سيظل الشاعر الكبير الراحل صلاح جاهين فارس الأغنية الوطنية علي مدي السنين القادمة وربما لمائة عام أو مائتين أو أكثر وستظل أشعاره وأغانيه تعيش في وجدان الجماهير وترددها الأجيال جيلا بعد جيل ذلك أن صلاح جاهين عندما يكتب للوطن يغوص في ترابه الطاهر ويتغني بانتمائه له وعندما يكتب أغنية عن ثورة23 يوليو التي ألهمته وسيطرت علي وجدانه فإنها تصلح لكل الثورات التي تحدث علي أرض الوطن وقد تأكد ذلك بوضوح في رائعته الغنائية صورة.. كلنا كده عايزين صورة وهي الأغنية التي رددتها الملايين الذين جمعتهم ثورة25 يناير في ميدان التحرير واكتشفوا أن هذه الأغنية رغم أن صلاح كتبها منذ أكثر من خمسة وخمسين عاما فإنها تصلح لكي يتغني بها شباب يناير وإذا كان صلاح فارس الأغنية الوطنية فإن كمال الطويل هو مهندسها صاحب الإيقاعات والألحان الشهيرة التي سرعان ما تنفذ إلي القلب ويحفظها الناس في سهولة ويسر ليبقي عبد الحليم حافظ هو المؤرخ لإنجازات الثورة والتغني بمكتسباتها التي أنجزها جمال عبد الناصر وغناها عبد الحليم لتكون سجلا موثقا لهذه الإنجازات بالكلمة واللحن والأداء الرائع, وألهمته الثورة أن يتغني بحب مصر ويجسد الوفاء لها بالصورة التي جعلته أجمل من تغني بترابها الطاهر بالأحضان يا حبيبتي يا أمي.. يا بلادي يا غنيوه في دمي.. علي صدرك أرتاح من همي.. وبأمرك أشعلها نيران إلي أن يصل إلي قمة روعته في الشطرات التي تقول ياما لفيت.. سواح متغرب.. وأنا دمي بحبك متشرب.. أبعد عنك.. قلبي يقرب.. ويرفرف علي النيل عطشان وهكذا يؤكد صلاح أنه فارس الكلمة الوطنية وعاشق تراب هذا الوطن بالصورة الجمالية التي جسدها كمال الطويل في ألحانه وتغني بها عبد الحليم بالصورة الرائعة التي أبدعوها في حب هذا الوطن ولم يحدث لثلاثي قبلهم أو بعدهم أن يصل إلي المكانة التي وصلوا اليها في حب هذا الوطن. وقد حققت بالأحضان التي ظل عبد الحليم يغنيها علي مدي سنوات ثورة يوليو52 وحفظتها الجماهير عن ظهر قلب لتتغني بها أيضا أجيال ثورة يناير2011 و30يونيو لأن المضامين والمعاني والأفكار التي جسدها صلاح في هذه الأغنية تتوافق مع كل الأحداث والمناسبات الوطنية التي تشهدها مصر وكأنما كتبها صلاح جاهين الآن مما استحق معه أن نطلق عليه فارس الأغنية الوطنية الأول, ولم يترك صلاح جاهين إنجازا حققته الثورة إلا وتناوله في معظم أغانيه التي رددتها الجماهير كشاعر كبير ألهمته ثورة23 يوليو وزعيمها البطل جمال عبد الناصر ومن بينها القضاء علي الإقطاع وتحديد الملكية الزراعية بعدد من الأفدنة وتوزيع الأراضي علي صغار الفلاحين في القري والنجوع والكفور مما جعل ملايين الفلاحين يهتفون بحياة الثورة التي منحتهم الأراضي الزراعية التي امتلكوها وأصبحت حقا من حقوقهم بعد أن كانوا أجراء عند الإقطاعيين وجاء عبد الناصر ليغير من حياتهم كأجراء إلي ملاك لهذه الأراضي, ولم تفت صلاح جاهين أيضا النهضة الصناعية التي أسسها عبد الناصر في حلوان بإقامة مصانع الحديد والصلب ودوران عجلة الإنتاج بسواعد العمال المهرة وهو ما صاغه جاهين في أحد مقاطع رائعته بالأحضان التي رددها معه العمال والفلاحون علي حد سواء وتغنوا بكلماته التي مازال أبناؤهم وأحفادهم يرددونها حتي اليوم بالأحضان يا مصانع.. يا مزارع بالأحضان.. يا حصاد الثورة.. يا حلم وعلم.. بالأحضان.. ياللي علي الجرار.. وقصاد لهاليب الصلب.. يا سواعد عربية.. ونفوس حرة أبية.. يحميكم.. وتدوم الهمة.. ويحيا الشعب وكان صلاح جاهين موفقا في ختام أنشودته بالأحضان بالدعاء الذي كتبه منذ أكثر من55 عاما ويعيش في وجداننا حتي اليوم ليعبر فيه عن فرحة الشعب المصري بالمشروعات الكبري التي يتوالي تحقيقها علي أرض الوطن بعد ثورتي25 يناير و30 يونيو بداية من افتتاح قناة السويس الجديدة ومشروع المليون وخمسمائة فدان وأخيرا الاتفاقية التي تم توقيعها بين الجانبين المصري والروسي وتدخل بها مصر العصر النووي ببناء محطة الضبعة النووية للأغراض السلمية اللهم أنصر بلدي وأيدها.. سدد خطوتها وخد ايدها.. يارب اجعلنا نحقق كل خيال.. واجعل يومنا الواحد بكفاح أجيال.. فجر ينابيع الخير تحت أقدامنا.. المستقبل خليه نور قدامنا.. يارب.. يارب. وشاءت الظروف أن تجمعني بالطويل لقاءات متعددة عندما عاد للتلحين مرة أخري بعد انقطاع ثلاث سنوات حزنا علي رحيل رفيق مشواره الفنان عبد الحليم وظل رافضا لدخول هذا المجال مرة أخري إلي أن أقنعه كبار عشاق فنه بضرورة العودة ونجحت الفنانة وردة في هذه المهمة واعدا إياها بالعودة عندما يجد الكلمات التي تشده إلي التلحين مرة أخري وكانت أغنيتي أصلك تتحب آخر ألحانه لها وسببا في لقاءاتي المتعددة معه في شقته بالطابق الثاني بشارع العزيز عثمان بالزمالك وتعرفت خلال هذه اللقاءات علي الكنوز الغنائية التي أبدعها صلاح جاهين وتغني بها العندليب عبد الحليم وأسعدت الملايين عشاق هؤلاء الثلاثة الكبار الذين وهبوا حياتهم للوطن وتغنت بأعمالهم الأجيال المتعاقبة وكنت حريصا علي اقتناء كثير من هذه الأغنيات التي صاغها فارس الأغنية الوطنية الأول صلاح جاهين ومهندسها البارع كمال الطويل وتغني بها عبد الحليم وأذكر منها احنا الشعب.. اخترناك من قلب الشعب.. يا فاتح باب الحرية.. يا ريس يا كبير القلب ثم رائعته يا أهلا بالمعارك.. يا بخت مين يشارك والمسئولية ووالله زمان يا سلاحي.. اشتقت لك في كفاحي وغيرها من الروائع الوطنية التي ستعيش في وجدان الملايين علي مدي السنين.