من مختلف محافظات مصر جاءوا إلى مدينة شرم الشيخ، قد تختلف مؤهلاتهم العلمية، لكنهم يتفقون جميعا فى أنهم هجروا مدنهم بحثا عن لقمة عيش حلال، بعد أن ضاقت بهم السبل، فمنهم من استأجر محلا لبيع التحف، والهدايا، أو الملابس أو النظارات، أو الساعات، أو المصنوعات الجلدية، أو الاكسسوارات والحلي، ومنهم من يعمل براتب شهرى لعدم توافر رأس المال، فإذا بهم يقعون فريسة للركود من ناحية، نتيجة تراجع أعداد السائحين، أو يخضعون لضغوط ملاك المحال من ناحية أخري، بسبب رفع قيمة الإيجارات، التى تصل فى بعض المحال إلى 30 ألف جنيه شهرياً.
أكثر من 4 سنوات عاش خلالها هؤلاء الشباب ظروفا صعبة عقب ثورة يناير 2011 ، وما بعدها، بسبب الكساد والركود السياحي، وتوقف الحركة السياحية فى مدينة شرم الشيخ، وتراجع معدلات الإشغال بالفنادق، وما صاحبها من انخفاض أعداد السائحين الأجانب، وهم مصدر الرزق الوحيد لأصحاب البازارات، فأغلق بعضهم المحال، وعادوا إلى مدنهم، انتظارا لتحسن الأوضاع، وعودة حركة السياحة، وظلت الأوضاع كذلك، حتى قام الشعب بثورته فى 30 يونيو2013، وبدأت عجلة السياحة فى الدوران، وبدأت الأوضاع فى التحسن تدريجيا، حتى وقع حادث تحطم الطائرة الروسية، وقررت روسيا وبريطانيا حظرالرحلات السياحية إلى مصر، فانخفضت أعداد السائحين، وتراجعت معها نسبة المبيعات ، والتى تتراوح حاليا بين 15 و25% فى أحسن الحالات، فأصبح مستأجرو البازارات بين نارين: إيجار للمحال، والركود!!. وبشكل عام، تمثل إيجارات المحال فى منطقة خليج نعمة بشرم الشيخ أزمة قديمة جديدة، فمنذ عام 2011، وحتى الآن، لا يزال المستأجرون يشكون من ارتفاع القيمة الإيجارية للمحال، وهى الأزمة التى تتصاعد مع تراجع الحركة السياحية، وانخفاض معدلات البيع للسائحين الأجانب، نتيجة انخفاض أعدادهم، فبعد قيام ثورة يناير، نظم العديد من مستأجرى البازارات السياحية وقفة احتجاجية، اعتراضًا على رفع القيمة الإيجارية ، رفعوا خلالها لافتات كتبوا عليها «من لا يَرحم لا يُرحم»، و«الظلم حرام» و«مفيش بيع ولا شراء»، وأطلق ما يسمى « ائتلاف مستأجرى محال وبازارات شرم الشيخ» استغاثة تحت شعار» الحقونا»، طالبوا خلالها بتحديد قيمة متوسطة لإيجار البازارات، وعدم قطع الكهرباء عنهم، وهى الوسيلة التى لجأ إليها بعض الملاك ، بسبب اعتراض المستأجرين على القيم الايجارية المرتفعة، والتى كانت سببا فى تعثرهم فى سداد الإيجارات. «الحقونا» .. صرخة المستأجرين وقد تصاعدت الأزمة، حتى وصلت إلى حد جمع توقيعات على مذكرة « الحقونا» والتى استجاب لها المستأجرون، مطالبين بالتصدى لجشع بعض أصحاب البازارات ، وتخفيض القيمة الإيجارية لمساعدتهم على مواجهة الركود، وتراجع نسب المبيعات، وغلاء المعيشة، وإلزام الملاك بعدم قطع الكهرباء عن محالهم، وتقنين هذا الإجراء من خلال شركة الكهرباء فقط، وتصاعدت الأزمة إلى حد المطالبة بلقاء كبار المسئولين، لعرض مشاكلهم، وإيجاد حلول عاجلة لها. الإيجار.. معاناة شهرية وتكررت