واضح أن مؤتمر المعارضة السورية فى الرياض تجاوزته الأحداث تماما، والخوف أن يتكرر الأمر مع اتفاق السلام الليبى المقرر توقيعه الأربعاء المقبل. فى سوريا، كانت تحركات روسيا العسكرية، ومكاسب الأسد المعنوية، أسرع وأوقع من أى مفاوضات، ولاحظنا أن لهجة التعالى التى غلبت على بيان الرياض الختامى كانت تصلح للاستخدام قبل عام من الآن، ولكنها الآن قديمة وغير منطقية، والنتيجة أن الأسد سارع بإعلان رفضه التفاوض مع أحد، وبخاصة من وصفهم ب«الإرهابيين» المدعومين من الخارج، وهذا هو نفس موقف روسيا وإيران. وفى ليبيا، جاءت محادثات روما أيضا متأخرة كثيرا، فالمعركة على الأرض بدأت بالفعل، وتحركات داعش فى ليبيا باتت أمرا واقعا، وأقوى وأسرع من أى مؤتمرات، ومواجهتها لا يمكن أن تكون بتشكيل حكومة وحدة وطنية قد لا تمثل كل الأطراف بحق، حكومة بلا دولة، ولا جيش، ولا تسليح. المعلومات تؤكد أن أبو بكر البغدادى موجود الآن فى ليبيا، ومعه 3 آلاف مقاتل على الأقل، وسرت أصبحت «رقة» جديدة، وسيسعى دواعش ليبيا سريعا بمساعدة الميليشيات المحلية الممولة خارجيا إلى توسيع النفوذ إلى ما وراء سرت، سواء بإحداث «مشكلات» لدول الجوار : مصر والجزائر وتونس، أو فى جنوب أوروبا، وبخاصة إيطاليا، باعتبارها الدولة الوحيدة المهتمة حقا بأزمة ليبيا منذ أن نفض «الناتو» يديه عنها، والوحيدة أيضا التى لا تمانع ضرب داعش فى ليبيا، بشرط الحصول على تفويض دولى. ولكن السيناريو المروع حقا هو أن «تلتحم» داعش الليبية مع جماعات الإرهاب فى شمال وغرب إفريقيا، وعلى رأسها جماعات مالى وبوكو حرام النيجيرية التى سبق لزعيمها أبو بكر شيكو أن أعلن مبايعته للبغدادي، وهو سيناريو كارثى. فى أزمتى سوريا وليبيا، مرحبا بمؤتمرات المتناحرين وبالحكومات التوافقية، ولكن الوقت ينفد، أو نفد بالفعل، والكلمة الأخيرة فى الحالتين ليست للسياسة، وإنما ستكون لمن يتفوق عسكريا. لمزيد من مقالات هانى عسل