى أكثر من مناسبة عندما حث الناخبين على اختيار الأصلح من أجل مستقبلهم ومستقبل أبنائهم. عندما قال إن الدولة لا تصنع شعبا ولكن الشعب هو من يصنع الدولة التى يريدها.. وربما كان فى ذهنه ما يصل إلى مسامعه عن الممارسة الانتخابية وما شابها من نواقص تؤدى إلى خلل فى الممارسة السياسية. فالشعب قد فوض الرئيس، لكن الرئيس لن يعمل بمفرده وهو يردد دائما «إحنا المصريين مع بعضنا البعض، سنبنى مصر ونعمرها ولست أنا وحدى من سيقوم بذلك».

أما ظاهرة..
زواج المال الخاص بالإعلام فهى للأسف تعكس خللا حقيقيا فى النظام العام للمجتمع خاصة عندما تسيطر مجموعة من رجال الأعمال على ملكية الحصص الأكبر فى قنوات فضائية يستخدمها البعض كأداة ضغط على النظام الحاكم، وفى محاولة رسم أجندة المجتمع وفقا لأولوياتهم، وليس وفقا لأولويات الجماهير التى تقع غالبا فى فخ متابعة ما يعرض عليها، الغث منه والسمين.ونترقب بكل اهتمام ما سوف تسفر عنه عملية تشكيل المجالس الإعلامية التى نص عليها الدستور من أجل إصلاح الاعوجاج فى الممارسة ووضع الجميع أمام مسئولياتهم.
ولو تحدثنا عن فوضى التعليم فى البلاد فلن تكفينا مجلدات، ولكن هناك نقطة بداية على الدولة أن تحتشد من أجل سبر أغوار الوضع المتردى الذى أنتج نظما تعليمية متعددة تبتعد كثيرا عن بناء شخصية مصرية متماسكة، فهناك المدارس الخاصة والمدارس الدولية التى تتبع دولا وحكومات.. وهناك التعليم العام والفارق بينه وبين التعليم الخاص شاسع سواء فى الإمكانات أو المستوى الدراسي. والضحية فى غياب نظام تعليمى وطنى هو الهوية المصرية التى تتعرض للتشويه وغياب روح الانتماء بين أبناء طبقات بعينها.

فى ظل تلك..
الظواهر المترابطة فى مجموعها، يكون من الطبيعى أن تظهر على السطح شخصيات تحاول فرض وصاية على العملية السياسية والسلطة وتتحدث بلغة الإقصاء للآخر، فنجد البعض يرى أن عودة الماضى هو السبيل لاستعادة نفوذهم القديم ويعتبرون نتائج الانتخابات تبرر تلك التصرفات الحمقاء ويستخدمون قنواتهم الإعلامية فى الترويج لتلك المقولات الخطيرة، بينما رئيس الدولة يتحدث فى اتجاه آخر عن النظر إلى المستقبل وتجاوز عورات الماضى الكئيب والتوقف عن ممارسات ضد مصالح الغالبية من المصريين. وفى تلك الحالة، لا يسعنا إلا أن نقول للسلطة السياسية أن تنتبه وتقول لهؤلاء بوضوح: لا تتحدثوا باسمى! وفى مرحلة متقدمة يجب ألا ننتظرها طويلا يكون الحل للوضع الحالى هو سن تشريعات للفصل بين المال والسياسة والإعلام والتعليم.. وفى السياق السابق، لا يمكن أن يكون ارتباط المصالح مع النظام القديم لرجال حسنى مبارك أقل خطورة من العمل مع الجماعة الإرهابية على تقويض النظام العام فى الدولة، فكلاهما خطر وضد المصلحة العامة.
الواقع المصرى يقول إن ما يسمى بروح «الاصطفاف» الوطنى ربما لا يمكن تحقيقها أو الوصول إليها فى المرحلة الحالية، فالتعبير السابق رغم أهميته ووجاهته إلا أنه يصعب إدراكه فى ظل تلك المنظومة التى تحتاج إلى تدخل حقيقى من الدولة لإعادة تنظيم المشهد. كما أن تشتت المصالح والرؤى يقول إن مسألة الاصطفاف تعتبر من الأمنيات فى ظل عالم معقد تحكمه تحالفات مصلحية بعضها يتفوق على بث روح جديدة فى الأمة، ولن يجد رئيس البلاد سوى إعادة ضبط بوصلة العمل الداخلى قبل أن تتوحد الجهود لإطلاق إصلاح يشمل الكل. وما أعنيه هنا هو أن كلمة «الاصطفاف» تحمل معانى وطنية عظيمة، لكن الأهم هو تفعيل القانون وإنفاذه ليكون مظلة تنظم عمل المجتمع. فلا يعقل أن ينزلق الحوار العام إلى المستويات التى رأيناها فى الأسابيع الأخيرة، فنحن نتحدث عن اصطفاف وطنى بينما المنضوون تحت راية معسكر واحد من المؤيدين لثورة 30 يونيو يطلقون تصريحات إقصائية ضد بعضهم البعض، فهناك من يعبر صراحة عن رغبته فى استخدام الصفة النيابية من أجل تشكيل البلد وفقاً لما يراه، وآخرون يستخدمون الصفة النيابية سوطا على ظهور خصومهم وفى تصفية حسابات رخيصة، بينما ترتفع أصوات فائزين فى الانتخابات البرلمانية تهدد بعض رؤساء التحرير فى الصحف القومية، ويطالب أحدهم بمنع شخصيات وطنية من الكتابة فى تلك الصحف لأنهم معارضون وينسى النائب المبجل أن مصر والرئيس من مصلحتهما أن يستمعا إلى ما يجرى فى البلاد من شخصيات تختلف عن شخصه بعد أن أسهم أمثاله فى إضاعة مبارك والترويج لمرسى من بعده!
