فى حديث لوزير الثقافة حلمى النمنم، لجريدة الصباح نشر فى عدد 23 نوفمبر 2015، أجاب على سؤال هو: ماأكثر الجهات التابعة لوزارة الثقافة احتياجا للتطوير؟، بالقول: «الثقافة الجماهيرية، تحتاج الى عمل لسنة أو أكثر، فأزمتها مركبة، حيث تأسست عام 1966، فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر، ....، وفى السبعينيات لم يكن السادات يريد هذا الدور فتركها كنتوء ناصرى داخل الدولة الساداتية، حتى تواجه مصيرها المحتوم بالموت بنفسها. فى عصر مبارك تركت الثقافة الجماهيرية لعدة أشياء، منها أن قصور الثقافة الجماهيرية تحولت إلى قبلة لنواب مجلس الشعب فى المحافظات لتعيين أهالى الدوائر. ماالذى جعلنى أتوقف عند هذه النقطة؟! الحقيقة المؤلمة أن الوزير حلمى النمنم، كان دبلوماسيا كعادته فى تفسيره للواقعة بأنها نتيجة أخطاء إدارية، وأنا أختلف معه فى التفسير أمام الرأى العام باعتباره صاحب السلطة فى الحكم على الأشياء فى النهاية. فالذى حدث كان فى عهد الوزير الأسبق فاروق حسني، فى فترة حكم حسنى مبارك. فقد مكث فاروق حسنى نحو 23 سنة، ومازال أغلب رجاله يحكمون ويتحكمون فى وزارة الثقافة، ومن احتضنهم وعينهم فى وظائف بالمخالفة للقانون لازالوا موجودين، وقد شيدت مبان فخمة لهم كلفت الدولة والشعب الملايين، وارتقوا الوظائف والدرجات بشكل غير مسبوق، وكل هذا كان مرصودا من أجهزة الدولة التى كان مصير تقاريرها صفحة القمامة. واستمر هذا الوضع حتى الوزير الأسبق جابر عصفور، الذى ألقى بتقارير الرقابة بسلة المهملات، لحين جاء الوزير عبد الواحد النبوى فما كان إلا أن اهتم بهذه التقارير ونقلها ونفذ مافيها واستبعد بعضا من شاغلى المناصب القيادية العليا فى إطار حركة تطهير كبرى لم يرض عنها رجال فاروق حسني، فأطيح به. فالذى تحدث عنه الوزير حلمى النمنم، وهو صحفى وكاتب وباحث وطنى مهتم بالشأن العام منذ سنوات طويلة أشهد عليه، هو فساد وزارة الثقافة باعتبارها إحدى إقطاعيات دولة مبارك الفاسدة. وإلى حضرات القراء فصل من هذا الفساد : 1 إن الوزير فاروق حسنى الذى مكث 23 عاما أى ثلاثة أرباع مدة حكم حسنى مبارك، كان قريباً من سوزان مبارك، وينفذ لها ماتريد فى الوزارة، وبقياداته وأوامره الشخصية وفى المقدمة مكتبة الأسرة، الذى خرج بأوامرها على الوزراء (الثقافة الشباب والرياضة الآثار السياحة الاعلام..) وكأنها دولة مستقلة !! 2 عين وزير الثقافة الأسبق حسني، قريبا له وكيلا للوزارة، رئيسا لصندوق التنمية الثقافية، بآلاف الجنيهات شهريا، ومشرفا على عدد من قصور الدولة منها قصر محمد على بشبرا الخيمة الذى شهد حفل زواج أحد قيادات الحزب الوطني، بالمخالفة مجاملة للحزب ولجمال مبارك والأسرة الحاكمة. 3 استعان وزير الثقافة بالمدعو محمد فودة المسجون حاليا على ذمة قضية فساد حديثة، والحاصل على دبلوم صنايع، مستشارا إعلاميا ولمهام أخري، بآلاف الجنيهات شهريا، وألقى القبض عليه فى قضية فساد، وسجن فيها، وكان يملأ الصحافة والاعلام باسمه وصوره رغم أنه لم يكن حاصلا على عضوية النقابة !! 4 ألقى القبض على مدير عام مكتبه ، برشوة، وكان يتقاضى نحو (50) ألف جنيه فى فضيحة غير مسبوقة، وعندما سألته فى مجلس الشعب، قال : إنه كان يحصل على (35) ألف جنيه فقط !! 5 شهدت فترة وزارة فاروق حسني، أكبر حجم تهريب للآثار تحت رعاية الأسرة الحاكمة وقيادات نافذة عليا فى الدولة وفى الحزب الوطنى الفاسد، وكان تطمس، أسماؤهم، ويهربون الأشخاص خارج مصر !! وملفات التحقيقات بها تفاصيل تشيب لها الولدان !! 6 قصور الثقافة الجماهيرية شهدت أكبر درجة فساد وإفساد فى عهد فاروق حسني، ولعل حريق قصر ثقافة بنى سويف الذى راح ضحيته مايقرب من (50) من رموز الثقافة، ولم يحاسب الوزير نهائياً، بل كافأه نظام مبارك بالاستمرار وإخراج لسانه للجميع، لأنه يؤدى مهامه فى خدمة الأسرة الحاكمة. 7 ماأشار إليه سيادة الوزير هو نقطة فى محيط، حيث تم تعيين (1200) شخص من أقارب نواب الحزب الوطنى الفاسد، مجاملة لهم وعلى حساب الصالح العام، وحتى يكون مرضيا عنه. فى ذات الوقت ضن على المعارضة وأنا فى مقدمتهم بتعيين بعض الشباب من الكفاءات وفنانين (شعراء وأدباء) تعرفهم بالاسم ياسيادة الوزير، بكل أسف !! سيقولون إنه خرج من الكسب غير المشروع، وغير ذلك، وأنا أقول وتحت مسئوليتى كنائب فى البرلمان لمدة خمس سنوات كاملة (2005 2010 )، إن فترة فاروق حسنى كانت من أكثر فترات وزارة الثقافة فسادا، كجزء من دولة فساد مبارك، التى مازالت تعمل بجد وبقوة للحيلولة دون سقوطها، وهناك فى الوزارة من يستحضرون فاروق حسنى ! أختتم بالقول، ياسيادة الوزير، قلبت عليَّ المواجع، وفتحت جُرحا لم يندمل بعد ولا أظنه سيندمل حتى إسقاط دولة فساد مبارك ومعها إرهاب وفساد الإخوان. فمن خلال واقعة تكاد تكون بسيطة، ولكن عمقها كبير، أطالب الوزير بتطهير الوزارة وتفعيل تقارير الرقابة الإدارية، فالشعب يطالبك بذلك على خلفية ثورتى 25 يناير، 30 يونيو، وباعتبارك أحد أبناء هذا الشعب، حتى يتحرك الأمل فى نفوس المثقفين الحقيقيين، وفى نفوس جماهير الشعب المصري، والله الشاهد، فهذه صفحة من فساد دولة مبارك أقدمها للرئيس السيسي.. الثورة مستمرة حتى النصر بإذن الله، وتطهير كل أجهزة الدولة، ومازال الحوار متصلاً. لمزيد من مقالات د. جمال زهران