الاحتجاجات - على حد قول مستأجر أحد البازارات الذى لم يذكر اسمه الحقيقي، خشية قيام مالك المحل بإنهاء العلاقة الإيجارية معه، مشيرا إلى أن الإيجار الشهرى لمحله يبلغ 10 آلاف جنيه، وكان المالك قد تعاطف معه، فقرر تخفيض القيمة الإيجارية إلى الثلث، ثم طالبه أخيرا بزيادة ألف وخمسمائة جنيه شهريا، فى وقت تتراجع فيه الحركة السياحية، والتى تصاحبها حالة من الركود الشديد فى المبيعات لا يستطيع معها الوفاء بمتطلبات واحتياجات أسرته فى القاهرة، فضلا عن عجزه عن تدبير الإيجار الشهرى للمحل، نتيجة تراجع نسبة المبيعات بنسبة كبيرة عن ذى قبل. السياحة الروسية تحت الحظر داخل أحد المولات التجارية فى منطقة خليج نعمة، التقينا أحمد ويعمل فى محل لبيع الملابس الرجالي، والذى ما إن رآنا، حتى ارتسمت علامات الحزن على وجهه، حيث أخرج لنا دفتر المبيعات، وكانت المفاجأة.. فالمحل يظل لعدة أيام دون أن يحقق أى مبيعات، ومع ذلك يبلغ الإيجار الشهرى للمحل نحو 12 ألف جنيه، وهناك محال يصل إيجارها الشهرى إلى 30 ألف جنيه، مشيرا إلى أن السائحين الروس كانوا من أبرز الجنسيات التى تقبل على السياحة فى شرم الشيخ، قبل صدور قرار حظر الرحلات السياحية من روسيا، حيث كانوا يمثلون نحو 70% من حجم السياحة بالمدينة، موضحا أن السائح الروسى يتمتع بقدرة شرائية عالية، ومع حظر الرحلات السياحية الروسية تراجعت المبيعات بنسب وصلت إلى 20%، ما يستلزم تخفيض القيمة الإيجارية بعد تراجع الحركة السياحية. ركود فى المبيعات خلال جولتنا بين البازارات فى منطقة خليج نعمة، أيضا ، التقينا محمد ، شاب فى الثلاثين من عمره، ويعمل فى بازار لبيع المنتجات الفرعونية، حيث أكد لنا تراجع المبيعات بشكل ملحوظ، نتيجة مغادرة آلاف السائحين خلال الأيام القليلة الماضية، مشيرا إلى أن اللواء خالد فودة محافظ جنوبسيناء، تدخل من قبل لحل أزمة ارتفاع قيمة الإيجارات ، حيث قرر تخفيضها بنسبة 25% فى سبتمبر من عام 2011، بعد حالة الركود الرهيبة التى ضربت السوق السياحية، وتراجع أعداد السائحين، ونجح المحافظ فى حل مشاكلهم التى بدأت عقب ثورة 25 يناير.. ويتساءل: هل سيكون هناك حل لمشكلة ارتفاع قيمة الإيجارات مراعاة لظروفنا، خاصة بعد تراجع الحركة السياحية؟؟. خسائر فادحة والحال كذلك، أكد لنا أحمد صاحب محل لبيع العطور بمنطقة خليج نعمة، أن الإيجارات الشهرية تثقل كاهل المستأجرين، وتمثل عبئا كبيرا عليهم، حيث يبلغ الإيجار الشهرى للمحل 10 آلاف جنيه، كان المالك قد خفضه إلى الثلث، ثم طالبنا قبل أزمة الطائرة الروسية- بزيادة القيمة الإيجارية بمعدل ألف جنيه شهريا، فى وقت تراجعت فيه المبيعات، وانخفضت أعداد السائحين، الأمر الذى يهدد مئات البازارات بالإغلاق، مشيرا إلى أنه وزملاءه من المستأجرين يتعرضون لخسائر فادحة منذ قيام ثورة يناير وحتى الآن، إضافة إلى أجور العمالة ، وارتفاع إيجارات الشقق التى يقيمون فيها، والتى تتجاوز 4 آلاف جنيه شهريا، مما يعرضهم للإفلاس، ومغادرة المدينة.