فى شرق بورسعيد قبل أسبوعين، وفى مؤتمرات ولقاءات كثيرة، التقيت مع رجال أعمال لا يبدون اهتماماً بالسياسة أو بالاستثمار فى الإعلام ويعملون فقط من أجل النجاح فى أعمالهم وخدمة الاقتصاد الوطنى دون ضجيج ودون مشاكل مع أجهزة الدولة أو فرقعات إعلامية. وهؤلاء عازفون أيضا عن التمثيل فى مجلس النواب وكذلك عن إنشاء صحف، فقد قابلت رجل أعمال فى احتفال شرق بورسعيد وقال لى: إن أحدهم تحدث إليه قائلا: «ب15 مليون جنيه أعملك جورنال يدافع عن مصالحك وتستخدمه فى تخليص أعمالك»! وقال رجل الأعمال إنه رفض بشدة كلام «الصحفى الكبير» ولم يستطع استكمال الحوار بعد أن نهره بشدة.
أمثال هؤلاء من رجال الأعمال المحترمين لا يحتاجون إلى «تطمينات» ويعملون دون حسابات ضيقة ويعلون من الصالح العام ويدفعون ضرائبهم دون مراوغة.. قال لى رجل الأعمال الكبير: «أنا لا أحتاج إلى تطمينات، عندما تسمع رجل أعمال يقول لك عايز تطمينات.. يبقى ماشى غير سليم»!!
يشكل تجاوز حدود الأدوار فى الحياة العامة نوعا من الاستفزاز للرأى العام يمكن أن يؤدى فى المقابل إلى فتح ملفات قديمة لأمثال هؤلاء تشغل الناس بعيدا عن برنامج البناء الوطنى ودعم خطط الرئيس فى التعمير والتنمية.. وأيضا هناك من يروج لوجود مشكلات بين السلطة ورجال الأعمال رغم أن الآلاف منهم يعملون بحرية مطلقة ولا يتجاوز عدد رجال الأعمال الذين يزاوجون بين المال والسياسة أصابع اليد الواحدة وهؤلاء يسعون لزواج المال والسلطة من جديد لكن بعضهم لا يجيد قراءة الأحداث أو الواقع الجديد!
النواب الجدد هم عنوان لمرحلة جديدة لا تحتمل لهو الصغار ولا مكائد الشخصيات الطفيلية التى حتى لو وصل بعضها للبرلمان لا يعنى الأمر أنهم يمثلون توجه الحكم أو يمكنهم الادعاء زورا أنهم ظهير الرئيس.. وأقول إن الظهير الحقيقى للرئيس هو الأغلبية الكبيرة من أبناء الشعب التى تعرف جيدا تبعات ما وصلت إليه البلاد فى السنوات الأخيرة من معاناة وتدهور اقتصادي. ونسب المشاركة فى الانتخابات ليست هى المعيار الوحيد لقياس درجة الرضا عن أداء الحكومة، فالمصريون على اختلاف انتماءاتهم السياسية يرون فى المشروعات الكبرى ومعالم البرنامج الاقتصادى المقترح على مجلس النواب القادم مؤشرا على أن هناك من يعمل بالفعل من أجل غدِِ أفضل..
الظهير الحقيقى للرئيس هم أبناء الطبقات المتوسطة والفقراء ممن يريدون المشاركة فى العملية السياسية لكنه يصطدم أحيانا بمن يملك المال الوفير والمتلونين والانتهازيين وهؤلاء لن يتراجعوا فى المشهد بدون فعالية الفئات التى تنشد العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص وموقف واضح من السلطة.
نحن لا نريد بشكل واضح أن نعود فى علاقة المال بالسياسة إلى نقطة الصفر.
نحن لا نريد زواجا مصلحيا على حساب المجتمع بكل فئاته والتى ترفض تلك الممارسات.
نحن لا نريد أن تنتقل الأوضاع إلى حافة الخطر وهو ما يخطط له خصوم السلطة ومرتزقة الخارج، وأيضا من ينسبون أنفسهم للرئيس ويدعون أنهم ظهيره السياسى.
أجراس الخطر تدق نوبة صحيان والمسئولية نتشارك فيها جميعا بلا زيادة أو نقصان.
لمزيد من مقالات محمد عبد الهادى علام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.