نعم دخلت السياحة المصرية منذ حادث الطائرة الروسية فوق سيناء أكبر أزمة فى تاريخها.. بل أستطيع أن أقول إنها كارثة كبرى لأن الخسائر هائلة.. ولك أن تتصور أيها القارئ الكريم أن خسائر شرم الشيخ فقط من جراء وقف تدفق السياحة الروسية والإنجليزية إلى هذه المدينة الجميلة تصل إلى 2٫2 مليار جنيه شهريا لأن أعداد السائحين من السوقين تشكل نحو 66% من إجمالى الحركة إلى شرم الشيخ. لكن الأخطر هو تباطؤ أو تراجع الحجوزات الجديدة إلى مصر فى الشهور القادمة من الأسواق الأخرى خاصة ألمانيا مما يرشح أرقام الخسائر المباشرة وغير المباشرة إلى أرقام أكبر إذا لم يتغير الموقف لقد بات الموقف معقدا جدا.. فبعد أن كانت السياحة المصرية هى أحد الموارد المهمة للعملات الصعبة للاقتصاد المصرى بعد أن حققت فى عام الذروة 2010 نحو 12٫5 مليار دولار و14٫7 مليون سائح ثم تراجعت منذ ثورة يناير 2011 لتصل إلى نحو 10 ملايين سائح و7 مليارات دولار فى العام الماضي.. وكنا نأمل فى الصعود من جديد.. لكن ها نحن نعود للوراء مرة أخري. نعم نحن فى أزمة كبري.. لكن هل تستسلم مصر للضغوط الأجنبية والمؤامرات التى تحاول ضرب سياحتها واقتصادها؟ لا وألف لا.. ولنا فى كلام الرئيس عبد الفتاح السيسى أسوة حين قال من شرم الشيخ إن إرادة المصريين لن تنكسر وإن الشعب المصرى أثبت قدرة غير طبيعية على مواجهة التحديات والصمود وإن أهل الشر يحاولون عرقلة أى نجاح وإن هناك ضغوطا كبيرة جدا على مصر ولكن لن تنطفئ أنوار شرم الشيخ وكل المقاصد السياحية المصرية وإن مصر آمنة ومستقرة. من هنا نتعجب من حالة «الذعر» التى انتابت عددا من رجال الاعمال والمستثمرين فى قطاع السياحة وللأسف هم الأكبر بحكم أعمالهم فإذا بهم يطرحون أفكارا أو حلولا لمواجهة الموقف الحالى ولا غبار عليهم ونحن معهم بالطبع خاصة ما يتعلق بوسائل التنشيط ومساندتهم فى تقديم تسهيلات فى التأمينات والمياه والكهرباء والبنوك وهو ما أقدمت عليه الحكومة وبدأت تنفيذه بالفعل من خلال الاجتماعات الحالية التى تدور بين هشام زعزوع وزير السياحة والوزراء المختصين. لكن أسوأ ما فى حالة «الذعر» أن أكبرهم طالب على صفحات بعض الصحف من اليومين الماضيين بأن تتعاقد مصر فورا مع شركات أجنبية لإدارة مطاراتها فى المقاصد السياحية حتى نطمئن الدول التى علقت رحلاتها إلى مصر .. وللأسف هناك من سمعتهم بنفسى فى أحد اللقاءات مع وزير السياحة يطالبون بذلك.. فبئس هذا الاقتراح: يا سلام.. أبهذه السهولة نعلن فشلنا.. نعلن انتصار قوى الشر علينا.. نعلن فشل الدولة المصرية الجديدة فى إدارة وتأمين مطارات مصر.. إن المطارات هى عنوان الدولة ورمز سيادتها على أرضها.. هى مثل علم الدولة يا سادة .. ما هذا الكلام الذى يدمى القلوب؟.. ما هذا الذعر؟.. إن هذا هو المطلوب بالضبط لصالح المتحالفين ضد مصر. إن مصر قادرة على فرض الأمن وتأمين المطارات.. كنت أفهم أن تطالبوا بزيادة الإجراءات الأمنية فى المطارات أو شراء أجهزة جديدة أو حتى دعوة لجان وخبراء أجانب من هذه الدول أو غيرها للتعاون الأمني.. أما نسلم مطاراتنا لشركات إدارة وأمن أجنبى فهذا هو «الحمق» بعينه والذى لن يقبله أى مصري.. إن هذا انتقاص من السيادة المصرية وإهدار الكرامة المصرية.. لقد قضى الفريق أحمد شفيق حين كان وزيرا للطيران شهورا يدافع عن نفسه فى الصحافة أمام المصريين عندما استعان بثلاثة خبراء فقط من شركة ألمانية لإدارة أحد مطارات مصر. والآن تقولون نسلم إدارة مطارات مصر بالكامل لشركة أجنبية.. بالله عليكم أليس هذا عبثا وإهانة للمصريين. إن سؤالى وسؤال كل مصري.. وبالمنطق.. طيب وماذا إذا حدث لا قدر الله عمل إرهابى يضر بقناة السويس هل نصاب بنفس حالة الذعر ونقول نسلمها لشركة إدارة أجنبية؟ هل نسيتم صوت الزعيم جمال عبد الناصر وهو يقول «تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس شركة مساهمة مصرية». أتريدون العودة بمصر إلى الوراء 60 عاما.. لا وألف لا.. نحن مقدرون حالتكم فى الخوف على استثماراتكم وزيادة خسائركم.. لكن نرجوكم توقفوا.. دام فضلكم.. عن مثل هذا الكلام أو هذا الاستسلام. تذكروا ما حدث فى فرنسا.. أليست هذه حوادث إرهابية.. لماذا لم يعلنوا فشلهم؟ أو قالوا نسلم المطارات والحدود لشركات إدارة وأمن؟لماذا لايتضامن العالم معنا مثل فرنسا؟ لماذا لم يتبادلوا معنا المعلومات ويقفوا معنا ضد الارهاب أم أن ماعندهم هو الرهاب هو الإرهاب وما عندنا شيء آخر رغم أننا سبقنا العالم منذ سنوات فى التحذير من الارهاب. لا أريد أن أقول إن ما حدث مع مصر هو جزء من مؤامرة أو استغلال حدث ونسج مؤامرة منه للضغط على مصر من جانب قوى الشر ومن يحركهم عقابا لمصر على ثورة 30 يونيو وعلى إزاحة حكم الإخوان وعلى التعاون مع روسيا والموقف من سوريا والانفتاح على الصين وغيره.. ولا أريد الاستطراد فى حدث المؤامرة أو استغلال الحادث.. فقط علينا أن نفكر . وبالله عليكم توقفوا عن حالة الذعر وابحثوا مع وزير السياحة وسائل الخروج من الأزمة لكن ليس عبر تسليم مطارات مصر لشركات أجنبية.. واعتزوا بمصريتكم.. ودعونى أقول لكم إن هشام زعزوع وزير السياحة قال لى إنه يستمع بعقل مفتوح لكل الآراء .. و سينفذ ما يخدم مصلحة مصر مضيفا إن 47% من إجمالى الأخبار السلبية فى الإعلام الدولى تخرج من أمريكا وإنجلترا (37% أمريكا و10% انجلترا)، وعلينا كقطاع خاص وحكومة التعاون لمواجهة ذلك. إن الموقف الحالى يتطلب كما قال وزير السياحة التحرك فى السوق العربية وفى أوروبا بفكر جديد وكذلك تشجيع السياحة الداخلية.. وإن مجلس الوزراء قرر تخصيص 5 ملايين دولار بالإضافة إلى 2 مليار دولار أخرى من داخل حملة مصر الدولية للسياحة لتنفيذ حملة علاقات عامة دولية بالاتفاق مع الشركة المتعاقدة على الحملة وإن التحرك فى السوق العربى سيكون بشكل جديد وأن دعم الشارتر مستمر.. إننا فى وقت أزمة كما يقول الوزير وفى مثل هذه الأوقات لابد من الإنفاق على الحملات والتسويق وإلا متى ننفق؟. إن على الجميع أن يفكر فى أفضل الوسائل للخروج من الأزمة.. والأفكار كثيرة.. لكن المهم إرادة التنفيذ والصمود وليس الاستسلام لحالة الذعر نتيجة الخوف على المصالح الشخصية وتناسى الكرامة الوطنية. من منا لم يكن ينتظر أن يطل علينا من شاشات التليفزيونات المستشار أحمد الزند أسد القضاة أيام حكم الإخوان ورئيس نادى قضاة مصر من ذلك الوقت ووزير العدل الحالى ليزأر فى وجه الإخوان بأنكم راحلون وأن مصر هى الباقية.. واليوم المستشار أحمد الزند فى المقدمة أيضا فكان أول الذاهبين إلى شرم الشيخ فى مبادرة وطنية مع 350 قاضيا من قضاة مصر ليعلنوا تضامنهم مع مصر ومع السياحة.. وكعادته وبكل قوة أكد الزند أن أرض شرم الشيخ أرض السلام وأن الشعب المصرى لن يركع ولن ينحنى أمام أحد وأنه قادر على إجهاض كل المؤامرات التى تحاك ضده ورد الخيانة إلى أصحابها.. وإن هذه المبادرة من قضاة مصر للتضامن مع شرم الشيخ ستستمر فى وفود متتالية كل عشرة أيام وينظمها نادى قضاة مصر وأنها ستمتد أيضا إلى الأقصر وأسوان والغردقة. تحية إلى أسد قضاة مصر وكل رجال القضاء.. فهكذا ننتظر منهم دائما.. أن يكونوا فى المقدمة وألا يخشوا فى الحق لومة لائم. لمزيد من مقالات مصطفى النجار