رنة مميزة على تليفونى المحمول تعلن وصول رسالة تحمل أخبارا جديدة : "الرئيس الروسى بوتين : 40 دولة تمول الإرهاب بينها أعضاء فى مجموعة العشرين". قفزت تلك الرسالة على شاشة تليفونى المحمول لتثير الكثير من التساؤلات. فمن المعروف أن اجتماعات مجموعة الدول العشرين صاحبة أقوى عشرين إقتصاد على مستوى العالم إنعقدت فى أنطاليا بتركيا. وكان من المنطقى أن يكشف الرئيس الروسى معلومات عن تمويل بعض دول تلك النخبة الإقتصادية عدة شبكات إرهابية فى العالم وفى مقدمتها تنظيم "داعش". ولم يكن كشف بوتين لبعض "القشور" الخارجية من شبكة الدول التى تمول وتدعم "داعش" والعديد من تنظيمات الإرهاب الدولى على مستوى العالم بالأمر الجديد. فالرئيس الروسى يستخدم عمليات كشف خصومه بأسلوب تدريجى بطئ بما يتماشى مع مصالح بلاده الحالية والمستقبلية. فقد يكون خصوم اليوم هم شركاء الغد. وكان أبرز ما كشفه الروس قبل عدة شهور هو "لغز التويوتا"، وهى سيارات يابانية الأصل يتم إنتاجها فى العديد من دول العالم. وفى شهر أكتوبر الماضى، نقلت وسائل الإعلام الروسية إلى العالم ما أعلنته وزارة الخارجية الروسية من أن الولاياتالمتحدة وبريطانيا قامتا فى وقت سابق بتزويد المعارضة السورية بسيارات من نوع "تويوتا" استولى عليها تنظيم "داعش" الإرهابى فى نهاية المطاف وشرع فى إستخدامها خلال العمليات القتالية. وأشار وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف إلى أن وقوع سيارات "جيب"جر رباعى من طراز "تويوتا" في قبضة "داعش"، يعد قضية خطيرة جدا. مؤكدا أن موسكو لا تشك فى أن جزءا كبيرا من الأسلحة التى توردها واشنطن للمعارضة السورية يقع فى أيدى الإرهابيين. ومن الطريف أن الرد الأمريكى على ما كشفه الروس هو فتح السلطات الأمريكية تحقيقا فى كيفية حصول "داعش" على أعداد كبيرة من سيارات "تويوتا" الجديدة! ورد الروس بنشر ما قاله مارك ولاس السفير الأمريكى السابق لدى الأممالمتحدة والخبير فى مكافحة الإرهاب فى تصريح ل "إيه بى سى" من أن "تويوتا لاندكروزر" و"تويوتا هيلوكس" جزءٌ من ماركة "داعش". الطريف أن وكيل "تويوتا" فى سوريا توقف عن بيع السيارات فى سوريا منذ عام 2012 ولكن ظلت ال"تويوتا" تتدفق على المسلحين فى سورياوالعراق. والأكثر طرافة هو تصريح شركة "تويوتا" أنها قد جددت تمسكها ب"سياسة صارمة تحول دون بيع السيارات للمشترين الذين قد يستخدمونها في أنشطة عسكرية أو إرهابية"، نافية علمها بسبل تهريب هذا الكم الهائل من السيارات إلى سورياوالعراق! وإستمرارا "للأجواء الطريفة" التى تتعلق بنشاط الدول الأجنبية التخريبى داخل سورياوالعراق نقل الروس مرة أخرى معلومة جديدة ؛ فقد ذكروا العالم بأن عام 2014 شهد ظهور تقارير إعلامية عن قيام وزارة الخارجية الأمريكية بتسليم 43 عربة "تويوتا" إلى المعارضة السورية. وفى تقرير آخر، نشر بصحيفة أسترالية، قيل أن ما يربو عن 800 سيارة "تويوتا" اختفت فى سيدنى بين عامى 2014 و2015، ولم يستبعد خبراء فى مجال مكافحة الإرهاب نقل تلك السيارات إلى مناطق خاضعة لسيطرة "داعش"! وفى محاولات مختلفة لتفسير اللغز و"تحميل الخصوم بالمسئولية" شهدت وسائل الإعلام فى أنحاء العالم تبادل الإتهام بين عدة أطراف متورطة فى الأزمة السورية. فقد سرب خصوم رئيس الوزراء العراقى السابق نورى المالكى معلومات تفيد مسئوليته عن شراء 10 آلاف سيارة تويوتا رباعية الدفع لفرق الأمن وسقوطها فى يد "داعش"! وردت إيران أحد أعضاء نادى أصحاب المصالح فى العراقوسوريا (ويحظون بمعاملة أصحاب بيت) وحملت عبر وسائل إعلامها دول عربية (مناوئة لإيران بالطبع) بأمر شراء ونقل شحنات "تويوتا" إلى "داعش"! وقالت وسائل الإعلام الإيرانية أن الحكومتين السورية والروسية قد تسلمتا من شركة "تويوتا" تقريرا أوليا بشأن صور السيارات التى تسلمتها الشركة من المخابرات العسكرية الروسية، وكان أبرز ما جاء فيه : أن عدد السيارات التى تملكها "داعش" من نوع "تويوتا" يقدر بأكثر من ستين ألف، وأن السيارات جميعها دفع رباعى من طراز "جمارتين". السؤال الوجيه المتبقى بشأن شحنات ال"تويوتا" والسلاح والمقاتلين الأجانب التى تتدفق على سورياوالعراق هو : هل يتدفق هؤلاء جميعا عبر الفضاء الإلكترونى؟ أم عبر البريد الإلكترونى أو برامج التواصل الإجتماعى مثل "فيس بوك" و"تويتر"؟ أم أنهم يتنقلون بعتادهم عبر مطارات وبوابات حدودية فى العديد من الدول المحيطة بالمنطقة وفى مقدمتها تركيا وبعض الدول الأوروبية ؟! من المتوقع أن يظهر أحد الخبراء الغربيين ليؤكد أن مطارات الغرب مؤمنة تماما وأن أعضاء "داعش" يستخدمون "السحاب" فى تنقلاتهم .. أى أنهم من "ركاب الهواء"!! دارت تلك الأفكار فى ذهنى فنحيت تليفونى المحمول جانبا ونظرت إلى الأفق فى صمت. لمزيد من مقالات طارق الشيخ