أهم ما يشغل بال الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالنسبة للقضايا الداخلية هو تطوير قطاعي الصحة والتعليم.. فكما يقول الرئيس أن هذين القطاعين بهما الكثير من المشاكل ولابد أن يحدث فيهما تغيير جذري. ولكن الرئيس مشغول بالعديد من القضايا والأمور الداخلية منها والخارجية، ولذلك يجب على المسئولين المحيطين به تقديم المساعدة خاصة من لهم علاقة بقطاعي الصحة والتعليم.
وأعترف أنني "مفروسة" مما آل إليه قطاع الصحة في مصر.. فمع الأسف، هذا القطاع شهد تدهورا ملحوظا على مدار العشرين عاما الماضية.. فأن تمرض في مصر، أصبحت كارثة كبيرة! ولماذا؟ لأن، التمريض والمستشفيات والأطباء أصبحوا مشغولون بقضايا أخرى، تبتعد كثيرا عن مهمتهم الرئيسية وهي معالجة المريض، وأصبحت تتعلق بالمادة أولا.
منذ عدة أيام، تلقيت رسالة من أحد القراء، الدكتور يسري الفرشوطي وهو طبيب مخضرم، يعترف بما وصل إليه حال الطب في مصر ويقول: "مصيبة المرض في مصر، هو واقع يومي رهيب، أرجو من الله سبحانه وتعالى أن يُميتنا في سلام بعيدآ عن التلطم في المستشفيات البائسة.. إمكانياتها وأطبائها وجودتها المهينة تدنت لأبعد الحدود.. (هذا الكلام على لسان أحد الأطباء) مع الأسف، الطب هنا في أكبر محنة تاريخية عبر 30 سنة مضت، تناوب عليها عشرات من أطباء الصحة والوزراء دون أدنى فائدة تذكر من تحسن لتمريض أم لأطباء أم خدمة أم صيانة أم..أم..أم.. أكتب لك وأنا الطبيب الحاصل على أرقى شهادات غربية لم يصبني سوى النواح على حال المريض والطب ومنظومته بأكملها!".
في الحقيقة، أنا كمواطنة، عندما أستمع لقصص المرضى، يقشعر بدني من الممارسات الطبية والتمريضية في معظم المستشفيات، حتى الاستثمارية فيها ويا ويلنا من التسمية الغريبة.. فأي استثمار هذا وفي ماذا؟؟ صحة المواطن المصري.. مع الأسف، لا قيمة لها عند هؤلاء.. المهم حتدفع كام.. ومش حتدفع.. تترمي خارجها!
منذ عدة أيام، فارق والد صديقتي الحياة، وصديقتي وزميلتي، تعتبر من ميسوري الحال، والدها كان يعاني من سرطان في الكبد (اللهم أحفظنا وإياكم) فاصطحبته وإخوتها لمستشفى كبير من أصحاب الأسماء الرنانة، ودخل والدها المستشفى ليلا، وتطلب الأمر إجراء عملية سريعا.. إلا أن الدكتور رفض إجراء العملية، إلا بعد حصوله على مبلغ معين، فبكت صديقتي للطبيب ليجري العملية، لأنهم في المساء ولا توجد بنوك تعمل لتسحب هذا المبلغ المالي.. ولا توجد ماكينات لسحب مبلغ كهذا... فرفض الطبيب إجراء العملية، إلى أن يأتوا بالمبلغ في النهار.. فما هذا الذي يحدث.. نحن نرفق بالحيوان إذا ما احتاج رعاية، فما بالك بالإنسان.. أهذا ما وصل إليه حالنا؟
وبعد أن اشتكت وبكت هي والأم والإخوة، ذهبوا وتركوا الوالد في الرعاية، إلى أن أتوا بالمبلغ في الصباح وأجريت العملية، وخرج بعدها بأيام، ليوم واحد فقط.. حتى دخل مساء هذا اليوم إثر مضاعفات للمستشفى، وما أن وصل كان قد فارق الحياة!
نعم، الأعمار بيد الله.. لا أحد ينكر أنه مكتوب، ولكن ما أتحدث عنه هو ليس موت والد صديقتي، إنما الأسلوب الفج والجشع في تعامل الأطباء.. يتعاقب الوزراء على الوزارة المسكينة تعاقب الليل والنهار.. آلا يوجد من يسهم في تطوير هذا القطاع الحيوي.. فما المطلوب، قد طلب الرئيس وقال إنه سيشرف بنفسه على التغيير.. ألا يوجد من يمد يد العون للرئيس والمواطن.
ما يسمى تخصصي أو غيره تحول "لسبوبة" رزق لأساتذة مرموقين هجروا تعليم شباب الأطباء وتفرغوا لأشياء أخرى بعيدة عن سمو المهنة والارتقاء بها!
من قلبي.. اللهم ارحمنا وأحفظنا من أن نمرض حتى تنصلح الأحوال.. لأن النفوس مريضة والنظام الخاص بالطب مريض إن لم يكن توفى منذ أعوام كثيرة مضت.. رحمه الله عندما كان الطب باشا والطبيب باشا والتمرجي با شتمرجي!!
من كل قلبي: اللهم أعن الرئيس على كل هذه البلاء والوباء المتفشي في المجتمع، فكلما سد ثغرة فُتحت الأخرى، المهم أن يعمل الجميع في تلك المنظومة بنفس روح الرئيس... والله المُستعان. [email protected] لمزيد من مقالات ريهام مازن